وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: بعد فشل العدوان السعودي على اليمن، وعدم تحقيقة لأهدافه السياسية والعسكرية، وفشله أيضاً في ثني عزيمة الشعب اليمني، فلم يجد العدوان السعودي امامه الا استهداف المدنيين لكسر ارادة الشعب اليمني الذي واجه هذا العدوان بعزيمة جبارة وبخطوات ثابتة، فقد حققت المقاومة اليمنية انجازات جديدة في ساحة الميادين، وما تعرض له تحالف العدوان من هزائم وانتكاسات رغم العدة والعتاد وحالة الشلل والتخبط التي أصابت أدواته من المرتزقة نتيجة أفعالهم والجرائم التي اقترفتها أياديهم الآثمة في التكسب بالدماء والأرواح والمتاجرة بالسيادة والكرامة، اصبحوا في موقف لا يُحسد عليه.
وعلى ما يبدو أن اليمنيين اصبحوا اقرب من اي وقت مضى قريبين من الانتهاء من معركة "مأرب" وتحرير المحافظة بشكل كامل، ويتخذون الخطوات الأخيرة للسيطرة الكاملة على المدينة، مما جعل الولايات المتحدة تدعو إلى إنهاء فوري لحرب "مأرب" لمساعدة التحالف السعودي لخروجة من هذا الموقف.
واما بالنسبة الى الصمت الدولي تجاه الجرائم التي اُرتكبت بحق الشعب اليمني وما تقوم به السعودية وحلفائها وعلى رأسهم أمريكا، أكد الشعب اليمني أنه لا يريد من العالم تعاطفاً ولا دموعاً يذرفونها، فمن صمت عندما قتل وتدمير الشعوب المظلومة لن يتحدث عن مظلومية الشعب اليمني.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع السياسي والإعلامي اليمني "خليل العُمري"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** ما هي مُبررات هذا التوتر والجنون السعودي في التصعيد الوحشي واللاأخلاقي في قصف المنشآت المدنية وخصوصاً مطار صنعاء الدولي من قبل العدوان السعودي في هذه المرحلة ؟
بالتأكيد ليس هناك أي مبرر لهذه الغارات المجنونة على مناطق مدنية صرفة، يعلم المواطنون جميعاً أنها لا تُمثل أي مطار عسكري أو أمني حتى، اذاً ما الذي تريده السعودية من هذه الغارات ؟ تريد السعودية امور كثيرة:
أولاً: تريد السعودية أن تثير الكثير من الضجيج لتغطي هزائمها في محافظة مأرب وفي محافظة الجوف، خصوصاً أن الجيش اليمني واللجان الشعبية يقتربون من تحرير مدينة مأرب، كما أن الجيش واللجان قد سيطروا على منطقة اليتمة في محافظة الجوف، وهي آخر منطقة يمنية مأهولة على الحدود مع السعودية.
ثانياً: تريد السعودية أن ترسخ قواعد اشتباك جديدة تكون هي صاحبة اليد العيا، بمعنى أنها تريد أن تفرض على القوات المساحة قواعد اشتباك تحجمها الى درجة كبيرة جدا، هذه القواعد تتمثل بأنه يحق للسعودية أن تُحدد ما هو الهدف العسكري وغير العسكري، يحق لها أن تضرب أي منطقة تشكل أو تصنفها كنقطة تهديد تنطلق منها الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، يحق لها أن تضرب أي تحرك أو مبنى أو منشأة يمنية من أجل ترسيخ منهج مستقبلي، هذا المنهج يمثل عقاباً للقيادة اليمنية اذا واصلت التقدم عسكريا في مأرب أو في غيرها.
ثالثاً: السعودية تريد بهذه الغارات عقاب القيادة اليمنية على تقدم الجيش واللجان الشعبية في محافظتي مأرب والجوف، وتريد أن توصل رسالة سياسية وعسكرية مفادها أن أي تقدم عسكري جديد ستدفع اليمن ثمنه غالياً من بناها التحتية ومن منشآتها.
