وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: حققت استراتيجية التفاوض الإيرانية الجديدة في فيينا تقدماً جاداً في الجولة الثامنة من المفاوضات. وتم قبول المطلبين الأكثر أهمية لايران بما في ذلك التحقق والضمان كأساس من قبل جميع البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، والمفاوضات جارية حاليا حول كيفية تنفيذ هذه القضية.
وصعد الاحتِلال في الأيّام الماضية من تهديداته بتوجيه ضربة عسكريّة لإيران خوفا من أن تُؤدي مباحثات فيينا إلى اتفاق برفع العقوبات، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكيّة إلى تحذيرها من الإقدام على أي عمليات عسكرية، اضف الى ذلك ان هُناك أزمة في العلاقات الأمريكيّة الإسرائيليّة، والتي عارضت فيها امريكا المطالب الإسرائيليّة بالانسِحاب من مُفاوضات فيينا، وجرّ الولايات المتحدة إلى أي حرب مع إيران.
واكدت الجمهورية الاسلامية ان أي عُدوان إسرائيلي على إيران سيُواجَه بِرَدٍّ مُزلزل، فالقيادة الإيرانيّة لا تخشى الولايات المتحدة الدولة العُظمى، ولا نزال نذكر ان ايران أسقطت إحدى طائراتها المُسيّرة الأقوى في أُسطولها عندما تجرّأت على اختِراق أجوائها فوق مضيق هرمز، ولهذا لن تُعير التهديدات الإسرائيليّة أيّ اهتمام، ولعلّ تحذير الجِنرال إسماعيل قاآني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري من أن الولايات المتحدة "ستتهشّم أسنانها إذا أقدمت على أيّ خطوة ضدّ طِهران مهما كانت بسيطة" أحدث تحذير".
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الخبير في الشؤون العبرية الأستاذ "علي حيدر"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** الاحتلال يرفع الجاهزية ويشتري أسلحة بالمليارات ويطلب من جيشه الاستعداد وطهران تهدد بـ"الرد المزلزل"، هل اقتربت ساعة الحرب بين إيران و"إسرائيل" أم ان ارتفاع نبرة التهديدات "الايرانية - الاسرائيلية" يشي بقرب التوصل الى اتفاق نووي مع ايران وبالتالي اللعب على وتر الربع الساعة الاخيرة للحصول على أكبر مكاسب ممكنة خلال فترة المفاوضات ؟
الواقع أن التوصيف حول رفع جاهزية جيش العدو وشراء الاسلحة والاستعداد، دقيق جدا. فالواقع أن كيان العدو باشر ورشة كاملة في بناء وتطوير قدرات عسكرية بناء على فرضية نشوب مواجهة عسكرية مع ايران بغض النظر عن توقيت ذلك، لكن الاهم أنه يحرص على تظهير ذلك بتفاصيله في وسائل الاعلام، وهو أمر لا تخفى رسائله السياسية والردعية والنفسية.
اما بخصوص ما إن كانت هذه الورشة هي مؤشر على اقتراب ساعة الحرب؛ فالجواب المباشر ليس بالضرورة ذلك، اذ أن هناك قناعة راسخة - بنسبة أو بأخرى - لدى مؤسسات التقدير والقرار أن الجهوزية الجدية للجيش، وتطوير قدرات حقيقية ترى فيها طهران تهديدا جدياً، قد يغني عن التورط في الحرب (على الاقل هذا ما يفترضونه).
ومع ذلك، فإن قرار العدو محاولة الارتقاء بقدراته بهدف أن يصبح مؤثراً في خيارات الجمهورية الاسلامية، والتأثير على مجرى المفاوضات، وما بعدها، بعدما ثبت أن كل الصراخ السابق لم يحقق النتائج المرجوة، ليس قراراً اقتضته التطورات الاخيرة فقط، وإن كانت عامل محرك ومُسرِّع في هذا الاتجاه، بل ينبع ايضا من تقدير يهيمن على المؤسسات "الاسرائيلية" وهو أن كل السيناريوهات الممكنة، بغض النظر عما ستؤول اليه المفاوضات، تتطلب هذا الخيار (الجهوزية والاستعداد).
بتعبير آخر ينطلق هذا القرار من تقدير بأن "اسرائيل" والمنطقة دخلت في مرحلة جديدة لا رجعة عنها، (سواء تم التوصل الى اتفاق أم لا...) والعنوان العام لهذه المرحلة تصاعد مستوى التهديدات المحدقة بالامن القومي "الاسرائيلي".
