وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: استقبل الرئيس اللبناني، الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية أموس هوكشتاين ترافقه السفيرة الاميركية في بيروت السيدة دوروثي شيا والوفد المرافق، وحضر عن الجانب اللبناني نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمستشاران رفيق شلالا واسامة خشاب.
وجال الموفد الاميركي لملف ترسيم الحدود البحرية اموس هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين مستهلاً لقاءاتِه اليومَ من قصر بعبدا، حيث تسلمَ من رئيسِ الجمهورية العماد ميشال عون رداً على المقترح الاميركي الذي سبق أن قدمه هوكشتاين قبل أشهر. وخلال اللقاء شدد رئيس الجمهورية على حقوق لبنان السيادية في ثرواته النفطية.
وفي عين التينة زار هوكشتاين رئيسَ مجلسِ النواب نبيه بري ترافقه السفيرة الاميركية دوروثي شاي. كما كان لقاء للموفد الاميركي مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي اكد أن المصلحة اللبنانية العليا تقتضي البدء بعملية التنقيب عن النفط من دون التخلي عن حق لبنان بثرواته كافة.
والتقى هوكشتاين التقى ايضا وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون الذي قال اِن المؤسسة العسكرية تقف وراء القرار السياسي للدولة اللبنانية في ملف الترسيم.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع العميد المتقاعد والباحث بالشؤون العسكرية اللبناني الدكتور "محمد عباس"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** تواجه السلطات اللبنانية أزمة مستجدة فجرها وصول الباخرة اليونانية ونية الكيان الصهيوني استخراج الغاز من حقل كاريش... هل ترى أن السلطات اللبنانية جاهزة لهذا التحدي؟ وهل الموقف الرسمي مقنع حتى الآن في التعامل مع هذه القضية؟
بكل اسف الموقف الرسمي اللبناني تجاه الازمة منذ ان بدأت مقدماتها الكارثية عام 2007، وصولا الى الازمة المستجدة اليوم، هو موقف يتّصف باللامبالاة والخفة، وبسوء إدارة شديد يرقى الى حد الخيانة، تجاه ملف حيوي بالغ الاهمية لمصالح لبنان وشعبه ومستقبل الاجيال القادمة.
عام 2007 ارسل الرئيس فؤاد السنيورة وفدا غير مختص من وزارة الاشغال العامة للتفاوض مع قبرص حول تحديد الحدود البحرية للبنان انتهت بتحديد خاطىء لهذه الحدود وتم رسم خط واحد الذي اضاع على لبنان مساحة تعادل 2290 كلم مربع، وعندما حاول لبنان ان يصحح الخطأ الاول ارتكب خطأ آخر وحدّد الخط ٢٣ كخط الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، مضيفا مساحة جديدة مقدارها ٨٦٠كلم٢، بينما الخط الصحيح هو الخط 29 المثبت علمياً وتقنياً ومدعّم بالوثائق.
بدأت المشكلة عندما ارسل لبنان المرسوم رقم 6433 عام 2011 الذي يقر بأن حدود لبنان من الجهة الجنوبية الغربية مع فلسطين المحتلة والذي يحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان هو الخط 23.
تمسك العدو بالخط رقم واحد رافضا الخط 23 مدعيا ان لبنان ارسل وثيقة الى قبرص عن الخط رقم واحد التي بدورها رسمت حدودها مع العدو على اساس الخط اللبناني الخط رقم واحد، فحضر الوسيط الاميركي هوف الذي بادر الى محاولة تقسيم المنطقة بين لبنان والعدو بإعطاء لبنان حوالي ثلثي المساحة المذكورة اي حوالي ٥٦٠كلم مربع، ومنح الباقي للعدو الصهيوني، طبعا رفض لبنان هذا العرض.
