وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: "٢٥ أيار" هذا التاريخ أصبح يعتبر من الأيام المجيدة للبنان وشعبه يوم دحر فيه المقاومون الإحتلال الإسرائيلي وعملاءه مذلولين، ٢٥ آيار عيد المقاومة و عيد الشهداء الذين كان همهم الأساسي والوحيد تحرير الارض وإستعادة الكرامة ، ٢٥ آيار يوم انتصار الحق على الباطل، ستبقى شعلة المقاومة مضيئة.
يوم الخامس والعشرين من ايار عام 2000 سيبقى محطة وطنية مضيئة في تاريخ لبنان، ومناسبة دائمة لاستحضار كل العناوين والثوابت التي زرعها الامام المغيب السيد موسى الصدر، وفي مقدمة هذه الثوابت العيش المشترك والسلم الاهلي اللذان مثلا ولا يزالان، افضل وجه من وجوه الحرب ضد الكيان الصهيوني الذي لا يزال يضع لبنان والمنطقة ضمن دائرة عدوانيته واستهدافاته على مختلف المستويات.
عيد المقاومة والتحرير وفي ظل رفع الكيان الصهيوني بكل مستوياته السياسية والامنية والعسكرية من وتيرة تهديداته واطماعه تجاه لبنان ارضاً ومياهاً وثروات طبيعية، فإن المقاومة نهجاً وسلوكاً وثقافة وسلاحاً لا تزال في هذه المرحلة، واكثر من اي وقت مضى، تمثل حاجة وضرورة وطنية لكل ابناء الوطن بالتكامل مع الجيش اللبناني والشعب والمقاومة من اجل الدفاع عن لبنان وصون سيادته وكبح جماح العدو الاسرائيلي.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حوارا صحفيا مع النائب العميد ركن "الوليد سكرية"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** بماذا يختلف عيد المقاومة والتحرير هذا العام عن الأعوام السابقة من حيث قدرات المقاومة ؟
نشأت المقاومة اثر اجتياح العدو للبنان عام 1982، وما نتج من ضرب للقوى المعادية لاميركا و"اسرائيل" واحداث انقلاب سيلسي في لبنان، وتسلم حلفاء اميركا و"اسرائيل" السلطة، وإبرام اتفاق السابع عشر من ايار مع العدو كمقدمة لاتفاقية سلام شاملة.
المقاومة نقلت المجتمع من حالة اليأس والاحباط الى حالة التحدي والمواجهة، فأثمرت مقاومين واست شهاديين حولت المجتمع من حالة الضعف الى حالة القوة.
المقاومة في حقبة التسعينات عملت ضد العدو وفق استراتيجية منسقة مع سوريا تقضي بإستنزاف العدو دون الدفع لحرب كبرى... ورغم عدوان العدو الجوي صيف 1993، وعناقيد الغضب 1996، قيدت المقاومة يدي "اسرائيل" في تفاهم نيسان 1996 بعدم التعرض للمدنيين، وهذه كانت تشكل الورقة الرابحة بيد "اسرائيل".
التحرير تحقق بتضحيات المقاومة بحرب استنزاف محدودة الامكانيات من حيث التسلح، وطاقة بشرية للعمل المقاوم محدودة، وبنية تحتية للأرض واللوجستية محدودة ايضا.
اي بإختصار عمل مقاوم يقوم على بطولات وتضحيات مقاومين ولكن بوتيرة متوسطة الشدة، او محدودة العمليات. وعلى أثر التحرير تعاظم التفاف الشعب حول المقاومة وتضاعفت الطاقات البشرية، وانصرفت للإعداد لمواجهة مقبلة تسلحا وبنية تحتية تشمل المناطق المحتلة من العدو سابقا اي حتى الحدود مع فلسطين المحتلة...
بقي تسليح المقاومة محدودا بصواريخ قصيرة المدى غير دقيقة بأعداد بضعة الاف لا أكثر، وأسلحة مضادة للدروع بمهمة تأخير تقدم العدوان للدخول الى لبنان افساحا بالوقت لدخول القوات السورية لمواجهة العدو. وقد زودت المقاومة بصواريخ " كورنيت" بعد فشل صوا ريخ "مالوتكا" المضادة للدروع من تدمير دبا بات الميركافا..
