أكد السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي أن تواجد القوی الأجنبیة بما فیها الأميركیة یسبب المشکلات في المنطقة، وعلى دول المنطقة نفسها أن تضمن الأمن الإقلیمي، مجددا موقف إيران الداعم لأصوات الشعب العراقي في الانتخابات المقبلة.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، أنه في حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية شدد إيرج مسجدي أن موقف إيران المبدئي من تواجد القوات الأجنبية في العراق يتلخص في أن تواجد القوی الأجنبیة بما فیها الأميركیة یسبب المشکلات في المنطقة وعلى دول المنطقة نفسها أن تضمن الأمن الإقلیمي، مؤكدا أن القوات العسکریة والأمنیة في العراق قادرة بشکل قوي علی ضمان أمن بلدها.

وأوضح أن توقف الحوار الإيراني السعودي كان فقط بسبب تشكيل الحكومة الجديدة مبينا أنه بعد الانتهاء من الإجراءات الرسمیة الخاصة بتشکیل الحکومة الجدیدة للسید إبراهیم رئیسي سوف یتم اتخاذ قرار بشأن الاستمرار في هذه المفاوضات.

وفي جانب آخر من اللقاء أشار إلى أن موقف الجمهوریة الإسلامیة في إيران تجاه الانتخابات في العراق هو موقف الدعم والإسناد لأصوات الشعب العراقي، مؤكدا أن إيران لن تعمل علی دعم أي شخص أو حزب عراقي مقابل آخر، وکانت ولاتزال تدعم وحدة العراق وتدعم جمیع الطوائف فيه.

وإليكم النص الكامل للقاء قناة العالم الإخبارية مع السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي:

موقفنا المبدئي أن المنطقة لیست بحاجة لتواجد أي قوات أجنبية

العالم: سعادة السفير لدينا حكومة إيرانية جديدة برئاسة الرئيس رئيسي، هناك سؤال متداول وهو كيف ستكون العلاقات الإيرانية مع محيطها الإقليمي والعربي، وبالتحديد العراق، في ظل هذه الحكومة الجديدة؟

مسجدي: نحن والحمدلله لدینا علاقات جیدة جدا مع العراق في الوقت الراهن، سواء في المجالات السیاسیة أو الاقتصادیة أو الثقافیة، إلی جانب التعاون الأمني، وإن شاء الله بعد تشکیل الحکومة الجدیدة في إيران برئاسة السید إبراهیم رئیسي المحترم بالتأکید سوف یتم تعزیز هذه العلاقات وسوف تتطور. أتوقع أن الإدارة الجدیدة في الجمهوریة الإسلامیة في إيران سوف تعمل علی تطویر علاقاتها مع الدول الجارة وعلی الأخص العراق.

العالم: في الآونة الأخيرة وخلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، أعلنت واشنطن بأنها سوف تحول مهمة القوات الأميركية في العراق من قتالية إلى استشارية وتدريبية، ما هو موقف إيران بهذا الخصوص؟ هل أنتم متفائلون بالفعل بسحب القوات القتالية وأن تتحول هذه المهمة كما تقول واشنطن؟

مسجدي: للجمهوریة الإسلامیة في إيران موقف مبدئي ونظرة عامة وشاملة یتعلقان بالقوی الأجنبیة بما فیها الأميركیة في المنطقة، وهذه النظرة تتمثل في أن المنطقة لیست بحاجة لتواجد هذه القوی فیها، ویجب أن تضمن دول المنطقة نفسها الأمن الإقلیمي وتعمل علی تعزیزه. وبالتالي، فإن الجمهوریة الإسلامیة في إيران ترحب بأي خطوات وإجراءات تؤدي إلی خروج القوات الأميركیة من المنطقة، وهذا الأمر ینطبق علی العراق أیضا، فما هو شکل الإتفاقیات والتفاهمات بین حکومة العراق وواشنطن.. من الطبیعي أنها تتعلق بالمفاوضات التي تجري بین هذا البلد والأميركیین حالا و مستقبلا، ولکن ما یتعلق بوجهة نظرنا نحن هو أن تغادر القوات الأجنبیة بما فیها الأميركیة المنطقة بشکل کامل، وأن تعمل الدول الإقلیمیة والعراق علی ضمان أمنها، وقد أعلنت الجمهوریة الإسلامیة في إيران هذا الموقف الصریح والواضح مرارا وتکرارا.