فالتقدم مستمر، وعمليات الجيش واللجان ايضاً متصاعدة ولا بد أن يكون هناك رد على هذه الهستيريا، وربما قد يكون الرد موجع جدا.
** لماذا يجاهر السعودي اليوم بالإعلان عن استهداف المدنيين ويطالبهم بإخلاء منازلهم والمناطق المقصوفة ؟ هل يريد ان يُرهب المدنيين للضغط على القيادة السياسية بعد فشله في المواجهة في الميدان ؟
السعودية تهدف من قصف المدنيين والمنشآت المدنية الى ان تُشكيل ضغط على القيادة السياسية في صنعاء وإجبارها على التوقف عن الزحف في محافظتي مأرب والجوف، هي تريد أيضا أن تثير السخط لدى الشعب اليمني وتوجيه هذا السخط نحو انصارالله عن طريق الكثير من الأكاذيب والضخ الاعلامي بأن انصارالله يخبأون الأسلحة في هذا الحي أو في ذاك، وبالتالي هي نتيجة حتمية من منظورهم في فشلهم العسكري خاصة في محافظتي مارب والجوف.
طبعاً شعبنا اليمني يتمتع بوعي عالي جدا، ويعرف الغايات السعوديه من هذا كله، وقد جربت كل أساليبها خلال السبع سنوات من الحرب وفشلت كلها، الجبهة الداخلية والسياسية محصنة وقوية، وشعبنا اليمني يدرك مخططات العدوان ولن ينساق الى أي من آمال ومخططات العدو السعودي.
** البعض حاول أن يربط بين التصعيد السعودي بعمليات قصف صنعاء ومطارها، وبين الجولة الثامنة من المفاوضات النووية في فيينا، وذلك بأمر عمليات اميركي لمنع انهيار جبهة اليمن وسيطرة انصار الله التامة على مأرب. فأين تقف اميركا من هذا التصعيد وما حاجتها اليه؟
في الحقيقة على أرض الواقع ليس هناك أي ترابط بين التصعيد السعودي والمفاوضات التي تجري في فيينا حول الملف النووي الايراني، هم يحاولون أن يربطوا أي تقدم عسكري يمني نحو مناطق المرتزقة وإلحاق الهزائم بالعدو السعودي، ويحاولون ربط ذلك كله بأنه أوامر إيرانية لإستخدامها كورقة ضغط في المفاوضات، ليس هناك أي ربط بين المفاوضات وبين مجهود القوى المسلحة اليمنية لتحرير الارض اليمنية.
القوات المسلحة عليها واجب وطني ودستوري وديني وأخلاقي لتحرير كل شبر من الأراضي اليمنية وهذا ما تقوم به بالفعل، ولا علاقة له أبداً بأي تحولات أو تغييرات أو تطورات اقليمية.
اما اميركا فهي راعية هذا العدوان، ومن دونها ما كانت أن تحدث حرباً بين السعودية واليمن، هذا العدوان اعلن من واشنطن، ويحظى بغطاء سياسي أميركي وبدعم عسكري ولوجستي وأمني ومخابراتي، فالولايات المتحدة والغرب عموماً هو الذي يقف خلف السعودية ويترك لها الحبل على الغارب لتفعل ما تشاء ويحميها من أي محاكمات أو مُساءلات دولية، أو ان تُعرض لسيف العدالة الذي غاب عن المجتمع الدولي منذ زمن بعيد، العالم يُحركه المصالح، والاطماع وليس المبادىء وقوانين الحق والعدل.
