يوافق 20 من جمادى الآخرة الذكرى العطرة لولادة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وعيد الأم ویوم المرأة في ايران، وبهذه المناسبة يحتفل الشعب الإيراني تقديراً للمرأة ودورها البناء في المجتمع.

وكالة مهر للأنباء، انه لقد لحظ الدين الإسلاميّ في تشريعاته المرأة وأعطاها حقوقها كافّة، وحفظها وحماها من كلّ الظلم الذي تعرّضت له عبر التاريخ، فهي المولودة المحترمة والمدلّلة، وهي الفتاة والشابّة العفيفة التي تتلقّى التربية التي تحميها من أيدي الفاسدين، وهي الزوجة ذات الحقوق والواجبات، وهي الأمّ المكرّمة. وبالخلاصة يمكن القول إنّ التشريع الإسلاميّ قد حفظ الحقوق المعنوية والمادية للمرأة، وساواها في الحقوق مع الرجل حيث لا تتعارض مع عفّتها وواجباتها الأخرى.

وإنّ إعداد المرأة وتربيتها تربية أصيلة وواعية تنسجم مع دورها الإنسانيّ والرساليّ الكبير، يتطلّب أوّلاً دراسة النصوص التشريعية والعامّة الخاصّة بالمرأة وتحليلها وبناء الرؤية الفكرية الإسلامية الأصيلة في نظرة الإسلام إلى المرأة على أساسها، ثمّ توضع القوانين والبرامج التي تنظّم الحقوق والواجبات وترتقي بالمرأة في الساحات والميادين المنسجمة مع دورها ووظيفتها.

وينظر الإسلام إلى المرأة من زاوية الكرامة، وأنّ جميع الخصائص الإنسانية مشتركةٌ بين المرأة والرجل، فالإنسان قبل أن يتّصف بالأنوثة والذكورة فإنّه متّصفٌ بالإنسانية، وفي الإنسانية لا وجود للمرأة والرجل، فالجميع سواسية. هذه هي نظرة الإسلام. لقد جعل الله سبحانه خصائص جسمانية في كلّ من الجنسين، بحيث يكون لكلّ منهما دورٌ في استمرار الخلقة وفي تكامل الإنسان ورقيّه وفي حركة التاريخ. وإنّ دور المرأة أهم، فإنّ أهمّ أعمال الإنسان هو استمرار النسل البشريّ، يعني الإنجاب، وإنّ دور المرأة في هذا المجال، لا يمكن مقارنته بدور الرجل، ومن هذه الناحية كانت أهمية المنزل، وأهمية الأسرة.

البعد الاجتماعيّ للمرأة:

(حيث يُنظر إلى دور المرأة) في مجال النشاطات الاجتماعيّة والسياسية والعلمية والاقتصادية، فباب هذه النشاطات مشرع أمام المرأة بالكامل. ولو شاء أحد حرمان المرأة من مزاولة النشاط العلميّ والسعي الاقتصاديّ والسياسيّ والاجتماعيّ، فإنّما يتكلّم خلافاً لحكم اللّه. فلا مانع من مزاولة هذه الأعمال بالقدر الذي تبيحه القدرة الجسدية، وتستدعيه الحاجات والضرورات. والشرع المقدّس لا يمانع في بذل الجهود الاقتصادية والاجتماعيّة والسياسية قدر المستطاع. ولمّا كانت المرأة بطبيعة الحال أرقّ جسدياً من الرجل، لذلك فإنّ لهذه الحالة ضروراتها، وفرض العمل الثقيل على المرأة ظلم لها. إنّ الإسلام لا يوصي بهذا، ولكنه في الوقت نفسه لا يمنع ممارسة النشاط العلميّ والجهد الاقتصاديّ والسياسيّ والاجتماعيّ.

طبعاً هناك رواية منقولة عن نبيّ الإسلام الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قال فيها: "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة". أي أنّ المرأة زهرة وليست قهرمانة، القهرمان يعني الكادح والخادم المجدّ. والخطاب في هذه الرواية موجّه للرجال، أي أنّ المرأة في داركم لطيفة كالزهرة ويجب معاملتها بمنتهى الرقّة، وهي ليست خادمة لكم فتتوهّمون وجوب فرض الأعمال الثقيلة عليها، وهذا أمر مهمّ.

إنّ تصوّر أنّ المرأة في البيت موجود من الدرجة الثانية، وهو مكلَّفٌ بخدمة الآخرين، هو تصوّر رائج بين الكثير منّا - بعضهم يقول علنًا، وبعضهم يستحي ولا يقوله ولكنّه يضمره في قلبه - هذا التصوّر هو تمامًا في النقطة المقابلة والمخالفة لما بيّنه الإسلام.

وما يشترطه بعضهم ـ حين يريد الزواج ـ في أنّ المرأة يجب أن تعمل ولا بدّ أن يكون لها عمل ودخل، خطأ طبعاً. إنّ هذا الشرط وإن كان لا يتعارض مع الشريعة، إلاّ أنّ الإسلام لا يوصي به أيضاً. فالذي نطرحه ـ استناداً إلى رأي الإسلام ـ بمنع المرأة من ممارسة النشاط الاقتصاديّ والاجتماعيّ، خطأ، فالإسلام لا يقول بمثل هذا. ولكن من الجهة الأخرى، فإنّ إرغام المرأة على مزاولة أعمال ثقيلة وتكاليف شاقّة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، لم يوصِ به الإسلام أيضاً.

ورأي الإسلام رأي وسط، أي أنّ المرأة إذا كان لديها الفراغ والوقت، ولا تمنعها تربية الأطفال، وكانت لديها الرغبة والاندفاع والقوّة والقدرة، وأرادت الدخول في مجال النشاطات الاجتماعيّة والسياسية أو الاقتصادية، فلا مانع من ذلك. ولكن أن تُرغم ويقال لها: يجب أن تتّخذي لك عملاً، وتعملي بهذا القدر يومياً ليكون لك دخل وتشاركي بقسم من دخل الأسرة ونفقاتها، فهذا أيضاً ممّا لم يطلبه الإسلام من المرأة، وهذا يعدّ نوعاً من الفرض عليها.

لقد فتحت المرأة الإيرانيّة المسلمة تاريخاً جديداً أمام أعين النساء في العالم، وأثبتت أنّه يمكن للمرأة أن تكون امرأة وعفيفة ومحجبة وشريفة، وتمارس في الوقت ذاته دورها في مركز الأحداث. يمكنها أن تحافظ على طهارة خندق العائلة، وأن تبني خنادق جديدة في الميادين السياسية والاجتماعيّة وتحقق الكثير من الفتوحات والإنجازات الكبرى. هنّ نسوة مزجن بين ذروة المشاعر والرقّة والرحمة النسوية وبين روح الجهاد والشهادة والمقاومة، وخضن بشجاعة وإخلاص وتضحية أكثر السوح رجوليّة.

/انتهی/