امتدادا لما تقدم، يمكن القول أن تسارع وتيرة الجهوزية وارتفاع نبرة التهديدات يشي باقتراب الحراك الاقليمي بكامل عناوينه ومساراته نحو محطة مفصلية حاسمة سواء تمثّلت بالتوصل الى اتفاق ما، أو بفشل المفاوضات. ففي كلا الحالتين "اسرائيل" معنية، كما أشرنا، بأن تبدو في موقع القوة الفعلية، وفي أقل التقديرات تأمل في هذا المسار أن تؤثر في بلورة بنود أي اتفاق إن تم ذلك، وإذا لم يتم أن تكون جاهزة للمرحلة التي تلي عدم الاتفاق".
** اذا كان خيار الحرب غير مطروح حالياً ما تفسيركم لنشر تقارير داخل الكيان "الاسرائيلي" تؤكد فعلياً بأن الحرب قد اقتربت كثيراً وأن ساعة إطلاق الصاروخ الاول فقط تنتظر القرار النهائي لإعلان الحرب بالاضافة الى المناورات التي أجراها الاحتلال مؤخراً في المنطقة ؟
ان "اسرائيل" تواجه مأزقاً حقيقياً، فهي تدرك أن تأثير تهديداتها على ايران محدودة جداً، وأنها تبدو كمن يحاول أن يهدد بمسدس فارغ في هذه المرحلة على الاقل. وفي الوقت نفسه، فإن مسار التطورات متسارع الى حد أن التقديرات السائدة في كيان العدو بأن الحديث يدور عن اسابيع تفصل عن محطة حاسمة، وعلى الأكثر بضعة أشهر.
يفرض هذا الواقع على القيادة "الاسرائيلية" أن تكون على جهوزية في مواجهة أكثر من اتجاه، ومن مقتضيات هذا الوضع الشديد التعقيد والمشبَّع بالمخاطر على اسرائيل، أن تبدو كمن هو مستعد للمغامرة بخيارات انتحارية، وأبلغ من عبَّر عن هذا المأزق، رئيس الوزراء "الاسرائيلي" السابق ايهود باراك، عندما كشف عن أن بناء خيار عسكري حقيقي يحتاج الى سنوات في حين أن المسافة التي تفصل ايران عن دولة عتبة نووية (بالمفهوم الضيق للكلمة) أسابيع أو أشهر.
أمام هذا الواقع المُعقد، فمن الطبيعي أن نشهد تقديرات ومواقف متضاربة؛ وهي الحالة التي تصيب أي طرف يشعر أن خياراته ضيقة ومحدودة، ولذلك تحاول - فاشلة - أن تلعب دور ما يُطلق عليه في اسرائيل "جُنَّ رب البيت"، أي بمعنى رغم كل القيود والمخاطر فهي قد تبادر الى خيارات عملياتية من موقع اللاخيار، وبمعزل عن النتائج والتداعيات وعلى أمل أن الولايات المتحدة لن تتخلى عنها في حال تورطت، وبذلك تكون نجحت في توريط الولايات المتحدة.
ومع ذلك، رغم كل هذا الضجيج الذي يقتضيه هذا التكتيك فإن الخيبة هي التي تسود كيان العدو انطلاقا من أن الوفد النووي الايراني لا ولم يقدم أي تنازلات لا في القضايا النووية ولا غير النووية. في المقابل، ما ينبغي أن نستحضره على الدوام، أن التزام الصمت في "اسرائيل" ليس خياراً، وأن تبدو اسرائيل كمن لا حول لها ولا قوة، ليس خياراً، وأن امتناعها عن العمل على رفع الجهوزية واطلاق التهديدات غير وارد في الحسبان.
** ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل متشائمة جداً من نتائج المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى في فيينا، هل هذا ما يفسر التهديد والوعيد "الاسرائيلي" لإيران وبالتالي الهدف هو التشويش والضغط على المفاوضات، ام فعلا الاحتلال يستعد جدياً لتوجيه ضربة استباقية للمنشآت النووية الإيرانية حال فشل المفاوضات النووية ؟
الواقع أن كيان العدو متخوف جداً من نتائج المفاوضات فهو يرى ويقدر بأن كل سيناريوهاتها خطرة على 'اسرائيل"، على تفاوت فيما بينها. ففي حال تم الاتفاق على العودة الى اتفاق العام 2015، مع رفع العقوبات – وهو مستبعد – فإن ذلك سيكرس ايران دولة نووية ويزيل عنها أهم اداة ضغط عنها وهو العقوبات؛ الامر الذي سيكون له انعكاساته السياسية والامنية والاقتصادية والعسكرية وعلى حلفاء محور المقاومة ايضا.