المفاوضات والقرارات بین العراق وأميركا شأن داخلي لا نتدخل فيه

العالم: حتى إذا كان هذا الدور استشاري فی العراق؟ فصائل المقاومة في العراق أعلنت بأنها ترفض حتى الدور الاستشاري والتدريبي للقوات الأميركية في العراق، أنتم كيف تنظرون؟

مسجدي: لربما توجد وجهات نظر مختلفة في العراق فیما یخص المفاوضات والقرارات التي تتخذ بین العراق وأميركا، هذا الأمر یتعلق بالشؤون الداخلیة للعراق ونحن لا نتدخل في مثل هذه المواضیع، ولکن فیما یخص الموقف الرسمي للجمهوریة الإسلامیة في إيران فنحن نعتقد جازمین أن وجود القوات الأجنبیة في حد ذاته یسبب المشکلات في المنطقة وعلیها العودة إلی بلدانها بینما یجب علی الدول الإقلیمیة ضمان أمنها وتعزیزها بالکامل بالاعتماد علی قواتها العسکریة.

العالم: هل واشنطن جادة في الانسحاب من العراق في ظل التاريخ الذي شهدناه بعد 2003؟ البعض يقول بأن هذا الموقف الأميركي الأخير هو عبارة عن التفاف ومحاولة التفاف على قرار البرلمان العراقي لإنهاء الوجود الأميركي بكافة أشكاله، الآن واشنطن اتخذت هذا القرار تحت عنوان تغيير المهمة من القتالية إلى الاستشارية ربما لسحب البساط من فصائل المقاومة وتقليل الضغط؟

مسجدي: من الطبیعي أن قرار الجانب الأميركي تخفیض عدد القوات الأميركیة أو نقل القوات القتالیة یعتبر خطوة نحو الانسحاب بدون أدنی شك، ومن ناحیتنا نحن فإننا نعتقد أن تخفیض تواجد القوات الأجنبیة بما فیها الأميركیة في العراق والمنطقة یعتبر خطوة إلی الأمام في موضوع انسحاب القوات الأجنبیة. ولکن ما هو مؤکد هو أن قوات الدول الإقلیمیة یجب علیها أن تکمل إستعداداتها وقدراتها لضمان الأمن فیها وتعزیزه، وفي نفس الوقت فإن المفاوضات بین حکومة العراق وواشنطن أمر یخص الجانبین. الأمر الذي سیکون مرحبا به من جانبنا هو أن تغادر جمیع القوات الأميركیة بل وجمیع القوات الأجنبیة بدون استثناء المنطقة، فوجود هذه القوات في حقیقة الأمر لا یساهم في تقدیم أي مساعدة فحسب بل أنها أيضا تعمل علی إیجاد مشکلات للمنطقة.

القوات العراقية قادرة بشکل قوي علی ضمان أمن بلدها

العالم: هل تعتبرون القوات العراقية بكافة أصنافها، الجيش العراقي، الشرطة العراقية، الحشد الشعبي ومكافحة الإرهاب هي قادرة حاليا في الظرف الحالي على إدارة الأمور الأمنية والحفاظ على سيادة البلد؟

مسجدي: نعم، ما أعرفه عن قدرات وطاقات القوات العسکریة والأمنیة في العراق، فهي قادرة بشکل قوي علی ضمان أمن بلدها، وهذه القوات قویة جدا ومحترمة.

العالم: عقب قرار الولايات المتحدة الأميركية بتحويل المهمة من قتالية إلى استشارية شهدنا تصعيدا سياسيا وأمنيا من فصائل المقاومة ضد الوجود الأميركي في العراق، ضد المصالح الأميركية، ضد المواقع الأميركية وضد السفارة الأميركية في العراق، ما هو الموقف الإيراني بهذا الخصوص؟ هل هي تدعم العمل العسكري ضد الوجود الأميركي في العراق سواء على القواعد الموجودة أو البعثات الدبلوماسية؟

