السعودية لا تريد حكومة في لبنان بل تريد تشكيل حالة من الفوضى وعدم الاستقرار واستمرار الضغوط الاقتصادية الى ان يصل لبنان الى مرحلة الانهيار.

وكالة مهر للأنباء - سمية خمار باقي: تعاني لبنان خلال الفترات الاخيرة بأزمات كثيرة، وكل يوم الشعب اللبناني ينصدم بتدخلات جديدة من قبل امريكا وفرانسه والكيان الصهيوني وهذه المرة تدخل صارم من قبل السعودية للحكومة والسيادة اللبنانية حيث حصلت ضجة من خلال تصريحات وزير الإعلام اللبناني الحالي جورج قرداحي الذي كان يدافع عن الشعب اليمني حينما قال بان الحرب على اليمن هي حرب عبثية، هذا مجرد رأي ويتوجب على السعودية ان تعيد النظر في تصرفاتها وافعالها حيال انتهاك السيادة اللبنانية.

وفي هذا الصدد اجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا صحفيا مع خبراء بالشأن الاقليمي هم الدكتور "طلال عتريسي"، "طراد حمادة"، و"ناصر قنديل"، واتى نص الحوارات على الشكل التالي:

** ما هو رأيكم في التصعيد السعودي تجاه وزير الاعلام اللبناني وما هي اهداف السعودية من هذه الهجمة الاعلامية والضغط الدبلماسي على الحكومة اللبنانية ؟

قال الباحث في الشؤون الاقلیمیة الدکتور، طلال عتريسي، ان بما قاله الوزير جورج قرداحي من ان الحرب في اليمن هي حرب عبثية، ليست المرة الاولى التي تسمع فيها السعودية مثل هذا الكلام، ففي عام 2017 المسؤولون القطريين قالوا نفس الكلام ان هذه الحرب هي حرب عبثية، عندما اختلفوا مع السعودية وعندما حاصرتهم السعودية، والوزير جنبلاط في احدى مقابلاته ايضا قبل نحو سنتين او ثلاث سنوات قال ان هذه الحرب عبثية؛ اذا ليس هناك جديد في وصف هذه الحرب بأنها بلا نتائج.

التصعيد السعودي استخدم تصريح وزير الاعلام اللبناني ذريعة ومُبرر للانتقام من الوضع في لبنان لان السعودية لديها اهداف مختلفة لم تتحقق

التصعيد السعودي استخدم تصريح وزير الاعلام اللبناني ذريعة ومُبرر للانتقام من الوضع في لبنان لان السعودية لديها اهداف مختلفة لم تتحقق؛ فالسعودية لا تريد تشكيل حكومة في لبنان وهي لم تسمح للرئيس الحريري طوال سنة من تشكيل هذه الحكومة ولم تُعطه الموافقة.

هذه الحكومة الجديدة، حكومة الرئيس ميقاتي تشكلت بدعم من فرنسا بشكل رئيسي ومن ايران ومن قوى اقليمية اخرى لكن السعودية لم تكن موافقة.

حتى ان الرئيس ميقاتي ارسل رسائل غزل وتودد الى السعودية لم يصدر عنها اي موقف يقول بانها تدعم حكومة الرئيس ميقاتي وتدعم الاستقرار في لبنان. اذا السعودية لا تريد حكومة في لبنان بل تريد تشكيل حالة من الفوضى وعدم الاستقرار واستمرار الضغوط الاقتصادية والى ان يصل لبنان الى مرحلة الانهيار.

تشكل الحكومة وفتح الابواب للحصول على الكهرباء عبر مصر والاردن والعراق وسوريا والحصول على النفط جعل السعودية تشعر بان اهدافها في لبنان لم تتحقق، وبالتالي الموقف اليوم من جورج قرداحي هو محاولة لقلب الطاولة على رأس لبنان؛ بمعنى ان يستقيل الوزير وان تستقيل الحكومة ويعود لبنان الى مرحلة الفراغ السابقة.

هذه هي الاهداف السعودية كما نفهمها من هذا التصعيد تجاه تصريح الوزير جورج قرداحي الذي قاله عندما ما لم يكن وزيرا، لذا لايمكن لا منطقيا ولا سياسيا ولا دبلماسيا ان يحاسب هذا الشخص على ما قاله قبل ان يستلم المسؤولية السياسية.

لبنان واجه ازمات مختلفة بسبب الوضع الاقليمي المتحول وغير المستقر خصوصا في سوريا ولبنان يتأثر كثيرا بسوريا، وكان هناك محاولات لتفجير الاوضاع الداخلية ولتحويل اولويات حزب الله الى الداخل اللبناني والى الاشتباك داخليا في اكثر من منطقة واخرها في مجزرة الطيونة.

