في ظل مساعي الكيان الصهيوني المحمومة لمواصلة التطبيع في المنطقة العربية، يحاول هذا الكيان هذه الأيام مواصلة محاولاته المشؤومة وهذه المرة من بوابة جديدة الا وهي منطقة أربيل في كردستان العراق في سياق محاولاته البائسة لجر العراق نحو التطبيع المخزي مع هذا الكيان.

وكالة مهر للأنباء - وداد زادة بغلاني: منذ نكبة 1948 حاول الكيان الصهيوني الاتصال بالشخصيات العربية المؤثرة وذات النفوذ لإكمال مشروعه الاحتلالي في فلسطين المحتلة والمنطقة العربية والإسلامية بأكملها، وبعد ذلك بفترة كشفت مصادر صهيونية عن لقاءات سرّية جرت بين الكيان الصهيوني وعدد من الشخصيات المهمة العربية وكانت البداية مع الرئيس المصري الأسبق انور السادات حيث أدت هذه الاتصالات الى ابرام اتفاقية سلام بين القاهرة وتل ابيب اثارت غضب العالم العربي والإسلامي برمته.

مما أدت هذه الاتفاقية الى خرق واضح في مقاطعة الكيان الصهيوني من قبل دول عربية أخرى من ضمنها الأردن حيث ان الأردن أيضا اختارت السلام بدل الحرب مع كيان الاحتلال الصهيوني وبهذا شهد العالم ثاني دولة عربية إسلامية تطبع مع تل أبيب مما اثار ذلك ايضا وتيرة أخرى من الغضب العارم في العالم العربي والإسلامي دون ان يحرك هذا الغضب للأسف أي ساكن!.

وبالرغم من هذه النجاحات التي حققها الصهاينة في مسيرة اكمال مشروعهم الاحتلالي في المنطقة بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية، فقد واجهت وتيرة التطبيع العلني مع كيان الاحتلال شيء من الفتور بعد ما طبّعت كل من مصر والأردن وأيضا السلطة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات، وجرت العلاقات العربية مع كيان الاحتلال بشكل غير علني ومن تحت الطاولة واستمرت هذه السياسة حتى توقيع اتفاقية ابراهام في 15 سبتمبر 2020 بين الكيان الصهيوني والامارات ومن بعدها انضمت الى هذه الاتفاقية المذلة كل من البحرين والمغرب والسودان.

حاول الكيان الصهيوني هذه المرة اختراق الساحة العراقية وان تكون منطقة أربيل العراق هي البوابة العريضة للدخول الى هذه الساحة

الغريب في الامر ان هذه المحاولات من قبل كيان الاحتلال لتوسيع نطاق التطبيع مع العالم العربي، هذه المرة تحاول اختراق الساحة العراقية وان تكون منطقة أربيل العراق هي البوابة العريضة للدخول الى هذه الساحة. حيث شهدنا مؤخرا عقد اجتماع في أربيل العراق بمشاركة عدد من الشخصيات العشائرية العراقية وعناصر بعثية، وعسكريون موالون لنظام صدام البائد. حيث القى الكثير من هؤلاء كلمات طالبوا من خلالها بتطبيع العلاقات على جميع المستويات وفي كافة المجالات بين العراق والكيان الصهيوني! دون أي خجل وحياء.

وبناء على هذه القضية تطرح عدة أسئلة من ضمنها:

اولاً ما الهدف من عقد هذا المؤتمر؟

ثانیاٌ: لماذا عقد هذا المؤتمر التطبيعي في اقليم كردستان العراق بالتحديد؟

الكل يعلم ان الكيان الصهيوني يريد تحقيق النفوذ في العراق ويعتقد ان المنفذ المناسب لهذا الغرض هو اقليم كردستان العراق ولهذا السبب يحاول كيان الاحتلال الصهيوني الوصول لهذا الهدف من خلال العزف على قضايا تدغدغ مشاعر الشارع الكردي وفي مقدمتها مساندة فئة من اكراد العراق تحلم بالانفصال من الأراضي الام العراقية وتشكيل دويلة كردية في المنطقة!.

حيث سمح مسؤولو منطقة أربيل العراق بعقد اجتماع التطبيع المخزي بالرغم من ان وزارة الداخلية للإقليم صرحت بعد عقد الاجتماع في بيان ادعت خلاله ان الاجتماع عقد دون علم وموافقة ومشاركة المسؤولين في الاقليم ولا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف المسؤولين في الاقليم.

وفي الواقع وبالرغم من أن هذا التصريح الرسمي لوزارة الداخلية لإقليم كردستان العراق يظهر ان عقد اجتماع التطبيع مع الكيان الصهيوني لم يأتي بموافقة رسمية من قبل سلطات منطقة كردستان العراق، الا انه من الواضح جدا ان أي عاقل لا يمكن ان يقتنع بمثل هذا البيان من ان الاجتماع عقد دون موافقة وعلم المسؤولين ذات الصلة في أربيل العراق!. او على الأقل انه عقد من خلال موافقة ضمنية من قبل سلطات كردستان العراق.

