وكالة مهر للأنباء - المجموعة الدولية: خطوات تركيا لتحسين العلاقات مع الدول العربية دخلت اتجاها أكثر جدية. على الرغم من أن أنقرة عاشت ثماني سنوات من التوتر مع مصر بسبب أيديولوجية الإخوان المسلمين، إلا أننا نشهد هذه الأيام مرة أخرى اجتماعات بين المسؤولين الأتراك والمصريين، بالاضافة الى الجولة الثانية من المحادثات التي جرت في الاسبوع الماضي بين الوفد التركي والمصري. وهذا يدل على أن أنقرة لم تتمكن من التأثير على العالم العربي في السنوات الأخيرة بايديولوجية الإخوان المسلمين.
من ناحية أخرى، على الرغم من أن اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" تسبب في توتر العلاقات بين أنقرة والرياض، إلا أن البلدين يحاولان هذه الأيام تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية. وعلى ما يبدو أن سياسة تركيا تجاه الإمارات في مرحلة التهدئة.
في الواقع، أن تركيا تواجه عزلة سياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط، ولم يكن لذلك تأثير إيجابي على سياسة تركيا الخارجية، وبالتالي على قوة حزب العدالة والتنمية داخل تركيا. لذلك، يمكننا تحليل أحد أسباب تصرفات تركيا لتطبيع العلاقات مع الحكومات العربية في هذا السياق.
لكن النقطة التي يجب مراعاتها هي ما إذا كان تغيير نهج تركيا يتعلق فقط بشرق البحر الأبيض المتوسط أو القضايا الإقليمية التي دفعتها إلى تحسين العلاقات مع العالم العربي.
أجرى مراسل "مهر" حوارا مع "فرهاد أونلو" الكاتب والصحفي والمقدم التلفزيوني التركي، وهو أحد أفضل الكتاب في صحيفتي "يني شفق" و "ديلي صباح" حول سياسة تركيا تجاه الدول العربية، وفيما يلي نص المقابلة:
** نشهد في الآونة الأخيرة جهود تركيا لتحسين علاقاتها مع بعض الدول العربية. بينما شهدت تركيا خلافات كثيرة مع مصر حول قضية الإخوان المسلمين لمدة ثماني سنوات. يبدو أنه بعد اغتيال الصحفي السعودي الناقد جمال خاشقجي ، شهدنا توترات كثيرة بين الرياض وأنقرة في المجالين السياسي والاقتصادي. من ناحية أخرى، نشهد لقاء بين المسؤولين الأتراك والإماراتيين. هل هذه التصرفات التركية متجذرة فقط في قضية نزاع شرق البحر المتوسط، أم أن هناك قضايا أخرى أثرت أيضًا على السياسة التركية؟
أدى اغتيال خاشجي وبعض القضايا في الخليج الفارسي إلى توترات خطيرة بين تركيا والسعودية. ومن ناحية أخرى، أدت بعض أنشطة الإمارات في ليبيا وسوريا، لا سيما دعمها لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، وميل الإمارات تجاه إسرائيل وتعاونها الاستخباراتي مع نظام تجسس بيغاسوس، إلى حدوث الخلاف بين أبوظبي وأنقرة. برأيي، التغيير في نهج تركيا تجاه هذه الدول نابع من سياسة التناوب، لأننا في فترة تحالفات متناوبة في المنطقة. عندما تحدث تهديدات غير متكافئة، تتشكل تحالفات غير متكافئة في نفس الوقت. الحروب والنزاعات الإقليمية هي أهم سبب لتغيير سياسة الحكومات. حتى قبل ذلك، كانت تركيا وإيران قد أثارتا خلافاتهما حول القضايا الإقليمية، لكن في وقت لاحق أسست طهران وأنقرة عملية أستانا لحل خلافاتهما. في غضون ذلك، دخلت علاقات تركيا مع مصر مرحلة مواتية، على الرغم من الخلافات الإقليمية وسنوات من التوترات. كما ان التغيير في سياسة تركيا تجاه الدول العربية مرتبط بسياق شرق المتوسط، وهو ما أعتقد أنه نهج منطقي، لأن الوضع في تركيا وفي البحر الأبيض المتوسط يواجه قضايا مختلفة، لا سيما قضية قبرص. إلا أن كل دولة تتخذ موقفاً من مصالح وسلطة منطقتها، لذلك أعتقد أن خطوات تركيا لتطبيع العلاقات مع الدول العربية هي خطوة إيجابية.
