وكالة مهر للأنباء - سمیة خمار باقي: سيتوجه نحو 25 مليون ناخب عراقي الأحد إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية مبكرة تشكل نسبة المشاركة فيها "الأمر الأكثر تشويقا" نظرا لاستياء العراقيين بصورة عامة من الحكام والمسؤولين والقادة السياسيين. حيث عاشت البلاد في العقدين الأخيرين على وقع الحروب والفساد، تحدث خلالها المتنافسون على السلطة لغة السلاح والمبارزة، فيما ظلّ مستوى معيشة السكان الذي يتراجع لما لا نهاية. فما هي أبرز رهانات هذه الانتخابات ؟.
انطلقت عملية التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية العراقية صباح الجمعة بمشاركة نحو مليون و75 ألف ناخب من أفراد قوات الجيش والنازحين، وستتواصل العملية الأحد مع توسيعها إلى كافة الناخبين المسجلين، ومن المرجح أن تكون بينهم قوات الحشد الشعبي التي تم استثناءها من التصويت (الجمعة) بسبب عدم استكمال القوائم الخاصة بأسماء أفراد قواته وعدم إرسالها إلى مفوضية الانتخابات العراقية.
وتعتبر هذه الانتخابات المبكرة [الموعد الطبيعي كان في 2022] نتيجة مباشرة لما يسميه العراقيون "ثورة تشرين"، وهي الانتفاضة الشعبية التي تفجرت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد الحكومة والتي شارك فيها عشرات الآلاف احتجاجا على الفساد والتدهور الاقتصادي وتراجع الخدمات العامة.
وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا صحفيا مع البرلماني العراقي السابق "عباس البياتي"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
* کیف تقیمون نسبة المشارکة في الانتخبات العراقیة في ظل بعض الدعایات لخفض نسبة المشارکة ؟
فيما يتعلق بنسبة المشاركة، نعتقد بانها ستكون جيدة وفعالة خاصة وان نسبة التصويت التي بلغت في الاجهزة الامنية قد بلغت 69%، وهذا مؤشر جيد يدل على انه هناك استعداد كبير لدى الشعب العراقي للاقبال على الانتخابات، صحيح ان هناك بعض الترويج من قبل البعض لمحاولة لتخفيض نسبة المشاركة في الانتخابات، ولكن نحن واثقون على ان التحشيد والتعبئة والمهرجانات الانتخابية التي حصلت خلال الاسبوع الاخير، كانت جيدة في اكثر المحافظات.
كذلك هناك مؤشرات اخرى تدل على ان الشعب العراقي بدأ يعرف اهمية هذه الانتخابات، وبدأ يُدرك انها انتخابات مفصلية وستكون تاريخية، ستضع العراق على مُنعطف الطريق، وستقوده الى مستقبل امن ومستقر.
وبالتالي هناك شعور لدى الشعب العراقي ان هذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات السابقة الماضية؛ لان هذه الانتخابات فيها كثير من الشفافية، اضف الى ذلك ان هناك مراقبين دوليين وهناك مفوضية جديدة، وهناك قانون انتخابي جديد، وهناك مراقبة من قبل الجهات الحزبية والسياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني؛ ونحن بمُجمل هذه المعطيات نعتقد بان المشاركة ستكون فعالة مما يُطمئن العراقيين على انهم هم وحدهم عبر الالية الديمقراطية سيقررون مستقبل بلدهم بلا تدخل ولا تاثير من الخارج.
* کیف ترون بیان سماحة الامام آیة الله السیستاني بالنسبة للانتخابات ؟، وهل سیکون لهذا البیان تأثیر على مجری الانتخابات ؟
قال البرلماني العراقي السابق ان بيان الامام السيستاني رسم خارطة الطريق للشعب العراقي للخروج من الازمات السياسية والاقتصادية عبر انتخاب حكومة مُقتدرة لان البرلمان سوف يُسهم في تشكيل حكومة
ان الشعب العراقي كان ينتظر هذا البيان، فهذا البيان ساهم بشكل واضح في بيان اهمية مشاركة العراقيين في الانتخابات وكذلك القى بالمسؤولية على العراقيين انفسهم في تحديد مصير بلدهم، وكذلك حدد البيان المواصفات المحددة من النزاهة والاصلاح، وفحص المرشحين، وعدم الانقياد تحت ادعاءات مغرضة، او وراء المال الحرام، او الانقياد فقط للتشويش على الاجواء.
والبتالي ان بيان سماحة السيد السيستاني قد جاء في وقته، وقد كان ضروريا ومطلوبا، فهذا البيان رسم خارطة الطريق للشعب العراقي للخروج من الازمات السياسية والاقتصادية عبر انتخاب حكومة مُقتدرة لان البرلمان سوف يُسهم في تشكيل حكومة لان النظام في العراق هو نظام نيابي، فان جميع السلطات التنفيذية كرئاسة الجمهورية والحكومة تنبثق من البرلمان، وعليه فان السيد السيستاني قد القى بثقله في هذه الانتخابات من خلال بيانه.
ويُشكر سماحته على هذا البيان الذي قدمه، فهو يتدخل في وقت الشده في سبيل دفع العراقيين الى الاختيار الاصلح والافضل للشعب العراقي وللعراق، فليس للسيد اية مصلحة سياسية، وهو لا يدعم اية قائمة او مرشح وانما هو منحاز الى جانب الشعب العراقي، والى استقراره وامنه وخدماته، وبرى السيد ان كل ذلك يجري في اطار الدستور وفي ظل النظام الحالي، وعلى العراقيين ان يؤكدوا انهم اهل للمسؤولية لقيادة بلدهم.