للأسف فإن الموقف اللبناني حتى الان غير موحد وغير جاهز، وهذا لا يعني عدم استحالة جهوزه، ولكن هناك تباينات ومهاترات بين المسؤولين الذين يتقاذفون المسؤولية
وبدأت قيادة الجيش اللبناني إعداد الدراسات العلمية والتقنية وتحضير الوثائق والمستندات التي تثبت حق لبنان وحدود منطقتة الاقتصادية الخالصة مستعينة بلجنة من أفضل الاختصاصيين من عسكريين ومتعاقدين مع الجيش وتوصلت اللجنة الى ان الخط ٢٩ هو خط الحدود استناداً لكل المعايير ولكل الدراسات، وهذا الخط يتوافق مع قانون البحار المعتمد والذي ينتسب اليه معظم دول العالم ولبنان من هذه الدول.
وللأسف فإن الموقف اللبناني حتى الان غير موحد وغير جاهز، وهذا لا يعني عدم استحالة جهوزه، ولكن هناك تباينات ومهاترات بين المسؤولين الذين يتقاذفون المسؤولية، والذين ينظرون للموضوع ليس من باب المصلحة الوطنية العامة والتي كما ذكرت تهدد مصالح حيوية جدا للبنان وهو بأمس الحاجة اليها اليوم، وبكل دول العالم هكذا مصالح حيوية تخاض الحروب من اجلها، فكيف الامر وان لبنان المأزوم اقتصاديا ومعيشيا وسياسيا يمكنه ان يفرط بهذه الثروة بهكذا سهولة، نتيجة عدم اتفاق المسؤولين الموجودين في السلطة.
وهوكشتاين تحرك بين خطوط هذه التباينات مستفيدا منها الى الحد الاقصى، وهو مثله مثل كل الوسطاء الاميركيين الذين يحملون هم "اسرائيل" لا تعنيهم مصالح الدول الاخرى، هم يحاولون الضغط على طرف واحد وهو الطرف اللبناني.
لم نسمع ولو لمرة واحدة ان هوكشتاين او غيره من المفاوضين ضغطوا على العدو الاسرائيلي خلال المفاوضات التي كانت تجري بين الوفد التقني اللبناني والوفد "الاسرائيلي"، لذلك اقول ان العدو عندما اوقف التفاوض بتاريخ 11_11_2020 بدا وكأنه يخطط لخطوة ما، بينما اضاع المسؤولون اللبنانيون الوقت منذ ذلك التاريخ حتى اليوم بالمهاترات الداخلية وعدم اتخاذ موقف واحد علني.
البعض يقول بأنه لن يفرط بحقوق لبنان وهذه اسطوانة معروفة، ولكن هناك خطوات عملية لتأكيد حق لبنان، واعتقد انه لو وُقّع تعديل المرسوم 6433 منذ ذاك الوقت الذي انسحب فيه العدو من المفاوضات غير المباشرة، لكان العدو لم يتجرأ على القيام بخطوته ولا حتى الشركة المستأجرة كانت لتجرؤ على المغامرة لانها شركة تبغي الربح ولا تعمل في مناطق النزاعات.
استهتار لبنان وتخاذل المسؤولين وعدم اكتراثهم لهكذا موضوع حيوي بكل اسف هو الذي سمح للعدو بالتحرك، وسمح للوسيط الاميركي هوكشتاين التحرك بأريحية وحيوية لانه ينطلق من موقف ضعيف للبنان وموقف قوي للكيان الصهيوني.
** الجدل يجري حاليا حول ترسيم الحدود وما يعرف بخط 29... وهو الذي أعلنه الوفد العسكري اللبناني بإعتباره حدود لبنان المائية... هل ترى أن لدى الجيش ما يدعم هذه الفرضية ويؤكد حق لبنان في هذه المنطقة المتنازع عليها؟ وماذا يعني أنه خط تفاوضي؟
في عام 2021 سلّم الرئيس بري ملف الترسيم الى رئيس الجمهورية الذي كلف الوفد العسكري التقني انجاز المهمة، واعطى توجيهاته الاساسية لانطلاق عملية التفاوض بهدف ترسيم الحدود البحرية على اساس الخط الذي ينطلق من رأس الناقورة برا والممتد بحرا تبعا لتقنية خط الوسط دون احتساب اي تأثير للجزر الساحلية لفلسطين المحتلة، "اسرائيل" حاولت ان تعطي صخرة "تخليت" صفة الجزيرة وهي اصلا ليست جزيرة بل صخرة غير مأهولة وليس لها اي تأثير. وبالتالي تم التوصل الى ان الخط 29 هو خط الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
دونت هذه التوجيهات في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية في 13_10_2020 وجاء التكليف بناءً على قناعة تامة بهذا الخط. وحسب معلوماتي خلال كل الاجتماعات التي عقدها الوفد مع الرئيس خلال فترة المفاوضات بين 14_10_2020و 4_5_2021 كان الرئيس عون يؤكد دائما على ضرورة التمسك بمبدأ المفاوضات من الخط 29.