** لا بد من الوقوف عند الخبر المحزن لنا وللشعب اليمني الوفي، بوفاة واستشهاد السفير الإيراني في صنعاء والذي لعب دوراً كبيراً وأساسياً في دعم الشعب اليمني وثورته ومقاومته للعدوان، الموت حق ولكن من واجبنا أن ننصف هذا الرجل الإستثنائي في مواجهة العدوان. كيف سيتذكر شعب اليمن الوفي هذا السفير رحمه الله تعالى ؟
الشعب اليمني يتذكر الشهيد حسن ايرلو سفير الجمهورية الاسلامية في اليمن بالكثير من الإحترام والإجلال والتقدير والإعجاب بشجاعته، وبفدائيته، وبإستعداده لأن يتعرض ما تعرض له اليمنيون منذ سبع سنوات، هذا الرجل اختار أن يأتي ويعيش بيننا وهو يعلم بأننا محاصرون، يعلم أننا نُقصف كل يوم، يعلم أن الدخول والخروج الى البلد صعب جداً، لكنه مع ذلك غامر وجاء ليُمثّل ايران بكل عنفوانها وبكل قيمها وبكل استعداد فجاء إلينا وعاش معنا واستشهد بهذا الوباء العالمي رحمه الله وسيظل اسمه محفورا في الذاكرة اليمنية الى ابد الابدين.
** اصرار السعودية على تدمير البنية التحتية المدنية في اليمن هل يمكن ان يجر ذلك الى رد عسكري متناسب من انصارالله والجيش اليمني باستهداف منشآت مدنية سعودية ؟ هل يمكن أن تشهد الحرب معادلات جديدة يفرضها الجانب اليمني على الرؤوس الحامية في الرياض ؟
كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية تكفل الحق للشعب اليمني في الدفاع عن النفس، ولا يمكن للشعب اليمني أن يتنازل عن حقه في الدفاع عن نفسه، لأن التنازل عن هذا الحق يعني التنازل عن الحياة ذاتها.
الشعب اليمني معني بمواجهة هذا العدوان، هو يواجهه، نحن لدينا أكثر من أربعين جبهة برية، ونواجههم أيضا بتوجيه الضربات الى عمق العدو السعودي، نحن لا يمكن ان نستهدف المدنيين كرد على استهدافهم للمدنيين، ولا يمكن ان نستهدف منشآت مدنية، ولكن من حقنا ان نستهدف المنشات والمشاريع الحيوية التي تديم قوة العدو السعودي في الاستمرار بحربه، وفي عدوانه على اليمن، مثلا هناك منشات او قطاعات مزدوجة تستخدم في القطاعين العسكري والمدني مثال الكهرباء القواعد الجوية تحتاج اليها من دون الطاقة لا يمكنها ان تقوم بعملها وبعدوانها.
فغرف العمليات تحتاج الى كهرباء، كل شيء يحتاج الى طاقة فمن حق اليمن استهداف هذه المنشات الحيوية التي تمكن العدو السعودي من ادامة عدوانه، وذلك للحد من قدرته على مواصلة العدوان، وثانياً من باب التعامل بالمثل لأن العدو السعودي لم يترك في اليمن لا كهرباء ولا مياه ولا خدمات ولا اسواق ولا مدارس ولا جامعات ولا حتى قاعات للاتراح والافراح الا وقصفها بطائراته.
