تستمر كرة نار التطبيع بالتدحرج، آخذة معها كل من آثر الحياة الدنيا على الآخر، فبالأمس كان إتفاق "إبراهيم"، واليوم يفتتح العدو الصهيوني سفارته في الإمارات، وبين الأمس واليوم، نصرٌ للمقاومة أعاد وضع النقط على الحروف ومسيرة للمُحتل كشفت ما يضمره من حقدٍ على العرب والمسلمين.

وكالة مهر للأنباء_ خضر: وصلت، يوم الثلاثاء، طائرة وزير خارجية العدو الصهيوني "يائير لابيد"، الإمارات _عابرة الأجواء السعودية_، في أول زيارة رسمية لوزير حكومي رفيع منذ توقيع اتفاق التطبيع بين الجانبين في سبتمبر/ أيلول 2020، زيارةٌ وصفتها خارجية المُحتَل بالتاريخية، وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير "إسرائيلي" بطابع رسمي وعلني إلى الإمارات.

وفي نفس اليوم _الثلاثاء_ إفتتح "لابيد"، سفارة لدولة الإحتلال في إمارة أبوظبي، وفي هذا السياق قالت وزارة خارجية العدو الصهيوني في بيان لها: {في احتفال مثير قاده وزير الخارجية "يائير لابيد" ووزيرة الثقافة والشباب الإماراتية " نورا الكعبي" أقيمت مراسم وضع ميزوزا _الميزوزة هي رمز ديني يهودي يوضع على مداخل الأماكن_ في السفارة "الإسرائيلية" في أبوظبي}.

مُستمراً بجولته؛ يفتتح وزير خارجية الاحتلال "يائير لابيد" الأربعاء، قنصلية رسمية للكيان الغاصب في دبي، وذلك في ثاني أيام زيارته الرسمية إلى الإمارات؛ مُرحباً بتعيين البحرين سفيرا لها في تل أبيب، قائلاً: {تحياتي الحارة للسفير "خالد يوسف الجلاهمة" الذي أدّى القسم القانوني أمام الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" عاهل البحرين، وسيصل قريبا للعمل سفيرا لمملكة البحرين في "إسرائيل"}

وتابع لابيد في تغريدته بموقع "تويتر": {خطوة أخرى ذات أهمية كبيرة في تعزيز العلاقات المهمة بين "إسرائيل" والبحرين}.

وعلى الجانب الآخر وتزامناً مع تدنيس الوزير الصهيوني للأراضي العربية، يستقبل الأمين العام لحزب الله السيد "حسن نصر الله" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية" والوفد القيادي المرافق له خلال جولة قام بها الآخر إلى لبنان. فرُبَّ صدفةٍ خيرٌ من ألف ميعاد ولربما ثمّة حكمة من تزامن الزيارتين في الوقت واختلافهم في الجوهر والمضمون!.

"الإمارات" نظامٌ مُسلِم ام يهودي بلباسٍ عربي؟

تاريخٌ من العمالة

مُنذ عام 1971، أشار أول رئيس لدولة الإمارات الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" إلى الكيان الصهيوني باسم "العدو" _لربما لم يكن الوقت حينها مناسباً لكشف الوجوه_، وبعدها و في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أعلنت دولة الإحتلال أنها ستفتح مكتبًا دبلوماسيًا في الإمارات، وهي المرة الأولى مُنذ أكثر من عقد من الزمن التي يكون فيها للإحتلال الصهيوني وجود رسمي في المنطقة العربية.

و في آب/أغسطس 2019، أدلى وزير خارجية الإحتلال بإعلان علني حول التعاون العسكري مع الإمارات العربية المتحدة بذريعة "البُعبُع" الإيراني التي تم العمل عليها بشكلٍ مُكثف وذلك لخلق عدوٍ وهمي غير عدو الأمة الأوّل، ولتبرير التطبيع مع المُحتل.

كانت دولة الإحتلال تعمل مع النظام الإمارات سرًا في الأشهر التي سبقت إتفاق "ابراهام" على محاربة جائحة فيروس كورونا 2019–20، حيث ذكرت وسائل الإعلام الأوروبية أنَّ الموساد قد حصل سرًا على معداتٍ صحيةٍ من دول الخليج، وفي هذا الصدد صرح رئيس وزراء دولة الإحتلال سابقاً "بنيامين نتانياهو" في نهاية يونيو 2020 أنَّ البلدين يتعاونان لمحاربة فيروس كورونا وأنَّ رئيس الموساد "يوسي كوهين" كان قد سافر عدة مرات إلى الإمارات.