اما بالنسبة الى ان الخط 29 لا يوجد حجج تبرهن صحته فهذا مردود، فالوفد اللبناني اعد تقريرا مفصلا تضمن مراحل المفاوضات واستراتيجيته لمتابعتها، وايضا ابرز كل النقاط والوثائق التي تبرهن صحة هذا الخط، والوفد العسكري التقني يتضمن مستشارين محترفين سواء منهم العسكريين او المتعاقدين مع الجيش وهم قدموا كل البراهين على صحة هذا الخط، ايضا هناك لجنة من استاذة الجامعة اللبنانية يرأسها الدكتور عصام خليفة اعدت بحثا مفصلا يتضمن كل الوثائق حول حدود لبنان سواء في البر او في البحر، وهذه الوثائق استعان بها الوفد التقني العسكري ايضا.
الخط 29 هو الذي يمكن الدفاع عنه اما الخط 23 فهو غير تقني وغير قانوني، وتشوبه الكثير من العيوب بحيث لا يمكن الدفاع عنه، ويوجد قرار من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل تؤكد هذه المعطيات وتقترح استبداله بتعديل المرسوم6433.
المطلوب من مفاوضينا التسلح بالحقوق الوطنية اللبنانية التي يضمنها هذا الخط المعزز بالمستندات والوثائق التي تدعمه
اما بالنسبة للخط ٢٩ والقول انه خط تفاوضي انا لا احبّذ هذه العبارة، فهذا خطأ، وهذا يعني اننا مستعدون للتنازل عن هذا الخط، المطلوب ان نذهب الى المفاوضات مسلحين بالحقوق الوطنية اللبنانية التي يضمنها هذا الخط المعزز بالمستندات والوثائق التي تدعمه.
وخلال المفاوضات يجري البحث بالحلول الممكنة التي تضمن الحصول على الحد الاقصى الممكن من الحقوق، عوضا عن التفريط باوراق القوة سلفا قبل الذهاب الى المفاوضات، بحيث يستنتج الوسيط ووفد العدو انه لديك الاستعداد للتنازل عن كاريش مباشرة عندما تقول ان الخط هو خط تفاوضي، بينما العدو لم يتحدث يوما عن خط تفاوضي، وهو يذهب دائما مدججا بحججه وطبعا حججه ليست قاطعة كالحجج اللبنانية.
فالعدو كان قد استفاد من الخطأ المرتكب منذ عام 2007 من خلال الترسيم مع قبرص وايضا خلال التعديل الذي حصل في عام 2011، والذي صحح الخطأ بخطأ، لذلك على الوفد المفاوض والمسؤولون التوقف عن استخدام هذه العبارة "حول هذه المسألة".
** لماذا لجأت السلطات اللبنانية للوسيط الاميركي؟ وما الذي تتوقعه من هذا الوسيط الذي سبق ان قدم كل ما عنده ولم يكن في مصلحة لبنان ؟
هذا لبنان بكل اسف، منذ زمن بعيد كل القرارات الدولية التي صدرت بشأن لبنان سواء الـ 425 او ما قبله او بعده، العدو الاسرائيلي لم يلتزم بتطبيق اي منها والولايات المتحدة تحميه، والحكومة اللبنانية تعلم ذلك ولكنها لا تجرؤ على اللجوء الى وسطاء آخرين مع يقينها ان الوسيط الاميركي منحاز الى العدو، لان مصالح الطبقة السياسية والشركات والكارتيلات التابعة لها مرتبطة مصلحيا ( اقتصاديا وسياسيا ) مع امريكا والغرب عموما.
