اكد الكاتب والمحلل السياسي، ناجي امهز، ان ردة فعل السعودية حول تصريح وزير الاعلام اللبناني، جورج قرداحي، "دليل واضح على انها تعاني من ارباك وتخبط كبير ربما قد يؤدي الى تغيرات في الحكومة السعودية نفسها قبل الحكومة اللبنانية".

وكالة مهر للأنباء - القسم العربي: لا تلبث ان تهدأ الصدامات السياسية حتى تعود مرة اخرى، او ما يصح قوله ان الاعداء لا يمكنهم المكوث بلا حراك، يبحثون دائما على فتيلة ليشعلوها، وبعد بحثهم المطول ليجدوا شيئا يحققون من خلاله مآربهم الخبيثة، هاهم الان يسعون جاهدين لاشعال الفتنة عن طريق وسائل الاعلام الخاصة بهم، ليزعزعوا الاستقرار ويثيروا الفتنة والتساؤلات، من خلال إستغلال تصريح وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، الذي جاء خلال برنامج تلفزيوني قبل شهر من توليه منصبه الوزاري في حكومة نجيب ميقاتي حول الحرب العبثية على اليمن، مطالبا بايقافها، فقامت السعودية باثارة ازمة دبلوماسية وسياسية حول هذا التصريح متهمة جورج قرداحي بالاساءة للسعودية.

وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، "هبه اليوسف حوارا صحفيا مع الكاتب والمحلل السياسي "ناجي امهز" الذي أدلى لنا بدلوه فيما يتعلق بالأزمة القائمة.

 وإليكم نص الحوار:

* كيف تقيم الازمة الدبلوماسیة التي اثارتها السعودیه علی اثر تصريحات وزیر الاعلام اللبناني ؟

في الحقيقة لم يفهم بعد اللبنانيين ولا حتى صناع القرار العالمي، سبب الغضب السعودي من تصريح وزير الإعلام اللبناني الأستاذ جورج قرداحي الذي جاء خلال برنامج تلفزيوني قبل شهر من توليه منصبه الوزاري في حكومة نجيب ميقاتي، وخاصة ان ما قاله الوزير قرداحي قبل ان يصبح وزيرا عن الحرب العبثية على اليمن، هي جملة طالما رددها كثيرين من قادة العالم، منهم امين عام الأمم المتحدة غوتيريش الذي طالب مرارا بالعمل على وقف الحرب العبثية على اليمن، وأيضا الرئيس الأمريكي بايدن الذي صرح أكثر من مرة أن الحرب على اليمن التي كانت ترعاها إدارة ترامب هي حرب عبثية.

الجميع يعترف بأن خسائر التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، بلغت حدا فاضحا وفادحا على كافة المقاييس والمستويات، وأنها مسألة وقت حتى يعلن التحالف السعودي الاماراتي هزيمته ومحاولة إيجاد أي مخرج للخروج من اليمن، وبالمقابل إعلان انتصار أنصار الله والجيش واللجان وكافة أحرار اليمنويبدوا ان جميع دول العالم تُقر بهذا الامر كون هذه الحرب ادت الى سقوط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح وغالبيتهم من الاطفال والنساء، وتدمير البنية التحتية للشعب اليمني، وتحديدا بعد فشل السعودية والامارات بتحقيق اي مكاسب عسكرية او سياسية من هذه الحرب رغم دخولها العام السابع، بل الجميع يعترف بأن خسائر التحالف السعودي الاماراتي في اليمن، بلغت حدا فاضحا وفادحا على كافة المقاييس والمستويات، وانها مسألة وقت حتى يعلن التحالف السعودي الاماراتي هزيمته ومحاولة ايجاد اي مخرج للخروج من اليمن، وبالمقابل اعلان انتصار انصار الله والجيش واللجان وكافة احرار اليمن.

واكثر ما رسم علامة استفهام على ما قامت به السعودية، هو هذه الاجراءات الدبلوماسية الغير متوقعة، من اعلان ان السفير اللبناني غير مرغوب فيه ويجب قطع العلاقات الدبلماسية، مما شكل منعطفا جديدا في السياسة الدولية اثار حالة امتعاض عند غالبية الدول التي لمست تصرفا غير مقبول من قبل الدبلوماسية السعودية وهو لا يليق بدولة عضو بالامم، مما استدعى تصريح الولايات المتحدة الامريكية والذي جاء مخالفا لرغبات السعودية، حيث طالبت السعودية بالتواصل مع الحكومة اللبنانية وحل الخلاف، وايضا هناك موقف سلطنة عمان التي طالبت بضبط النفس، مما يعني ان المجتمع الدولي رافض لإجراءات السعودية.

