وكالة مهر للأنباء - القسم العربي: أعلنت الرئاسة اللبنانية، تشكيل حكومة جديدة في لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي، بعد عام من فراغ نتج عن انقسامات سياسية حادة في البلاد، ساهمت في تعميق ازمة اقتصادية غير مسبوقة يتخبط فيها لبنان منذ عامين.
ويأتي التشكيل بعد أكثر من عام على استقالة حكومة حسان دياب، بعد ايام من انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 أغسطس 2020 وخلافات على تقاسم المقاعد الوزارية بين القوى الرئيسية. وتعمقت، خلال هذه الفترة، ازمة اقتصادية غير مسبوقة، بدأت معالمها صيف عام 2019، وبات معها 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب تقارير الامم المتحدة.
هناك مهمات صعبة تنتظر حكومة الرئيس الجديد "نجيب ميقاتي" وهو الان بحالة لايحسد عليها لأن عليه ايجاد حلول سريعة وفعالة لانقاذ لبنان من ازمته التي یعانى منها منذ مدة طويلة وأدت الى انهياره والتي تتسم بنقص السيولة وبنقص حاد في الوقود والكهرباء التي تؤثر على كل جوانب الحياة الشعب اللبناني.
وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا مع أستاذ علم الاجتماع والخبير في قضايا الشرق الأوسط "طلال العتريسي"، وفيما يلي نص الحوار:
** ما هو دور حزب الله في تشكيل الحكومة اللبنانية بعد عام من الفراغ السياسي ؟؛ هل قام حزب الله بالتدخل في فترة حكومة سعد الحريري وفي الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي، عندما اختلفوا مع الرئيس ميشيل عون ؟
ان استراتيجية حزب الله تجاه الحكومة اللبنانية كانت منصبّةٌ على تشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، ولهذا السبب حزب الله وافق على تسمية الرئيس الحريري، وقدّم كل التسهيلات وكل الوساطات مع التيار الوطني الحر والرئيس عون، وحاول تقريب وجهات النظر، لكن الرئيس الحريري فشل في هذه المهمة بعد انتظار اكثر من تسعة اشهر. والسبب الاساسي هو ان الرئيس الحريري لديه مشكلة مع القيادة السعودية، وهو لا يريد ان يعمل من خارج هذه الارادة السعودية، ومن خارج الموافقة السعودية.
والسعودية وضعت شروطا عدة منها عدم تمثيل حزب الله في هذه الحكومة، وثانياً؛ القيادة السعودية وولي العهد السعودي لديه موقف سلبي من الحريري نفسه، وقد تبين هذا الامر في الايام القليلة الماضية عندما تم حجز ممتلكات سعد الحريري هناك، والحريري ايضا لم يذهب طوال سنة كاملة الى السعودية؛ وهذ كان عامل اساسي في اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، وانكفائه.
وبالتالي خسارة لبنان ما يقارب التسعة اشهر من دون حكومة، لكن سياسة حزب الله كانت دعم تشكيل الحكومة وتسهيل ولادة الحكومة، وعدم وضع شروط من جانبه من اجل تسريع تشكيل هذه الحكومة، لكن المشكلة كانت ان الحريري نفسه فشل في هذه المهمة.
قال المحلل السياسي ان القرار الامريكي الذي كان يريد انهيار لبنان، وان يصل هذا الانهيار الى نهاية المطاف؛ اكتشف في لحظة مُعيّنة ان هذا الانهيار قد يُدّي الى مزيد من النفوذ لحزب الله وايران، عبر ادخال المحروقات الايرانية الى لبنان. ولهذا السبب كان القرار الامريكي بعدم تعطيل تشكيل الحكومة والسماح بتشكيلها
بعد عام من الفراغ السياسي، حزب الله كان يُشجّع تشكيل هذه الحكومة، وهو وافق على تسمية الرئيس ميقاتي علما بانه في السابق لم يكن ليُسمي احد لتشكيل الحكومة، كانت يترك هامش من المسافة بعيدة عن رئيس الحكومة ولا يسميه. لكن مع الرئيس ميقاتي، اختلف الوضع وقام بتسمية الرئيس ميقاتي، لان البلد يحتاج الى حكومة، ولان الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تدهور مستمر، ويجب ان يكون هناك حكومة تملأ الفراغ السياسي بعد سنة من التعطيل.
وايضا قام بمبادرات وتقريب وجهات النظر بين الاطراف المختلفة، لكن هنا يجب ان نضيف ايضا ان الوضع الاقليمي والدولي ساعد على تشكيل هذه الحكومة لسبب ان القرار الامريكي الذي كان يريد انهيار لبنان، وان يصل هذا الانهيار الى نهاية المطاف؛ اكتشف في لحظة مُعيّنة ان هذا الانهيار قد يُدّي الى مزيد من النفوذ لحزب الله وايران، عبر ادخال المحروقات الايرانية الى لبنان. ولهذا السبب كان القرار الامريكي بعدم تعطيل تشكيل الحكومة والسماح بتشكيلها، والفرنسي ايضا ساهم في هذه العملية.
