وكالة مهر للأنباء_ عبادة عزت أمين: كتب الباحث القانوني والمُتخصّص بالقانون الدولي "محمد يوسف" كتاباً تحت عنوان (الاستيطان "الإسرائيلي" في الأراضي المُحتلة من وجهة نظر القانون الدولي)، وضّحَ خلال صفحات الكتاب ال227، الجوانب المُختلفة لقضية الاستيطان من الناحية القانونية، و قدّمها بشكل أكاديمي، وحلل جميع جوانبها القانونية بالإضافة لخلفياتها السياسية والأمنية والعسكرية والتاريخية وجذور هذه المعضلة وإلى أين وصلت في يومنا هذا، بشكلٍ جديدة وطريقة مُنظمة لم تُطرَح من قبل بهذا الشكل.
والجدير بالذكر أن الكاتب استعان بمصادر عديدة ليُلِم بالجوانب المختلفة للقضية، منها مصادر عربية وفارسية وإنجليزية.
ولأهمية هذه المسألة، أجرت وكالة مهِر للأنباء حواراً صحفياً مع الباحث القانوني صاحب الكتاب "محمد يوسف" والذي أعطانا لمحة شاملة عن الكتاب وأفادنا بالأسباب التي دفعته إلى كتابته.
هاكم نص المقابلة:
1_ بداية أستاذنا الكريم وقبل البدء بصفحات الكتاب، نريد أن تُطلعنا على سبب كتابتكم له، هل لكونكم درستم الحقوق ومن ثم القانون الدولي، أم أن أسباباً أخرى دفعتكم لذلك، على سبيل المثال كونك فلسطيني؟
نعم، دراستي في هذا المجال وأيضاً كوني فلسطينياً هذه أسباب دفعتني إلى كتابة هذا الكتاب ولكن السبب الرئيسي يرجع إلى أن المحتوى القانوني المُرتَبِط بالقضية الفلسطينية للأسف وأقولها بكل "حرقة" أن المحتوى الفلسطيني والعربي بشكل عام في موضوع القانون الدولي ضعيف جداً، فعندما نبحث في هذا المجال تظهر لنا المقالات الغربية؛ وذلك لأن اللغة الانجليزية لغة العلم، فنحن نعاني من نقص وضعف كبير جداً في المكتبة القانونية الحقوقية، ولكن في الخمس سنوات أو العشر سنوات الأخيرة هناك جهد كبير في هذا الجانب، اليوم هنالك مؤسسات كبيرة تعمل على تغطية هذه الثغرات وتَكتُب عن جميع الجوانب المرتبطة بالقضية الفلسطينية وخاصة باللغة الإنجليزية، كمؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومؤسسة القانون من أجل فلسطين.
فالذي دفعني إلى ذلك، هو أنه، إلى زمن كتابة كتابي لم أرى كتاباً واحد يتحدث عن الجوانب المختلفة لهذا الموضوع وتمكّن من تحليل كافة الجوانب القانونية للاستيطان، نعم توجد بعض المقالات تتكلم عن الاستيطان "الإسرائيلي" من وجهة نظر القانون الدولي ولكن لم أجد كتاب شاملاً في هذا الصدد، لذلك عمدتُ إلى كتابة الكتاب وخاصة أن موضوع الاستيطان هو ورقة رابحة للجانب الفلسطيني، لأن القانون الدولي يعتبر الأراضي التي احتلتها "اسرائيل" بعد حرب 1967 بأنها أراض مُحتلّة، ويعتبر "اسرائيل" قوة احتلال فيها ويعتبر الاستيطان أعمال غير مشروعة مُخالفة للقانون الدولي، فلماذا لا نستفيد من هذه الورقة الموجودة لدينا؟.
اليوم القانون الدولي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعترفون بأن هذه الأراضِي مُحتلّة، وبناء المستوطنات على هذه الأراضي المحتلة يشكل انتهاك للمادة 49 لاتفاقية "جنيف" التي تحظرعلى القوة المحتلة نقل سكانها إلى الأراضي التي احتلتها أو أن تقوم بطرد سكّان هذه الأراضي المحتلة، وأيضاً اتفاقية "لاهاي" لعام 1907اعتبرت هذا الموضوع بمثابة "جريمة حرب".
بالمحصّلة يجب العمل على هذه المواضيع بشكل أكبر، وتقديم روايتنا نحن كفلسطينيين وتدعيمها بالحج القانونية الموجودة في الأساس لدحض رواية الاحتلال.