مسجدي: نحن أعلنا ذلك في السابق بأشکال مخالفة، ان أي خطوة عدوانیة تجاه السفارات والمراکز الدبلوماسیة لیس فقط لا تحظی بالقبول من جانبنا بل أننا ندینها ونندد بها بأشد المواقف والعبارات. شخصیا أعتقد أن مثل هذا العمل لن یکون له أي تأثیر إیجابي، بل یمکن أن یکون بمثابة عذر للقوات الأجنبیة لاستمرار تواجدها في المنطقة. الأمر الذي یجب الانتباه إلیه هو أن سیادة العراق وحکومة العراق تحظیان باحترام الجمهوریة الإسلامیة في إيران. تعتبر الحکومة العراقیة مسؤولة عن تنفیذ قرار مجلس النواب العراقي الخاص بخروج القوات الأجنبیة من البلاد ومتابعة تنفیذ القرار، وعلی الجمیع مساندة ودعم الحکومة العراقیة في مسعاها هذا. ولکن، من الطبیعي أن توجد خلافات أو وجهات نظر متباینة بین الأحزاب والمجموعات العراقیة، لربما یکون قسم من هذه الاختلافات طبیعي، فهذا الأمر یعود إلی الشؤون العراقیة الداخلیة ونحن لا نتدخل فیها ولیس لدینا أي وجهة نظر محددة، ولکن الموقف الرسمي للجمهوریة الإسلامیة في إيران هو دعم ومساندة قرار خروج القوات الأجنبیة من المنطقة، سواء الموجودة في العراق أو خارج العراق أي في دول أخری، هذا التواجد الأجنبي لا یخدم أمن المنطقة علی الإطلاق بل یسبب المشاکل، ومن جانب آخر نحن ندعم ونساند أي عمل یؤدي إلی تنفیذ قرار المفاوضات العراقیة – الأميركیة الخاص بخروج القوات الأجنبیة.

اللواء قاآني مسؤول رسمي من قبل إيران وهو مسؤول عن الملف العراقي

العالم: خلال الاشهر الأخيرة شهدنا زيارات متعددة لقائد فيلق القدس الحاج قاآني ولقاءات مع المسؤوليين العراقيين منهم الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وكبار المسؤوليين العراقيين، وأيضا التقى القيادات السياسية وفصائل المقاومة في العراق، يقال عن هذه الزيارات بأنها دعوة للتهدئة ضد الوجود الأميركي وحل بعض الإشكاليات التي تحدث بين الحكومة وقوى الحشد الشعبي، ما هي المهمة التي يقوم بها السيد قاآني خلال زياراته للعراق خلال الأشهر الأخيرة؟

مسجدي: السید اللواء قاآني، الذي حل مکان الشهید الکبیر الحاج قاسم سلیماني، یعتبر مسؤولا رسمیا من قبل الجمهوریة الإسلامیة في إيران للتعاون مع العراق وهو مسؤول عن هذا الملف، وبالتالي فإن زیارات اللواء قاآني في أي زمان هي زیارات رسمیة لإجراء محادثات مع المسؤولین العراقیین، وکل هذه الخطوات والأنشطة تصب في اتجاه واحد ألا وهو تعزیز العلاقات والتعاون بین البلدین ومساعدة العراق وتقویة العلاقات والصلات في مختلف المیادین، وعلی الأخص البعدین الأمني والعسکري إلی جانب البعد الدفاعي ومسائل مشترکة أخری.علی هذا الأساس، فإن السید قاآني من الممکن أن یجري محادثات مع مسؤولین مختلفین أو رؤساء أحزاب، ولکن کل ما سبق ذکره یتم بالتنسیق الکامل مع الحکومة العراقیة وعلمها بهدف مساعدة العراق من أجل دفع العلاقات بین البلدین إلی الأمام. یحدث أحیانا أن یواجه الإخوة العراقیون من أطیاف وتیارات مختلفة مشکلات وصعوبات یقوم السید قاآني بتقدیم النصح والمشورة، إلی حد أنني شخصیا أشهد أن زیارات السید اللواء قاآني تصب في موضوع تقویة العراق والتعاون المشترك بین البلدین الجارین والتعاون والتنسیق بین مختلف القوی، لهذا، فإن هذه الزیارات تعتبر ناجحة وموفقة و تتم بناء علی دعوات من مسؤولین عراقیین.

مسجدي: بعد المفاوضات مع أميركا لم یقم اللواء قاآني بأية زیارة للعراق، بإمکاني القول إن آخر زیارة قام بها اللواء کانت قبل انطلاقة مفاوضات حکومة بغداد مع الأميركیین.

العالم: عندما حدثت إشكالية حول موضوع اعتقال السيد قاسم مصلح هل ساهم السيد قاآني في حل تلك المشكلة؟

مسجدي: نعم، کان اللواء قاآني یقوم بهذه الزیارات بصفته يحب كل الخیر للعلاقات الثنائیة بین البلدین ومساعدة حکومة العراق ومختلف القوی العراقیة العاملة علی الساحة العراقیة، من الطبیعي أن تحمل زیارات اللواء قاآني صفات التعاون والمساعدة وتعزیز العلاقات الثنائیة بین البلدین.

