وكالة مهر للأنباء، وداد زاده بغلاني: لا حاجة للتذكير بأن قرار الغاء عضوية إيران من لجنة حقوق المرأة في الأمم المتحدة، يعتبر من إفرازات الهيمنة الامريكية على المحافل الدولية، التي عادة ما تستخدمها، عبر حلفائها الغربيين، والدول التي تدور في فلكها، كوسيلة ضغط ضد الدول التي ترفض الخضوع لهذه الهيمنة، وفي مقدمة هذه الدول ايران.
كما لا حاجة للتذكير ايضا ان القرار الامريكي، هو انتهاك صارخ لميثاق الامم المتحدة، فإيران شغلت مقعدها عبر انتخابات ديمقراطية، ولا يحق لاي جهة كانت سلب عضويتها، لذلك يمثل القرار سابقة خطيرة، دفعت المتحدث باسم منظمة الامم المتحدة ستيفان دوجاريك، الى التنصل من مسؤولية القرار، عبر التأكيد على ان "القرار اتخذ من قبل المجلس الاجتماعي والاقتصادي (ايكوسوك) ولم يكن للامين العام دور فيه. ولم يحصل اي تشاور مع الدائرة القانونية للأمم المتحدة بهذا الشأن".
الامر الذي أكثر بداهة ووضوحا مما سبق، هو ان امريكا تَسخرُ من العالم، عندما تحاول الظهور بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان في ايران، وخاصة المرأة، فامريكا التي تستخدم المنظمات الدولية كوسيلة لفرض ارادتها على العالم، تفرض على الشعب الايراني، ومنذ اكثر من أربعة عقود، حظرا، وصفته هي وعلى لسان مسؤوليها، بانه الاقصى في التاريخ، حتى حرمت الشعب الايراني من الدواء، وهو ما تسبب بموت الاف المرضى الايرانيين.
ايران التي الغت امريكا وبلدان الناتو واذنابهما، عضويتها في لجنة حقوق المراة، لا يوجد فيها مجال، علمي او تعليمي او ثقافي او سياسي او رياضي او فني او اجتماعي خاص بالرجال، دون النساء، فللنساء حضور مكثف كالرجال، في جميع هذه المجلات دون استثناء، بل تعتبر ايران من الدول القلائل التي يفوق عدد الطالبات عدد الطلاب في الجامعات.
وفي هذا الصدد اجرت مراسلة وكالة مهر حواراً صحفيفاً مع الكاتب والمحلل السياسي اللبناني الاستاذ "حسين محمد الديراني" ونص الحوار فيما يلي:
** كيف ترى جدية الجمهورية الاسلامية بالسعي لإنشاء قنوات حوار مع جميع دول المنطقة لتعزيز التعاون الاقليمي واستقرار الامن والسلام في المنطقة؟
منذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 والى يومنا هذا تسعى الجمهورية الاسلامية الايرانية بشكل جاد ومتواصل من اجل اقامة افضل العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع جميع دول المنطقة من اجل تعزيز التعاون الاقليمي واستقرار الامن والسلام في المنطقة، وتمد يد الاخوة والصداقة لجميع دول المنطقة بكل صدق وشفافية من اجل نشر الامن والسلام وبث روح الاخوة بين شعوب المنطقة وخصوصا العربية والاسلامية، ولكن تحقيق ذلك يخالف المصالح الامريكية والصهيونية، ويشكل خطرا على مواصلة الهيمنة على الكثير من بلدان المنطقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وامنيا، فلذلك نجد ان الادارة الامريكية والكيان الصهيوني يعملان دوما على تأجيج الصراعات العرقية والمذهبية والدينية والسياسية في المنطقة، منعا من تحقيق الوحدة والتعاون بينهما، فالكيان الصهيوني المؤقت يعتبر امنه واستقراره مبني على عدم التعاون والوحدة بين الدول العربية والاسلامية، وقد حقق العدو اختراقات ونجاحات في هذا المجال، فنجد الكثير من شعوب المنطقة وحكامها يرون الجمهورية الاسلامية الايرانية عدوا لهم بدل ان يرونها صديقة وحليفة وتسعى جاهدة لان تكون فعلا وقولا صديقة وحليفة من اجل الخير والسلامة والامن للمنطقة وشعوبها.
وهنا استحضر الاية الكريمة
" : إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ " .فالاعلام العالمي والمكره استطاع ان يبدل الصديق الى عدو، والعدو الى صديق..
** ما هو ردّكم على مزاعم البدعة القانونية والاجراء السياسي الجائر المتمثل في الغاء عضوية الجمهورية الاسلامية في لجنة المرأة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتستر على السياسات والإجراءات المناهضة للمرأة والأخلاق في الدول الغربية بدعم من أكثر الدول تجاهلا لحقوق المرأة؟
اولا: ان جميع المنظمات التابعة للامم المتحدة مسيسة، وغير مبنية على الاسس الاخلاقية والدينية والانسانية والعدالة، ويكفي هذه المنظمة تسترها ودعمها للكيان الصهيوني الغاصب لارض فلسطين العربية والاسلامية لان تكون منظمة مشبوة ومسيسة وظالمة وماكرة، ولا تعرف اسس القيم الانسانية السوية.