في حال فشلت المفاوضات يعني ذلك أن ايران ستواصل تطوير برنامجها النووي بدون أي قيود ويعني ذلك اقتراب ايران أكثر فأكثر من دولة عتبة نووية بالمفهوم الضيق للكلمة (لأنها الان دولة عتبة بالمفهوم الواسع)، وتقدر "اسرائيل" أن الولايات المتحدة لن تتورط في مواجهة عسكرية كبرى ضد ايران، كما تأمل "اسرائيل"في حال فشلت المفاوضات يعني ذلك أن ايران ستواصل تطوير برنامجها النووي بدون أي قيود ويعني ذلك اقتراب ايران أكثر فأكثر من دولة عتبة نووية بالمفهوم الضيق للكلمة (لأنها الان دولة عتبة بالمفهوم الواسع). وتقدر "اسرائيل" أن الولايات المتحدة لن تتورط في مواجهة عسكرية كبرى ضد ايران، كما تأمل "اسرائيل". وإن تم التوصل الى اتفاق مؤقت، يتم بموجبه تموضع ايران نوويا حيث هي الان، مع ضمان بأن تواصل تقدمها ورفع جزئي للعقوبات. تخشى "اسرائيل" أن يتكرس هذا الواقع النووي وايضا سيؤدي الى احداث فجوة في الحصار الاقتصادي عليها ايضا.
في مواجهة هذه السيناريوهات تجد "اسرائيل" نفسها مضطرة الى بناء وتطوير قدرات عسكرية ورصد الموازنات الكبرى لذلك (صادقت خلال الاسابيع الماضية على اضافة 9 مليار شيكل لهذه الغاية)، وتواكب ذلك برفع مستوى التهديد من أجل تحقيق أكثر من هدف. وتحاول أن تلعب دور الشرطي والعصا الغليظة كجزء من الضغوط على ايران نتيجة انكفاء الولايات المتحدة عن هذا الخيار على أمل أن تساهم بذلك في رفع منسوب المخاوف لدى القيادة الايرانية من تهور اسرائيل وبالتالي التأثير في قراراتهم على طاولة المفاوضات. ايضا تهدف الى رفع مستوى الجهوزية في حال حصور تدهور اقليمي مفاجئ لسبب من الاسباب.
وتحاول ايضاً أن تبني خياراً عسكرياً بديلا في حال فشل المفاوضات، اما في حال امكانية أن تلجأ الى هذا الخيار عملياً في حال فشل المفاوضات، يمكن تسجيل الملاحظات التالية: "من المتعذر جداً على "اسرائيل" أن تبادر الى خيار عسكري مباشر ضد المنشآت النووية بمعزل عن دعم وغطاء الولايات المتحدة، إلا في حال مرحلة اللاخيار التي تصبح فيها المواجهة العسكري أمراً مفروضاً عليها، وهو سيناريو لا تتوفر مقوماته في المرحلة الحالية".
اما في حال كان هناك قرار اميركي في هذا الاتجاه، نعم يمكن أن نعتبر أن هذا الخيار يصبح ممكناً، لكنه في هذه الحالة خيار وقرار أميركي بأداة اسرائيلية، وهو خيار لا يبدو أنه قائم الان. مع ذلك، ينبغي التأكيد على أن "اسرائيل" معنية وملزمة ببناء وتطوير قدراتها بما يسمح لها، ولو نظرياً، باستهداف المنشآت النووية الايرانية أو بعضها على الاقل. ولا يعني الاعداد بالضرورة أن ذلك سيتم تنفيذه، فقرار ذلك مرتبط بالعديد من العوامل "الاسرائيلية" والاقليمية والدولية (الاميركية).
في كل الاحوال، إن حالة الغموض التي يشهدها المستقبل المنظور، وضيق الخيارات البديلة والسيناريوهات الخطيرة، وتعاظم قدرات محور المقاومة، كل ذلك يجعل خيار اعداد وتطوير قدرات عسكرية واجراء المناورات المتواصلة ورفع مستوى التهديد والوعيد أمراً مفهوماً، بل وبمعايير معينة مطلوباً وملحاً.
