وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: يُسجل المشهد العراقي الحالي تفتت التحالفات التاريخية بين أطراف المكوّن الواحد. ويسعى البعض الى ان يبقى هذا المتغير في إطار الصداقة السياسية وأن لا يخرج إلى عنوان العداوة والصدام والعنف بين كل الأطراف لأن السياسة فن الممكن والحوار الإيجابي البَنّاء المثمر هو أقصر الطرق لتحقيق أفضل النتائج.
الجميع يتساءل ما هي خيارات تشكيل الحكومة العراقية بعد مصادقة نتائج الانتخابات، في ظل إطار التحركات السياسية التي باتت تتخذ طابعا تفاوضيا على شكل الحكومة الجديدة. وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء، حواراً صحفياً مع المحللة السياسية والخبيرة في الشأن القانوني الدكتورة "منال الفنجان"، وتمت الاشارة في هذا الحوار الى عدة نقاط محورية كان اهمها ما يلي:
** تشكيل الحكومة العراقية
قالت المحللة السياسية ان هناك رغبة جدية وحازمة من الاطار التنسيقي على انه يذهب في تشكيل الحكومة مع التيار الصدري ككتلة واحدة، ولا يمكن ان تتشكل الحكومة الا باتفاق الطرفين، اما الحديث عن ذهاب بعض او جزء سواء كان باشتراطات من قبل التيار الصدري او غيره ببعض من اطراف الاطار التنسيقي من دون البعض الاخر فهذا مرفوض بالنسبة الى الاطار ووضح ذلك قوى الاطار مُجتمعه على انه الاطار التنسيقي كله دون اقصاء اي طرف منه هو شرطهم الوحيد في الدخول في التفاعل والتفاهم والدخول بالعلاقات مع التيار الصدري، وبخلافه فلن تكون هناك جهة من ضمن الاطار وحدها ستذهب مع التيار الصدري.
واكدت انه اما يشترك الجميع في تشكيل الحكومة ويكون الاتفاق شامل للجميع او ان الاطار التنسيقي سيتخذ موقف اخر دون ان يتشظى او دون ان تنفرد منه كتله دون اخرى.
** اخراج القوات الامريكية من العراق
اشارت الخبيرة في الشأن القانوني الى ان هناك قرار من مجلس النواب العراقي على اخراج القوات الامريكية من العراق وهذا سيتبعه كذلك اجراءات حكومية لاخراج هذه القوات، وتنفيذ هذا القرار يُعتبر اولوية من الاولويات للكتل السياسية الشيعية لاسيما بالنسبة الى الاطار التنسيقي وحتى التيار الصدري.
ونوّهت الى ان التيار الصدري من الكتل السياسية التي صوّتت على اخراج القوات الامريكية، ونحن نرى بانه فيما يتعلق بوجود القوات الامريكية هناك شبه اجماع شيعي على انه ينبغي ان يُغلق هذا الملف وان تُغادر القوات الامريكية. اما بالنسبة الى البدائل؛ فهناك بدائل اخرى على مستوى المستشارين وغيرهم فاعتقادي ان الاطار موقفه واضح وصارم بهذا الموضوع ان العراق ليس بحاجة الى مستشارين عسكريين من الجانب الامريكي؛ وهذا واضح للجميع.
وقالت انه من الطبيعي والمنطقي ان لا تُترك الساحة من قبل الولايات المتحدة الامريكية فارغة بل هي ستجدها بدائل، وهذه البدائل ستكون داخلية واحيانا خارجية؛ وبالنسبة الى البدائل الخارجية فقد تكون من الدول المحيطة ودول الجوار او من الداخل لجهات سياسية مُتناغمة مع الطرح الخارجي. مثل تشكيل ميليشيات "اشباح الصحراء" التي هي خارج اطار الدولة. فهذا توجه كل الكتل السياسية الشيعية بالذات انه عدم السماح لاي تشكيل مُسلح خارج اطار الدولة يحمل السلاح تحت اي عنوان، فلم يكن هناك تصدي لهذا التشكيل فهذه ستكون بادرة خطيرة لانها ستُفرّغ تشكيلات اخرى، وعلى الجانب العراقي ان يكون واضح في خصوص هذا الموضوع عبر اتخاذ التدابير الرسمية اللازمة للوقوف ضد اي تشكيلات عسكرية مسلحة خارج اطار الدولة او بدون موافقتها.
