وكالة مهر للأنباء _ القسم الدولي: وإبان عملية الاغتيال الجبانة أعلن المجرم ‘إسحاق رابين’ عن سعادته باغتيال الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي بقوله: ‘إن القتلة قد نقصوا واحدا”، كما رأى الموساد الصهيوني أن عملية اغتيال الشهيد الشقاقي إحدى "أنجح العمليات التي قام بها"، لما كان يشكله من خطورة على الكيان الصهيوني.
وفي يوم الأحد 19_ مارس_ 2023 استهدفت عناصر "الموساد" الشهيد القائد في سرايا القدس _الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي_ المهندس علي رمزي الأسود، بأكثر من 30 رصاصة و4 طعنات بالسكين، بعد خروجه من منزله صباحاً، في منطقة "ضاحية قدسيا _ إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق" ليلتحق على إثر ذلك بركب الشهداء والسابقين.
وإبان العملية، منح رئيس شعبة "أمان" الوحده 504 جائزة خاصه مكافأة على تنفيذها "عملية نوعيه وفريده على الجبهه الشماليه، أحدثت تغييرا مهما في صورة الوضع في الشمال" على حد زعمه.
تشابهت العمليتان مع اختلافٍ في الزمن، فبين الأولى والثانية ثلاثة عقود، من العمل والجُهد والإعداد والمُشاغلة. ظن الاحتلال أنه باستهداف الشِقاقي يمكنه أن يُطفئ شعلة الجهاد الإسلامي المُشتعلة، لكنه كالعادة يُخطي في الحسابات، فلم يثني أبناء الجهاد الإسلامي استشهاد الشقاقي عن متابعة النضال، واستهدافهم للشهيد رمزي الأسود دليلٌ واضح على أن استهدافهم الشقاقي لم يجدي نفعاً، وكذلك استهدافهم الأسود لن يجدي نفعا، والأمر يرجع لطبيعة الشعب الفلسطيني، فكلما قدّمَ دماءً أكثر، كلما اقترب من التحرير أكثر وكلما تحمّل الاحتلال أعباءً أكثر، فكما نعرف هذا الشعب فإن الانتقام والثأر جزءٌ لا يتجزأ من ثقافته التي يربي عليها أبناءهُ.
الشهيد رمزي الأسود.. مجهولٌ في الأرض معروفٌ في السماء
لم يترك الأوائل شيئاً إلا قالوه، ومما قالوا: "كم من مشهور في الأرض مجهول في السماء وكم من مجهول في الأرض معروف في السماء".
وهذا القول ينطبق على شهيد السرايا "علي الأسود" الذي ينحدرمن مدينة حيفا داخل فلسطين المحتلة عام 1948، والذي لجأت عائلته إلى سوريا إبان النكبة، واستقرت في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق. فقبل استشهاده لم يكن يعرفه إلا القليل وأما بعدما استشهد ذاع صيته وبلغ عنان السماء.
وهذا ما أكدهُ أحد الأشخاص المقربين من الشهيد، في حديث مقتضب لوكالة مهر للأنباء، عندما سألناه عن الشهيد قال: الشهيد القائد المهندس علي الأسود الملقب ب (إيهاب)، العمر ٣١ سنه، متزوج وله ٣ أبناء، توفي والده ووالدته وهو في سن مبكر، التحق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي مبكراً عام ٢٠٠٥، وكان يبلغ من العمر 14 عاماً حينها، وكان من أبرز الشباب المشاركة في نشاطات الحركة الثقافية والجماهيرية والمشاركة في المسيرات ووضع صور الشهداء على جدران مخيم اليرموك.
ويضيف المصدر: خرج الشهيد الأسود من اليرموك خلال الأزمة السورية، وتنقل في دمشق وضواحيها، درس الكيمياء في سوريا، وخضع لدورات عسكريه كثيرة، وبعد التخرج من الجامعة تمركز عمله في إنتاج وتطوير الصواريخ وايضا صناعه المسيرات و تطويرها، وكان على تواصل دائم مع مهندسي السرايا الذين يعملون معه في قطاع غزة.
وأضاف المصدر: تدرج الشهيد حتى أصبح قياديا من قيادات سرايا القدس في الخارج، له بصمات مؤثره جدا في كل معركة مع العدو الصهيوني، في كل صاروخ يخرج، وكان آخرهم صاروخ "القاسم"، ووله أثر أيضاً في كل مسيرة من المسيرات وكان آخرها مسيرة "جنين"، وفي كل عبوة تنفجر في الضفة الغربية أيضا له بصمات فيها، وكان يتعاون مع مهندسي كتيبة جنين وكتائب الضفه الأخرى.
وتابع المصدر: إيهاب كان يثابر دائما في عمله، كان كل وقته في العمل وفي السفر يتنقل بين سوريا ولبنان وايران، دائما يعمل في التطوير والتجارب، حتى يوم استشهاده. كانت بصمات الحقد واضحة من أسلوب الاغتيال بحيث تعرض ل ٣٠ طلقة و ٤ طعنات بالسكين بعد استشهاده، وهذا دليل على حجم الاذى الذي كان يسببه للكيان الصهويني الذي قتله غدرا و بحقد كبيرين.
