وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: بدأت المرحلة الأولى من عملية الإنتخابات النيابية اللبنانية، من خلال اقتراع اللبنانيين المغتربين في الدول العربية والإسلامية، حيث فتح اول صناديق الاقتراع امام المغتربين اللبنانيين للإدلاء بأصواتهم بالإنتخابات النيابية منذ يومين في دول الخليج.
وتأتي هذه الانتخابات بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان خريف 2019 طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحمّلتها مسؤولية التدهور المالي والإقتصادي والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، وينظر كثر إلى الإنتخابات كفرصة لتحدي السلطة، رغم إدراكهم أن حظوظ المرشحين المعارضين والمستقلين لإحداث تغيير سياسي ضئيلة في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية وأنهكته أزمات متراكمة.
المعركة الإنتخابية التي ستحصل في لبنان تحمل الكثير من علامات الإستفهام المتعلقة بالبرامج الإنتخابية لكل جهة، وأين هي مشاريع أغلب هذه الجهات؟ ما هي الدوائر الأكثر حساسية، وهل هناك من خصوصية معينة لدائرة محددة؟ والأهم، هل سيتغير شيئ ما بعد هذه الانتخابات؟. أسئلة طرحتها مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" على الكاتب والباحث السياسي الأستاذ "سركيس أبو زيد"، وإليكم نص الحوار:
** أين ترى المعركة الحاسمة والمصيرية أو ما يسمى "كسر العظم" بأي دائرة، وماذا عن البترون وزحلة ؟
كل دائرة انتخابية لها أهمية وخصوصية، وأهلها يعتبرون بأنها معركة حاسمة ومعركة "كسر عظم" ومصيرية لأن لديها انعكاسات في بعض الدوائر التي تعتبر محسومة، وأخرى فيها معارك هامة.
البعض يحاول أن يركز على دائرة الشمال الثانية التي تضم "زغرتا، بشري، البترون، الكورة"، لأن فيها منافسة بين الموارنة الأقوياء المرشحين لرئاسة الجمهورية إن كان "جبران باسيل" او "سليمان فرنجية" او "سمير جعجع"، لهذا السبب يعتبرها البعض ان لها أهمية معينة ولها حساسية، ولأنها تؤثر ربما على من سيكون الرئيس المقبل.
طبعا بهذه الدائرة تمتاز بالمنافسة الشديدة لان كل طرف يسعى لإظهار مدى قوته شعبياً ومدى نجاحه.
البعض يعتبر أن زحلة لها ثقلها وفيها الروم الكاثوليك، فهناك منافسة بين من يتزعم هذه الطائفة، وهذه الدائرة التي يوجد فيها ثقل في هذا المجال، ولكن طبعا لديها خصوصيتها وانعكاسها، ولكن اعتقد انها لا تقل أهمية عن دوائر بيروت، طرابلس، بشكل عام لا أرى أن هناك دائرة متميزة عن غيرها لأن لكل دائرة لها أهمية وخصوصية وانعكاس على الوضع العام.
** ما هي التوقعات لهذه الإنتخابات؟ هل ستكون هناك مفاجآت ؟ وكيف ردة فعل الشارع اللبناني تجاه هذه الانتخابات ؟
كمتابع لا أرى أن الإنتخابات سيكون لها تأثير وأهمية كبيرة، لهذا السبب أعتبر أن أياً كانت النتائج ومن سيربح، لن يكون لها التأثير على الوضع السياسي ككل، ربما تؤثر على موازين القوى، أو على تعديل بعض الحصص عند بعض الأحزاب.
ولكن التركيبة اللبنانية ليست قائمة على إحترام التعددية الأكثرية، فلبنان قائم على نظام مُركّب؛ فمن جهة هناك دستور تفسيره يكون متباين ومتناقض أحياناً بين القوى السياسية، ومن جهة أخرى هناك تمثيل الطوائف، بالإضافة الى أن لبنان قائم على الديموقراطية التوافقية.
أيا كانت النتائج سيعودوا الأطراف للإتفاق بمساومات وتسويات فيما بينهم، لذلك لا أعتبر أن الإنتخابات سيكون لها أهمية بالمحصلة النهائية، لأنهم سيعودون لمساومات وحكومات توافقية وتدوير الزوايا، وستحد من الأحجام التي أفرزتها الإنتخابات.
طبيعة لبنان التركيبة تُعيد خلط الأوراق من جديد من دون أن يكون هناك تأثير للعدد، لأن الحُكم في لبنان يأخذ بعين الإعتبار موازين القوى الطائفية، المحاصصات، وأحيانا التدخلات الخارجية والإقليمية والتي يكون لها دور وتأثير في الانتخابات
ربما هذه المرة ليس الكل سيمشي بتسوية أو مساومة، ولكن طبيعة لبنان التركيبة تُعيد خلط الأوراق من جديد من دون أن يكون هناك تأثير للعدد، لأن الحُكم في لبنان يأخذ بعين الإعتبار موازين القوى الطائفية، المحاصصات، وأحيانا التدخلات الخارجية والإقليمية والتي يكون لها دور وتأثير في هذا المجال.
بالشكل العام حاول البعض أن يفسر أو يشجع أو يوهم أنه من الممكن أن يكون هناك أكثرية ضد حزب الله وحلفائه، ولكن معظم الإحصاءات حتى الآن تؤكد أن النتائج ستكون الى حد ما شبيهة بالدورة السابقة، وان حزب الله وحلفائه سيبقون محافظين على نسبة معينة.
للأسف ليست البرامج الإنتخابية هي التي تُحدد الأحجام وتعطي وزن أو ثقل لجهة معينة، وللأسف إن معظم القوى والأحزاب والفرق وأياً كانت التسميات لم تثبت أن لديها برامج مميزة سيما تلك التي تتحدث عن الإصلاح عن الثورة عن التغيير، او حتى ادارات جدية.
ما نلاحظه أن الأنانية والذاتية تحكما فيها لهذا السبب انقسمت وتشرذمت وتوزعت داخل كل الدوائر، ولم يكن لديها تلك البرامج التي تميزها عن غيرها، وحتى لم تستطع أن تقدم شخصيات لها وزنها لتجذب ثقة وأمانة الشعب.
لذلك نرى أن مستوى الخطاب الإنتخابي كان متدني، ومستوى البرامج والشعارات والعملية الإنتخابية بحد ذاتها دون المستوى المطلوب، هناك نوع من التكرار، نوع من التناقض، وبرأي هناك هبوط في الحياة السياسية في لبنان.
لذلك المطلوب من كل القوى السياسية أن تأخذ هذه الأمور بعين الإعتبار، وعليها بعد الإنتخابات أن تقوم بنوع من النقد الذاتي والتقييم لنفسها ولأدائها وللقوى الأخرى، وأن تأخذ العبر والدروس من هذه التجربة، من اجل فتح حوار جدي، من اجل تكوين جبهات وطنية او كتل وطنية يكون بالفعل لديها مشاريع، وان يكون التنافس في لبنان على قاعدة المشاريع والبرامج، وليس على قاعدة اقطاعية عائلية مذهبية لا تؤدي لا الى تطوير ولا الى تقدم للبنان.
لبنان اصبح بحاجة الى رؤية جديدة ومعنى جديد حتى يستمر ويؤمن الخروج من هذا المأزق، وأن يكون للحياة السياسية معنى، ولكرامة المواطن ومعيشته ومستقبله./انتهى/