لكن هذا الامر لم ينجح وبالتالي هذا افشل المخططات الامريكية والاسرائيلية والسعودية التي تريد الفوضى في لبنان وتريد الفراغ السياسي ولا تريد تشكيل حكومة، وتريد اشعال حرب طائفية في لبنان وادخال حزب الله فيها، وهي تعرف ما هو موقف حزب الله من الحرب السعودية على اليمن.

قال المحلل السياسي ان ردة فعل السعودية على تصريحات الوزير قرداحي هي مغامرة من جانب السعودية قد تؤدي الى صفعة كبيرة للسياسة السعودية اذا لم يستقل الوزير قرداحي واذا لم تستقل الحكومة

وبالتالي ما حصل في موضوع تصريحات الوزير قرداحي هي مغامرة من جانب السعودية لان هذه المغامرة قد تؤدي الى صفعة كبيرة للسياسة السعودية اذا لم يستقل الوزير قرداحي واذا لم تستقل الحكومة.

لغاية الان هناك طلب امريكي فرنسي لعدم استقالة الحكومة، هذا يعني ان السعودية خسرت في هذه العملية التي قامت بها في لبنان، هي تريد ان تُثبت للبنان انها هي المتحكمة وهي التي تفرض وتفتح الابواب وهي التي تقفل الابواب وهي التي تؤثر على دول الخليج الفارسي، لكن في نفس الوقت وهو ما يدركه الامريكيون والفرنسيون ان اقفال هذه الابواب العربية في وجه لبنان سوف يعني حكما فتح الابواب الاخرى ( سوريا والعراق وايران ).

لهذا السبب الولايات المتحدة وفرنسا لا يريدان اسقاط الحكومة ولا يريدان العودة الى الفراغ، اذا المشروع السعودي يبدو لغاية الان انه مشروع سياسة انفعالية وانتقامية، ولا ننسى ان السعودية تعيش ازمة اليوم في وضعها الاقليمي، هي تعتمد كليا على الولايات المتحدة.

والولايات المتحدة تريد ان تخرج من المنطقة، وهي راهنت كثيرا على الانتصار في حرب اليمن، اليوم السعودية تخسر حرب اليمن ومحافظة مأرب باتت على ابواب تحريرها، وهي عادت مُرغمة الى الحوار مع ايران وعادت الى الحوار مع قطر، وهي لا تعرف ما هو المستقبل في المنطقة اذا انسحبت الولايات المتحدة من المنطقة، والتي حكما ستنسحب من العراق ولاحقا من سوريا.

اذا هذا الفعل الانتقامي من لبنان وكأنه محاولة لتعويض عن هذا الارتباك وعن هذه الخسائر، وعلى الارجح كما ذكرت اذا لم تستقل الحكومة ولم يستقل الوزير قرداحي هذا يعني خسارة جديدة وصفعة كبيرة للسياسة السعودية في لبنان وفي المنطقة.

** ما هو رأيكم في التصعيد السعودي تجاه وزير الاعلام اللبناني وما هي اهداف السعودية من هذه الهجمة الاعلامية والضغط الدبلماسي على الحكومة اللبنانية ؟

قال الكاتب والوزير السابق اللبناني الدكتور، طراد حمادة، ان وزير الاعلام جورج قرداحي اعلامي وطني من الصف الاول وبرامجه كانت ذائعة الصيت في البلدان العربية وكان مدافعا عن المقاومة ومحور المقاومة بالكلمة الحقة والموقف الشجاع.

قبل تعينه في حكومة ميقاتي كوزير للاعلام تحدث في مقابلة خاصة عن الحرب السعودية على اليمن واعتبر ان هذه الحرب عدوان صارخ على اليمن وانها حرب عبثية لا تسطيع السعودية وحلفها ان يكسبوا منها عبر الهزيمة والعار واقال انه لا يشجع على العسكرة وشن الحروب.

استفاقت السعودية ومعها دول مجلس التعاون لهذه المقابلة وقادت حرب دبلوماسية واقتصادية وصلت الى حدود القطيعة والحصار على لبنان.

ورغم ايضاح الموقف من قبل الحكومة اللبنانية ومن معالي الوزير قرداحي استمر التصعيد السعودي و دول الخليج الفارسي ضد لبنان وكانه نوع من فرض الهيمنة والنيل من سيادة وحرية هذا البلد المعروف بمقاومته كل اشكال الهيمنة والتبعية.

توجد تدخلات عديدة للوصول الى حل لكن المرجح ان السعودية كشفت عن سياستها العدائية نحو لبنان. وبشكل خاص العداء لحرية الراى ولحزب الله والمقاومة الاسلامية وحلفاءها.