توقف الحوار الإيراني السعودي كان فقط بسبب تشكيل الحكومة الجديدة

العالم: عقدت عدة جولات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية على الأرض العراقية وساهمتم شخصيا في عقد هذه الجولات، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أيضا حضر بعض هذه الجولات، لكن توقفت جولات المباحثات الإيرانية – السعودية منذ فترة، ما هي أسباب هذا التوقف وهل نتطلع إلى استنئاف هذه المباحثات؟

مسجدي: نعم، أقیمت عدة جولات من المحادثات بین وفد من الجمهوریة الإسلامیة في إيران ووفد سعودي، في العاصمة بغداد، من وجهة نظري أعتقد أن انطلاقة هذه المفاوضات بإمکانها أن تکون إیجابیة وموفقة وسوف تستمر، وسبب توقفها یعود إلی تزامنها مع تشکیل الحکومة الجدیدة في إيران، ولکن بعد الانتهاء من الإجراءات الرسمیة الخاصة بتشکیل الحکومة الجدیدة للسید إبراهیم رئیسي سوف یتم اتخاذ قرار بشأن الاستمرار في هذه المفاوضات. لم یکن یوجد أي سبب خاص لتوقف المفاوضات سوی ما أسلفته لکم، ونحن نعتقد بسبب رغبتنا نحن وکذلك السعودیة في حل المشکلات الثنائیة، إن شاء الله ستحمل هذه المفاوضات نتیجة إیجابیة.

العالم: شاركتم في هذه المحادثات، كيف تقيمون الموقف السعودي وتطلع السعودي وموقف الوفد المفاوض السعودي في تلك الحوارات التي جرت ومتى تتوقعون استئناف هذه الحوارات؟ وعلى أي مواضيع وملفات ركزت تلك الحوارات؟

مسجدي: لم أکن متواجدا في جولات المفاوضات، بمعنی لم یکن من المفترض أن یتواجد السفیران فیها، بل کان من المفترض أن یجلس الوفدان القادمان إلی بغداد وجها لوجه ویبدآن المحادثات، ولکنني مطلع علی التفاصیل الدقیقة لهذه المحادثات ولأنها أقیمت في بغداد فقد کنت أوضع في الصورة من قبل الأصدقاء في الوفد الإيراني. الأمر الذي کان نصب أعین أعضاء الوفدین هو رغبة الوفدین في حل المشاکل العالقة بین البلدین، وکما أشرتم فإن السید مصطفی الکاظمي کان له دور مهم في الإعداد لهذه المفاوضات بین إيران والسعودیة، ومن هنا وعبر شاشتکم الموقرة أری من الواجب تقدیم خالص الشکر والتقدیر للحکومة العراقیة. وللعلم فإن المواضیع المطروحة کانت تشمل مجمل القضایا منها العلاقات الثنائیة وحل المشکلات العالقة بین البلدین إلی جانب المشکلات الإقلیمیة بما فیها موضوع الیمن ومواضیع متفرقة أخری. ولکن لأن المفاوضات لاتزال مستمرة ولم تصل إلی النتیجة النهائیة، من الطبیعي ألا تطرح تفاصیل ومواد المفاوضات إلی أن تنطلق المفاوضات من جدید إن شاء الله، ونحن کلنا أمل أن تثمر المفاوضات عن نتائج إیجابیة، وبعدها سوف تعلن النتائج أمام الرأي العام.

أحد مواضیع الحوار الإيراني السعودي هو إعادة افتتاح السفارات

العالم: هل يتوقع أن يعاد فتح السفارة السعودية في طهران ربما على مستقبل بعد عقد مزيد من المباحثات؟

مسجدي: أحد المواضیع یتمثل في موضوع إعادة افتتاح سفارتي البلدین والذي تم طرحه بین الوفدین وسوف یستمر لاحقا. بالتأکید أن الأمل یحدونا للوصول إلی هذه النتیجة المرجوة، وأن یبدأ ممثلو البلدین بالعمل من خلال القرار المشترك الذي سیتخذونه، ولکن کما أسلفت لکم لا یزال من السابق لأوانه الحدیث عن هذه القرارات لأنها لم تدخل المرحلة النهائیة بعد، ولکن بسبب نظرة البلدین ورغبتهما في حل المشکلات العالقة بینهما، شخصیا أتمنی الوصول إلی نتائج إیجابیة.