2_ ما جديدكم في هذا الكتاب، ما الذي يميّز ه عن غيره من الكُتُب التي انتشرت في هذا المجال؟
لقد أفردت لهذا السؤال _ما الجديد في هذا الكتاب_ فقرة في بدايته، ولكن بشكل مختصر فإن هذا الكتاب قدم قضية الاستيطان وحلل جميع جوانبها القانونية بالإضافة لخلفياتها السياسية والأمنية والعسكرية والتاريخية وجذور هذه المعضلة وإلى أين وصلت في يومنا هذا بطريقة جديدة وطريقة مُنظمة لم تُطرَح من قبل بهذا الشكل.
النقطة الأخرى هي أن عنوان الكتاب هو "الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المُحتلّة" فلماذا استخدمت كلمة الأراضي المحتلة بدلاً من الأراضي الفلسطينية، ذلك لأن الأراضي المحتلة تشمل الأراضي المحتلة الفلسطينية والأراضي المحتلة السورية، وهنا أقصد "مرتفعات الجولان"، فقد تكلمت في الكتاب أيضاً عن الاستيطان "الاسرائيلي" في الجولان المحتل، فاليوم يوجد حوالي 300 ألف مستوطن في الجولان السوري المُحتَل، فهذا الأمر كان جديد أيضاً.
وأيضاً تكلّمت عن موضوع المسؤولية الدولية التي تترتب على عملية الاستيطان، وهذا أيضاً موضوع لم يُطرَح من قبل، حيث أن طرح المسؤولية الدولية الذي صدر عن لجنة القانون الدولي_وهو إلى الآن لايزال مسودة_ يُرتب على الدولة التي تنتهك القانون الدولي مسؤولية دولية، وأقصد هنا "دولة إسرائيل"؛ بالطبع نحن لانعترف بها كدولة ونعتبرها كيان احتلال لكن لغة القانون تجبرنا على استخدام هذه المُصطلحات.
3_ يدّعي المُحتل الصهيوني، أنه نظام ديمقراطي ويسعى أن يظهر أما العالم بأنه يحترم الحقوق والقوانين، بعد دراستكم للقانون الدولي هل فعلاً هذا الكيان ديمقراطياً كما يدّي أم أنه عكس ذلك؟
نعم "إسرائيل" دائماً ما تُقدِّم نفسها على أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهذا الكلام فارغ وأكبر ما يدحض هذا الادعاء هو التقرير الأخير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" والذي كان سابقة من نوعه حيث أن المنظمة أصدرت تقرير كبير يعتبر "إسرائيل" "دولة" فصل عنصري، فهذه الدولة لا تحترم القوانين ولا المُعاهدات الدولية، إنما تُفسِّر هذه الاتفاقيات والمُعاهدات والقوانين بما يخدم أهواؤها ،ولقد أشرت في كتابي إلى أمثلة عن هذا الأمر، لذلك هي ليست كيان ديمقراطي هي "دولة" احتلال ودولة فصل عنصري، تقتل الفلسطينيين وتُهجرهم من بيوتهم وتنتهك حقوقهم بل وتنتهك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وآخرها قرار مجلس الأمن بخصوص الاستيطان رقم 2334 الذي صدر في آخر ولاية الرئيس الأمريكي باراك اوباما والذي اعتبر الاستيطان مُخالف للقانون الدولي وأنه يجب هدم المستوطنات والسماح للفلسطينيين بالعودة لأراضيهم، ولكن اسرائيل تضرب عرض الحائط بهذه القوانين.
4_ بالغوص في طيَات كتابكم، نُريد أن تُطلِعونا بشكل كلي على تاريخ الاستيطات في الأراضي المُحتلة والغاية منه
لقد أسهبت في الفصل الأول من الكتاب تحت عنوان(عمليات الاستيطان "الإسرائيلي"، تاريخه، أهدافه والادعاءات "الإسرائيلية" المختلفة للتبرير)، في هذا الموضوع، وشرحت فيه تاريخ الاستيطان والوضع الحالي له وأيضاً الهدف منه، ولكن بشكل مختصر فإن سياسة الاستيطان بدأت فعليا بالتزامن مع تنفيذ سياسات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ففي عام 1878 ميلادي قامت مجموعة من يهود القدس وبعد حصولهم على دعم مالي خارجي من إقامة مستوطنة بتاح تكفا( 5)، ومنذ تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 إلى يومنا هذا استمرت العملية الاستيطانية في الأراضي المحتلة بمنحنى تصاعدي حتى وصلت إلى الحال الذي هي عليه اليوم.
/انتهى/