في حرب تموز 2006 انتصرت المقاومة على العدو " الجيش الذي لا يقهر" فأدركت سوريا انها تستطيع مواجهة العدو كما المقاومة... فأخذت تعد نفسها للمواجهة وتحولت من دولة تتبنى سياسة الممانعة دون خوض حرب الى سياسة الاعداد للحرب القادمة..
نشأ تحالف بين المقاومة الاسلامية وسوريا وايران حول هذه الاستراتيجية، وبدأ تجهيز ال مق او مة واعدادها لحرب شاملة اقليمية بأكبر قدرات ممكنة، بشريا: اصبحت اضعاف ما كانت عليه. سلاحا: تقول "اسرائيل" ان المقاومة تمتلك 150الف صار وخ، والاخيرة تقول انها تمتلك صواريخ تصل الى هدف في فلسطين المحت لة، و"اسرائيل" تخشى من امتلاك المقاومة لصواري خ دقيقة...
والمقاومة تقول ان لديها ما قد يلزم وانها قد تحاصر الكيان الصهيوني بحرا بصواريخ تطال اي هدف بحري امام فلسطين المحتلة، ولدى سوريا دفاع جوي يستطيع بحال الحرب دخول لبنان وحماية الاجواء ما امكن..
لقد تحولت المقاومة بإستراتيجية محور المواجهة الى قوة ردع تردع العدو عن اي عدوان على دول المحور من لبنان حتى ايران اصبحت تفوق بقدراتها العديد من الجيوش العربية، ولا بد من الاشارة الى ان موقعها على الحدود مع فلسطين يتيح لها مهاجمة العدو في فلسطين وتحرير اجزاء من الاراضي الفلسطينية، ما جعل العدو يبني جدارا على حدود لبنان وينشأ بنية دفاع، ويخطط لاخلاء المستوطنات الحدوديى حتى عمق عشرة كيلومترات اي عشرات المستوطنات كي لا تقع بالاسر.
المقاومة قبل حرب تموز كانت قوة استنزاف محدودة الامكانيات، اليوم هي قوة ردع بقدرات جيش دولة معدة للحرب وفق الاستراتيجية الملائمة.
** كيف تنظرون إلى الوضع الداخلي الاسرائيلي في هذه الأيام خاصة بعد معركة سيف القدس ؟
تحرير الارض اللبنانية عام 2000 ادى الى قيام انتفاضة الاقصى في فلسطين المحتلة، وذلك بعد انكشاف زيف العدو الصهيوني، وعدم استعداده للانسحاب من الضفة وغزة ومهزلة اتفاق اوسلو... ادت الانتفاضة الى عودة الشعب الفلسطيني لاعتماد الكفاح المسلح مما اجبر "اسرائيل" على الانسحاب من قطاع غزة، مما هيأ للمقا و مة بناء قدراتها بحرية هناك، وقد خاضت حربين 2008_2009 وعام 2012 بإمكانيات محدودة.
تحرير الارض اللبنانية عام 2000 ادى الى قيام انتفاضة الاقصى في فلسطين المحتلة، وذلك بعد انكشاف زيف العدو الصهيوني
وبعد عودة حماس للتلاحم سياسيا مع محور المواجهة تعاظمت قدرات المقاومة في قطاع غزة بدعم من اي ران تحديدا كما صرح قادة المقاومة العسكريون، انتقلت المقاومة في غزة من حالة الدفاع عن القطاع الى الدفاع عن القدس والضفة الغربية وكل فلسطين بعد امتلاكها قدرات متقدمة، ومعركة سيف القدس جاءت تأكيدا لهذه السياسة والاستراتيجية، مما بعث روح المواجهة لدى الشعب الفلسطيني او بعضه في الضفة الغربية وحتى في اراضي ال48، فكانت مواجهات اللد، وتكررت عمليات المقاومة الفردية في عمق الكيان، وبالطبع هذه العمليات ستزداد وتتسع على ارض فلسطين ما دام محور المواجهة خاصة في قطاع غزة يمتلك قدرات اكبر للمواجهة وما دام العدو يضطهد الشعب الفلسطيني ويهوّد الارض في الضفة وغيرها...