العالم: هل ستعقد جولات مقبلة في بغداد؟

مسجدي: لربما تجری المفاوضات في بغداد کسابقاتها، نعم یعتمد هذا الأمر علی التفاهم والاتفاق بین البلدین، أو لربما تعقد المفاوضات في إيران أو السعودیة، من المفترض أن یتحاور الطرفان ویتوصلا إلی نتیجة، وفي أي مکان یصل وفدا البلدین إلی نتیجة أو اتفاق سوف تستمر المفاوضات هناك.

العالم: بعض التسريبات تتحدث بأن الحكومة العراقية الآن تسعى إلى عقد محادثات متعددة الأطراف تشارك فيها إلى جانب إيران والمملكة العربية السعودية أيضا ربما بعض الدول الإقليمية الأخرى بهدف تقريب وجهات النظر ونزع فتيل التوتر في المنطقة وتقريب المواقف، هل لديكم علم بهكذا مساعي عراقية؟ ما هو الموقف الإيراني بهذا الخصوص؟

مسجدي: بدایة نحن سعداء ومسرورون بقدرة العراق علی أداء دور التقریب بین الدول الإقلیمیة وأن یتمتع بموقع سیاسي للتقریب بین الدول الجارة له والدول المجاورة للجمهوریة الإسلامیة في إيران. دأبت إيران دائما علی دعم ومساندة هذا الدور العراقي وشجعته ونحن مسرورون لهذا، ولکن نعم کانت هناك مناقشات مختلفة ومتنوعة ولربما تستمر وتحول التعاون الثنائي إلی تعاون إقلیمي. حتی اللحظة توجد مناقشات ابتدائیة تختص بهذا الموضوع. شخصیا أتمنی أن یعطي هذا الأمر دفعة إلی الأمام ونری مختلف أنواع التعاون الإقلیمي وبین الدول الجارة في المستقبل المنظور إن شاء الله، والسبب أننا جمیعا نعیش في منطقة واحدة وبالتأکید یجب حل المشکلات من خلال مسؤولي دول المنطقة، وفي هذا السیاق فإن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تعتبر داعمة ومساندة ومشوقة لهذا التعاون الإقلیمي.

إيران تدعم بقوة إجراء الانتخابات في العراق

العالم: العراق مقبل على انتخابات مصيرية، انتخابات برلمانية تغير الخارطة السياسية في العراق، هناك استعدادات تجري حاليا.. بعض القوى السياسية ومن بينها التيار الصدري، والحزب الشيوعي انسحبوا من هذه الانتخابات بالإضافة إلى بعض الأحزاب والقوى السياسية، ما هو الموقف الإيراني من هذه الانتخابات؟ وما هو موقف طهران من هذه الانسحابات؟ هل توجهون دعوة إلى التيار الصدري بالتحديد للعودة إلى المنافسة؟ ما هو موقفکم؟

مسجدي: موقف الجمهوریة لإسلامیة في إيران تجاه الانتخابات في العراق هو موقف الدعم والإسناد لأصوات الشعب العراقي. فتحدید المصیر یتم من خلال الانتخابات وأصوات أفراد الشعب. أنتم شاهدتم في الماضي کیف أن أحد مطالب المتظاهرین والمظاهرات التي طال أمدها إلی حد ما في فترة من الفترات هو إجراء الانتخابات، أحد أسباب إستقالة حکومة السید عادل عبد المهدي في حقیقة الأمر وإنطلاق عمل حکومة السید مصطفی الکاظمي تمثل في ضرورة إجراء الانتخابات بهدف تعیین المجلس النیابي الجدید والحکومة الجدیدة، هذا ما طرح آنذاك في الساحة العراقیة. من الطبیعي أن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تدعم رغبة الشعب، نعم نحن مهتمون بهذا الأمر ونساند إجراء الانتخابات وأصوات أفراد الشعب.

العالم: عندما انطلقت تظاهرات تشرين في العراق وجرى الحديث عن الانتخابات المبكرة كانت توجه اتهامات إلى طهران بأنها تعرقل موضوع الانتخابات المبكرة.. والآن حضرتكم تدعون إلى إجراء هذه الانتخابات المبكرة.