بالقريب العاجل نعم ستحدث تطورات اكثر مما هو حاصل الان ولعل الشعب اليمني في جعبته الكثير، ونحن نلاحظ ان العدوان يلفظ انفاسه الاخيرة في شمال اليمن، والدور القادم للجنوب اليمني بتحريره من الغزاة ومن المرتزقة.(())
** لماذا يشعر النظام السعودي بأنه أكبر الخاسرين من هذا العدوان الوحشي على الشعب اليمني ؟ واذا كانت الرياض فشلت في تسويق عميلها عبد ربه منصور هادي في عدن ومناطق الجنوب، فهل لا زالت تحلم بفرضه على عموم اليمن وهو بهذه الحالة من الضعف وتهميش الدور ؟
بالفعل النظام السعودي هو أكبر الخاسرين في عدوانه على اليمن لعدة اسباب:
أولاً من خلال تعنّته واصراره في الإستمرار بالعدوان هو يخسر كل يوم وكل اسبوع وكل شهر بؤرة من بؤر التي كانت تتعاون معه داخل اليمن، بمعنى انه كلما استمرت الحرب كلما زاد من طحن ادواته بداخل اليمن، فلم يعد له في المحافظات خاصة في شمال الشمال أي عنصر سواء من شيوخ القبائل سواء من المجاميع التي كان يرعاها ويسلحها ويمولها، هذه كلها"انطحنت" ومصيرها القتل وإما التشرد وإما الخضوع في بعض المناطق التي لا يمكن ان يشكلوا فيها اي خطر على النظام اليمني؛ مثلا، بيت الاحمر او شيوخ القبائل في قبيلة بكيل الذين كانوا يوالون العدو السعودي، او في قبيلة حاشد وغيرهم هؤلاء كلهم تم ترحيلهم من اليمن او قتلهم، او كانوا وقودا للمعارك بسبب اصرار السعودية على مواصلة العدوان.
لو ان السعودية رضيت بالخضوع للسلم والسلام في منتصف العدوان لاستبقت بنفسها الكثير من الادوات التي يمكن ان تزاول عبرها في المستقبل دوراً يضمن لها النفوذ داخل اليمن، بمعنى أنها الأن هي تخسر كل ادواتها، وإصرارها على مواصلة العدوان يعني انها ستخسر كل شيء وستكون الخاسر الاكبر؛ لانه اساسا اذا توقف اطلاق النار يعني الدخول في تسوية سياسية، والتسوية السياسية تعني ان يعود الجميع الى اليمن ويتشاركون المواطنة والسلطة، وبالتالي كان هذا سيضمن لها عودة عملائها من جديد الى اليمن، وتستمر في ممارسة بعض النفوذ داخل اليمن عبر هؤلاء العملاء، فهي بالفعل الخاسر الاكبر.
** في الأسبوع الماضي استمعنا الى خطاب للسيد عبد الملك الحوثي، كان اشبه بمحاضرة فكرية تربوية في يوم الشهيد عالج فيها الجانب السياسي والميداني، وتحدث عن الفرق بين السلام والإستسلام، وإعاد التذكير بالشروط اليمنية للمفاوضات. فما تفسيرك لهذا الجمود على الجانب السياسي وحركة الوساطة لتحريك ملف التفاوض ؟
الجمود هذا سببه شيء واحد فقط وهو التعنّت السعودي، وإصرار السعودية على فرض تسوية تنتقص من السيادة اليمنية ولا تضمن حق الشعب اليمني في الحرية والاستقلال ورفض الهيمنة، فالسعودية تريد ان تكون السلطة القادمة بعد انتهاء الحرب موالية لها، وهذا اصبح من الماضي ولا يمكن ان يحدث مطلقا، فالشعب اليمني قدم عشرات الآلاف من الشهداء في سبيل ان ينال عزته وحريته واستقلاله، ولن يقبل بأي تسوية تنتقص ولو شيئا يسيرا من سيادته الكاملة وحريته.
وكما ان على السعودية ان تعلم بأن الماضي انتهى، تلك الهيمنة والوصاية التي كانت تمارسها على السمن انتهت الى غير رجعة، تدخلاتها في تعيين المسؤولين واختيارها للاشخاص الذين يشغلون المناصب المهمة هذا اصبح من الماضي.
اليمن قادم على مرحلة جديدة يمارس بنفسه سيادته على ارضه، وعلى السعودية ان تقبل بهذا الوضع الجديد والذي ستقبل به مرغمة ان شاء الله بفضل سواعد اليمنيين وتكاتف جميع احرار العالم معهم ومع مظلوميتهم.
/انتهى/