** الحذر من مرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي
قالت المحللة السياسية انه من الطبيعي ان الانسحاب الامريكي لن يترك الساحة فارغة من قبل الجانب الامريكي بل ستعمد لايجاد بدائل؛ وهذه البدائل ستشكل نقاط خطر على الجانب العراقي باعتمادها على التنظيمات الارهابية مثل تنظيم داعش وكذلك انشاء تنظيمات عسكرية ميليشياوية تابعة لها بصورة مباشرة وغير مباشرة او تكون تابعة لجهات حزبية داخلية ممن تتعاون معهم.
واضافت، ان هذا الموضوع تم التنبيه اليه اكثر من مرة وهو ليس موضوعا جديداً، هناك ما يقارب ستة مئة عائلة من عوائل داعش الارهابية كانت في مخيم الهول تم ادخالها عنوة الى الجانب العراقي دون موافقة حتى الجهات المعنية، فضلاً عن انه تم تهريب المئات من قادة داعش المجرمين والخطرين في معتقلات الحسكة؛ والذين هم بالاعم الاغلب ذهبوا بجانب العراق بتسهيلات امريكية في صحراء الانبار. وهذه تعد عملية اعادة انتشار للقوى المسلحة والتي ستجد هناك من يعينها ويعيد تنظيم اوراقها والجانب الامريكي سيتكفل بهذا الموضوع بشكل مباشر او عن طريق وكلائهم من الاحزاب السياسية الموالية لهم في تلك المناطق.
وتابعت: "لن تترك الساحة خالية حتى يستطيع الاخرين ان يتغنوا بانتصاراتهم (الشعب العراقي والحشد الشعبي)، وسيحاولون ان يربكوا الموضوع الامني من جديد وذلك لخلق رأي عام بانه بمجرد بانسحاب القوات الامريكية سيتأزم الوضع من جديد "هذه هي النقطة التي يريد ان يصل اليها الجانب الامريكي" حتى لا يحسب النصر الى القوات العراقية والى قوات الحشد الشعبي".
** تأثير "قادة النصر" على عزيمة فصائل المقاومة
قالت منال الفنجان: "نحن لا نخفي ولا ننكر بان استشهاد قادة النصر (الشهيد سليماني وابو مهدي المهندس) موضوع مؤلم، وشكل خسارة كبيرة ولكن هذه الشهادة هي حافز ودافع لكي نستمر على خطاهم ومنهجهم. هي خسارة ولكنها كانت دافعا ليواصل لابنائهم في قوات الحشد الشعبي والقوات العسكرية وفصائل المقاومة على انها تكون متحفزة وناشطة اكثر منذي قبل في مقاومة العناصر الارهابية والقوات الامريكية التي هي بالاساس من حفّزت داعش".
وتابعت: "فلذلك نحن لا نرى بان استشهاد القادة كان له دوراً سلبياً في تراجع الهمم او في انكسار المعنويات العالية بل على العكس من ذلك وجدنا ان استشهاد القادة هو من حفّز الهمم وخلق معنويات عالية جديدة، وهو من أثر في الشباب الذين لم يحسموا امرهم؛ بحيث ان كثير من الشباب انطوى تحت هذا الخط، وهذا هو ديدن المنتمين الى هذا الخط والمنهج بأن الشهادة هي كرامة من الله عز وجل، وهو هذا سبب ديمومة هذا الخط، فلولا الشهادة لما دام هذا الخط والمنهج".
واستطرد قائلة: "الشهادة اصبحت عنصر من عناصر القوة وليست من عناصر الضعف، وهمة العناصر في الحشد الشعبي وفصائل المقاومة همة حقيقية وعالية وجديرة بالاحترام بل وجدير بان تُأخذ بعين الاعتبار والحسبان في عقول وجانب الاعداء".