مسجدي: نعم موقفنا واضح، فإيران تدعم بقوة إجراء الانتخابات في العراق، ولکن لربما هناك أصوات ووجهات نظر مختلفة في داخل العراق کما هو الحال في وجود وجهات نظر مختلفة تخص مسائل ومواضیع أخری في البلاد، سواء من طرف حزب أو تیار أو مجموعة وحتی بین المسؤولین العراقیین وداخل المجلس النیابي، وهذا أمر طبیعي في حد ذاته، ففي نهایة الأمر نجد أن العراق قد دخل مراحل من الدیمقراطیة وهو یعیشها في الوقت الحاضر ومستمر بها، ولکن بالنسبة لموقف الجمهوریة الإسلامیة في إيران والسؤال الذي طرحتموه حول هذا الموقف، بإمکاني القول وبصراحة إن إيران تساند وتدعم إجراء الانتخابات وتتمنی مشاهدة هذا الحدث المهم.. ذلك أن رأي الشعب هو المیزان وهو الذي یقرر تشکیل الحکومة الجدیدة والمجلس النیابي الجدید. والآن أي رأي موجود في العراق یحظی بالاحترام من الآخرین فنحن لانتدخل في هذا الأمر، ولکن موضوع توجیه الدعوة لمختلف التیارات والأحزاب وحثها علی المشارکة الإیجابیة في العملیة الانتخابیة نعم نحن نتمنی مشارکة الجمیع وبقوة في الانتخابات.

لن نعمل علی دعم أي شخص أو حزب عراقي مقابل آخر

العالم: بعض قوى الولايات المتحدة الأميركية وبعض القوى الغربية حتى الإقليمية تتهم إيران في بعض الاحيان بأنها تدعم بعض القوى السياسية سواء في الانتخابات أو في العمل على الأرض في العراق ضد بعض القوى الأخرى، أين تقف إيران من كل الكتل السياسية والأحزاب السياسية؟ هل هي تقف على مسافة واحدة بالفعل أم هي تدعم بعض القوى ربما على المستوى السياسي والمنافسة؟

مسجدي: الجمهوریة الإسلامیة، کان لدیها ولا تزال علاقات واسعة النطاق مع جمیع التیارات والأحزاب، وهذا ماتشاهدونه من الزیارات المکوکیة للمسؤولین العراقیین إلی إيران. وقبل أیام قلیلة أقیمت مراسیم إنفاذ حکم رئیس الجمهوریة المحترم رئیسي والقسم الذي أداه في مجلس الشوری الإسلامي، وقد شاهدتم العدید من العراقیین سواء من الحکومة والأحزاب والتحالفات وهم یشارکون في هذه المراسیم، فهذه العلاقات السیاسیة طبیعیة جدا بین إيران والشخصیات العراقیة المختلفة، ولکن أن نرکز دعمنا ومساندتنا لعدد من الأفراد أو الأحزاب فهذا کلام لیس في محله أبدا، فالجمهوریة الإسلامیة في إيران کانت ولاتزال تدعم وحدة العراق وتدعم جمیع الطوائف في البلد الجار العراق إلی جانب جمیع المذاهب من السنة والشیعة والقومیات کالأکراد والترکمان والأدیان کالمسیحیة والإیزدیة، إيران تدعم جمیع مکونات الشعب العراقي کما تساند الحکومة العراقیة. فیما یخص موضوع العملیة الانتخابیة و القول إن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تدعم مجموعة محددة ضد واحدة أخری.. وکما أشرتم أنتم، فهذا الکلام بمثابة تهمة لا صحة لها بأي شکل من الأشکال، فالانتخابات تعني أصوات الناس ومن الطبیعي أن تسعی التیارات المختلفة بکل ما أوتیت من جهد وقوة إلی حصول ممثلیها علی أغلب الأصوات، وهذا العمل عبارة عن تنافس داخلي، لذا فإن الجمهوریة الإسلامیة في إيران لن تعمل علی دعم شخص مقابل شخص آخر أو حزب ضد حزب آخر في المنافسات الانتخابیة الداخلیة، لیس فقط الدعم والحمایة بل تعمل علی اجتناب أي تدخل في سیر العملیة الانتخابیة. ما تریده الجمهوریة الإسلامیة في إيران وتسعی إلیه هو وجود منافسة سلیمة من خلال انتخابات نزیهة وناجحة وأکثریة تضمن تکوین مجلس نیابي قوي وحکومة منبثقة منه تکون قویة بإمکانها العمل علی توسیع العلاقات مع الجمهوریة الإسلامیة والدول الأخری، لهذا فإن إيران دائما تعمل علی دعم ومساندة الوحدة الوطنیة العراقیة والتعاون والأخوة بین الأحزاب والتیارات وعملیات الائتلاف المختلفة، ولهذا تجد الصداقة والعلاقات متینة بیننا وبین الجمیع، الأمر لیس هکذا بأن تکون لنا علاقات حمیمة مع حزب واحد بینما تکون العداوة السمة الغالبة بیننا وبین حزب آخر، فموقف الجمهوریة الإسلامیة في إيران موقف أخوي یتمیز بالصداقة.

