صادفت اليوم 29 ذي القعدة الحرام ذكري استشهاد الامام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام) تاسع أئمة اهل بيت الذي ورث الشرف من آبائه واجداده، واستسقت عروقه من منبع النبوّة، وارتوت شجرته من منهل الرسالة.

وكالة مهر للأنباء، انه ولد الإمام التاسع من أئمّة أهل البیت علیهم السلام بالمدینة المنورة فی شهر رمضان من سنة خمس وتسعین بعد المائة، قام بأمر الولایة بعد شهادة والده الامام الرضا علیه السلام عام 203 هجری.

یلقّب بالجواد والقانع والمرتضى والنجیب والتقی والزکی وغیرها من الألقاب الدالّة على علو شأنه وارتفاع منزلته.

لمّا استشهد الامام الرضا علیه السلام کان الإمام الجواد علیه السلام فی المدینة وقام بأمر الإمامة بوصیة من ابیه وله من العمر تسع او عشر سنین، وکان المأمون قد مارس معه نفس السیاسة التی مارسها مع أبیه علیه السلام خلافاً لاسلافه من العباسیین، حیث إنّهم کانوا یتعاملون مع أئمّة أهل البیت بالقتل والسجن، وکان ذلک یزید فی قلوب الناس حبّاً لاهل البیت وبغضاً للخلفاء، ولمّا شعر المأمون بذلک بدّل ذلک الاسلوب باسلوب آخر وهو استقدام أهل البیت من موطنهم إلى دار الخلافة لکی یشرف على حرکاتهم وسکناتهم، وقد استمرت هذه السیاسة فی حقّهم الى الإمام الحادی عشر کما هو معروف.

كان الإمام الجواد عليه السلام في السادسة من عمره، عندما استدعى المأمونُ والده الرضا ( عليه السلام ) إلى مرو . وكان الصبي يراقب والده، وهو يطوف حول الكعبة مودّعاً، وهو يصلّي في مقام إبراهيم (ع). و أدرك أن والده يودَّع ربوعَ الوحي وداعاً لا عودة بعده فشعر بالحزن. و أوصى الإمامُ الرضا (ع) أصحابه بالرجوع إلى ابنه الجواد عند وفاته؛ وقد سأل صفوان بن يحيى الرضا ( عليه السلام) عن الإمام، فأشار إلى ابنه، فقال صفوان : جُعلتُ فداك هذا عمره ثلاث سنين ؟ ! فقال الإمام الرضا : وما يضرّه من ذلك، وقد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .

وقد نهض الإمام الجواد بالإمامة وله من العمر 9 سنوات، وكان عمّ ابيه " علي بن جعفر" يكنّ للإمام بالغَ الاحترام بالرغم من التقدّم في السنّ . وذات يوم، دخل الإمام الجوادُ المسجدَ فنهض من مكانه وقبّل يده، ودعاه الإمام إلى الجلوس، فرفض قائلاً : كيف تريدني أن أجلس وأنت قائم. وتعرض علي بن جعفر للوم اللائمين، فكان يجيبهم : لقد قلّدها الله الإمامة فوجبت طاعته علينا .

اما بعد وفاة مامون تولى الخلافة بعده أخوه المعتصم، وكان رجلاً شديد القسوة . وكان أول عمل قام به أن استدعى الإمام الجواد من المدينة إلى بغداد ، وراح يدبّر المؤامرات بالتعاون مع جعفر بن المأمون الذي أغرى أخته " أم الفضل " بدسّ السم إلى الإمام، واستجابت "أم الفضل" ، فوضعت السّم في العنب، وكأنها تعلّمت ذلك من أبيها المأمون الذي اغتال الإمام الرضا ( عليه السلام ) بنفس الطريقة. وهكذا استشهد الإمامُ في 29 ذي القعدة سنة 220 هجرية ، وله من العمر 25 عاماً فقط. و حُمل جثمان الإمام إلى مقابر قريش ( الكاظمية حالياً ) ليدفن إلى جانب جدّه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) حيث مرقده الآن يزوره المسلمون من بقاع العالم .

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الارْضِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى آبائِكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى اَبْنائِكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى اَوْلِيائِكَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ اَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَ آتَيْتَ الزّكاةَ، وَ اَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ تَلَوْتَ الْكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ، وَ جاهَدْتَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَصَبَرْتَ عَلَى الاذى في جَنْبِهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، اَتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لاوْلِيائِكَ مُعادِياً لاعْدائِكَ فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ.

/انتهى/