وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: الثورة الاسلامية بعد انتصارها استطاعت تغيير الجعرافيا السياسية والتكوين الجيوسياسي للمنطقة... ويعود الفضل الى هذا التغيير الى طبيعة خطاب الثورة الاسلامية... فالحزمة الايديولوجية والمحتوى البشري الثمين الذي قدمه الامام الخميني (قدس سره الشريف) بصفته صاحب الخطاب ومؤسسه، استطاع ان يخلق نموذجاً جديداً، وتقديم مؤلفة جديدة للمنطقة وللعالم اجمع...
فمع انتصار الثورة الإسلامية أدركت شعوب المنطقة أنه من الممکن أن يقفوا في وجه الغرب والشرق وبامکانهم تغيير المعادلات، وإن الإخفاقات المتتالية للکیان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة تُظهر أن الثورة الإسلامية كانت خير الهام لشعوب العالم...
نبارك للامة الاسلامية ولكل الاحرار في العالم بحلول ايام عشرة الفجر المباركة والذكرى الـ44 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبهذه المناسبة أجرت أجرت مراسلة وكالة مهر "وردة سعد" حواراً صحفياً مع المدير التنفيذي للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة فضيلة الشيخ "حسين غبريس"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** الكثيرون فوجئوا بثورة الامام الخميني (قده) والمسار الذي اتخذته منذ بداياتها، ولكن البعض اعتبرها واحدة من حركات التصحيح لمسار الامة وتفعيل لروح الاسلام في تحقيق القيم العظمى للدين... كيف تنظرون الى هذه الثورة المباركة في مسارها التاريخي؟
مبارك للشعب المسلم في ايران ولكل احرار العالم الذكرى الرابعة والاربعين للانتصار الإلهي الكبير، انظر الى هذه الثورة المباركة في ايران على انها امتداد طبيعي لكل مسار التاريخ منذ ان ظُلم النبي وظُلم الامام علي، واستشهد الحسن والحسين عليهما السلام، كنا نتوقع ان يأتي يوما لينتفض المسلمون ويحققوا العدالة الالهية وذلك تحقق عبر انتصار الثورة المباركة على يد الامام الخميني العظيم (قده)...
هذه الثورة حلم الانبياء والائمة، هذه الثورة حلم كل المستضعفين والمعذبين الذين ظلموا على مر التاريخ
هذه الثورة حلم الانبياء والائمة، هذه الثورة حلم كل المستضعفين والمعذبين الذين ظلموا على مر التاريخ... كنا ننتظر دولة الامام علي (ع) لتنبعث من جديد، وقد انبعثت دولة علي وتحقق الوعد الالهي، وانتصرت روح المحبة وروح الانسانية والعدالة بإنتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران... ليست مفاجأة وليست امرا يسير عكس الطبيعة، انما الواقع يقول بأن تراكم الظلم واستفحال الجريمة في مختلف البلاد في العالم، لا بد من ان ينتفض المعذبون والمستضعفون ليشكلوا حالة وجودية تنقلب على كل السيئات والواقع المر، فكان انتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران على يد الامام الخميني(قده) هي المسار الطبيعي والتاريخي لهذا الحق والعدل.
** من الاشكالات والتحديات التي طرحتها الثورة الاسلامية في ايران مسألة الولي الفقيه... حيث لا يزال الامر ملتبسا لدى بعض الاسلاميين انفسهم كما لدى الرأي العام... فماذا تمثل هذه المسألة من اهمية على صعيد الفكر الاسلامي واقامة الدولة واستمرارها في هذا العصر؟
لا اريد الخوض في تفاصيل معنى ولاية الفقيه، ولا اريد ان اناقش الكثيرين ممن ناقشوا واحبوا ان يكتبوا، وحصلت سجالات عديدة في صحة ذلك من عدمه، في التأييد والرفض، على كل ان كان مؤيد او معارض، محب او غير محب، الاعداء والاصدقاء والاتباع الكل ناقش ولاية الفقيه، ما استطيع ان اقوله بإختصار ان الولي لا بد له ان يكون حاضرا في اي حركة وفي اي ثورة وفي اي دولة، وفي اي حركة تغيير نحو الافضل، لا يمكن ان يكون هناك اكثر من امام او اكثر من ولي، واكثر من قائد واكثر من رئيس، الامة لا تستطيع ان تنهض برؤوس متعددة، وبقيادات متعددة...
