وكالة مهر للأنباء - وداد زادة بغلاني: "الشام الجديد" مشروع اقتصادي عربي يضم ثلاثة دول عربية (العراق، مصر والأردن) لإستخدام معظم طاقاتها لإزدهار وتنمية الاقتصاد بين هذه البلاد. حسب المشروع سيمتدّ خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة العراقية وصولا من ميناء العقبة في الأردن ومن ثم الى ميناء نويبع في مصر.
وبناءً على هذا المشروع تحصل كلا الدولتين مصر والأردن على نفط العراق بأسعار منخفضة أقل من سعر السوق الدولي ويتم تصدير السلع من هذين البلدين فضلاً عن رسوم العبور ومن جهة أخرى، العراق يستورد الكهرباء من مصر ويستفيد من الخبرات المصرية في مجال الثورة العمرانية وقطاع الزراعة. صحيح ان هذه الخطة تبدو في الوهلة الأولى أنها اقتصادية ولكن عندما تتعمق في هذا المشروع ترى ان قضايا اخرى خلف الستار تحتّم علينا ان ندقق أكثر في تفاصيل المشروع.
بعد زيارة الكاظمي في عام 2020 لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اجواء تنافسية بين امريكا، إيران، الصين وروسيا طرح هذا المشروع بشكل جدي كما ان الكاظمي أشار في وقت سابق إلى أن "المشرق الجديد هو مشروع استراتيجي، اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات". ونرى العراق بعد الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، ركز على التعاون الاقتصادي والدبلوماسي والثقافي مع الدول وبيان هذا المشروع.
قال الكاظمي ان "المشرق الجديد هو مشروع استراتيجي، اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان، لتكوين تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات"
حسب كلام الكاظمي فان خطة هذا المشروع رسمت من قبل الولايات المتحدة بأهداف طويلة المدى، لان كلا الدولتين مصر والأردن لا يمكن ان ينفعا العراق في أي مجال سواءً ان كان اقتصادياً، او حتى أمنيّاً. وخير دليل على ذلك فان مصر والأردن لم يقدما أي دعم اقتصادي او أمني للعراق حين اجتاحه تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، ان لم نقل ان هذان البلدان لعبا دوراً سلبياً وخاصة الأردن في الاحداث المريرة التي شهدها العراق في تلك الفترة من ضمنها فتح الحدود الأردنية امام المجموعات الإرهابية للدخول الى سوريا والعراق.
وعندما نلقى نظرة لتقارير الأنشطة التجارية نجد ان الأردن يحوز على المرتبة الـ 75 ومصر تقف على المرتبة الـ 114 عالمياً هذا اضافة الى الاقتصاد المتدني في مصر والأردن وارتفاع نسبة البطالة والتضخم وإنهيار المباني خاصتا في مصر وعدم وجود بنية تحتية اقتصادية قوية في كلا البلدين، اذن بناءً على أي طاقات سيتمكن العراق من تطوير اقتصاده بالتعاون مع هذين البلدين؟.
كما قال الباحث الاقتصادي العراقي مقدام الشيباني في هذا الصدد أن الشراكة الاقتصادية للعراق يجب أن تكون مع الدول العظمى مثل أميركا والصين للنهوض بواقع العراق الاقتصادي والخدمي. وينتقد الباحث الاقتصادي ذهاب العراق لأتفاق اقتصادي مع دول مثل مصر والأردن. ويرى أن الشراكة الاقتصادية للعراق مع هذين البلدين ليست بمستوى شراكة إستراتيجية تتطلب من المفاوض العراقي التنازل على حساب الاقتصاد الريعي.
يرى الباحث الاقتصادي مقدام الشيباني أن الشراكة الاقتصادية للعراق مع مصر والاردن ليست بمستوى شراكة إستراتيجية
وفي هذا السياق ايضا صرح المحلل السياسي محمد الياسري ان العراق بحاجة الى اتفاقيات مع دول ذات قوة اقتصادية كبيرة مثل الصين من الناحية الدولية وايران من الناحية الاقليمية وتطبيقها عملياً وهذا لايمنع تطوير العلاقات من دول الجوار والدول التي يمكن تحقيق الاستفادة من خلالها للشعب العراقي وان كانت نسبية لكن تحويل هذه العلاقات الى اصطفافات اقتصادية مع دول هشة مثل الاردن ومصر فهذا عامل خطر كبير.
وينبغي ان لا ننسى ان كلا الدولتين مصر والأردن تربطهما اتفاقيات "السلام" مع الكيان الصهيوني وتحاول عمان والقاهرة من خلال الاقتراب من العراق بحجة التعاون الاقتصادي معه ان تجر العراق نحو مستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني. كما قال محمد الياسري في هذا المجال يمكن ان نلمس اصابع الكيان الصهيوني في هذا التحالف وطريقة تشكله لتشكيل اصطفاف ضد ايران ومحاولة قطع الصلة بين دول محور المقاومة.
صرح المحلل السياسي محمد الياسري ان العراق بحاجة الى اتفاقيات مع دول ذات قوة اقتصادية كبيرة مثل الصين من الناحية الدولية وايران من الناحية الاقليمية وتطبيقها عمليا
يرى العديد من المراقبون العراقیون ان هذا المشروع وبناء على الحقائق المطروحة على ارض الواقع فانه لا يمكن ان يكون لصالح العراق ومن المستحیل ان يستفيد العراق منه اقتصادياً، لان وراء هذا المشروع مخطط سياسي تقف ورائه الولايات المتحدة والسعودية والامارت لتقلص دور الصين وتركيا وإيران اقتصادياً وامنياً، مع أي حكومة عراقية قادمة لترمي ببغداء في أحضان حلفاء أمريكا في المنطقة مصر واردن.
وبذلك سيصبح العراق لعبة بيد الولايات المتحدة لتدمير ما تبقى من امكانياته الاقتصادية بعد التدمير الذي شهدته على يد القوات الأمريكية والتنظيمات الإرهابية خاصة بعد عام 2003 حتى اليوم وكذلك العمل على نهب ثرواته النفطية وزعزعة أمنه واستقراره مما أدى كل ذلك الى حرمان الشعب العراقي من ادنى مقومات الحياة الكريمة، بفعل هذه السياسات الأمريكية./انتهى/