من السرِ إلى العلن "إتفاقية التطبيع"

بعد عمرٍ من التعاون الخفي "تحت الطاولة" وبعد أن احتدم الوضع السياسي في المنطقة والعالم ولم يعد هنالك مجال للتخفّي وراء الأوجه، توّج النظام الإماراتي تاريخ عمالته السرية بإبرام اتفاق "التطبيع الإماراتي الإسرائيلي" والذي تُطلق عليه دولة الإحتلال اسم اتفاق "إبراهيم".

وهو اتفاقٌ أُعلن بين دولة الإحتلال والنظام الإماراتي في 13 أغسطس (آب) 2020، وبتوقيعه أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية، بعد مصر عام 1979 والأردن عام 1994، توقع اتفاقية سلام مع العدو الصهيوني، وكذلك الدولة الخليجية الأولى التي تقوم بذلك ويليها النظام البحريني، وتعمل الاتفاقية على تسوية العلاقات بين البلدين. ونشر "محمد بن زايد" في إعلانه على تويتر حول الاتفاق _وفي محاولة منه لتبرير التطبيع_ أنه سيوقف الضم الإسرائيلي لمناطق غور الأردن من الضفة الغربية، بينما نفى رئيس الوزراء "الإسرائيلي" في ذلك الوقت "بنيامين نتنياهو" تراجعه عن خططه بضم الأغوار الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا على التزامه بوعوده "للإسرائيليين" بالضم، بالتنسيق مع الولايات المتحدة. ولكن على الصعيد الشعبي الإماراتي فإن مسحا إحصائيا سبق الاتفاق كشف عدم موافقة نحو 80% من الإماراتيين بالسماح للراغبين بأن تربطهم "علاقات عمل أو روابط رياضية مع الإسرائيليين"، وذلك في تباين بين آراء الغالبية الشعبية وبين السياسة الرسمية الإماراتية الحالية.

المُستوطنون يسبون النبي العربي والنظام الإمارات يكافؤهم بسفارة في بلاده

تستمر كرة نار التطبيع بالتدحرج، وتتضح خيانة الأنظمة المُطبعة أكثر فأكثر، ويراقب العالم منذ فترة ليست بالبعيدة معركة سيف القدس التي خاضتها المقاومة الفلسطينية نيابة عن الامة كافة وبدعم الشرفاء في محور المقاومة، تلك المعركة التي تكللت بنصر المقاومة وقامت بوضع النقط على الحروف وبيّنت للقاصي والداني ولسليمي الفطرة من هو العدو والصديق.

فرغم الدمار الذي خلفته آلة العدو الإجرامية في غزة وقتلها للأطفال والعُزل خلال معركة سيف القدس، أبى النظام الإماراتي إلى أن يضع بصمته المُخجِلة، فتداول حينها رواد مواقع التواصل الإجتماعي أخباراً وصوراً تفيد بتطوع مجموعة من "الإماراتيين" في "نجمة داوود الإسرائيلية" وهية منظمة طبية.

وأشار رواد المواقع إلى أن المتطوعين الإماراتيين بدأوا يرتدون الزي "الإسرائيلي" ويعالجون "الاسرائيليين" المصابين، في الوقت الذي يتعرض الفلسطينين لانتهاكات إسرائيلية مستمر.

في وقتٍ ليس ببعيد وبعد فوز "نفتالي بينيت" نظم مئات المُحتلين _بدعوات من جمعيات متعصبة_ ما يسمى ب"مسيرة الأعلام" التي كانت من المفترض أن تخرج في 28 رمضان الماضي إلا أن صمود المقدسيين وصواريخ المقاومة حينها حالت دون خروجها.

ولكن بعد ضغوط كثيرة ومحاولة من "بينت" لحفظ ماء وجه الإحتلال، وفي ظل تدابير أمنية غير مسبوقة، خرجت المسيرة _على استحياء _فلم تكن كسابقاتها من حيث العدد، وعلى الرغم من صعوبة المشاهد، حيث ارتفعت أعلام الإحتلال في باب العامود، إلا أنها كانت تحمل بين طيّاتها خير لأولي النهى.

