وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه قال مسؤولان عراقيان في العاصمة بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، طلب من وزير الخارجية فؤاد حسين وفريق من مكتبه استئناف جهود الوساطة العراقية بين طهران والرياض بغية ترتيب لقاء جديد بين الطرفين خلال الفترة المقبلة.
ومنذ إبريل/نيسان 2021، استضافت بغداد، مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بين إيران والسعودية. وضمت الوفود ممثلين أمنيين ودبلوماسيين لكلا البلدين، ورعى رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي 5 جولات منها، كان آخرها في إبريل الماضي.
وكان من المقرر عقد جولة سادسة بين طهران والرياض نهاية يوليو/تموز الماضي، على مستوى وزيري الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والإيراني حسين أمير عبداللهيان وفقاً لما أعلن عنه حسين في 23 يوليو الماضي. إلا أن هذه الجولة تأجلت لأسباب متضاربة بحسب أوساط عراقية، من بينها أن التأجيل جاء بطلب إيراني للعراق، وأخرى تحدثت عن خلافات حيال الملفات التي ستُطرح في هذه الجولة، ومنها الملف اليمني.
وأبلغ مسؤول رفيع في مكتب السوداني، "العربي الجديد" أمس، بأن الأخير أوعز لوزير الخارجية فؤاد حسين وفريق من مكتبه باستئناف جهود الوساطة بين طهران والرياض من خلال فتح قنوات تواصل بينهما لتأمين عقد لقاء جديد. ولفت إلى أن "السوداني يأمل في تحقيق إنجاز خارجي أول له على هذا المستوى". كما أكد أن رئيس الحكومة "اطلع على تفاصيل ومجريات جلسات الحوار السابقة وأبرز نقاط الخلاف والتقارب التي تحققت".
هذه المعلومات أكدها مسؤول آخر في وزارة الخارجية بحديث هاتفي مقتضب مع "العربي الجديد". وأشار إلى أن "انعقاد الجولة الجديدة متوقف على الإيرانيين بالدرجة الأولى". وأوضح أن "السعوديين أبدوا تجاوباً مع عودة الحوارات على مستوى منخفض، غير أن الإيرانيين يطالبون بجدول زمني وملفات محددة لبحثها، مع التأكيد على عدم رغبتهم بمناقشة ملفات معينة"، من دون أن يذكرها.
وشدّد المسؤول على أن السوداني وجه باستئناف دور الوساطة بعد عودته إلى بغداد من عمّان.
ويعكس التوجه الحالي لحكومة السوداني تطابقاً واضحاً مع الحكومة السابقة في ما يتعلق بملف العلاقات الخارجية للعراق. وأبرز نقاط هذا التطابق تظهر من خلال تأكيدات المسؤولين العراقيين على عدم الانضمام إلى سياسة المحاور في المنطقة ومحاولة أداء دور التهدئة. وهذا ما يعتبر أملاً بالنسبة للحكومة التي شكلها تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم في البلاد والذي يوصف بأنه مُقرب أو مدعوم من قبل طهران، بأن تقدم نفسها كوسيط بين مختلف الأطراف.
وفي السياق، أشار عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب مثنى أمين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومة قررت المضي بالوساطة مجدداً انطلاقاً من أن الهدوء في المنطقة ينعكس إيجاباً على العراق". كما أكد أن "رئيس الحكومة قد يمضي بعيداً في مسألة الوساطة أو الربط بين إيران وعدد من دول المنطقة لتشمل الأردن ومصر أيضاً".
وكان العراق شارك في العشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي بـ"مؤتمر بغداد -2" الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان إلى جانب مصر والأردن. وجرى خلال المؤتمر التأكيد على المضي بالتفاهمات السابقة بين الدول الثلاث.
ولفت أمين إلى أن "السوداني يُدرك خطورة وقوف بغداد مع محور إقليمي أو دولي ضد أي محور آخر، ولهذا يعمل على جعل العراق متوازنا في علاقاته الإقليمية والدولية". كما شدد على أن "رئيس الوزراء سيعمل على نفس نهج الكاظمي في علاقاته المتوازنة مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية".
وأوضح أن "توتر العلاقات بين أي أطراف دولية وإقليمية في المنطقة ستكون له نتائج سلبية على الوضع العراقي الداخلي، ولهذا فإن السوداني يعمل على تهدئة الأوضاع من أجل ضمان عدم تأثر بغداد بتلك الأزمات والخلافات الإقليمية". وأكد أن "السوداني سيعمل، بدعم جميع القوى السياسية، على تهدئة الأوضاع الإقليمية من خلال وساطات ما بين عدد من الدول الإقليمية والعالمية".
/انتهى/