** الجمهورية الاسلامية لا زالت متمسكة بموقفها وشروطها في المفاوضات النوويه في فيينا، وبالتزامن أجرت القوات المسلحة الإيرانية مناورات "الرسول الأعظم" التي قالت من خلالها انها كانت تحذيراً جاداً ومباشراً "للإسرائيليين" وحملت رسائل في أكثر من اتجاه، كيف قرأها الاحتلال ؟
لا شك أن مناورات "الرسول الاعظم" كانت مدوية في رسائلها ودلالاتها، وهو أمر لا يحتاج الى استدلال أو تبيين. ونتيجة ذلك حضرت بقوة في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في كيان العدو، وحضر ايضا في هذه الوسائل بشكل صريح ومباشر ما أرادت أن تقوله ايران للجهات المختصة في "اسرائيل"، وكانت المناورات مناسبة للحديث عن مستوى التطور الايراني في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة.
شكلت مناورات الرسول الاعظم (ص) زخماً وتعزيزاً للاقرار الرسمي بمستوى التطور الايراني في أكثر من مجال، وأكدت لصناع القرار في كيان العدو أن "اسرائيل" باتت تواجه وضعاً خطيرا لم يسبق أن واجهته
في المقابل، لم تتناول الجهات الرسمية حتى الان، حدث المناورات وهو أمر مفهوم، ولم يتم اظهار أي ردود فعل علنية ذات قيمة. مع ذلك، فقد شكلت المناورات تزخيما وتعزيزاً للاقرار الرسمي بمستوى التطور الايراني في أكثر من مجال، وأكدت لصناع القرار في كيان العدو أن "اسرائيل" باتت تواجه وضعاً خطيرا لم يسبق أن واجهته، كما ورد منذ أيام على لسان رئيس الوزراء نفتالي بينت. وأن ايران تتمتع بقدرات دفاع جوي متطورة، كما سبق أن ورد على لسان رئيس أركان الجيش افيف كوخافي. وايضا بخطر تطور الطائرات المسيرة كما ورد على لسان وزير الامن بني غانتس والعديد من الدراسات والابحاث "الاسرائيلية" وهكذا.
لذلك ليس من الصعوبة استخراج وتقدير مفاعيل هذه المناورات لدى المؤسستين العسكرية والسياسية، فهم سبق أن اشبعوا الساحتين السياسية والاعلامية بالحديث عن تعاظم المخاطر الصاروخية والمسيرات على "اسرائيل" حتى أن بينت سبق أن أعلن أمام الامم المتحدة في ايلول الماضي بأن ايران تخطط وتسعى لتغطية سماء "اسرائيل" بالطائرات المسيرة !.
بناء على ما تقدم، القدر المتيقن الذي لا شبهة فيه، أن رسائل هذه المناورات، حضرت لدى جهات التقدير والقرار في كيان العدو، إن لجهة كونها تعبير وكشف عن الارادة السياسية بالرد الرادع والفتاك في مقابل أي اعتداء عسكري "اسرائيلي" على الاراضي الايرانية. وعن مستوى تطور القدرات الصاروخية والمسيرات من حيث المدى والدقة والقدرات التدميرية. وأن كل رسائل التهديد التي تم توجيهها الى ايران مباشرة وغير مباشرة لم تؤدي الى أي نتائج ردعية. ولذلك، المؤكد أن رسائل هذه المناورات على مستوى شجاعة القرار وتوفر الارادة السياسية والقدرات النوعية والمتطورة ستكون حاضرة ومؤثرة على طاولة القرار لدى دراسة أي خيارات عدوانية عملياتية.
** ما تداعيات اي ضربة "اسرائيليه" لإيران على الكيان من الناحية العسكرية ؟ وماذا عن دور محور المقاومة في أي مواجهة مقبلة واستعدادات الجبهة الداخلية للإحتلال لهذه المواجهة ؟
إن مقاربة أي ضربة عسكرية اسرائيلية مفترضة، ينبغي أن تتناول عنصري الجدوى والكلفة فهما العنوانين الاكثر حضوراً لدى الجهات المختصة السياسية والامنية في كيان العدو لدى دراسة أي خيارات عسكرية أو أمنية. وبالنسبة للجدوى، يمكن تحديد ثلاثة سقوف محتملة لأي ضربة عسكرية، تستهدف البرنامج النووي الايراني؛ الاول، فرملة تقدم البرنامج النووي الايراني وايقافه حيث هو. والثاني، ارجاعه سنوات الى الوراء، والثالث، انهاء البرنامج النووي.