وكل هذا المشهد وما حصل يوحي بأن السعودية غاضبة لدرجة كبرى بسبب فشلها بتحقيق اي مكاسب سياسية ان كان بسوريا او اليمن والعراق او حتى بلبنان، وهي تبحث عن اي ذريعة من اجل افتعال مثل هكذا ازمات، خاصة بعد تراجع السعودية امام قطر التي قامت بوقت سابق بقطع العلاقات معها ومحاصرتها.

وتصرفات السعودية هذه توحي بأنها تعاني من ارباك وتخبط كبير ربما قد يؤدي إلى تغيرات في الحكومة السعودية نفسها قبل الحكومة اللبنانية، لیس خفيا علی احد محاربة السعودیة للاعلامین والصحفیین، بدایه من قتل خاشقجی وغیره من السیاسین والصحفیین الی ممارسه الضغوط علی وزیر الاعلام اللبناني.

* كيف تقییم الاستهدافات الاعلامیة والصحفیة التي تقوم بها السعودیة ضد الاعلاميين والسياسيين المناهضين لسياستها ؟

ليس جديدا على السعودية محاولة محاصرة واستهداف الاعلاميين والمناهضين لادائها السياسي بسبب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، والرضوخ التام للادارة الأمريكية، كما أن العديد من المنظمات الإنسانية غير الحكومية، اصدرت عشرات التقارير حول الانتهاك الصارخ لحقوقة الانسان، الذي تمارسه السعودية بحق، سجناء الرأي وغيرهم، وخاصة بعد ان تسربت عشرات التقارير من الداخل السعودي عن اعتقالات تعسفية وتغييب قسري، وتعنيف معتقلي الراي، ووفاة الكثيرين بظروف غامضة.

اضف الى ذلك ممارسة الضغط بشتى الاساليب، ومنها حجز عائلات من اجل جعل المعارض او المناهض ينهار او يسلم نفسه، وهذا ما اكدته الادارة الامريكية مؤخرا التي اعلنت خشيتها على حياة بعض المعارضين للحكم في المملكة وايضا في العائلة الحاكمة.

لكن الذي حصل مع الوزير قرداحي هو شيء مختلف، فهذا المخطط تم اعداده وتنفيذه من اجل محاسبة المحور الذي ينتمي اليه تحت ذريعة جملة قال انه مقتنع بها، وايضا لزيادة الشقاق بين الشعب اللبناني وبين اركان الحكومة، تمهيدا اما لاسقاط الحكومة والغاء الانتخابات النيابية، او لاستهداف السيادة اللبنانية من خلال استقالة الوزير قرداحي، كونه وبحال حصول الاستقالة فانها ستدخل لبنان منعطفا خطيرا للغاية يهدد السيادة اللبنانية، وهو بتمثل بأن كل دولة قد لا يعجبها الوزير او تصريحه ستطالب باقالته والا تم قطع العلاقات بين البلدين، وهذه سابقة لم تحصل بتاريخ الدول.

* ماذا یتوجب علی الحکومة اللبنانیة ان تعمل لکي تدافع عن سیادتها ؟

اولا ان الحكومة اللبنانية ظهرت انها منقسمة بين اكثر من محور، وهي غير منسجمة في إطار اختيار وزرائها، مما كشف نقاط ضعفها، وفتح المجال امام السعودية واتباعها من الوصول الى هذه المرحلة المتقدمة من تسعير الحساسيات السياسية، على حساب وحدة الحكومة ووحدة الوطن.

اكد المحلل السياسي انه لولا بيان حزب الله الداعم لمواقف وزير الاعلام اللبناني، لكان مشهد الانقسام قد طاح بكافة مقومات الوطن ووحدته

ولولا بيان حزب الله الداعم لمواقف وزير الاعلام اللبناني، لكان مشهد الانقسام قد طاح بكافة مقومات الوطن ووحدته، وربما ادخلنا منعطف الحرب الأهلية.

المطلوب من الحكومة اللبنانية هو التمسك بحرية قرارها والدفاع عن بيانها الوزاري مع الاسراع بتطبيقه، والانطلاق بعملية اقتصادية وان كانت خجولة المهم ان يبدأ لبنان باستعادة عافيته، بانتظار حلول الانتخابات النيابية التي هي المدخل الوحيد للتغيير السلمي في لبنان.

ومن ثم البدء بتنفيذ بنود البنك الدولي، التي ستكون قاسية جدا وخطيرة على الشعب، الا اذا تقرر وقف الفساد واعادة الاموال المنهوبة وهذا الأمر مستبعد جدا.

/انتهى/