وأضاف: كان على الصعيد الشخصي متواضع، خلوق، متدين، صادق، حنون، محب لأهله ومحب لأصدقائه، محبوب من الجميع، كل من تعرف عليه عن قرب سماه ب"الشهيد الحي"، كان ذكي ولمّاح، يمتلك صفات القائد الشجاع والحكمة و القدرة العاليه على إدارة ملفه الخاص، كان محبوب من القيادة ومقرب جدا من القائد العام لسرايا القدس الحاج "أكرم العجوري" ؛الذي تعرض لمحاولة اغتيال في دمشق ارتقى على إثرها ابنه "معاذ العجوري".
على أكتاف الأصحاب إلى جوار الأحباب
شيّعت جماهير غفيرة، يوم الإثنين 20_3_2023 الشهيد علي الأسود، انطلاقا من مستشفى تشرين العسكري في دمشق إلى جامع الماجد في منطقة الزاهرة، حيث واري جثمانه الثرى بعد صلاة الظهر في مخيم اليرموك.
وشارك في مسيرة التشييع قيادات بارزة من المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية في سوريا.
وصدحت حناجر رفاقه المُطالبين بالثأر بصوت شق عباب السماء وألهب قلوب الغاصبين "لبيك ياشهيد" لسان حالهم "إن تمكّنتم من اغتيال الأسود فلدينا ألفُ أسودٍ وأسود"
ودُفن الشهيد قريبا من ضريح مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الشهيد فتحي الشقاقي، وكذلك قرب ضريح الأمين العام الراحل رمضان عبد الله شلح، وثلة من شهداء الحركة.
دواعي الاغتيال
وقال المسؤول باللجنة الإعلامية لحركة الجهاد الإسلامي في سوريا، كمال عبد الله، ان الشهيد أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في مخيم اليرموك بدمشق، ثم درس الهندسة الكيميائية بجامعة دمشق، وتخرج منها بتفوق.
ووفقاً لشهادة عبد الله، الذي تحدث للجزيرة نت، فقد أسهم الأسود بعد تخصصه “في تطوير الجوانب الهندسية للقدرات العسكرية لسرايا القدس، وخاصة في مجال الصواريخ وتطوير مدياتها وقوتها التفجيرية. الأمر الذي أكده مصدرنا.
ويرجّح عبد الله أن يكون تخصص علي الأسود الفريد ومساهمته الفاعلة في تطوير قدرات السرايا دافعا أساسيا لاغتياله.
والشهيد، كما أخبر صديقه، أسّس صندوقا خاصا لمساعدة الفقراء والمحتاجين الفلسطينيين في سوريا، وحدّث أقاربه قبل أيام عن رؤيا وجد نفسه فيها شهيدا.
الجهاد الإسلامي تنعي شهيدها وإدانات واسعة لعملية الاغتيال
وحملت حركة الجهاد الإسلامي الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية هذه الجريمة الغادرة، وقالت: “نؤكد أننا سنواصل مواجهة العدو ومواجهته والرد على كل جرائمه بحق شعبنا ومقاومتنا".
وتابعت: إن سرايا القدس ستواصل عملها وجهادها وتجهيزها وقتالها في جميع الساحات دفاعا عن أرض فلسطين المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، وخلافة الشهداء والقتال.
وأضافت الحركة: "حجم التضحيات التي قدمها أبناؤها البواسل في كل مكان لن يقلل من قوتهم “.
بدورها، نعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الشهيد رمزي الأسود، وقالت الحركة إن اغتيال الشهيد “الأسود” في ريف دمشق جريمة إسرائيلية جديدة لن تثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة طريق المقاومة حتى التحرير والعودة.
وبدوره كتب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، تغريدة على صفحته الخاصة في "تويتر" جاء فيها: إن طبيعة الكيان الصهيوني تقوم على الإرهاب والجريمة، مضيفاً: لو كان اغتيال المجاهدين منفذاً للكيان الصهيوني، لما كان ليعيش اليوم في حالة من اليأس والقلق من الانهيار.
وختم كنعاني تغريدته بالقول: المقاومة قوية وعلم المقاومة ضد الصهيونية أعلى من أي وقت مضى.
استشهاد القائد المهندس "علي رمزي الأسود" دليلاً آخر على جرام الاحتلال وانتهاكه للقوانين الدولية وسيادة الدول الاخرى، وشاهداً إضافياً على صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على انتزاع حقه المسلوب بكل ما أوتي من أسباب القوة، وإشارة لأصحاب الفطرة السليمة على وهن المُحتل الذي يعاني من أزمات داخلية يسعى لتصديرها، ولم ينتهي مسلسل إجرام الاحتلال ولن تنتهي قوافل الشهداء حتى التحرير الكامل، فكلُ زيتونة تُنجِبُ شهيداً ومُحال أن ينتهي الزيتون.
/انتهى/