أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المعروف" عبد الباري عطوان" ان السيد نصر الله خيّب آمال الكثيرين داخل الكيان الصهيوني والعديد من حلفائهم العرب بإطلالته التلفزيونية الأخيرة، مشيراً إلى أن حلم الصلاة في الأقصى بات قريب.

وكالة مهر للأنباء_ صحيفة رأي اليوم: خيّب السيّد حسن نصرالله أمين عام “حزب الله” آمال الكثيرين داخِل المُؤسّستين العسكريّة والسياسيّة الإسرائيليّتين، والعديد من حُلفائهم العرب بإطلالته التلفزيونيّة “المحسوبة” احتِفالًا بالذّكرى الثّلاثين لانطِلاق قناة “المنار” التي ظهر فيها سليمًا مُعافى ومُتألِّقًا، حيث لم يَسْعُل طِوال الخِطاب (ساعة و10 دقائق) إلا مرّةً واحدة، وقال مُمازِحًا مُبتَسِمًا بأنّها كانت سعلةً طبيعيّة.

السيّد نصر الله كان شُجاعًا عندما ظهر في المَرّتين الأخيرتين وهو يُعاني من حساسيّة في القصبة الهوائيّة، وأصرّ على الظّهور في الخِطاب الأخير في ذِكرى انتِصار المُقاومة في 25 أيّار (مايو) وهو يَسعُل طِوال الوقت، لأنّه ربّما لم يرد حسب المُقرَّبين منه، أن يَكسِر تقليدًا، ويغيب عن هذه المُناسبة التي تعني هزيمة الإسرائيليين وجيشهم وتحرير التّراب اللّبناني من دنسهم، وتفكيك ما كانَ يُسَمَّى بالحِزام الأمني.

الإسرائيليّون، قيادةً وشعبًا، يهتمّون دائمًا بخِطابات السيّد نصر الله دُونَ غيره من الزُّعماء العرب، وتحليل كُل ما يَرِد فيها من مواقف ومعلومات، ولكن من المُؤكَّد أن اهتِمامهم بخِطاب يوم (الثلاثاء) كان أكبر من المُعتاد، وهم الذين أفرطوا في الحديث عن مرضه، وإصابته بفيروس الكورونا، وذهبوا إلى ما هو أبعد من كُلّ ذلك بكتابة المقالات المُطوَّلة عن خليفته “القادم” المُحتَمل، وذكَروا بشَكلٍ خاص السيّد هاشم صفيّ الدين، رئيس المجلس التّنفيذي لحزب الله.

الابتِسامة عادت مُجَدَّدًا إلى وجه السيّد نصر الله الذي لم يَكُن وجهه شاحبًا خاصّةً عندما تحدّث شاكِرًا لكُلٍّ النّاس البُسَطاء من أنصاره ومُحبِّيه الذين أرسلوا له الوصَفات الطبيّة والعسَل، ووزّعوا الخُبز والملح تيَمُّنًا كعادة أهلنا الطيّبين في الجنوب تيَمُّنًا له بالشّفاء، وعاد مع الابتِسامة إلى القراءة السياسيّة التّحليليّة للأوضاع سواءً على السّاحتين العربيّة والدوليّة أو على السّاحة الداخليّة اللبنانيّة، مُنتَصِرًا لمُعاناة اللّبنانيين بسبب الحِصار الأمريكي، مُهَدِّدًا بكسر هذا الحِصار إذا ما استَمرّ عجز الدّولة المقصود.

كان لافتًا أنّ السيّد نصرالله ركّز في هذا الخِطاب القصير نسبيًّا على عدّة نُقاط رئيسيّة:

  • الأُولى: تحذيره من أيّ مُغامرة قد يُقدِم عليها بنيامين نِتنياهو المأزوم الحاقِد الأحمَق بإشعال فتيل الحرب لمنع خُروجه من السّلطة، والاستِعداد لكُلِّ الاحتِمالات.

  • الثّانية: إفساح مساحة كبيرة من خِطابه للحديث عن حرب اليمن، والتّواطؤ الأمريكي لصف من أشعلوا فتيلها لإطالة أمَدها، وإشادته بصُمود قِيادتها وشعبها، والسيّد عبد الملك الحوثي بالذّات الذي أعلن وقوفه في خندق المُقاومة الفِلسطينيّة، وتحذيره من المِصيَدة الأمريكيّة التي يُريدون تسويقها تحت مُسَمَّى وقف إطلاق النّار دُون رفع الحِصار ووضع حَدٍّ لمُعاناة ملايين اليمنيين.

  • الثّالثة: رهانه القويّ على الانتِصار الفِلسطيني الكبير القادم، والتّأكيد على أنّ الفِلسطينيين مُصَمِّمون على المُضِي قُدُمًا في حِماية القدس والمُقدّسات بصُدورهم وأرواحهم، على العرب والمُسلمين دعمهم دُون تردّد وأن لا يتركوهم لوحدهم، لأنّهم يُقَدِّمون هذه البُطولات دِفاعًا عن العرب وكرامتهم ومُقدَّساتهم.

السيّد نصر الله أكّد في خِطاب يوم المُقاومة في 25 أيّار (مايو) الماضي أنّ المساس بالقدس ومُقدّساتها المسيحيّة والإسلاميّة سيُؤدِّي إلى حربٍ إقليميّة، وأنّ “حزب الله” لن يَقِف مُتَفرِّجًا، وفي خطابِ اليوم كرّر هذا التّحذير بطَريقةٍ أوضح وأكثر تعبيرًا عندما قال “ما زلت أحلُم أن نُصَلِّي “جميعًا” في المسجد الأقصى”.

بعد انتِصار المُقاومة الفِلسطينيّة في قِطاع غزّة وحواضِنها في الضفّة والمناطق المُحتلّة عام 1948، وفي الجِوار والشّتات بات تحقيق هذا الحُلُم أقوى من أيّ وقتٍ مضى..

واللُه أعلم

بقلم: المحلل السياسي عبد الباري عطوان

/إنتهى/