وكالة مهر للأنباء - د.حسن أحمد حسن: يحق للأشقاء الإيرانيين أن يحيوا ذكرى رحيل قائد الثورة المباركة سماحة الإمام روح الله الخميني قدس سره الشريف.. نعم من حقهم وواجبهم أن يفتخروا بشخصية فذة تجاوزت الدور التقليدي لقائد ثورة في دولة معينة، وامتدت وتجذرت أكثر فأكثر بعد أن دخلت من أوسع بوابات المجد، فانتشرت أنوارها المشعشعة في شتى أصقاع الكون.
وإذا كان يحق للأشقاء الإيرانيين أن يفخروا بإمامٍ ومفجّرِ ثورةٍ فمن واجب كل أنصار الحق وعشاق السيادة والكرامة في العالم أن يقولوا كلمتهم بوضوح، وأن يعترفوا بالفضل العميم الذي تركته الثورة الإسلامية الميمونة في إيران العزة والكرامة والنهج القويم، ومنها انتقلت بركات الثورة وثمارها اليانعة إلى جغرافيات جديدة تعلي راية رفض التبعية وتعتز اليوم بحمل هوية محور المقاومة.
من واجب كل صاحب يراع ينشد الحق والحقيقة أن يكتب عن عظمة هذا الإمام الذي اضطلع بدور القائد القدوة والمرشد الحازم والولي الفقيه الذي حباه رب الكون مهارات قيادية ذاتية شاءت العناية الإلهية لها أن تظهر إلى النور في وقت أحوج ما كانت البشرية فيه إلى قائد حكيم لا يخشى في الله لومة لائم.
فتبارك المولى جلت قدرته، وسبحان من شاءت ألطافه وعنايته أن يؤيد أنصار الحق وعشاقه بثورة إسلامية نمت وترعرعت وتبلورت بأبهى صورها على يدي سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف، وقد غدا رمزاً حياً في القلوب والضمائر، ودوحة مباركة يحج إلى خمائلها من سئموا تفرد قوى الغطرسة والاستكبار، وآمنوا بإمكانية كسر إرادة شرور فراعنة العصر، ومنع سيول طغيانهم من استمرارية التدفق و التحرك في كل اتجاه، انطلاقاً من اليقين بأنه حيثما تصل أقدام أنصار المشروع الصهيو ـ أمريكي يحل الموت والدمار والظلم والعسف واغتصاب الحقوق وانتهاك الكرامات.
يكفي سماحة الإمام الخميني فخراً أنه استطاع إغلاق السفارة الإسرائيلية وتقديمها هدية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستطاع أن يقف بكل شموخ وندية في مواجهة القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر في العالم ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأن يستثمر في العقول الإيرانية الغنية ويحول التحديات إلى فرص
ومن الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي والإنساني العمل للوقوف في وجه وحوش الليل الضارية، وقطع الطريق على مشروعاتهم التدميرية، وشاءت إرادة السماء أن تمنَّ على البشرية بانتصار الثورة الخمينية المباركة، فأُسْقِطَ في أيدي الذين جحدوا، وبهت الظالمون وهم يرون بأم العين انبلاج النور وانحسار الديجور.
غصت الساحات بمسيرات مليونية ترفع القبضات عالياً مؤكدة أن الله يعز عباده المؤمنين الصابرين الواثقين بأن الحق غالب والباطل مغلوب وإن تطاولت سنوات عربداته وجبروته، ومصير التجبر والفرعنة إلى تقهقر وزوال بعزة الإله المتعال، وإرادة أحباء الله المؤمنين الصادقين الثابتين الذين قال الله فيهم: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".
عظمة الثورة الخمينية أنها تجاوزت الجغرافيا الإيرانية، وأنها أعلنت وقوفها إلى جانب جميع المظلومين والمستضعفين أينما كانوا في مواجهة قوى الشر والاستكبار العالمي.
