وكالة مهر للأنباء - القسم العربي: يعيش العراق صعوبات وأزمات بدءا من الكهرباء - التي يعتمد العراق بشكل كبير على الجارة ايران لتوفيرها - وصولاً إلى تدهور البنى التحتية والخدمات والازمات الاقتصادية التي فاقمها تراجع أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد – 19، فضلاً عن التوتر الأمني في المنطقة.
ويدرك الرئيس الفرنسي جيدا فائدة وخطورة التراجع الأميركي في المنطقة، لذلك يحاول الاستفادة من الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة بعد مغادرتها للعراق في نهاية العام الحالي.
وفقدت فرنسا نفوذها في العراق منذ حرب 1991، عندما قرر الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران الانضمام إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة لتحرير الكويت بعد أن حققت باريس حضورا لافتا في العراق خلال الثمانينات.
وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا صحفيا مع مدير مركز الرفد للدراسات الاستراتيجية الدكتور "عباس الجبوري"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
* هل تعتقد انه باستطاعة فرنسا ان تقوم بتمويل مشاريع اعادة الاعمار في ظل الازمة الاقتصادية العالمية ؟
فيما يخص الموقف الفرنسي وحضور الرئيس الفرنسي الى "قمة بغداد" او "قمة التعاون" كما سُمّيت، فمن المؤكد ان فرنسا هي عضو في التحالف، لكن الفرنسيين تركوا العراق في عام 1961 عندما شاركت في الحرب ضد العراق، ما تسمّى بـ"حرب الخليج".
عندما قررت امريكا الانسحاب من العراق في نهاية السنة الحالية، ارادت فرنسا ان تجد موضع قدم في المنطقة، وتعيد علاقاتها بالعراق شيئا فشيئا
كان هناك تبادل تجاري كبير، وقد اشرفت فرنسا على المفاعل النووي الذي تم ضربه عام 1982. فقد كانت لفرنسا علاقات جيدة في زمن شيراك وقبل شيراك، لكن عندما شاركت في الحرب ضد العراق، توقفت الكثير من الاتفاقيات الفرنسية – العراقية.
فرنسا لم تساهم في الحرب على العراق عام 2003، ولم تدعم امريكا في هذا المشروع، وبقيت علاقتها متباعدة الى الان وفي الفترة الاخيرة بدأت الصورة تتضح بشكل كامل.
عندما قررت امريكا الانسحاب من العراق في نهاية السنة الحالية، ارادت فرنسا ان تجد موضع قدم في المنطقة، وتحاول ان تعيد علاقاتها بالعراق شيئا فشيئا، خاصة وان هناك نية لدى العراقيين باعادة المفاعل النووي بطريقة اخرى، وقد حضرت عدد من الشركات لهذا الغرض.
ايضا فرنسا اليوم لها طموح اكبر من هذا، فكما يعلم الجميع ان مشروع ميناء "الفاو" سيكون من اهم المشاريع في هذه المنطقة، وسيكون هذا الميناء من اكبر الموانئ في المنطقة، ومن خلاله ستنطلق التجارة الى تركيا، ومن تركيا الى اوروبا عن طريق حرير.
* هل ترى ان هناك مساعي فرنسية للنفوذ في العراق والمنطقة ؟
ان زيارة ماكرون الى الموصل ولقائه بالمسيحيين، يذكرنا ايضا بعلاقة الفرنسيين بالمسيحيين اللبنانيين وكيف تم فرض عليهم تلك العلاقة، لكن اعتقد ان العراق يختلف عن لبنان، فلا يوجد تشابه.
لكن الرئيس الفرنسي يحاول، وزيارته الى مناطق معينة في الموصل؛ منها سهل نينوى، هو شروع خط حرير، الذي ينطلق من "الفاو" مرورا بـ"سهل نينوى" ومن ثم تنطلق الى تركيا واوروبا. وبذلك تريد فرنسا اليوم ان تحجز حصتها من الان في هذه المنطقة.
* تعتبر فرنسا احدى الدول الداعمة للمنظمات الارهابية في المنطقة، ما هي أولوية الشرق الاوسط في الحسابات الفرنسية الجديدة؟
اعتقد ان الفرنسيين لم يحصلوا على متطلعاتهم او "الكيكة كاملة"؛ من خلال غزو العراق واحتلال العراق والحرب ضد العراق في عام 2003، وتداعيات تلك الحرب. فرنسا اليوم اتت لكي تحصل وتكسب هذا الاستثمار خاصة ان الرئيس الفرنسي اكد ان الاستثمار بطئ والاعمار بطئ؛ نعم انه كذلك، ويمكن اليوم ان يجلب عددا من الشركات الفرنسية للعمل بأموالها كمستثمرة، ثم اعادة البناء، ثم اعادة ما يمكن اعادته.
قال المحلل السياسي ان المشروع الفرنسي مشروع كبير، وزيارته ليست زيارة عابرة، بل ان فرنسا تخطط لاهداف كبيرة
لذلك اعتقد ان المشروع الفرنسي مشروع كبير، ليست زيارة عابرة، بل ان فرنسا تخطط لاهداف كبيرة، خاصة وان علاقاتها جيدة مع ايران وتركيا واقليم كردستان، وايضا اليوم بدأت تحسن علاقتها مع الحكومة العراقية من خلال تبادل هذه الزيارات؛ هذه ليست الزيارة الاولى، بل سبقتها ايضا زيارة.
اعتقد ان اليوم هذه الدول لديها مصالح في العراق؛ وهذه المصالح متباعدة ومتقاربة ومختلفة، ففرنسا اليوم لا تأتي لسواد عيون العراقيين، بل هي تأتي من اجل مصالحها، ومن اجل تواجدها، ومن اجل تواجد شركاتها، فالعراق يُعتبر مكان خصب لهذه الامور بما يمتلكه من ثروات في الطاقة، وثروات بشرية، وثروات كبيرة في كثير من المجالات، لذلك اعتقد ان فرنسا تبحث عن فرص استثمار ناجحة داخل العراق./انتهى/