قبل أقل من شهر واحد من انتهاء الهدنة الإنسانية والعسكرية في اليمن، ينشط المبعوث الأممي "هانس غروندبرغ"، بين عواصم القرار الإقليمي في محاولة منه لتمديد الهدنة شهرين إضافيین، بعد أن مُددت للمرة الأولى بداية حزيران الماضي.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، أن غروندبرغ الذي وصف مرارا الهدنة بـ«الهشة»، وفي الوقت نفسه بأنها «الضوء الوحيد في نهاية النفق»، لم يحصل على جواب بخصوص التمديد الثاني من صنعاء التي تدرس الخيارات كافة، بما ينسجم مع مطالبها، وعلى رأسها رفع الحصار بشكل كامل. ولئن حققت قيادة صنعاء بعض المكاسب الإنسانية بشكل نسبي، لا سيما في ما يتعلق ببندي المشتقات النفطية ومطار صنعاء، إلا أن المطالب الأخرى المتصلة بصرف المرتبات وتبادل الأسرى لم تجد سبيلها إلى التنفيذ.

وفي تقييمها لنتائج الاتفاق المؤقت لوقف إطلاق النار، ترى أوساط مطلعة في صنعاء أنها دون المستوى المطلوب، لكن «اليمن قبل بها كبادرة حسن نية، إفساحا في المجال لفتح نافذة سياسية على مفاوضات الحل الشامل». وتضيف المصادر، أن «دول العدوان بدل أن تغتنم الفرصة، قابلت موافقة صنعاء على الهدنة على رغم محتواها المجحف، بالتزمت والمماطلة وإغراق كل بند من بنود الاتفاق بالتفاصيل، في محاولة لإفراغها من محتواها، وهي، أي دول العدوان، نجحت بالفعل في أهدافها، حيث لم يتحقق الحد الأدنى من المطالب الإنسانية للشعب اليمني».

ويأتي هذا التقدير عشية زيارة للرئيس الأميركي، جو بايدن، منتصف الشهر الحالي إلى السعودية، حيث ستجري مناقشة مسار التهدئة في اليمن، والتي يعتبرها بايدن من أهم إنجازاته الخارجية، وهو ما عبر عنه المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، بالقول إن «الرئيس مسرور جدا لرؤية أن هناك هدنة في اليمن تعود بفوائد ملموسة على الشعب اليمني»، وأن «التقدم الذي يشهده اليمن يسهل مثل هذه الزيارة، حيث ستكون هناك مناقشات بناءة للغاية حول هذا الملف».

يفهم من الأجواء السائدة في صنعاء، أن الأخيرة تتجهز لإرساء معادلة ردع جديدة في المرحلة المقبلة

والظاهر أن الولايات المتحدة التي فرضت على شركائها الخليجيين القبول بالهدنة، تعتقد أن الظروف التي أمْلت اتخاذ مثل هذا القرار لا تزال قائمة، بل هي تزداد تعقيدا، خصوصا بعد قرارات «مجموعة السبع»، وما تلاها من قرارات لـ«الناتو»، عنوانها الوحيد تركيز الجهود كافة في الصراع مع روسيا. لكن صنعاء تنظر إلى الأمر من منظور مختلف، وهي تعتبر أن ما كان مقبولا بالأمس لن يكون كذلك اليوم، وأن التحالف السعودي - الإماراتي فشل في الاختبار، ولا يزال يتخذ من الملف الإنساني أداة من أدوات الحرب، وهذا ما ترفضه «أنصار الله» بالمطلق، وتعمل على التخلص منه بطرقها.

وفي الاتجاه المتقدم، أكد وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، أنه «إذا لم تتحقق اتفاقات صادقة وواسعة وموثوقة وملموسة الأثر، تشمل كل الجوانب الإنسانية والاقتصادية، بما فيها الإيرادات النفطية والغازية والمرتبات، فأعتقد أنه لن يكون هناك مجال لأي تمديدات زائفة، وسيكون الجميع مع الجيش واللجان لاستئناف معارك التحرير والتحرر دفعة واحدة ومن دون أي توقف».

ويفهم من الأجواء السائدة في صنعاء، أن الأخيرة تتجهز لإرساء معادلة ردع جديدة في المرحلة المقبلة، في حال لم يستجب «التحالف» لمطالبها، بما يشمل إرساء آلية استيراد غير مقيدة بالحصار أو العقوبات الأميركية، فيما يظهر أن قيادة «أنصار الله» تعمل على تغيير تكتيكاتها العسكرية بما يتلاءم مع الظروف المستجدة، حيث يرجح أن تستخدم على نطاق واسع العمليات السريعة والخاطفة، بما سيعرض أمن خطوط التجارة الدولية للاهتزاز.

وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عربية عن مصادر في الأسطول الخامس الأميركي معلومات عن حصول اليمن على أنظمة توجيه دقيقة لمنظوماته الصاروخية الباليستية والبحرية، بما من شأنه أن يهدد الأمن الملاحي والمنشآت الحيوية في دول «التحالف» للاستهداف، وفق تلك المصادر.

/انتهى/