فخلال المسيرة وعندما أفلت الإحتلال حبال قطعان المستوطنين، صاح المشاركون في المسيرة وعبّروا عن صورة الإحتلال الحقيقية، وكان من أشهر تلك الهتافات والمواقف، سبُ أحد المشاركين للنبي الأعظم محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم، وأيضاً سبُهم للعرب والمسلمين والدين الإسلامي، ووصفهم للعربي الجيد بأنه العربي الذي في القبر، وغيرها من الجمل التي توضع مما لا يدع مجالاً للشك صورة الإحتلال الحقيقية.

ورغم هذا كله توّج النظام الإماراتي هذه الأعمال كلها بإفتتاح سفارة للكيان الصهيوني في أبو ظبي، وقنصلية في دبي، بعد زيارة قام بها وزير خارجية الإحتلال " يائير لابيد" أمس الثلاثاء، إلى الإمارات عابراً الأجواء السعودية، فيا لله العب.

على ضفّة الحق، هنيّة يلتقي بالسيد حسن نصر الله

وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية" على رأس وفد من "حماس"، الأحد، إلى لبنان في زيارة تستغرق عدة أيام، حسب بيان صادر عن الحركة.

والتقى هنية يوم الثلاثاء _تزامناً مع وصول رئيس وزراء العدو إلى الإمارات_ الأمين العام لـحزب الله السيد "حسن نصرالله "، وبحث معه معركة "سيف القدس" الأخيرة مع العدو الصهيوني وتأثيراتها.

وذكر بيان أصدره الحزب عقب الإجتماع، أنه جرى خلال اللقاء " استعراض تفصيلي لمعركة سيف القدس وأسبابها ومجرياتها ونتائجها فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودوليا".

وأضاف أن ذلك "يمكّن المقاومة في فلسطين ومعها محور المقاومة في المنطقة من البناء على هذا النصر الكبير وتوظيف وتنظيم كل الطاقات والقدرات من أجل الوصول الى النّصر الحاسم والنّهائي إن شاء الله".

وأكد الجانبان، وفق البيان، على عمق العلاقة القائمة بين حزب الله وحركة حماس وموقعها الأساسي في هذا المحور المبارك وفي هذه المعركة الحاسمة.

وقد شكرت في وقت سابق فصائل المقاومة الفلسطينية محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أمدت المقاومة الفلسطينية بالصواريخ والخبرات ومقومات النصر.

الإصطفاف الحاصل بشّرنا به الله في كتابه وعلى لسان رسوله

يتألم الكثير من مواقف الأنظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني، إلا أننا نراه خيراً لابد منه وأن لهذا التطبيع مابعده.

يذكر الله تعالى في سورة الإسراء، أن لبني إسرائيل إفسادين وعلوين في هذه الأرض " وقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيرا"، ويرى الكثير من العلماء وخاصة المهتمين بعلم آخر الزمان وفقه التحولات، أننا نعيش في هذه الأثناء فساد بني إسرائيل في الأرض وعلوهم الثاني، فما عمليات التطبيع واصطفاف الأنظمة الخائنة في فسطاطهم إلا تحقيقاً لما أخبرنا به الله تعالى في كتابه، فلابد لبني إسرائيل أن يتمادوا ويفسدوا في الأرض.

وجاء في حديث يتكلم عن الفتن التي ستعصف بأمة الإسلام مايلي: "ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه...

حتى يصير الناس إلى فسطاطين !!! وما أوضحهم في هذه الأيام، فإما ناصراً لفلسطين فأنت في فسطاط الحق وإمام معادياً لها مناصراً للإحتلال فأنت في فسطاط الباطل، ولعل يوم الثلاثاء جعله الله للناس موضحاً للفسطاطين فشتّان بين من ينصر المقاومة ويبحث معه نصرها المؤزر وبين من يفتح سفارة للإحتلال في بلاده.

ونُعزز رؤيتنا بما قيل عن الإمام علي عليه السلام وكرم الله وجهه الشريف، وبما ينسبه البعض للإمام الشافعي رحمه الله حيث قيل {سُئِل الامام علي عليه السلام "كيف نعرف اهل الحق في زمن كثرت فيه الفتن"؟ فقال : "اتبعوا سهام العدو فإنها ترشدكم الى اهل الحق"}. فعدو الأمة اليوم هو المُحتل الصهيوني فكل من آزره هو في زمرة الباطل وكل من عاداه _وتكسّرت على تُرُسِ صبرهم وثباتهم وايمانهم بنصر الله_ سهامه، هو في زمرة الحق، وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ.

/خضر/