الولاية ولاية الفقيه هي الامر المطلوب لانجاح اي حركة تحرر واي ثورة لا سيما في ايران الاسلام
هناك مجموعة من القيادات تحكم هذه الثورة او تلك، او هذه الدولة او تلك، ولكن يكون على رأسها ولي يملك الاختصاصات والتوجهات السليمة، وهكذا كان، ايران كان على رأسها ولي فقيه ابتداءً بالامام الراحل (قدس) ووصولا الى الامام السيد القائد حفظه الله تعالى، وقد شكلا كلا من موقعه، وبالفترة الزمنية التي قضاها، شكلا عنصر امان وطمأنينة، وعنصر نجاح وفاعلية للقيادة الحكيمة التي تمثلت، فكيف اذا كان الولي فقيها كما هو الحال في الامام وفي السيد القائد، الفقه روح الحياة بالنسبة لقضايانا كلها، نعم الولاية ولاية الفقيه هي الامر المطلوب لانجاح اي حركة تحرر واي ثورة لا سيما في ايران الاسلام.
** منذ اليوم الاول لاقامة الدولة الاسلامية في ايران طرحت مسألة الوحدة الاسلامية ولم تتوقف الحركة لانضاج هذا الهدف باساليب ووسائل مختلفة... لماذا هذا الاصرار من قبل قادة الجمهورية الاسلامية لتحقيق وحدة المسلمين على الرغم من واقع الحال المؤلم بين المسلمين؟، وما هي مكانة هذا الشعار في العقيدة الثورية للقيادة الايرانية؟
من اهم التجليات العظيمة للثورة الاسلامية المباركة في ايران، هي مناداة قادتها بدءا من الامام وليس انتهاء بالسيد القائد، ومرورا بكل القيادات الحكيمة من مراجع وعلماء وقيادات سياسية ورؤساء جمهورية، ورؤساء مجالس شورى، وقيادة حرس وما شابه ذلك، الكل توافق على مسألة اساسية تعتبر صمام امان للدولة الاسلامية ولحركة الثورة الاسلامية عالميا، الا وهي الوحدة بين المسلمين...
لقد شكلت الوحدة هاجسا وهما عند الامام (قده) وهو الذي بارك لتأسيس تجمع علماء المسؤولين الذين نشرف انا واخواني على 300 عالم من العلماء المسلمين في لبنان، كانت البذرة الاولى ببركة هذا الامام ورضاه وموافقته (رض)، ونحن حملنا هذه الامانة لنكمل المسيرة مسيرة الحق والعدل والجهاد، مسيرة الوحدة بين المسلمين، هذه المسيرة اثبتت جدواها ونجاحها وفعاليتها...
اليوم لا يمكن ان يتحقق اي مطلب، ولا يمكن ان تتحقق العدالة الا بوحدة المسلمين الجناحين السني والشيعي
كثيرون كانوا يختلفون مع بعضهم البعض في العالم الاسلامي، كثيرون كانوا يتقاتلون ويختلفون، وعندما جاءت الثورة الاسلامية المباركة في ايران واعلن الامام الوقوف بقوة الى جانب كل مستضعف وكل حر شريف في العالم ونادى بالوحدة بين المسلمين، اختلفت الصورة، اليوم لا يمكن ان يتحقق اي مطلب، ولا يمكن ان تتحقق العدالة الا بوحدة المسلمين الجناحين السني والشيعي، وهكذا كان، ونحن اليوم نفتخر ونعتز ان هذه الوحدة وصلت الى ما وصلت اليه، وستستمر، وسندافع عنها بكل قوة وبكل شراسة لكي تحفظ هذه الوحدة بعيدا عن الاذى والضرر والمخاطر التي يشنها العدو علينا لتفرقة صفوفنا.