وتجدر الاشارة الى ان هذه الحالة تضع المجتمع الصهيوني امام تحدي مواجهة حرب استنزاف على جبهته الداخلية، وهو مقيد دوليا لا يستطيع اقتلاع الشعب الفلسطيني من الضفة او غزة وتهجيره خارجا...
ان نمو وتطور اعمال المقاومة داخل كيان العدو يضع " اسرائيل" بوضع صعب وحرج، وان صعدت المواجهة للقضاء على المقاومة تدرك انها ستواجه بحرب اقليمية اقلها على الجبهة الشمالية.. اذن تطور الامور بهذا الاتجاه ليس لصالح العدو، ويشكل احراجا سياسيا لحكوماته ايا تكن الحكومة.
** تؤكد قيادات المقاومة في لبنان وفلسطين أن اي مواجهة مقبلة مع العدو في فلسطين ستكون معركة إقليمية. كيف ستتعامل" إسرائيل "مع هذا الاحتمال ؟
نمو قدرات وطاقات المقاومة في فلسطين خاصة بالتأثير على عمق الكيان ان كان بالصواريخ او العمليات الفدائية، قد تدفع العدو لتصعيد اعماله العدوانية في مسعى لاجهاض قدرات المقاومة الفلسطينية او لتحطيم ارادة المو اجهة لدى الفلسطينيين واعادتهم لحالة اليأس والاستسلام، هذا يستدعي تدخل خارجي من المحور لدعم صمود الشعب الفلسطيني ونصرته لمنع العدو من تحقيق اهدافه، فالمحور عليه تعزيز روح المواجهة وتنمية قدرات غزة العسكرية، لانه يشكل جبهة جنوبية لكيان العدو بدل جبهة سيناء، ويضعه بين فكي كماشة بالتعاون مع الجبهة الشمالية.
ان نمو المقاومة في الضفة الغربية قد يقوض السلطة الفلسطينية المهادنة للعدو ويضعفها... فالحل الامثل للكيان الصهيوني لمواجهة نمو المقاومة هو زرع الفتنة والشقاق داخل البيت الفلسطيني بين السلطة و حماس والجهاد، مع قيامه بعمليات عسكرية غير شاملة تعتمد التجزئة والقضم اي عمليات محدودة لكن متكررة ومتتابعة تضعف المقاومة، ولا تدفع لتدخل قوى الإقليم من لبنان وغيره.
** يتزايد الحديث في داخل كيان الاحتلال عن المستقبل غير الآمن لهذا الكيان، وعن نهاية هذا الكيان ... ما الذي يدفع برأيكم إلى مثل هذه الاستنتاجات والتوقعات ؟
قال نتنياهو إبان ترؤسه آخر حكوماته انه يسعى لضمان بقاء "اسرائيل" حتى بلوغها مئة سنة، فالتاريخ اليهودي لم يشهد قيام دولة يهودية عمرت حتى مئة سنة سوى مرة واحدة بإسم السلطة الحشمونين حكم اليونان لهذه البلاد اي حوالي مئتي سنة قبل الميلاد.
نشأ الكيان الصهيوني على أرض فلسطين بإرادة المستعمر الاوروبي البريطاني كقاعدة عسكرية للاستعمار تساهم في احكام سيطرته على المنطقة.. ولا بد من القول بأن "اسرائيل" تواجه عوامل عديدة تؤثر على ديمومتها:
1_ الفارق العددي بينها وبين اعدائها بما يستدعي محاربة اي تعاون بين أعدائها لتمزيق بنيتهم ومنعهم من استثمار هذا العامل.
