كشف المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، فقد بات مخيم جنيـن محصّنا ومحاطا بحواجز أمنية، ومحملا بكاميرات أمنية نصبها الفلسطينيون، ومليئا بالمراقبة التي يضعونها للتحذير من دخول الجنود.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، ان في الآونة الأخيرة يشهد مخيم ومدينة جنين كل ليلة تقريبا اقتحاما لقوات الاحتلال، حيث يتخلل ذلك تنفيذ اعتقالات وارتقاء عدد من الشهداء، فضلا عن انفجار عبوات ناسفة مجهزة داخل بعض الحواجز، ومن الواضح الآن، بنظر الأوساط العسكرية الصهيونية، أن مخيم جنين أصبح نموذجا للمعاقل المحصنة، مما يفرض على جيش الاحتلال تحديا جديدا.

والعديد من ضباط الاحتلال اطلقوا بعض الأوصاف على مخيم جنين، وليس آخرها أنه تحول إلى" حصن للمقاومة"، بعد أن توّجت مدينة جنين كعاصمة للمقاومة منذ انتفاضة الأقصى، لكن المخيم المجاور لها ذا الحجم الصغير بات يكتسب بالفعل لقب (قلعة الرعب)، ففي كل ليلة تقريبا تقوم قوات الاحتلال باعتقال فلسطينيين، حيث تواجه بإطلاق النار من قبل المقاومين، وهو طقس أصبح شبه منتظم، وانتشر لمدن وقرى أخرى بالضفة الغربية.

وبدوره، كشف المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت يوآف زيتون، النقاب عن "تسجيل علامة فارقة أخرى في التصعيد الزاحف في جنين، ويتمثل لأول مرة باستخدام عبوات ناسفة ضد قوات الجيش، صحيح أنها مرتجلة، لكنها تعكس ما أصبح عليه المخيم في الأسابيع الأخيرة؛ فقد بات محصّنا ومحاطا بحواجز أمنية، ومحملا بكاميرات أمنية نصبها الفلسطينيون، ومليئا بالمراقبة التي يضعونها للتحذير من دخول الجنود، مع التقييم بأن الجيش قد يغزو في أي لحظة، حتى في أثناء النهار، علانية أو سرا".

وأضاف زيتون: "أن المشاهد المألوفة في المخيم باتت ترمز للتصدي لأي عملية ليلية للاحتلال، مما دفعه لنشر القناصين على الأسطح، وتفعيل التكنولوجيا الجديدة للجمع بين المراقبة الجوية والطائرات بدون طيار، وقريبا تزويدها بقنابل تسقط بسرعة قاتلة على المسلحين، خاصة إذا اختبؤوا على أسطح المباني المزدحمة بين أزقة المخيم. وفي كل الأحوال، لا يرى الجيش نهاية لسلسلة الهجمات المسلحة بالضفة الغربية، رغم حدوث انخفاض طفيف مؤخرا فيها".

في الوقت ذاته، يحذر جيش الاحتلال مما وصفها زيادة في مستوى الجرأة وكمية الذخيرة لنشطاء المقاومة الفلسطينية، مما يكشف عن حرب حقيقية تدور في الخفاء لوضع اليد على الوسائل القتالية التي تصل إليهم؛ لأن كل عملية لاعتقال المقاومين تنتهي بإطلاق النار على الجنود، مما يؤدي للرغبة في الانتقام، وصولا إلى تعميم صورة الأرض المحترقة.

من جانبه، أشار الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشاع، إلى أن "عام 2022، الذي سينتهي قريبا، سيُسجل كواحد من أكثر الأعوام دموية، حيث قُتل 31 صهيونياً، واستشهد أكثر من 200 فلسطيني. ومن أجل المقارنة، فإن عام الذروة في العقد الماضي هو 2015، مع 121 شهيدا فلسطينيا منذ انتفاضة السكاكين، وفي 2016 ارتقى 91 شهيدا، وفي السنوات التالية سُجلت أعداد أقل، في 2017 استشهد 38، وفي 2018 استشهد 36، وفي 2019 استشهد 27، وفي عام 2020 استشهد 20 فلسطينيا، لكن ارتفاعا مفاجئا شهده عام 2021، حيث قفز العدد إلى 80 شهيدا".

وأضاف الخبير يهوشاع:"أنه منذ بداية 2022، شهد وقوع أكثر من 450 عملية فدائية، بما فيها: 36 هجومًا بالقنابل، 300 عملية إطلاق نار، ومحاولة خطف ودهس وطعن، والتخوف في أوساط الجيش أن المناطق الفلسطينية اليوم مليئة بالأسلحة النارية، وتم استبدال إلقاء الحجارة على سيارات الجيش التي تقتحم المدن الفلسطينية بزجاجات حارقة والذخيرة الحية، مما سيعيد إسرائيل لذات الدوامة المدمرة من إراقة الدماء، وتنامي المقاومة المليئة بالمتفجرات".

جدير ذكره أنه يستخلص "الإسرائيليون" من هذا الواقع الجديد المتشكل في مخيم جنين، أنه في غياب حلّ "إسرائيلي" لموجة العمليات الفدائية، وفي ظل عدم قدرة الاحتلال على كبح جماحها في الضفة الغربية، فإن تخوفه يكمن في إمكانية انتشار نموذج هذا المخيم كقرية محصنة أيضا إلى تجمعات فلسطينية أخرى، مما سيعيق عمل جيش الاحتلال فيها، ويفرض عليه تحديا من نوع جديد.

/انتهی/