بالنسبة للأخير، أصبح أمراً مسلماً به أن "اسرائيل" أو غيرها، لا تملك القدرة على ذلك، والسبب أن البرنامج النووي وطني الانتاج والتطور، ونتيجة توطين العلم النووي في ايران لم يعد هناك من وسيلة تسلب الجمهورية الاسلامية القدرة على بناء وتطوير قدرات نووية، ويعني ذلك ضمناً أن البرنامج النووي مرتبط بنظام الجمهورية الاسلامية فما دام قائماً لا يوجد قوة قادرة على سلبه ارادة وقدرة انتاج وتطوير البرنامج النووي.
أصبح أمراً مسلماً به أن "اسرائيل" أو غيرها، لا تملك القدرة على انهاء البرنامج النووي الايراني، والسبب أن البرنامج النووي وطني الانتاج والتطور، ونتيجة توطين العلم النووي في ايران لم يعد هناك من وسيلة تسلب الجمهورية الاسلامية القدرة على بناء وتطوير قدرات نووية، اضف الى ذلك ان ايران يمكنها أن ترد عبر دفع البرنامج النووي نحو المزيد من القفزات النوعية الى الامام، كما حصل في أعقاب تفجير نطنز
السقف الثاني، وهو تأخير البرنامج النووي وهو الأكثر تداولا وحضوراً في السجالات "الاسرائيلية" البينية، ومع الولايات المتحدة. وسابقاً، وتحديدا قبل نحو عقد كان هناك نوع من التساجل بين واشنطن وتل ابيب في هذا الخصوص، بين مقولة أنه يمكن تأخير البرنامج خمس سنوات في أحسن سيناريو متفائل اسرائيليا، وآخر يقول أنه يمكن تأجيله سنتين وهو المدعوم أميركيا، أما بعد التطور الذي شهده البرنامج فقد تغيرت بالتأكيد والتقديرات في هذا الاتجاه.
لكن المشكلة بالنسبة "لاسرائيل" سواء في مواجهة خيار يؤدي الى محاولة فرملته أو تأخيره، أن تأثير أي خيار عملياتي أصبح محدوداً أكثر من أي وقت مضى بالاستناد الى القدرات "الاسرائيلية"، والاخطر من ذلك، أن ايران يمكن أن ترد عبر دفع البرنامج النووي نحو المزيد من القفزات النوعية الى الامام، كما حصل في أعقاب تفجير نطنز الذي تحول الى سابقة تحضر لدى واشنطن وتل ابيب لدى دراسة أي خيار عملياتي.
الثمن الاخر الحاضر بقوة في كيان العدو وايضا لدى رعاتها، أنه في ضوء تطور قدرات الجمهورية الاسلامية وحلفائها، فإن هناك قناعة راسخة في تل ابيب، بأن السماء ستمطر صواريخ على كيان العدو وسيتم استهداف كافة منشآته الاستراتيجية وهو أمر يظهر جلياً من خلال المناورات التي يجريها الجيش للجبهة الداخلية حيث يظهر بشكل صريح أن كل "اسرائيل" ستكون تحت النار من شمالها الى جنوبها، وما بين البحر والنهر.
انطلاقا من هذه محدودية جدوى أي خيار عسكري مباشر، وكلفته الكبيرة في أكثر من اتجاه، تجد "اسرائيل" نفسها مدفوعة الى مزيد من التنسيق السياسي والاستراتيجية والعملياتي مع الولايات المتحدة. وضمن هذا السياق، نلحظ أن هناك شخصيات بارزة في كيان العدو تجاهر بالقول أن على "اسرائيل" ألا تبادر الى خيار عسكري ضد ايران إلا في حالة اللاخيار، وفقط عندما تجد نفسها فقط أمام خيارين، اما القنبلة النووية (التي لا تريد انتاجها) أو القصف الذي يؤدي الى حرب.
وفي حال كانت جزء من قرار أميركي بالمواجهة مع ايران، وعدا ذلك ينبغي أن تتجاهل أي خيارات عسكرية مباشرة، وأبلغ من عبَّر عن محدودية القدرات "الاسرائيلية" بعدما استلم الملف النووي الايراني لمدة نحو سبع سنوات (خلال ولاية ارييل شارون، وايهود اولمرت وبداية ولاية نتنياهو) رئيس الموساد السابق مئير دغان الذي أوصى القيادة "الاسرائيلية" قبل وبعد أن تقاعد من منصبه، بالقول أن على "اسرائيل" أن تتجنب خوض أي حرب ضد ايران إلا في حال بدأ السكين الايراني يحز في الرقبة "الاسرائيلية"./انتهى/