اذا كان هناك من جهة ان حزب الله لم يضع اية شروط بل قرّب وجهات النظر. وبالاضافة المناخ الدولي ساعد على تحقيق هذا الامر. بالاضافة الى ان الرئيس ميقاتي ليس لدية مشاكل مباشرة مع القيادة السعودية؛ هذه كلها عوامي ساهمت في تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي.
** بماذا تختلف حكومة الرئيس ميقاتي عن حكومة الحريري ؟
من حيث المبدأ حكومة الرئيس ميقاتي ووزرائها لا تختلتف كثيرا عن الحكومات السابقة، حتى عن حكومة الرئيس حسان دياب وسعد الحريري السابقة، لكن المطروح اليوم التحديات التي تواجهها حكومة الرئيس ميقاتي؛ هي تحديات مختلفة؛ تدهور الاوضاع الاجتماعية والمالية، هناك ازمات كبيرة، وهناك تراجع في الخدمات التي تقدّم للناس، هناك مواد اساسية مفقودة من الاسواق (الدواء المحروقات)، كل هذه المسائل ستواجهها حكومة ميقاتي.
حكومة ميقاتي ستذهب الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي؛ وهذه مسألة دقيقة وحساسة. ماهي الشروط التي سيفرضها صندوق النقض الدولي على الحكومة وعلى الشعب اللبناني ؟، هل سيحصل لبنان على القروض ؟ وبأي شروط ؟ هل ستبادر الدول العربية الى مساعدة لبنان ؟ هل ستكون هذه الحكومة الجديدة حكومة متوازنة في علاقاتها الخارجية ؟، هذا التحدي مطروح على الحكومة؛ هذه هي التحديات المختلفة التي تواجهها حكومة الرئيس ميقاتي، وتختلف عن تحديات الحكومات السابقة؛ التي لم يكن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بهذا التدهور الذي نعيشه اليوم.
** هل ترى ان الحكومة اللبنانية الجديدة قادرة على ان تُحوّل الازمة والحصار الى فرصة للنهوض بلبنان ؟ هل يمكن للبنان بمكوّناته الداخليه تطبيق التجربة الايرانية والاستفاده منها ؟
هذا تحد كبير على الحكومة اللبنانية ان تنهض بهذا الوضع الصعب الذي نعيشه في لبنان. المطروح اليوم بالنسبة الى هذه الحكومة وبأولويات هذه الحكومة ان تنجح في وقف هذا التدهور قبل عملية النهوض؛ يعني ان تبدا اولا بتقديم الخدمات، وتوفير الخدمات ( المحروقات والسلع والدواء والتعليم)، والحد من تدنّي قيمة العملية الوطنية، والحد من هجرة الاساتذة والابطاء والمهندسين.
قال المحلل السياسي انه من الصعب على هذه الحكومة ان ستستفيد من تجربة ايران لان رئيس الحكومة في مكان اخر، هو يعتبر نفسه اقرب للمحور العرب السعودي واقرب الى الغرب الفرنسي الامريكي
وبعد عشرة اشهر سيكون هناك انتخابات نيابية، وهذه الحكومة ستشرف على الانتخابات، وبعد هذه الانتخابات سيتم تشكيل حكومة جديدة. اذا مهمة هذه الحكومة هي مهمة قصيرة من حيث المبدأ. هل ستتمكن من وقف الانهيار ؟، كيف ستتعامل مع صندوق النقض الدولي ؟، كيف ستحد من الازمات الحالية ؟، هذه كلها تحديات كبيرة.
هل ستستفيد من تجربة ايران ؟ يبدو من الصعب ان نقول ان هذه الحكومة ستستفيد من تجربة ايران لان رئيس الحكومة في مكان اخر، هو يعتبر نفسه اقرب للمحور العرب السعودي واقرب الى الغرب الفرنسي الامريكي، ولا يعتبر نفسه قريبا من ايران.
وبرأيي يجب ان يكون هناك ضغوط من داخل الحكومة وخارج الحكومة حتى تتشكل سياسة خارجية متوازنة بين ايران وباقي الدول.
اما الاستفادة من التجربة الايرانية فهذا يحتاج الى علاقات مباشرة مع الحكومة، ومشاريع مشتركة مع الجمهورية الاسلامية، وان يكون هناك تواصل على مستوى الخبراء في جميع المجالات؛ وهذا لا يبدو انه متاح في الفترة المنظورة بالنسبة الى طبيعة رئيس الحكومة اللبنانية الحالية./انتهى/