تعتقد العديد من الاوساط الاقليمية ان ادارة جو بايدن تفتقد لاستراتيجية واضحة للشرق الاوسط لانها ليست" اولوية "في السياسة الامريكية حاليا وهو ما دعا العديد من الامريكيين لدعوة الادارة الامريكية الى اتخاذ مثل هذه السياسة قبل ان ترغم علی جعل منطقة الشرق الاوسط" اولوية ".

وكالة مهر للأنباء، محمد صالح صدقيان: يقول كينيت بولاك ودينس روز في مقالهما المشترك الصادر من معهد واشنطن ان الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة دائماً على ضبط حلفائها لمنعهم من الإقدام على خطوات متهورة حتى بوجود استراتيجية أمريكية شاملة وواضحة للمنطقة.

ويضيف المقال" إذا لم يشعر حلفاء أمريكا بأنهم يعرفون إلى أين تنوي واشنطن قيادتهم، أو إذا شعروا أنها ستفعل القليل أو لن تفعل شيئاً لمواجهة ما يعتبرونه كتهديدات، فسوف يتحركون من تلقاء أنفسهم؛ وغالباً ما تَمنع هذه الإجراءات المسارات البديلة التي تفضلها الولايات المتحدة، أو تخاطر بإثارة كوارث جديدة في المنطقة.

ما كتبه بولاك وروس يستند الی معطيات حصلوا عليها من خلال زيارات قالوا انهما قاما بها للمنطقة والحديث مع كبار المسؤولين فيها. الاعتقاد السائد ان ما سمعه هاذان الكاتبان المرموقان امريكيا يعكس التخوف من السياسة التي تنتهجها ادارة الرئيس بايدن لتهدئة الاوضاع في المنطقة وتقليل حدة التوتر فيها.

قال صدقیان ان الجانب الايراني رفض اقتراحات ازالة العقوبات علی الحرس الثوري وشخصيات ايرانية مقابل العمل علی الموافقة بالمساعدة في ترتيب الاوضاع في المنطقة وهذا يعني ان طهران ليست مستعدة لحماية " الامن الاسرائيلي "

هذه الادارة بدأت عملها في الشرق الاوسط علی مسارين. الاول تعيين تيم ليندركينغ كمندوب خاص لليمن للمساهمة في ايجاد حل لانهاء الحرب بمساعدة الاطراف المعنية في المنطقة. اما المسار الثاني تعيين روبرت مالي كمندوب للشان الايراني والذي يشرف حاليا علی ادارة المباحثات مع الجانب الايراني في فيينا.

لا اريد استباق النتائج في امكانية نجاح هاذين المندوبين في مهمتهما الصعبة؛ لكن المؤشرات تدل علی ان الادارة الامريكية تعتقد ان العمل علی حل هذين الملفين يمكن ان يخفض التوتر في المنطقة وان البوابة الايرانية كفيلة بايجاد مخارج مناسبة لازماتها.

العقدة التي تقف امام هذا التصور تاتي من الكيان "الاسرائيلي" الذي عارض بشدة التوصل للاتفاق النووي في عهد الرئيس باراك اوباما وعمل علی دفع الرئيس دونالد ترامب للانسحاب من هذا الاتفاق كمقدمة لانهياره؛ والان يعمل علی عدم احياء الاتفاق بتغطية مالية وسياسية من بعض حلفاء الولايات المتحدة.

مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية وليام بيرنز الذي زار الكيان بداية الشهر الحالي حاول اقناع من قابلهم بان احياء الاتفاق النووي يحد من الطموحات الايرانية ويبقي نسب تخصيب اليورانيوم بمستوی 3.76 لكنه سمع منهم ايضا ان فكرة احياء الاتفاق النووي مهما كانت يجب ان تمر عبر النافذة "الاسرائيلية" بمعنی ان يٌؤمّن " الامن الاسرائيلي " وهو ذات الامر الذي حمله رئيس حكومة الكيان نفتالي بينيت خلال زيارته الحالية لواشنطن.

مندوب ايران الدائم لدی الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب ابادي نقل ان الجانب الايراني رفض اقتراحات ازالة العقوبات علی الحرس الثوري وشخصيات ايرانية مقابل العمل علی الموافقة بالمساعدة في ترتيب الاوضاع في المنطقة وهذا يعني ان طهران ليست مستعدة لحماية " الامن الاسرائيلي " من خلال بحث العلاقة مع اصدقائها في المنطقة او مناقشة قدرتها العسكرية الصاروخية. ولا يلوح في الافق ما يشير الی استعداد الحكومة الايرانية الجديدة تقديم تنازلات علی هذا الصعيد حيث قال الوزير المرشح لحقيبة الخارجية امير عبد اللهيان ان ايران ترحب بمباحثات بناءة مع المجموعة الغربية بشان احياء الاتفاق النووي في اطار الالتزام بجميع التعهدات بعيدا عن التسويف واضاعة الوقت؛ وهو موقف لا يشم منه رائحة تنازل او رغبة في تعديل الزوايا.

التجربة اثبتت ان الاعتماد علی الرغبات "الاسرائيلية" لا يمكن له ان يعيد الامن والاستقرار للمنطقة

خيارات ايران في الوقت الراهن اكثر بكثير من خياراتها عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2017 وهذا ما يدعو الادارة الامريكية الی التفكير الجدي في جعل مباحثات فيينا تستند علی اساس رابح رابح لان غير ذلك يجعل مقال معهد واشنطن مصيبا في رايه " بإثارة كوارث جديدة في المنطقة "، وان التجربة اثبتت ان الاعتماد علی الرغبات "الاسرائيلية" لا يمكن له ان يعيد الامن والاستقرار للمنطقة.

/انتهى/