** التزوير والتلاعب بالانتخابات العراقية
اكدت منال الفنجان ان الانتخابات العراقية الاخيرة هي انتخابات مشبوهة بكثير من اللغط وكثير من والتشويه والتشويش على الاعتبار انها شابهها الكثير من عمليات اللعب والتزوير وهذا التلاعب هو نوعي وليس كمي، اثر في طبيعة الحجوم السياسية لبعض الجهات السياسية، وهناك مؤشرات كثيرة اكدت هذا الموضوع ليس من ناحية عاطفية بل من ناحية واقعية وهذا ما اشار الى نفسه بتقرير الشركة الالمانية الفاحصة التي اشارت بان هناك برنامج "الف سي" الذي هو برنامج مُستحدث ولم يكن من ضمن البرامج التي استخدمتها المُفوضية في العملية الانتخابية العراقية، وهذا البرنامج كذلك باقي عليه التحديث الى يوم الاقتراع وهذا بخلاف تعليمات الشركة الفاحصة، فضلا على ان الشركة اشارت على انه بالامكان اختراق هذا البرنامج وبامكانية التلاعب بنتائج الانتخابات.
واشارت الى انه لا نُنكر بأن وجود مُستقبلات البيانات في الجانب الاماراتي انما هو يُشكل عنصر شك مريب على اعتبار بان الامارات هي عنصر ومحور من محاور الذين تدخّلوا بالشأن العراقي الداخلي، وهناك كثير من المُؤشرات التي اشارت بان هذه الانتخابات هي انتخابات غير مُنصفة وشابهها التزوير، اضف الى ذلك انها لا تلبّي ولا تُعبّر عن ارادة الشعب العراقي.
وذكرت ان هناك يقينا الكثير من الايادي التي تدخلت بهذا الموضوع، والشأن العراقي بشكل عام والدول المُتدخلة سواء كانت عربية مثل الامارات والسعودية وتركيا وهناك الكثير من مثل هذه الدول وللاسف كانت تتدخل بصورة مباشرة او غير مباشرة عن طريق وكلائها من الاحزاب.
** مرحلة اتحاد الاطراف الشيعية
قالت الخبيرة في الشأن القانوني: "اما فيما يخص تشكيل الحكومة فنتيجة هذه المعادلة التي غيّرت بالحجوم السياسية للاحزاب، والمعادلة التي طرحت طرفين للشيعة هما الاطار التنسيقي الذي يُشكل بدورة الكتلة الاكبر على اعتبار هذا الاطار هو من يملك اكثر المقاعد والتي تم تسجيل الاطار التنسيقي الكتلة الاكبر في الجلسة الاولى من مجلس النواب، والمحكمة الاتحادية قالت بان الجلسة الاولى من مجلس النواب هي جلسة صحيحة بكل مُخرجاتها. اذا تسجيل الاطار التنسيقي نفسه على انه الكتلة الاكبر".
وتابعت: "ومع ذلك فان الاطار التنسيقي يسعى للتفاهم مع التيار الصدري في تشكيل الحكومة ولكن ان يكون كل الاطار مع كل التيار الصدري، وبخلافه لن يكون هناك عملية اتفاق، وما زالت هذه الامور قيد النقاش والدراسة مع الجانبين. ونتمنى ان يتوحد الصف الشيعي لتشكيل الكتلة الاكبر وتسميت مُرشهم لرئاسة مجلس الوزراء والا ستكون هذه ستبقى خطيرة ستحول الاغلبية (الشيعة) الى اقلية سياسية وعلى الجهات خاصة من التيار الصدري ان يعي هذه المعادلة الصعبة خصوصا في هذه المرحلة، والتي لن تكون سهلة فالاربع سنوات القادمة ستكون اصعب المراحل والتي ستحتاج الى وزراء والى حكومة سمتها الاساسية هي حكومة نفير عام، وحكومة خدمات على اعتبار بان الشارع الشيعي هو الشارع الذي ظُلم بفترة السبعة عشر عاما وهو الذي كان الاقل حظا من الخدمات في حين هو الذي كان الاكثر والاوفر حظا في دعم الموازنة على اعتبار بان ابار النفط هي في المناطق الشيعية، فلذلك ينبغي ان تكون حكومة نفير عام وتتوجه الى خدمة الشارع العراقي على مستوى الخدمات والتي ينبغي ان تكون فيها تفعيل للاتفاقية الصينية".
نتمنى من الكتلتين الشعيتين بان يتوحدوا في تسمية رئيس الوزراء ومن بعدها تشكيل حكومة نفير عام مُتوجه للخدمات دون راحة، بهذا الشكل نستطيع ان نحافظ على الاغلبية الوطنية على وجودها الحقيقي واستحقاقها.
/انتهى/