دأب المُحتل الصهيوني على استخدام الرياضة والفن والأدب والكثير من أدوات الحرب الناعمة لتلميع صورته، إلا أن الحقيقة كانت واضحة جليّة مدوّية، فالكل في قطر أجمع على رفض الاحتلال ونبذه، رغم اتفاقيات التطبيع المُذلّة من بعض الانظمة.

وكالة مهر للأنباء _ عبادة عزّت أمين: يَحبِس العالم أنفاسه اليوم وهو يشاهد منافسات كأس العالم لكرة القدم، المُقامة في قطر. فَكلُّ شعبٍ من شعوبِ الأرض وكلُّ فردٍ من أفرادها يتمنّى الفوز لِفريقهِ الذي يُشجِّعهُ ويَنتمي له، باحثين عن نوعٍ من الانتصار والفوز المؤقت، ولو لم يعود عليهم بفائدةٍ ملموسة.

ولايزال الجِدال حول "الساحرة المستديرة" _كما يُطلَق عليها_ قائماً بين مؤيدٍ لها _وهُم كُثُر_ وبين معارض؛ يعتبرها أداةً كغيرها من الأدوات لإلهاء الشعوب وصرفهم عن ما هو أهم وإعطائهم شيئاً من النصر الوهمي، ووسيلة قوية وخطيرة للتأثير على الشعوب؛ لو استُخدِمَت في الشر لأضرّت وأهلكت، وذلك لما لها من شعبية في قلوب الناس.

وبعيداً عن هذا الجِدال بين الفريقين، فقد أُقيم كأس العالم في قطر، ورغم امتعاض الكثير من هذا الأمر، إلا أن المنافسات انطلقت. وأثبتت البلدة المُضيفة أنها أهلاً للاستضافة، وعكَسَ الشعب القطري صورة جميلة عن الإسلام والثقافة العربية.

ومن الأمور الحسّاسة التي أزعجت الكثير في العالم الإسلامي والعالم العربي على وجه الخصوص، هو سماح قطر للصحافيين الصهاينة بالتواجد على أرضها ونقل مجريات البطولة.

ولكن سنّة الله لاتبديل لها، فقد مكر بني صهيون واستطاعوا التواجد في البطولة، إلا أن مكر الله وحسن تدبيره كان واضحاً جلياً، فقد تبيّن للقاصي والدّاني وبلا شك، كره الشعوب العربية وشعوب العالم الحر للكيان الصهيوني، وكأن المولى استدرجهم ليفضحهم ويُعرّيهم بالرغم من تطبيع بعض الانظمة معهم، والله أعلم.

وهذا ما أشارت إليه الإعلامية "الإسرائيلية"، ميخال أهروني، في مقال لها بصحيفة "يسرائيل هيوم"، حمل عنوان "الفلسطينيون كلهم في قطر، الواقع محرِج". وتحدثت فيه عن حالة من التفوق الفلسطيني خلال كأس العالم. وفي رسالة بعثت بها للمجتمع "الإسرائيلي"، كتبت أهروني: "ها نحن نكتشف أن هناك شعبا فلسطينيا ينبض بالحياة، ولندرك ذلك كان يتعين على وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تطير حتى قطر لنتذكر هذه الحقيقة"

وعي شعبي عالمي وعزلة صهيونية مُستَحَقّة

كثيرة هي الفيديوهات والمواقف التي وثّقتها عدسات الكاميرات في قطر، تظهر امتناع أحرار العالم من الحديث مع مندوبي الاحتلال الصهيوني في البلد المُضيف المضياف.

وهذا مايظهره هذه الفيديو الذي يشتكي فيه المراسل قلّة حيلته وكره الناس له، ويشير أيضاً إلى أن التطبيع مع الأنظمة لم ينفع فالكل هنا لايرغب بالحديث معه.

ولربما كان هذا "الظريف" أكثر ذكاءاً من سابقه، فقد حاول جاهداً التودد للجماهير وادعاء اللّطف و"الظرافة" إلّا أن الرد كان ساحقاً، ولو انه تعرض للطمةٍ على خدّه أهون عليه مما سمعهُ ورآه، فالجماهير الأردنية والتونسية وحتى مُشجّعة ألمانية، جميعهم رفضوا أن يشاركهم فرحتهم، ولعل كلمة الفيديو المفتاحية هي ما قالتهُ المُشجّعة الأردنية باللهجة العامّية "وخّر وخّر" وتعني بلغة أهل فلسطين والأردن "ابتعد ابتعد" أو بالأحرى "إنقلع".
وفي هذا الفيديو أيضاً، يضع مراسل الاحتلال الصهيوني نفسهُ في موقفٍ لايُحسد عليه، فقد دأب وحَرَصَ على أن يأخذ تصريحاً من المتواجدين، إلا أنهُ تعرّضَ لردٍّ عربيٍ مُركّب، فأحرار هذا المقطع من قطر ولبنان ومصر.
وعن جمال هذا المقطع وهيبته ف"حدّث ولاحرج". جماهير المغرب العربي ومعهم جماهير الجزائر _لِزاماً_ تهتف لفلسطين بعد فوز منتخبهم على منافسه الكندي، في مشهدٍ يعطي لنا صورة مُصغّرة عن الهتافات في ساحات الأقصى عند التحرير القريب.
وأما هنا فالرد كان إيرانياً قاسياً وأظهر هذا الفيديو رفض الأحرار الإيرانيين التواجد الصهيوني في المونديال، وهتفوا "مرگ بر اسرائيل" وتعني بالعربية "الموت لإسرائيل". في مشهدٍ يُظهر لأولي الألباب عمق هذه القضية ووسعة جعرافيتها، عربياً وإسلامياً وعالميا، في وقتٍ تسعى فيه آلة الدجال الإعلامية إلى تشويه صورة الشعب الإيراني أمام أشقائهم وجيرانهم العرب والمسلمين وبالعكس، وزرع بذور الفتنة وإذكاء نار الفتنة بين الشعبين، إلا أن أحقية هذه القضية كسرت محاولاتهم وجمعت الأحرار من كل حدبٍ وصوب على اختلاف مذاهبهم ومشارِبهم.
"يوم مُعفن" بهذه العبارة بدأ مراسل إحدى قنواة المحتل مُداخلتهُ، ولربما معهُ حق، فأن تُرمى من سيارة في وسط الشارع، وأن تُطرد من مطعم ويُطلب منك حذف كل ما صورته، أمرٌ مُزعج بالفعل.
لايخفى على المُبصرين أن الاحتلال الصهيوني حاول تجميل صورته بشتّى الوسائل، واستغل شهرة الرياضيين في بعض الأحيال لتلميع نفسه، وأيضاً استخدم الكثير من أدوات الحرب الناعمة ليحصل على مكانة في قلوب شعوب العالم، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك وأن محاولاته ذهبت أدراج الرياح وكأن "أبا زيد لم يغزُ"

نعم لقد أحزننا خبر استضافة مراسلين الاحتلال الصهيوني في دولةٍ عربيةٍ مُسلمة، إلا أن الخير كان يكمن في الشر. وكأن ما يجري هو مؤشرٌ على زوالهم القريب الحتمي ليس فقط من قلوب الأحرار، إنما من الوجود، فالشعوب الحرّة تأبى الظُلم، ومهما طال ليل الظالم لابد لشمس الحق أن تسطع، "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".

/انتهى/