وكالة مهر للأنباء، امتدت المواجهات من باحات الأقصى إلى كافة أنحاء فلسطين، ومن ثم تحولت إلى انتفاضة مسلحة، وبلغت ذروتها باجتياح دبابات الاحتلال الصهيوني المدن الفلسطينية، ومنها رام الله، حيث حاصرت مقر الرئيس ياسر عرفات وقصفت مرافق عام 2002.
** كيف بدأت انتفاضة الأقصى:
بعد أسابيع قليلة، على فشل قمة كامب ديفيد، التي أشرف عليها بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي السابق، في محاولة لإنهاء الصراع الفلسطيني الصهيوني، قرر أرئيل شارون، زعيم المعارضة الإسرائيلية، آنذاك، اقتحام المسجد الأقصى، وهو الحدث الذي فجر الأوضاع، وما تزال تداعياته تؤثر في مجريات الأحداث.
وفي حينه، رفض شارون، الاستماع للتحذيرات الفلسطينية، وأصر على اقتحام ثالث أقدس مكان للمسلمين يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000.
مئات الجنود وعناصر الشرطة انتشروا في المسجد الأقصى، لتأمين الاقتحام الحاصل على ضوء أخضر من قبل الحكومة؛ لكنّ مشاعر المصلين لم تحتمل المشهد، فاستخدموا كل إمكانياتهم لإفشال الاقتحام، وانهالوا بالأحذية على رؤوس المقتحمين عند باب المصلى القِبلي من المسجد، وأُصيب في ذلك اليوم العشرات من الفلسطينيين وجنود الاحتلال.
في اليوم التالي، اشتدت المواجهات داخل المسجد الأقصى، فاستشهد خمسة مصلين، وأُصيب عشرات آخرون بجراح، وفق توثيق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي).
وفي اليوم الثالث، انتقلت المواجهات إلى الضفة الغربية، فاستشهد ستة فلسطينيين في عدة محافظات.
جاء اليوم الرابع من المواجهات، ليصب الزيت على نار الغضب الفلسطيني، إذ وثق صحفي عملية إعدام جنود الاحتلال للطفل محمد الدرة (11 عاما) في شارع صلاح الدين بغزة.
** بدأت المواجهة، مآذن الاقصى تصدح بالتكبيرات والنداءات:
خلال هذه المواجهة، صدحت مآذن الأقصى بالتكبيرات والنداءات وكذلك مآذن البلدات المقدسية عامة. ولم تهدأ المواجهات التي بقيت مشتعلة في كافة أحياء المدينة، لتنطلق من المسجد شرارة الانتفاضة الثانية.
وسرعان ما امتدت المواجهات إلى كافة نقاط التماس في جميع أنحاء فلسطين، ثم تحولت إلى انتفاضة مسلحة، وبلغت ذروتها باجتياح دبابات الاحتلال الإسرائيلي المدن الفلسطينية التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية، ومنها رام الله، حيث حاصرت الآليات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة مقر الرئيس ياسر عرفات وقصفت عدة مرافق فيه عام 2002.
استخدمت طائرات الـ ف16 في قصف منازل فلسطينية ومقرات رسمية.
بعد نحو ثمانية شهور على اندلاع الانتفاضة، وتحديدا في مايو/أيار، بدأت الفصائل الفلسطينية تنفيذ عمليات تفجير داخل المدن الإسرائيلية ردا على عمليات القصف والاغتيالات الإسرائيلية، مستهدفة أماكن التجمع مثل الأسواق والحافلات والمقاهي.
مع استمرار المواجهة واشتدادها، انقلب كيان الاحتلال بدءا من 29 مارس/آذار 2002 على الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، واجتاحت كافة المدن والقرى الخاضعة للسيطرة الفلسطينية في عملية أطلقت عليها "السور الواقي".
وصنفت اتفاقية أوسلو (1995) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية، و "ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و "ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.
فضلا عن عمليات القتل والتدمير، شهدت الاجتياحات حدثين بارزين هما: محاصرة مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمدينة رام الله، وكنيسة المهد بمدينة بيت لحم.
وفي 11 تشرين ثاني/نوفمبر 2004، توفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في مستشفى عسكري في ضواحي باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب الحصار.
وفي ذات العام بدأ كيان الاحتلال في إقامة الجدار العازل بطول نحو 728 كيلومترا، ليلتهم نحو 23% من أراضي الضفة الغربية ويضمها إلى إسرائيل.
** الاقصى باقي :
قتل كيان الاحتلال خلال 5 سنوات من الانتفاضة، التي سميت بانتفاضة الأقصى، 4412 فلسطينياً، وأصيب نحو 49 ألفا، بينما قُتل 1100 اسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجُرح نحو 4500 آخرين.
وعلى الرغم من مرور عقدين على اندلاعها، فلا يزال المسجد الاقصى المحرك الاكبر للفلسطينيين في المواجهة مع كيان الاحتلال، التي كان آخرها التصعيد الذي رافق محاولات المستوطنين اقتحامه خلال شهر رمضان الأخير، الذي دفع المقاومة الفلسطينية إلى توجيه ضربات صاروخية إلى مستوطنات القدس وإلى كيان الاحتلال، التي ردت بقصف استمر 11 يوما خلال مايو/أيار الماضي، على قطاع غزة، وخلّف نحو 300 شهيد ومئات الإصابات.
/انتهى/