الحكومة لا تجرؤ على اللجوء إلى وسطاء آخرين مع يقينها ان الوسيط الاميركي منحاز الى العدو، لان مصالح الطبقة السياسية والشركات والكارتيلات التابعة لها مرتبطة اقتصاديا وسياسيا مع امريكا والغرب عموما
وهذا بكل اسف هو القرار الغالب في لبنان منذ استقلاله وحتى اليوم، بغض النظر عن التصريحات والتلفيقات التي يروج لها بعضهم عن احتلال ايراني او سوري او غير ذلك.
وما ينطبق على الولايات المتحدة وانحيازها للعدو ينطبق ايضا على كل الوسطاء الغربيين وحتى على الامم المتحدة ولو بشكل اقل فظاظة، والشواهد على ذلك لا تزال حاضرة من مفاوضات ترسيم الحدود اللبنانية والخط الازرق عام٢٠٠٠، وكذلك المفاوضات حول الاتفاق النووي مع ايران… وفي كلتا الحالتين كان المفاوضون الغربيون منحازون تلقائيا وكانوا مسكونين بهمّ امن اسرائيل ومصالحها، ولا يعيرون اهتماما جديا بمصالح الاخرين.
المنطق يقول انه اذا اردت ان تصل الى نتائج معقولة يجب ان تشرك وسطاء مختلفين، لانه مع الوسيط الاميركي المنحاز لا يمكن ان تصل الى نتيجة، وهنا نذكّر بقول احد الوسطاء وهو دايفيد ساترفيلد الذي صرّح قبل مغادرته لبنان وبلهجة الآمر وباسلوب فظ؛ قائلا: "اما خط هوف او لا نفط" هكذا بكل بساطة.
لبنان عليه القيام بالهجمة الاولى الا وهي تعديل المرسوم، وعندما يتم تعديل المرسوم نكون قد خطونا الخطوة الاولى بإتجاه الجهوزية، وبعد تعديل المرسوم لن يجرؤ العدو ولا الشركات عن التنقيب
حتى عندما تحدثوا عن خط الـ23 لم يكن بمتناول اليد، وللاسف فإن المسؤولين اللبنانيين يعاودون الكرّة دائما ويرجعون الى الوسيط الاميركي، والوسيط الاميركي لن يصلوا معه الى مكان الا اذا كانوا يمتلكون عناصر القوة كما هم اليوم (المقاومة)، ولكن عليهم استثمار عناصر القوة، والتمسك بها...
لبنان عليه القيام بالهجمة الاولى الا وهي تعديل المرسوم، وعندما يتم تعديل المرسوم نكون قد خطونا الخطوة الاولى بإتجاه الجهوزية، وبعد تعديل المرسوم لن يجرؤ العدو ولا الشركات عن التنقيب، لان لبنان يمتلك ورقة قوة المقاومة التي تردع العدو ...
ومن جهة اخرى على الحكومة اللبنانية ان تحسم امرها مع الشركات التي تماطل وتسوّف لعدم البدء بالتنقيب حتى في البلوكات البعيدة عن الحدود استجابة للضغوط الامريكية، والتعامل مع شركات اخرى تملك التقنيات اللازمة واتحدث هنا عن شركات روسية او صينية او ايرانية او اي شركة عالمية لا تخضع دولها للادارة الاميركية وتمتلك المقدرات، الكل يعلم ان كل الشركات الغربية بأغلبها تأتمر بأوامر الادارة الاميركية.
ان وحدة الموقف اللبناني الرسمي والشعبي المتمسك بحقوق لبنان كاملة في البر والبحر والمتسلح باوراق القوة التي يمتلكها (مقاومة تردع وجيش يساند ويحمي ظهرها) هو وحده الكفيل بحصول لبنان على حقوقه، ويدفع الولايات المتحدة لتعديل موقفها والضغط على العدو بهدف الوصول الى تسوية ما. اما ان نذهب الى المفاوضات بمواقف متباعدة واراء متباينة ومتمسكون بالخط 23 فلن نحصل حتى على الخط 23.
