يصاىف اليوم 3 ديسمبرذكرى وفاة الشاعر الايراني الذي كان يتمتع براعة ذهنية خارقة جعلته يلم بالكثير من علوم عصره وينبغ فيها، مثل الرياضيات والفلك والطب والفلسفة والمنطق والطبيعيات فضلا عن الفلسفة والأدب والعلوم الإلهية.. وهو صاحب رباعيات الخيام المشهورة.

وكالة مهر للأنباء، انه ولد أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام عام 1047 ميلادية في نيسابور عاصمة خراسان ولم يكشف العالم عبقريته الشعرية في رباعياته إلا بعد 700 سنة من وفاته في نيسابور عام 1123 ميلادية.

لقب بالخيام لأنه كان في بداية حياته يصنع الخيام قبل أن تتغير حياته حينما صار صديقه الحميم نظام الملك وزيرا للسلطان السلجوقي ألب أرسلان ثم لحفيده ملك شاه؛ إذ خصص له راتبا سنويا كبيرا من خزينة نيسابور ضمن له العيش في راحة ورفاهية توجه بعدها إلى البحث والتفكير في أمور وأسرار الحياة وكتابة الشعر.

وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخارى وبلخ وأصفهان إلى أن استقر به المقام في بغداد.

للخيام مؤلفات كثيرة منها كتاب “الجبر والمقابلة” باللغة العربية وقد ترجمه العالم فرانز وبكه إلى الفرنسية ونشره سنة 1851 في باريس، كما ترجمه إلى الإنجليزية داود قصير سنة 1931.

ومن كتبه “شرح ما أشكل من مصادرات كتاب إقليدس”، و”الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما” وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية وله كتاب “رسالة في الموسيقى”.

وقد تمكن الخيام من حل معادلات الدرجة الثانية، واخترع طريقة حساب المثلثات والمعادلات الجبرية من الدرجة الثالثة، كما برع أيضا في الفلك إذ يعتبر تقويمه الذي أعد أدق من التقويم الجريجوري.

أفكار الخيام في رباعياته

يعتبر الخيام في رباعياته فيلسوفا له رؤيته حول الحياة والممات، والزمان والمادة عنده كلاهما حادثان والحدث متغير وفان، أما الآخرة والمعاد فغيب وكلاهما عنده من المجردات التي يعجز الإنسان عن إدراكها بعقله.

وتثبت بالدراسات أن الشاعر كان معتقدا في البعث والنشور على خلاف الرأي القائل بجحود الخيام ونكرانه.

لقد عد الخيام في رباعياته ماهية البعث والنشور أمرا واقعا، ورغم وجود من يقول ببعث الروح فقط، ومن يقول ببعث الروح والجسد معا فإنه كان مؤمنا إيمانا كاملا بأن الله وحده هو الأول والآخر، وأن الإنسان ضعيف لا يملك إلا الدعاء، وطلب المغفرة متجاوزا بذلك المعرفة المقيدة بالظواهر المادية الكونية والتوسع في إقامة الحجة التي تقوم على حكمة الحق ومشيئة الله.

فلسفة الخيام

هرب الخيام من دائرة الفلسفة والخلوة إلى دائرة الشعر، وقد استطاع أن يعبر عن آلام البشر دون تكلف، إذ تعتبر رباعيته مسرحا لعرض مأساة الإنسان مما يجعلها مدرسة في الشعر الفارسي ينسج على منوالها.

وقد نظر الدارسون إلى الرباعيات الفارسية على أنها مدرسة تجعل من الخيام نظام معرفة وفكر عميق على مدار التاريخ لا مجرد إنسان معتاد بعدما أضنى أرواح الفلاسفة وأذهان المتعلقين بدوامة من الأسئلة الصعبة المتعلقة بأسرار الكون.

الخيام العربي

إن الوجه العربي للخيام يكاد يكون مشرقا جدا، فعروبة ثقافته كانت واضحة إذ إنه يعد من أصحاب اللسانين بإتقانه اللغة العربية التي تعلم بها وعلم وحاور عددا من علماء عصره وناظرهم، وأجاب عن أسئلتهم واستفساراتهم وكتب بها جل مؤلفاته العلمية والفلسفية، وترجم منها خطبة التوحيد لابن سيناء إلى الفارسية، ونظم بها الشعر وإن كان قليلا.

وشعر الخيام العربي وما أثر عنه من رسائل ومقدمات وما تناقلته مصادر التراث العربي من روايات وأخبار عن علمه وأخلاقه الحميدة وتدينه وإبائه وشكواه من مثالب عصره جميعها تمثل عمر الخيام الأقرب إلى الحقيقة والواقع لا الخيام المشوه بالأعداد الكثيرة من الرباعيات التي لا يعرف حتى الآن عددها الصحيح ولا الثابت النسبة إليه منها، تلك الرباعيات التي اعتمدها كثيرون في الحكم عليه عقيدة وسلوكا وفكرا.

وترجم رباعيات الخيام عدد من المشاهير في الأدب العربي الحديث، منهم محمد السباعي وعباس العقاد؛ إلا أن أشهر ترجمة هي للشاعر أحمد رامي ولحنها رياض السنباطي، وغنتها أم كلثوم.

ويرى أكاديميون أن أحمد رامي ليس مترجما للرباعيات وفقط، ولكنه استلهم أفكارا من فلسفة الخيام ونظمها.

وصاغ رامي كتاباته على شكل مقاطع صغيرة يتكون كل منها أربعة شطور على قافية واحدة ماعدا الثالثة منها، في قالب جديد للقصيدة العربية أقرب للزجل منه إلى الشعر العمودي.

أثر الخيام في الأدب العالمي:

ألهمت الرباعيات بجمالها عددا كبيرا من الشعراء والكتاب خاصة العرب بعد أن ترجمت إلى العربية حوالي 15 مرة وتأثر بها شعراء من أجيال النهضة وبالذات شاعرا المهجر الكبيرين إيليا أبو ماضي، ونسيب عريضة اللذان استلهما مضمون الخيامية وما تحمله من شك وحيرة وقلق.

كما تأثر بالخيام الشاعر الإنجليزي فيتز جيرالد الذي ترجم أعماله ليطلع الأوربيون والأمريكيون والهنود على نبوغه وإن كانت الصورة التي قدمت عن الخيام صورة ماجنة حسب الدارسين، وبالإضافة إلى ذلك نجد الشاعر البنغالي الشهير القاضي نذر الإسلام أكبر المتأثرين الدارسين لفكر الخيام وإليه تعود أهم موضوعات الخيام التي كتبت بالنبغالية، كما انتشرت أغاني هذا الشاعر بصورة مدونة في القرن العشرين في طاجيكستان وترجمت إلى غالب لغات الاتحاد السوفياتي سابقا.

/انتهى/