ثانيا: من سخرية الدهر ان تقوم دولة دكتاتورية كالمملكة السعودية بالتصويت لصالح قرار الغاء عضوية الجمهورية الاسلامية الايرانية من لجنة حقوق المرأة التابعة لمنظمة الامم المتحدة، بناء على طلب الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر نفسها وصية وحاكمة شرعية على العالم، ونحن نرى بام العين كيف تتعامل الاجهزة البوليسية الامريكية مع النساء الامريكيات باقسى درجات العنف والقسوة والارهاب والقتل، ونعلم كيف يقوم النظام الديكتاتوري في السعودية بالحكم 15 عاما بالسجن على عاملة اجنبية عربية وضعت اشارة " لايك " اعجاب على منشور يشيد بالمقاومة.
لقد اصبحت منظمة الامم المتحدة دمية بيد الطاغوت الامريكي الصهيوني، وقراراتها لا تساوى قيمة الحبر الذي يستخدمونه لطباعته ونشره. فأن مكانة المرأة في الجمهورية الاسلامية الايرانية تشكل اعلى مكانة للمرأة في العالم، فهي الام والمربية، والرائدة في كل المجالات الصناعية والصحية والتعليمية والادارية والفنية والرياضية والثقافية والسياسية والادبية وحتى العسكرية. ونسبة تخرج السيدات من الجامعات الايرانية تفوق بكثير عدد تخرج الرجال.
وما قرار الامم المتحدة الا جزء من الحرب الكونية التي تشنها الدول الغربية ومعها بعض دول المنطقة على الجمهورية الاسلامية الايرانية من اجل اضعافها، وشلها عن مواصلة دعم حركات المقاومة في المنطقة، ومن اجل فرض الشروط الامريكية في الاتفاقية النووية.
** الترويكا الاوروبية تواصل دعم وتنفيذ العقوبات والسياسات الأمريكية ضد إيران بشكل كامل فيما يخص خطة العمل المشتركة الشاملة "الاتفاق النووي"، اضف الى ذلك انهم رفضوا تنفيذ التزاماتهم بموجب الاتفاق، وذلك بفضل تضليل وخداع امريكا للمجتمع الدولي، يرى البعض ان استرجاع الاتفاق النووي وإحيائه لا يمكن إلا من خلال معالجة الجذور الرئيسية لوضعه الحالي. كيف تقيم الوضع الراهن؟
الدول الاوروبية خاضعة تماما للهيمنة الامريكية، وليس لديهم اي استقلالية في العلاقات الخارجية، فوزير الخارجية الأمريكية يعتبر وزيرا خارجيا لكل هذه الدول، ويعتبر وزيرا خارجيا للكيان الصهيوني، ولا تجرأ اي دولة اوروبية على القيام بتنفيذ اي التزام من الالتزامات التي تخص الاتفاق النووي، بل ينفذون القرارات الامريكية بزيادة العقوبات الظالمة على الجمهورية الاسلامية الايرانية، فالولايات المتحدة الأمريكية تمارس اقصى درجات التضليل والخداع والدجل والمراوغة على المجتمع الدولي، وتفرض سياستها الخارجية على المجتمع وما الاحداث المؤلمة الاخيرة في الجمهورية الاسلامية الايرانية الا جزء من الحرب الناعمة المفروضة التي تشنتها امريكا وعملائها في المنطقة من اجل زعزعة امنها واستقرارها، واضعاف قدراتها الأمنية والعسكرية، وبعد هزيمة هذا المشروع الشيطاني بحكمة قيادة الجمهورية الاسلامية الايرانية عاد العدو للحديث عن احياء الاتفاق النووي من جديد.
من الواضح ان استرجاع الاتفاق النووي وإحيائه لا يمكن إلا من خلال معالجة الجذور الرئيسية لوضعه الحالي، أي انسحاب اميركا منه في 8 مايو 2018. منذ الانسحاب، أعادت اميركا فرض جميع العقوبات اللاإنسانية والظالمة ضد إيران في انتهاك واضح لالتزاماتها القانونية الصريحة بموجب القرار 2231 (2015). بالإضافة إلى ذلك، فقد واصلت ما يسمى بسياسة "الضغط الأقصى" ضد الشعب الإيراني.
وكما أعلن وزير خارجية اميركا السابق صراحة وبلا خجل، فإن الهدف من هذه السياسة هو تجويع الشعب الإيراني. في الواقع، استخدمت أمريكا العقوبات الاقتصادية كسلاح في سياستها العدائية طويلة الأمد ضد الشعب الإيراني. وفي هذا الصدد، قامت اميركا، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، بإجبار جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوقاحة إما على انتهاك القرار 2231 أو تلقي العقوبة. هذا السلوك غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من تغيير الحكومة الاميركية في عام 2021، ظلت سياسة الضغط الأقصى دون تغيير. ورغم أن الحكومة الحالية تعترف باستمرار بفشل هذه السياسة، إلا أنها تواصل تنفيذها على نطاق أوسع وأكثر صرامة. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) تواصل دعم وتنفيذ العقوبات والسياسات الأمريكية ضد إيران بشكل كامل. لقد رفضوا، مثل اميركا، تنفيذ التزاماتهم بموجب الاتفاق ".
وبعد هزيمة مشروع الفتنة الاخير في الجمهورية الاسلامية ستكون ايران قادرة على فرض شروطها العادلة والمحقة، ولا يمكن ان تخضع لتهديدات الاعداء الذين سوف يدفعون ثمن مؤامراتهم الدنيئة في تهديد امن واستقرار الجمهورية الاسلامية الايرانية.
/انتهى/