** الى اين تتجه المسارات في تطورات هذه الازمة؟ وماذا لو رفض الكيان الصهيوني الاستجابة للاعتراضات اللبنانية... هل لدينا من الاوراق والقوة ما يكفي لمنع العدو من سرقة ثروتنا البحرية ؟
ان الخطوة الاولى بإتجاه تعزيز موقع لبنان هو تعديل المرسوم 6433، ثانيا لبنان يمتلك اوراق قوة و"اسرائيل" والولايات المتحدة لا يرغبان حاليا في اندلاع حرب.
اليوم الجهود الاميركية منصبة بإتجاه روسيا ولاحقا بإتجاه الصين، يعني ليس لديهما ترف الوقت لاندلاع ازمات غير مضمونة النتائج، المقاومة هي ورقة القوة التي يمتلكها لبنان، وعلى اللبنانيين ان لا يفرطوا بهذه الورقة، وسماحة السيد اعلن اكثر من مرة ان حزب الله لا يتدخل في المفاوضات، وبأن الدولة اللبنانية هي التي تفاوض ونحن ندعمها.
وما تقوله الدولة اللبنانية تلتزم به مع التأكيد على وجوب الحفاظ على حقوق لبنان، العبارة المضمرة "حقوق لبنان "، وحقوق لبنان واضحة ومعروفة، هذا كلام ضروري ان يقوله سماحة السيد، ولكن بالنتيجة لا يملكون ترف الوقت ولا ترف التصرف بغير مسؤولية.
** الى متى سيستمر هذا العجز الرسمي اللبناني عن مواجهة تحديات هذا الملف بكل ابعاده... ولماذا لا يبدأ لبنان عمليات التنقيب والاستخراج بشكل جدي وفعال في المناطق غير المتنازع عليها على اقل تقدير ويتصدي للإعتداءات الصهيونية ؟
بالبلوك رقم 4 ادعى الفرنسيون — ادعاء غير صحيح — بأنه لا يوجد فيه غاز، وهناك مسألتين:
_ الاولى؛ انت بحاجة لشركات تمتلك القدرة على التنقيب بالاعماق المطلوبة.
_ الثانية؛ تحتاج لشركات لا تخضع دولها للارادة الاميركية. وهو ما ذكرته آنفا، اي شركات كبرى تقبل بالمغامرة وتبدأ التنقيب بالبلوكات البعيدة عن الحدود اولا، واذا اصر العدو على التنقيب في كاريش نذهب نحن للتنقيب في قانا وفي الجزء الواقع شمال الخط 23، والتعامل مع اي دولة يمكنها فعل ذلك.
ولكن بكل اسف فإن الخلافات السياسية لا تكتفي بالقضايا العادية، وانما تمس بالمصالح الحيوية للبنان بكل اسف، مثلا عندما انسحب العدو اصبح البعض يقول بأن مزارع شبعا هي بدعة، انا غير متفائل لا بالموقف الشعبي اللبناني من خلال التحريض الذي حصل خلال هذه السنوات، ولا بالمسؤولين السياسيين الذين اعادت الانتخابات انتاجهم مرّة اخرى والذين بدورهم سينتجون حكومة رئيسها واعضاؤها مستنسخون عن ما سبق، المراهنة على التغيير يلزم تغيير في النظام السياسي وهذا حديث طويل.
الخلاصة ليس هناك ادنى اتفاق على المواقف سيما على الاولويات، فاذا قيّض للبنانيين — في وقت ما — الاتفاق أقلّه على الاولويات والتمسك باوراق القوة التي تحدثنا عنها فلا يوجد احد اقوى من لبنان، ولا يمكن لاحد مهما بلغت قوته ان يعتدي على سيادته وان يتعرض لحدوده البرية او البحرية، او التجرؤ على المس بمصالحه او الاقدام على مهاجمته.
والمثال الأبلغ على ذلك ان لبنان رغم الانقسامات الداخلية العميقة والتباين في الاهداف والغايات استطاع تحرير ارضه بالقوة عام 2000، وهزيمة اقوى جيش في المنطقة في ملحمة 2006 وتدمير اسطورة الجيش الذي لا يقهر… والسؤال البديهي انه اذا استطعنا تحقيق كل هذه الانجازات ونحن منقسمون، فكيف سيكون عليه حالنا لو كنّا متضامنون ؟.
/انتهى/