2_ الفارق بالموارد ما يستدعي هدر موارد أعدائها، وعدم استثمارها بالتنمية الذاتية والنهوض بالمجتمع، وتتولى اميركا واوروبا السيطرة على هذه الموارد، والتحكم في استخدامها.
3_ المجتمع وثقافته والفرق بين مجتمع يحب الحياة بطريقة عبثية ومجتمع يفضل الموت بعزة وكرامة على الحياة بذل.
4_ خاضت "اسرائيل" حروبها ضد جيوش عربية متفرقة، مستوردة للسلاح مع ضمان تفوقها الجوي من قبل الغرب لحماية جبهتها الداخلية وضمان امدادها بالسلاح إبان الحرب، فيما تفقد الجيوش العربية عامل الاستقواض بالسلاح...
وقد حصلت تطورات كبيرة في المنطقة منها:
أ_ تحول في بنية المجتمع من مجتمع يحب الحياة الى مجتمع المجاهدين، مما يفعل الطاقات البشرية المتفوقة عددا على العدو.
ب_ تسعى" اسرائيل" والغرب لزرع الفتن لمنع تمدد هذا النموذج الجهادي خاصة بعد حرب تموز 2006.
ج_ حصل تطور في امتلاك السلا ح من دول تستورد السلاح ولا تصنعه، الى قوى مواجهة تصنع ما تستخدمه كما حصل تطور في نوعية الا س لحة، فالصواريخ تطال كامل عمق الكيان، دون الاعتماد على الطيران، وتطور الصواريخ الى دقيقة منحها قدرة تأثير اكبر بكثير، فقد جعلت اي هدف بكيان العدو عرضة للتدمير.
د_ امتلاك ايران التكنولوجيا النووية وخشية "اسرائيل" من امتلاكها للسلاح النووي، بما يلغي المشروع الصهيوني التوسعي، ودور "اسرائيل" في خدمة السيطرة الغربية على المنطقة.
هذا بعض من التطورات التي تجعل الصهاينة يشعرون بأن المبادىء التي نشأ عليها الكيان ودوره دوليا لم يكمل تحقيق اهدافه بإسرائيل الكبرى بعد.. وهذا قد يجبر الغرب على تغير موقفه من اعتماد "اسرائيل" عسكريا لخدمته بعد فقدان قدرتها على ذلك.. فضلا عن مجتمعها الذي لا يحتمل الخسائر الكبرى ويفضل الرحيل الى الغرب.
** اين تضع المناورات للكيان المؤقت، وماذا سيينتج عنها ؟ وما حقيقة ان بعد هذه المناورات سيكون هناك ضربة لإيران ؟
تقول اميركا ان بعض المنشآت الايرانية محصنة على عمق 50_70 متر تحت الارض، ولا تدمر بالاسلحة التقليدية المعروفة.. وفي عهد الرئيس جورج بوش تم درس امكانية استخدام اسلحة نووية لكن تم رفض ذلك، فاستعيض عنها بصناعة قنبلة زنة 15طن، تقول اميركا انها تحقق الهدف، هذه القنبلة تحملها قا ذفة B 52، وليس طائرات F 15 اوF 12 المتوفرة لدى "اسرائيل" ... في عهد الرئيس ترامب ارسل قاذفات B 52 الى الخليج لاستخدامها لضرب المنشآت النووية الايرانية ... مع سقوط ترامب اقلع الرئيس بايدن عن فكرة الحرب وسحبت القاذفات من الخليج.
"اسرائيل" بقواها الذاتية ليس لديها الاسلحة المناسبة، بل عليها ان تعمل على تدمير حماية المنشآة وانزال قوات مشاة او تسلل مخربين الى المنشآة لمهاجمتها وتخريبها، مع تأمين نقل هذه العناصر بطائرات نقل تهبط عاموديا زودت بها "اسرائيل" منذ عهد الرئيس بوش.
لذلك نقول ان أي حماقة من قبل "اسرائيل"، قد يدفع ايران للمضي سريعا بإتجاه رد قد يفجر بالمنطقة حربا على "اسرائيل" يُزيل وجودها./انتهى/