فشلت محاولات إسقاط المجلس النيابي والذهاب لإنتخبات نيابية مبكرة تحت وقع الدم والجراح في الرابع من آب، وإستنفرت الأدوات الأمريكية خاصة الخليجية منها كل الوسائل المتاحة بفرض حصار إقتصادي ومالي على لبنان، وذلك للإيحاء أن فريق المقاومة هو سبب الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وكالة مهر للأنباء - د.حسين علي حسني حمية: السابع عشر من تشرين الأول 2019 تاريخ مفصلي في حياة اللبنانيين حيث بدأ حراك شعبي مطلبي بوجه القوى السياسية الفاسدة المسؤولة عن ضياع أحلام اللبنانيين، ولكن سرعان ما تلقف الأمريكي الفرصة وبدأ منذ اليوم الثالث للثورة بالإنقلاب على أبرز مفاهيمها لتحويلها الى سهم يسدد في قلب القوى المقاومة والوطنية وذلك عبر حراك نشط بالخفاء والعلن هدفه التمهيد للإنقلاب على الشرعية الدستورية و تشكيل مجلس نيابي جديد يحقق ما تصبو إليه الإدارة الأمريكية من إنقلاب على الإرادة الشعبية والمزاج الشعبي اللبناني بالدرجة الأولى وتحويل المقاومة من شعبية دستورية إلى خارجة عن القانون.

فشلت محاولات إسقاط المجلس النيابي والذهاب لإنتخبات نيابية مبكرة تحت وقع الدم والجراح في الرابع من آب، وهكذا بقيت الإنتخابات في موعدها المحدد وإستنفرت الأدوات الأمريكية خاصة الخليجية منها كل الوسائل المتاحة بغض النظر عن عدم إنسانيتها وبشاعتها من الحصار الإقتصادي والتلاعب بالدولار، ثم طرد المغتربين وخلق الأزمة الدبلوماسية وغيرها وإشاعة جو من السوداوية المطلقة، وذلك للإيحاء أن فريق المقاومة هو سبب الأزمة التي تعصف بالبلاد، وأن بوابة الإنفراج تكون من باب التصويت للفريق المدعوم أمريكياً حصراً.

ومع إقتراب الإستحقاق النيابي تم تجييش عدد كبير من القنوات والبرامج الإعلامية للترويج لهذا الفريق حصراً ومن ثم التدخل المباشر من خلال إجبار الرئيس الحريري على الإعتزال ومحاولة الضغط عليه لتجيير أصواته لصالح هذا الفريق الذي تم تسليم إدارته لسمير جعجع المعروف بعلاقاته المباشرة مع الكيان الإسرائيلي المؤقت، وترافق كل ذلك مع زيارات مكوكية لدبلوماسيين عرب وأمريكيين لعدد من الشخصيات والبلدات اللبنانية لحسم المعركة لصالح فريقهم وكلما كان الموعد يقترب كان مستوى ضخ المال الإنتخابي يرتفع أيضاً وهو دليل على أهمية المعركة بالنسبة للأمريكي.

* كانت أبرز الأهداف المعلنة هي:

1- خرق مناطق النفوذ الخالصة للثنائي الشيعي والوصول لمقعد واحد بالحد الأدنى وذلك لحسم معركة رئاسة المجلس ومنع إسقاط الميثاقية عن المجلس.

2- الحصول على أكبر كتلة مسيحية برئاسة سمير جعجع وذلك لحسم إستحقاق رئاسة الجمهورية بحيث يكون لهذه الكتلة حق تسميته دون غيرها أو التفاوض مع الآخرين بصفتها صاحبة الحق بتسمة الرئيس المقبل.

3- الحصول على الأكثرية المطلقة في المجلس النيابي وذلك لحسم معركة الحكومة من جهة ولتمرير مجموعة من القوانين والتشريعات الصدامية مع الآخرين.

تحت هذه العناوين بدأ اليوم الإنتخابي الحافل في 15 أيار وفي ظل متابعة دقيقة من قبل السفراء المعنيين الذين سبق لهم إدارة عملية تصويت المغتربين اللبنانيين في بلادهم بالتهديد والوعيد.

وقبل أن ينجلي غبار المعركة وقبل إستكمال عمليات فرز الأصوات بدأ سمير جعجع بإشاعة حصوله على أكبر كتلة مسيحية وأيضاً الأكثرية النيابية وبدأ سفراء الدول التي عملت على إدارة هذا الإستحقاق بالتهليل للنصر المزعوم والذي تلاشى مع إعلان نتائج الفرز النهائية والتي كشفت عن هزالت الأرقام التي حققها سمير جعجع مقارنة بالضخ الإعلامي والمالي الذي تم صرفه لهذه الغاية حيث تقدم من 15 مقعد في 2018 إلى 18 مقعد في 2022 وكان من السهل منعه من تحقيق هذا التقدم لو أديرت العملية الإنتخابية بحرفية أعلى في بعض الدوائر.

ظهر الإلتحام الشعبي بين المقاومة وحلفائها مع قواعدهم الشعبية والتي أفرزت نصراً إنتخابياً وحصلت على أكثرية متحركة قادرة أن تحسم أي قرار إستراتيجي لصالحها

بالمقابل ظهر الإلتحام الشعبي بين المقاومة وحلفائها مع قواعدهم الشعبية والتي أفرزت نصراً إنتخابياً وحصلت على أكثرية متحركة قادرة أن تحسم أي قرار إستراتيجي لصالحها وليس ذلك فقط بل إن القوى المتحالفة مع المقاومة إستطاعة خرق معقل سمير جعجع في بشري وإنتزاع أحد المقاعد النيابية منه.

الجديد في صورة المجلس الجديد هو وجود عدد من المقاعد تحت عنوان مستقلون وقوى تغييرية وهي لا تشبه بعضها حقيقة فبعضها هي أسماء لطالما كانت موجودة ضمن القوى التقليدية ولها مشاربها الخاصة وعادت في هذه الإنتخابات بعناوين جديدة ولكنها لم تنسلخ تماماً عن خلفيتها التقليدية خاصة في الشق الإستراتيجي.

وجزء من هذه القوى هو من نتاج ثورة تشرين الأول وهو مرتبط بالسفارات بشكل أساسي وسيتموضع حكماً في الجبهة المعادية للمقاومة وفق الإملاءات الخارجية من مشغليهم.

إذاً المجلس الحالي أثبت أن إرادة المقاومة وحلفائها قد إنتصرت على كل الدعم الخارجي وخطط السفارات مما أضاع جهد شينكر والبخاري سدى ومن جهة ثانية ظهر للقاصي والداني فشل المحور الأمريكي دستورياً كما عسكرياً في حسم أي إنتصار على مستوى المنطقة إنما أقصى ما إستطاعه هو تسجيل بعض النقاط هنا وهناك ولم تكن متكافئة مع حجم المال والجهد المهدور وهذا ما يثبت أن إرادة التحرر لدى شعوب المنطقة أصبحت أكثر وأكثر تجذراً في وجدان الشعوب./انتهى/