حتى الان لم يستقل الوزير جورج قرداحي وموقفه صامد وقوي وقد حقق نصرا على العدوان السعودي لصالح اليمن العزيز وقضيته العادلة.

المشكلة قد تؤثر على مسار حكومة ميقاتي خاصة وانه لا بديل عنها في الوقت المتبقي للانتخابات وان وضع البلاد صعب اقتصاديا وماليا وامنيا والسعودية تريد ان تدفع لبنان الى مزيد من الازمات والى حصاره وتجويع شعبه والنيل منه.

لكن المحصلة ان لبنان ربح مع اليمن معركة المواجهة الدبلوماسية للدفاع عن الحق وضد الحروب العدوانية والعبثية والحصار الاقتصادي ومصادرة الحريات وحق ابداء الراى والاعلام الحر.

صار قرداحي رمزا عربيا واقليميا ودوليا. لكشف عدوان حرب السعودية على اليمن

والامر يتعلق بالضغوط على حزب الله في مسالة دعمه لليمن وعلى اليمن في معركة مارب التي وصلت الى مرحلة الانتصار اليمني القريب.

يتحرر مارب وسوف يخرج الوزير قرداحي واحدا من ابطال الدفاع عن الحق في وجه العدوانية والاستبداد.

** ما هو رأيكم في التصعيد السعودي تجاه وزير الاعلام اللبناني وما هي اهداف السعودية من هذه الهجمة الاعلامية والضغط الدبلماسي على الحكومة اللبنانية ؟

قال المحلل والباحث السياسي اللبناني الدكتور، ناصر قنديل، ان القرار السعودي بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع لبنان، والسعي لتعميمه خليجياً، رداً على تصريح سابق لوزير الإعلام جورج قرداحي، هو كمن يطلق طائرة حربية بزعم ملاحقة عصفور يزعجه، لا يفسر إطلاقها حجم الهدف المدعى، فالقرار وما سبقه من حملة غضب مفرط يثيران تساؤلات أبعد مدى بكثير من الحدث ورد الفعل عليه، لو سلمنا باعتباره أزعج حكام السعودية، وأبعد مدى حتى من محاولة تحطيم الشخصية الوطنية وروح الكرامة فيها وإذلالها وصولاً لتطويعها، بداعي التمنين بالحاجة للمال.

وفي توقيت تبدو السعودية مثقلة بهمها اليمني الآخذ في التسارع نحو الخسارة الكبرى، ويبدو لبنان في ظل حكومة تعاني صعوبة التعافي، فكلما تعافى فيها جرح تفتحت جروح، والمنطقة ولبنان على أبواب استحقاقات كثيرة، تتيح تفسير حال الاضطراب التي تعيشها قوى إقليمية ومحلية، ما يدفعها مواقف وخطوات تصعيدية تحتمل الكثير من المخاطرة والمغامرة وصولاً للمقامرة، كما كانت حال ما فعله التورط في مجزرة الطيونة، أملاً بتداعيات أكبر منها تجعلها في النسيان.

أن الرضا السعودي لن يتحقق بالتضحية بالوزير قرداحي، على رغم لاأخلاقية ولا وطنية هذه التضحية، كما ثبت للقيادة السعودية أن هذه التضحية لن تؤدي الهدف المنشود

وثبت للمعنيين بالشأن الحكومي أن الرضا السعودي لن يتحقق بالتضحية بالوزير قرداحي، على رغم لاأخلاقية ولا وطنية هذه التضحية، كما ثبت للقيادة السعودية أن هذه التضحية لن تؤدي الهدف المنشود الأبعد مدى من إذلال اللبنانيين، في ظل أوضاع تتدحرج نحو هزيمة سعودية مدوية في اليمن.

قرر صاحب الحرب تحميل مسؤوليتها للبنان واللبنانيين، على خلفية أن أنصار الله حليف لحزب الله، وأن عدم خروج اللبنانيين بالسلاح بوجه حزب الله، يجعلهم يستحقون العقاب الجماعي، الذي كان تحت عنوان مشابه يوم أنزل بالرئيس سعد الحريري، بزعم تحميله مسؤولية تنامي قدرة حزب الله لأنه لم يجند تياره وطائفته للدخول في مواجهة مسلحة مع حزب الله.

وذهب لربط نزاع سياسي معه تحت سقف حفظ السلم الأهلي، كانت ترجمته في التسوية الرئاسية التي أعادته إلى رئاسة الحكومة وجاءت بالعماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، ليظهر أن هدف السعودية كان بقاء الفراغ، فالفراغ الرئاسي والفراغ الحكومي هو الهدف.

/انتهى/