* یُقال ان بعض الدول العربیة قد صرفت اموالا طائلة في الانتخابات لدعم بعضالتیارات، هل سیشکل هذا التدخل الخارجي تأثیرا علی الانتخابات ؟
لا شكّ ان هناك دول عديده في الجوار العربي ودول كبرى اخرى تحاول ان تؤثر على مجرى الانتخابات سواء باستخدام المال او الاعلام او الدعاية او النفوذ والسياسة او الاختراق، وعلى الشعب العراقي ان يُؤكد من خلال المشاركة الواسعة انه لن يتأثر بهذه الدعايات ولا بهذه الاموال، وان يُميز بين من يريد بان يخدم العراق كوطن وكشعب، وبين من يُمثل اجندات عربية واجنبية وخارجية.
العراقيون اصبحوا فطنون، ويدرون اين هيه مصلحتهم، ومن وقف الى جانبهم، ومن يريد التدخل في شؤونهم والاضرار بمصالهم، وبالتالي الذين يصرفون اموالهم ستذهب عليهم حسرات، لانهم لن يجنوا من العراقيين سوى الصد وعدم الامتثال وعدم الاقبال على هذه الاموال.
وسماحة الامام السيستاني اكد على ان الانتخابات يجب ان تكون بعيدة عن تأثيرات المال الدعايات الكاذبة، وكذلك عن تهديدات السلاح، ومن هنا فان هناك الكثيرون يحاولون التأثير على نتائج الانتخابات، ولكن نؤكد ان هذه النتائج ستكون نتائج مُعبّرة عن واقع وتطلعات الشعب العراقي وتأييدهم للقوى التي ساهمت في حماية النظام السياسي، وساهمت في الدفاع عن العراق وسيادته.
نحن نأمل ان تُفضي هذه الانتخابات الى كتل متماسكة قوية تستطيع ان تتفاهم على بناء معادلة سلطة مستقرة.
* کیف تقیمون قانون الانتخابات الجدید وما مدی تاثیره علی نتائج الانتخابات ؟
هذا القانون الجديد لاول مرة نُجرّبه، وقد سبق للقراقيين ان جرّبوا محافظة بدائرة واحدة، وهذه لاول مرة يتم تجربة الدوائر المتعددة الصغيرة، ولا شك ان هذه التجربة ستخضع للتقييم بعد ظهور نتائج الانتخابات وعلى ضوء ذلك يتم الاقرار في البرلمان القادم اما بتعديل هذا القانون او التعديل عليه او التمسك به.
ومما لا شك فيه ان هذا القانون من صالح الكتل والجهات التي تملك قاعدة شعبية موجهة ومُسيطر عليها. اما القانون السابق كان يخدم الكتل والاحزاب والتيارات بنحوٍ عام، اما هذا القانون ربما يُنتج برلمانا فيه تعددية واسعة وكبيرة سواء من القوى والاحزاب او من الافراد والمستقلين.
ونخشى ان تطول فترة تشكيل الحكومة فالوضع العراقي مُرتبك وحساس ويحتاج الى السرعة في حسم تشكيل الحكومة القادمة. ان هذا القانون تم اعتماده من قبل مجلس النواب بناء على توازن القوى الموجودة التي كانت داخل مجلس النواب، ونحن ننتظر رأي الشعب في هذا القانون من خلال اختياراته. ام ان هذا القانون سيُؤدي الى مزيد من التشتت.
واؤكد لكم ان الحكومة القادمة ورئيس الوزراء القادم سياتي من اوسع قاعدة شعبية شيعية، اي بمعنى ان الكتل التي تُمثل الاحزاب الشيعية الاسلامية هي التي سترشح رئيس الوزراء القادم، وكذلك يتم التفاهم على مرشح بعد ان يتم ترشيحه من القواعد الشعبية مع التفاهم مع باقي المكونات من الاخوة الكرد وكذلك من الاخوة السنة ومن سائر المكونات الاخرى.
هناك توجهات ان رئيس الوزراء القادم ينبغي ان يتصف بصفات مُعينة، حيث تم تداول هذه المواصفات في الاجتماع الاخير للاطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية السبعة التي درست المواصفات المطلوبة، ولكن الذي يهمنا ليس الشخص بحد ذاته بل ان يكون الشخص مدعوما من اوسع قاعدة شيعية كتلوية حزبية جماهيرية، وهذا الامر ليس صعبا وبالتالي الكتل الشيعية تملك الخبرة، وتملك التجربة السياسية.
هناك تفاهمات اولية بين بعض القوى وبين بعض الكتل (تفاهمات وليس تحالفات)، هذه التفاهمات ستترجم الى تحالفات قوية متماسكة، وستحمي الحكومة القادمة، والتي سيكون لديها مهام كثيرة منها حماية سيادة البلاد وتامين الخدمات والدفاع عن حقوق الشعب العراقي وحماية امنه واستقرارة من الارهاب.
نريد حكومة عادلة ومُقتدرة، قوية، تعمل على اعادة الثقة بين الشعب والحكومة، وتقليص المساحات بين الكتل السياسية وبين الشارع العراقي الذي انتفض قبل سنتين على عدد من الاجراءات والسياسات والمواقف، وبات متذمرا من تراجع الخدمات، فنريد حكومة بمستوى تطلعات الشعب العراقي، وبمستوى المرحلة الدقيقة والحرجة التي تمر بها منطقتنا بشكل عام./انتهى/