ويكفي سماحة الإمام الخميني فخراً أنه استطاع إغلاق السفارة الإسرائيلية وتقديمها هدية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستطاع أن يقف بكل شموخ وندية في مواجهة القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر في العالم ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأن يستثمر في العقول الإيرانية الغنية ويحول التحديات إلى فرص، والحرب إلى جامعة، والحصار إلى مفجر للطاقات والإبداع إلى أن أصبحت إيران اليوم بقيادة الأوفياء لنهج الثورة أحد أعضاء النادي النووي والفضائي والصناعات الحربية الثقيلة بكل أنواعها التي تدب الرعب في قلوب أعداء الله والشعوب المصممة على النضال في سبيل صون كرامتها وحقوقها ومقدساتها.
هيهات لمقال أو دراسة أو كتاب أو مجلدات أن تفي سماحة روح الله الخميني قدس سره بعض بعض حقه، لكن وباختصار شديد أطرح بعض التساؤلات على كل من يريد أن يحتكم إلى لغة العقل والمنطق، ومنها:
ـ أية علاقات دولية كانت تسود العالم اليوم لو لم تنتصر ثورة الإمام الخميني في وقت كان الاتحاد السوفييتي يحتضر، وزال من الوجود بعد عقد من الزمن؟ وبكلمات أخرى أين كانت المنطقة والنظام الدولي لو أن واشنطن المنتصرة في الحرب الباردة والمتفردة بالقرار الدولي بقيت تصول وتجول من دون أن تجد من يقول لها: لا؟
ـ ما هو المعادل الموضوعي الذي كان بالإمكان التعويل عليه بعد خروج مصر كامب ديفد من ساحة المواجهة المباشرة مع العدو الإسرائيلي؟ ألم يكن من ألطاف الباري ونعمه على عباده في هذه المنطقة أن يأتي انتصار الثورة في إيران متزامناً مع خروجٍ مصري مريب، وفراغ استراتيجي مفتوح على المجهول بعد انهيار الثنائية القطبية التي كانت تحكم العلاقات الدولية؟.
ـ ماذا عن القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى لو لم تنتصر الثورة الخمينية؟ هل كان العالم يشهد يوماً سنوياً يحمل اسم "يوم القدس العالمي"؟ وهل كانت المقاومة الفلسطينية تمتلك القدرة على الرد على عربدات حكام تل أبيب، وتمتلك ما تدافع به عن النفس والكرامة والحقوق بما في ذلك تقنية تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة؟
ـ وماذا عن بقية أقطاب المقاومة حزب الله والحشد الشعبي واليمانيون الأشاوس الصامدين في وجه تحالف العدوان الغاشم منذ ثماني سنوات؟
بقي أن نذكر بكثير من الامتنان الدور المشرف الذي اضطلعت به إيران الثورة في الوقوف إلى جانب سورية الأسد في مواجهة الإرهاب التكفيري المسلح والقضاء عليه بالتعاون مع بقية أقطاب محور مكافحة الإرهاب، وقد أعلن المسؤولون الأمريكيون صراحة أن مواجهة داعش فقط تتطلب جهوداً عالمية قد تستغرق ثلاثين عاماً.
في حين ثبت أنه بالإمكان القضاء على داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية المسلحة التي أنتجتها أقبية الاستخبارات الأمريكية ومن يدور في فلكها الآسن، وها هي اللوحة الجيوبوليتكية تتبدل إقليمياً وعالمياً لصالح محور المقاومة، ولصالح قوة الحق لا حق القوة، ولا يستطيع منصف أن ينكر الدور الرائد في كل ذلك للثورة التي فجرها سماحة الإمام الخميني، ويتابع قيادتها وحمل مشعلها بكل جدارة واقتدار سماحة الإمام القائد الموسوي الخامنئي دام ظله الوارف.
فلنستمطر شآبيب الرحمة والتقديس لروح سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف، ولنجدد عهد الوفاء على التمسك بقيم هذه الثورة الإسلامية الإنسانية التي تحمل في طياتها للبشرية جمعاء كل قيم الخير والمحلة والتسامح والتواصل الخلاق المثمر./انتهى/