الهدف الأساسي لعقد هذا المؤتمر هي محاولة خبيثة للنيل من سيادة العراق وتهيئة الأرضية لتجزئته وفقا لمشاريع تخدم المصالح الصهيونية في المنطقة

حيث ان الهدف الأساسي لعقد هذا المؤتمر هي محاولة خبيثة للنيل من سيادة العراق وتهيئة الأرضية لتجزئته وفقا لمشاريع تخدم المصالح الصهيونية في المنطقة. كما انه يمكن القول ان تل ابيب حاولت من خلال هذا الاجتماع جس نبض وردود أفعال الحكومة العراقية وكذلك الشارع العراقي تجاه التطبيع مع كيان الاحتلال، مما يعتبر هذا تدخلا سافرا في شؤون العراق من قبل الكيان الصهيوني قد يؤدي الى زعزعة الساحة العراقة عشية الانتخابات وزيارة أربعين الامام الحسين(ع) المليونية التي يشهدها العراق هذه الأيام.

ولكن على عكس ما كان يتمنى الكيان الصهيوني فقد رأينا بعد عقد الاجتماع ان الحكومة العراقية اصدرت بيان تدين هذا العمل وترفض جميع الاجتماعات غير القانونية في مسار التطبيع، كما قالت انه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كيفية انعقاد هذا الاجتماع.

وبالإضافة الى هذا الموقف الرسمي العراقي الرافض لأي اشكال من التطبيع مع الكيان الصهيوني، شهدنا مواقف منددة متعدد من قبل الكثير من زعماء التيارات السياسية في العراق، اعربوا من خلالها عن مواقفهم إزاء الشعب الفلسطيني، مؤكدين ان أنّ القضية الفلسطينية تمثل قضية العرب والمسلمين الأولى، كما انهم دعوا الحكومة العراقية الى محاسبة جميع الذين شاركوا في هذا الاجتماع التطبيعي وهددوا انه في حال تقاعست الحكومة العراقية عن القيام بمسؤولياتها فانهم سيدعون الشارع للتدخل فورا.

وفي هذا السياق علق زعيم حركة صادقون قيس الخزعلي إن "ماحدث في أربيل مخالف لكل القيم والمبادئ الوطنية والإنسانية ومخالفة صريحة لقانون العقوبات العراقي وان المقاومة الاسلامية لن تسكت على هذه الخيانة العظمى، وسنلقن العدو الإسرائيلي والمطبعين معه درسا يمنع كل من يفكر بالتطبيع لاحقا.

كما أصدر حزب الدعوة العراقي بيانا قال فيه انه "تابعنا باستنكار شديد انعقاد مؤتمر لمجموعة من الأنفار الأخشال لا يمثلون سوى انفسهم ولا يعبرون عن واقع العراقيين بكل مكوناتهم، ويدعون إلى التطبيع والالتحاق باتفاقيات الخزي والعار مع الكيان الصهيوني، ضمن محور المساومة، الذي مصيره الخيبة والخسران، امام إرادة الشعوب والمقاومة".

كما أشار تحالف الفتح العراقي أيضا خلال بيانا اصدره إنه "يؤكد رفضه القاطع وإدانته الشديدة لمحاولات التطبيع وأعلن عن ثوابت الشعب العراقي في دعم القضية
الفلسطينية ومواجهة الكيان الصهيوني".

اعلن الشارع العراقي بشكل جلي عن موقفه الواضح والسامي في دعم القضية الفلسطينية ومعاداته الأبدية للكيان الصهيوني واي محاولة للاقتراب من هذا الكيان سواء في العراق او العالم العربي والإسلامي

وفي هذا السياق ادان زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عقد مثل هذا الاجتماع موضحا انه "على اربيل منع الاجتماعات الارهابية الصهيونية وعلى المؤمنين انتظار الامر منا للبدء بالتعامل مع هذه النماذج القذرة فالعراق عصي على التطبيع".

ومن هنا يمكن القول ان الشارع العراقي قد اعلن بشكل جلي عن موقفه الواضح والسامي في دعم القضية الفلسطينية ومعاداته الأبدية للكيان الصهيوني واي محاولة للاقتراب من هذا الكيان سواء في العراق او العالم العربي والإسلامي، حيث ان هذه المواقف الرسمية والشعبية العراقية تؤكد انه لا مستقبل للكيان الصهيوني والذين يحاولون التطبيع معه في هذه المنطقة وانهم سيحاسبون من قبل شعوب هذه المنطقة اشد حساب على محاولاتهم الخيانية والاجرامية لتمكين الاحتلال من الاستمرار في احتلال للأراضي المقدسة لشعوب هذه المنطقة في فلسطين ومناطق أخرى.

/انتهى/

سمات