**بالنظر إلى سياسة تركيا الأخيرة المتمثلة في تحسين العلاقات مع الدول العربية، ألن يكون من الأفضل لمسؤولي أنقرة الدخول في محادثات مباشرة مع سلطات دمشق بشأن سوريا ومعالجة الخلافات والقضايا كقضية اللاجئين السوريين؟
تركيا على اتصال مع الحكومة السورية في مجال المخابرات. أما بالنسبة الى قضية المهاجرين السوريين، فإن الحكومة السورية نفسها غير قادرة على حل هذه المشكلة بشكل كامل لأن بعض الجماعات الإرهابية لا تزال موجودة في بعض أجزاء سوريا. لهذا السبب، وعلى الرغم من عدم وجود توقعات لتركيا بشأن الأراضي السورية، إلا أنها موجودة حاليًا على أراضيها. كما تحاول بعض الحكومات منذ سنوات شن حروب دينية وعرقية داخل تركيا، ولكن بسبب فشل هذا النهج، تحاول الآن وضع الحكومة التركية في موقف صعب مع سياسة الهجرة التي تنتهجها. لكن من الضروري أن تعقد تركيا اجتماعات مع الحكومة السورية، على الأقل على مستوى الاستخبارات، وأن تناقش مستقبل سوريا. لأن استمرار أي أزمة في سوريا سيلحق الضرر بتركيا أيضًا.
** يبدو أن تركيا تريد الانخراط بشكل أكبر في أفغانستان من أجل أن تكون أكثر نفوذاً في آسيا، ما هو تحليلك بشأن محادثات تركيا مع أفغانستان حول مطار كابول؟
أفغانستان لها ظروف مختلفة دخلت الولايات المتحدة البلاد في عام 2001 وأنفقت مليارات الدولارات وهذه المسالة تسببت في وفاة الكثير من الناس في هذا البلد. وإيران والباكستان جارتان لأفغانستان، ونهجهما تجاه كابول مهم، لكن تركيا ليست كذلك. حاولت تركيا دائمًا التدخل في الأزمة في أي منطقة جغرافية. طبعا لا بد من القول إن الوضع في سوريا مختلف عن الوضع في أفغانستان لأن وجود القوات التركية في سوريا، أي في الدولة المجاورة، كان بسبب الحدود المشتركة، وأي جندي تركي يفقد حياته على الأراضي السورية هو أمر مفهوم للمجتمع التركي، فإذا قتل جندي تركي على الأراضي الأفغانية في المستقبل، فإن ذلك سيثير رد فعل من الشعب التركي. بالطبع ، لا أعتقد أن جيشنا سيخوض حربًا مع طالبان لأن طالبان تحاول أن تصبح حكومة.
لدى طالبان الشروط المناسبة لتصبح حكومة شرعية والانسحاب الأميركي من أفغانستان الشروط لهذه المجموعة. إذا أقامت طالبان علاقات جيدة مع دول أخرى في مجال السياسة الخارجية فإنها ستنجح بالتأكيد. وبالطبع ستستخدم تركيا ورقة نفوذها في أي منطقة جغرافية، وهذه القضية ليست مرتبطة فقط بآسيا، ولكن في حالة أفغانستان هناك حاجة لتعاون تركيا وإيران. في الواقع تسعى طهران وأنقرة إلى تعاون جيد في محاربة الإرهاب، وأعتقد أن هذا التعاون يمكن أن يكون فعّالًا أيضًا في أفغانستان. أنا لا أقول هذا لمجرد التحدث إلى وسائل الإعلام الإيرانية، من الضروري لتركيا وإيران تطوير علاقاتهما في القضايا الإقليمية.
/انتهى/