مسجدي للعالم: القوات العراقية قادرة بشکل قوي علی ضمان أمن بلدها

العالم: في ظل المعطيات الموجودة هل تتوقعون أن تجري هذه الانتخابات في موعدها المحدد؟ ربما قد يكون تأجيل لهذه الانتخابات؟

مسجدي: من الطبیعي أن الموعد هو الذي أعلنته الحکومة، أي العاشر من تشرین الأول/أکتوبر القادم، والمفوضیة العلیا للانتخابات العراقیة تعمل وتبرمج عملها وفقا للتاریخ المعلن، نتمنی أن تجری الانتخابات في موعدها المقرر والجمهوریة الإسلامیة في إيران تحترم القرار الذي ستتخذه الحکومة العراقیة، هل هذا واضح؟ إذا کانت هناك مواضیع أو مشکلات داخل العراق أو مثلا بعض الآراء فهذا الأمر یعني العراقیین، ولکن ما تقرره الحکومة والمفوضیة العلیا للانتخابات بشأن إجراء العملیة الانتخابیة سیحظی بالإحترام الکامل والدعم اللازم من قبل الجمهوریة الإسلامیة في إيران.

عززنا التعاون مع العراق في مجال الطاقة الکهربائیة

العالم: الصيف وارتفاع معدلات الحرارة والجفاف سبب مشاكل كثيرة للعراق، وكذلك الداخل الإيراني، هل تغير معدل تزويد العراق بالكهرباء في هذه الفترة أو تزويد العراق بالغاز الإيراني؟ كيف تبدو العلاقات حاليا؟

مسجدي: حقا إننا من أجل فصل الصیف والنقص الموجود في الکهرباء والماء والمشکلات الناجمة من هذه الظاهرة، نری أنفسنا والشعب العراقي في نفس الظروف، ولهذا السبب في فصل الصیف الحالي وللحاجة إلی الکهرباء والماء في العراق والظروف الصعبة التي یمر بها هذا البلد، فقد کانت ظروفنا مشابهة للظروف في العراق، إلا أننا عززنا التعاون بین البلدین وعلی الأخص في مجال الطاقة الکهربائیة. ما أود توضیحه للشعب العراقي النبيل وجمیع مشاهدي قناتکم الموقرة أن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تقوم في الوقت الراهن وفي هذه الظروف المناخیة الصعبة بتصدیر 45 ملیون متر مکعب من الغاز لسد حاجة محطات تولید الطاقة الکهربائیة في العراق، وهذا الرقم المعلن لیس بالأمر الهین و هو مساعدة جیدة جدا، إضافة إلی الطاقة الکهربائیة المباشرة التي کانت بیننا في السابق ولا تزال مستمرة، لهذا في موضوع الطاقة الکهربائیة فقد عززت الجمهوریة الإسلامیة في إيران من مساعداتها إلی المدی الذي کان بإمکانها الوصول إلیه في فصل الصیف الحالي، والدلیل هو أن المسؤولین العراقیین في مجال الطاقة الکهربائیة قد أعلنوا عن رضاهم التام وأبرزوا تقدیرهم واحترامهم للتعاون من جانبنا، وهذا دلیل آخر یضاف إلی الأدلة الأخری التي توضح أن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تقوم بتنفیذ وعودها بتقدیم المساعدات والتعاون الصادق.