** فضيلة الشيخ هناك من يقول ان الامام الخميني الراحل هو مفجر الثورة الاسلامية... وان الامام الخامنئي هو باني الدولة الاسلامية في ايران... ما هي الاسس التي تبناها السيد القائد لمواجهة التحديات خلال العقود الثلاثة الماضية للحفاظ على الثورة وبناء الدولة؟
الامام (رض) ومنذ اللحظات الاولى عمل على رعاية الثورة قبل انتصارها واسس لها، وحدد لها الاهداف، وعندما انتصرت وبعد عشر سنوات من الانتصار رحل روح الله الموسوي الخميني لكن ما بقي هو باق في كل ضمير كل حر وشريف ومستضعف، هو باق فينا يحرك فينا الهمم والروح العالية
نحن نعلم ان الثورة احتاجت الى وقت طويل كي تنجح وكي تستمر، وكي تأخد مسارها الطبيعي، الامام (رض) ومنذ اللحظات الاولى عمل على رعاية الثورة قبل انتصارها واسس لها، وحدد لها الاهداف، وعندما انتصرت وبعد عشر سنوات من الانتصار رحل روح الله الموسوي الخميني لكن ما بقي هو باق في كل ضمير كل حر وشريف ومستضعف، هو باق فينا يحرك فينا الهمم والروح العالية، لا يمكن ان ننسى هذا الرجل الفاضل وهذا الامام الكبير العظيم، لكن لمجرد ان انتصرت الثورة في ايران وجهت من قبل الاعداء والمستكبرين بحرب ضروس على مدى ثماني سنوات ونصف شنها النظام البائد في العراق ضد الجمهورية الاسلامية ظنا منه ووراءه الاسياد ان يجهضوا هذه الثورة وان يطفئوا جذوة ونور هذه الثورة ولكنهم خسئوا.
الحمد الله اليوم الثورة احتاجت الى قائد بعد الامام وكان القائد وثقة الامام الامام السيد القائد الخامنئي حفظه الله تعالى، لقد اعطى هذا الرجل الكبير والحبيب قلبه وعقله وروحه وكل وقته للثورة، وتفاعلت الامة معه لانه صادق، استطاع هذا الرجل الكبير ان يأخذ ايران الى مصافي الدول الكبرى في العالم، لقد استطاع بحكمته وبهدوئه وعلمه وثقافته وايمانه وصبره استطاع ان يأخذ ايران الى الامام وبسرعة قياسية...
اليوم مضى على ايران على حكم السيد القائد ثلاثة وثلاثين سنة، هذه العقود الثلاثة والنيف ارسى الامام هذا الحكم والحاكمية، وقدم للعالم نموذجا راقيا حول كيف ان تبنى الدول وكيف يمكن ان تنجح الشعوب، وكيف يمكن ان تكون متطورة وحديثة، وهذا هو الاسلام الذي دائما يحاكي كل الظروف وكل الاوقات وكل المراحل وهذه هي ايران الاسلام اليوم.
** ربما كانت المقاومة للاحتلال والهيمنة في المنطقة من اهم انجازات الثورة الاسلامية لنصرة المستضعفين والتصدي لقضايا الامة الجوهرية في المنطقة والعالم... بينما يتحدث البعض عن تصدير الثورة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار... فما تعليقكم على ذلك وما مبررات دعم حركات المقاومة في المنطقة؟
انا اشهد منذ اللحظات الاولى للثورة وكما يعرف الكثير في لبنان وفي فلسطين وفي كل دول العالم العربي والاسلامي ان المسؤولين الايرانيين سواء السفراء او المعتمدين او الرسل الذين يذهبون الى هنا او هناك او الدعاة، نشهد امام الله ان هذه الدولة لم تطلب اي شيئا من احد من المحبين والاتباع والموالين لم تطلب ولم تأمر اي امر، تركت الامور للشعوب ان تعيش قضاياها هي...
الايرانيون يعلمون، والسيد القائد هو اول من يدرك لا بل وادرك اننا لا نتدخل في شؤون الشعوب، بل ان كل دولة فيها موالون ومحبون هم يرون المصلحة المناسبة، ويفعلون ما يفعلون، وبالتالي مسألة تصدير الثورة ومسألة انتشار التشيع، ومسألة الهيمنة واتخاذ القرار انما هي مجرد افتراءات على جمهورية الاسلام...
لقد اثبتت هذه الجمهورية صلابتها وعزتها وقوتها وحضورها وشموخها، من خلال بركة الله بمدها بالعطاءات، ولكن ماذا يمكن ان نفسر دولة تقاتل، دولة تحاصر، تواجه بكل انواع الحروب والعنف وتبقى صامدة، لا بل وتتطور يوما بعد يوم وتصل الى ما تصل اليه هذه الثورة المباركة، لولا انها صادقة لما استمرت بهذا الجهد، وبهذه القوة، وبهذا الشموخ وهذا الانبعاث على كل المستويات.
انها دولة صاحب العصر والزمان (عج) وهي دولة كل الائمة، حتى تصل النوبة الى دولة رسول الله (ص) دولة الحق والعدل، بارك الله فيها وامدها بالعز والنصر، ومن نصر الى نصر، وستصل النوبة بإذن الله ان تحكم هذه الثورة بنورها ووهجها، وتكون ملاذا لكل مستضعفي العالم، انه سميع مجيب.../انتهى/