أصبح بإمکاننا شراء ما نریده من حساب طلباتنا من العراق

العالم: هل موضوع الأموال الإيرانية في العراق تم حلها؟

مسجدي: طلباتنا الیوم تقع في أجواء مناسبة إلی حد ما والفضل یعود إلی العملیة السلیمة والتخطیط والاتفاقیات التي وقعناها مع الجانب العراقي، بحیث أنه أصبح بإمکاننا شراء ما تریده الجمهوریة الإسلامیة في إيران من حساب هذه الطلبات وتدفع المبالغ من خلال هذا الأسلوب الذي أصبح کإطار وترتیب. من وجهة نظري أعتقد أن هذا التعاون انطلاقة جیدة تحظی بالقبول والرضا من قبلنا ومن قبل الحکومة العراقیة، ونحن نأمل أن تسدد طلباتنا بوتیرة أسرع إن شاء الله کي نتمکن من شراء المواد الغذائیة والأدویة واللقاحات المضادة لفیروس کورونا وغیرها من خلال مبالغ طلباتنا لدی الحکومة العراقیة، والیوم یعتبر التعاون الذي نلمسه من الحکومة العراقیة إیجابیا وجیدا ونأمل أن یتعزز هذا التعاون. حالیا لا توجد مشکلة محددة بیننا، ولکي تستمر عملیة تصدیر الغاز والطاقة الکهربائیة لن یصل مستوی التصدیر إلی الصفر، في الوقت الراهن تبلغ طلباتنا حوالي ستة ملیارات دولار وبالتأکید تجد الحکومة العراقیة نفسها ملزمة بالدفع لنا أو کما أسلفت لکم أن نقوم بتصفیة الدیون من خلال شراء المواد التي تراها الجمهوریة الإسلامیة ضروریة لها.

العالم: نقف على عتبة محرم الحرام والزيارات الدينية التي توقفت خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا.. هل لديكم ربما محادثات مع الجانب العراقي وصلت إلى نتائج لاستئناف هذه الزيارات في ظل هذه الجائحة الآن؟

مسجدي: نعم، کما أشرتم فإن أحد أضرار جائحة کورونا یتمثل في حالات الوفاة الکثیرة إضافة إلی القیود التي أوجدها هذا الفیروس علی حجم السفر والزیارات، ولکن الحمدلله بالنظر إلی عملیة التحکم بهذا الفیروس التي تتقدم یوما بعد یوم، والتطعیم الذي یجري علی قدم وساق، فقد أجرینا محادثات جدیدة مع المسؤولین في وزارة الصحة ووزارة الخارجیة ووزارة الداخلیة في العراق قمنا بتهیئة الأرضیة المناسبة للعودة التدریجیة للزوار الإيرانیین إلی العراق ووافقنا علی أن تکون هذه الخطوة في نطاق محدود وکلما مضینا قدما في عملیة التطعیم ومراعاة البروتوکولات الصحیة بین البلدین، إن شاء الله سوف یفتح باب قدوم الزوار أیضا.

نقف خلف کل خطوة تؤدي إلی رفع منسوب الأمن في العراق

العالم: في شمال العراق هناك ملفات أمنية ساخنة، هناك توتر على الحدود العراقية – التركية، قصف تركي لبعض المناطق العراقية في شمال العراق والمناطق الكردية في تلك المناطق، ما هو موقف إيران؟

مسجدي: موقف الجمهوریة الإسلامیة في إيران واضح تماما، یجب علینا احترام سیادة وأمن العراق، لایجب علی أي دولة إقلیمیة التدخل بهذا الشکل السافر في الشأن العراقي ما یسبب بایجاد صراعات ومشکلات. من الطبیعي أن أي خطوة أو أي عمل یجب أن یحلا من خلال الحوار والمفاوضات، لهذا سواء في شمال العراق أو أي مکان آخر حتی خارج العراق في الدول الإقلیمیة فإن الجمهوریة الإسلامیة في إيران تعارض بشدة أي توتر أو مناوشات وصراعات، فموقف إيران موقف ینم عن الصداقة والسلام والأخوة في المنطقة، لهذا فإن العراق بحاجة الیوم إلی الدعم والمساندة والتعاون والمساعدة، وهذا هو موقف إيران علی وجه التحدید، لا أنه لا سمح الله تخلق المشکلات التي تسبب الضعف والهوان. علی هذا الأساس نحن ندعم ونقف خلف کل خطوة تؤدي إلی خفض التوترات وترفع من منسوب الأمن في العراق سواء مع ترکیا أو أي دولة أخری، بل ونتمنی رؤیة هذه الحالة، وأنتم تشهدون کیف أن الجمهوریة الإسلامیة في إيران خلال فترة مکافحة داعش قامت بکل ما أتت من جهد وقوة بالتعاون مع العراق کي ینجح هذا البلد بالتغلب علی الإرهاب والحمدلله أثمرت تلك الجهود المخلصة حیث أن الأمن یتعزز یوما بعد یوم في العراق ونحن لن نبخل في تقدیم المساعدة في هذا المجال.

/انتهى/