قال الدبلوماسي الإيراني السابق الدكتور، هادي افقهي، ان التمدد العقلاني الحقوقي والأخلاقي للصين، سيحرج الاميركيين لانها لا تتعامل بقوة السلاح والتهديدات والعقوبات وضرب الاتفاقيات العالمية والمعاهدات الدولية.

وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: بعد نجاح بكين في وساطتها لاستئناف العلاقات الإيرانية- السعودية، يرى محللون أنّ هذه الخطوة تعزز شعوراً بتنامي القوة والنفوذ الصينيين، ما يغذي الحديث عن تضاؤل النفوذ العالمي للولايات المتحدة.. وينطوي الاتفاق المفاجئ بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على الكثير مما يثير انزعاج المسؤولين في واشنطن، وأبرز ما في ذلك دور الصين المتنامي كوسيطٍ للسلام في منطقة لطالما تمتعت فيها الولايات المتحدة بالنفوذ.

فنموذج الصين للدبلوماسية الجديدة حقق فوزاً بالصفقة الإيرانية السعودية، معتبرةً أنّ مبادرة بكين تمثّل نموذجاً جديداً لإدارة العلاقات الدولية.. ويرى الكثير من المحللين ان الصين اقتربت من الشرق الأوسط الغني بالنفط حيث ظهرت في المرتبة الأولى في العالم كمستورد للطاقة، لكن دورها الآن أكبر بكثير.. وعلى الرغم من الدور التاريخي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإنّ الصين باتت تمتلك قوة اقتصادية ودبلوماسية متزايدة هناك.

واكد الباحثون ان الاتفاق بين إيران والسعودية شكّل دفعاً إضافياً للمبادرات الدبلوماسية الصينية التي تقول إنها بمنزلة نموذج جديد لإدارة العلاقات الدولية.

وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الدبلوماسي الإيراني السابق الدكتور "السيد هادي سيد أفقهي"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** التقى الادميرال علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للامن القومي الايراني بكبار المسؤولين العراقيين في بغداد ضمن مسيرة تطوير وتعزيز العلاقات الاستراتيجية، ولكن السؤال الذي يطرح هل الزيارة روتينية ام ان هناك جوانب بالغة الاهمية حصل فيها اتفاقيات ان كان على المستويين الأمني أوالاقتصادي؟

الزیاة اتت تتويجا للزيارات والاتفاقيات السابقة خصوصا على المستوى الامني، وبحضور السيد شمخاني بإعتباره امين المجلس الاعلى للامن القومي وممثل السيد القائد في هذا المجلس الذي يتبنى القضايا الامنية فيما يتعلق بالجولات الخمسة التي جرت في بغداد بيننا وبين المملكة العربية السعودية، والتي كان مستواها امني.. وستنتقل هذه المهام الى وزارة الخارجية وتكون المفاوضات اذا حصلت اتفاقيات على المستوى السياسي والدبلوماسي.

اذن زيارة السيد شمخاني لهذا السبب، والاهداف من هذه الزيارة هي أهداف أمنية بإمتياز.. لانه حصلت تجاوزات من داخل اقليم كوردستان العراق لعدة مرات.. قامت ايران بسبعين مراسلة بين وزارة الخارجية الايرانية ووزارة خارجية العراق، وكذلك الاقليم... تتضمن شكاوى ايران من اعتداءات ارهابية من طرف بعض المنظمات الارهابية الايرانية المسلحة هناك..

كل هذا دفع بالسيد شمخاني لزيارة بغداد ووقع اتفاقية امنية شاملة لا تشمل فقط اقليم كوردستان بل كل العراق، وتعهد البلدان بأن لا يسمحا للطرفين كل منهما من اراضيهما الاعتداء على الآخر.
اضف الى ذلك ان هناك بعض الديون المترتبة على العراق وتأخرت بتسديدها، ومن هنا رافق السيد شمخاني رئيس البنك المركزي الايراني الدكتور فرزين، والحمد الله توصل الطرفان الى حل هذه المشكلة، وربما سيكون التعامل خارج الدولار بالدينار العراقي وسائر والعملات مثل الدرهم الإماراتي او اليورو وما الى ذلك، فإذن هذه الزيارة بالدرجة الاولى أمنية ومن ثم اقتصادية.

** برأيكم هل هذه الاتفاقيات من شأنها كسر قيود الحصار اللاقانوني والعقوبات الجائرة على اقتصاد البلدين؟ وماذا عن المصادفة الملفتة بين زيارة وزير التجارة السعودي الى بغداد وزيارة السيد شمخاني؟

بالرغم من الضغوطات الاميركية والتزام العراق بالعقوبات الأحادية غير الحقوقية والقانونية، الا ان العراق حاول قدر الامكان ان يكسر هذا الطوق ليستمر ويستأنف التعامل مع جارته ايران

بالبالرغم من الضغوطات الاميركية والتزام العراق بالعقوبات الأحادية غير الحقوقية والقانونية، ولكن العراق حاول قدر الامكان ان يكسر هذا الطوق ليستمر ويستأنف التعامل مع جارته ايرانرغم من الضغوطات الاميركية والتزام العراق بالعقوبات الأحادية غير الحقوقية والقانونية، ولكن العراق حاول قدر الامكان ان يكسر هذا الطوق ليستمر ويستأنف التعامل مع جارته ايران لتسديد الديون، وكي تستمر ايران بضخ الغاز الى الداخل العراقي..

من غير المستبعد بعد ان حصلت هذه المصالحة بين ايران والسعودية على جميع المستويات أن يتم لقاء بينهما.. هناك توجيه دعوة من الملك سلمان الى السيد رئيسي، اتصور انه لربما لا تكون صدفة وربما تكون صدفة، ولكن بكل الاحوال طالما الاجواء ايجابية، وزير التجارة السعودي اعلن عن رغبته بإستثمارات بين البلدين، ولكن لا علم لي اذا كان سيتم هناك لقاءا مباشرا بين الطرفين الايراني والسعودي ام لا.

** من المعروف عن الولايات المتحدة الامريكية غرورها وتعاليها واعتبار نفسها بانها القوى العظمى والاكبر في العالم والتي ترفض ان يحصل اي شيء في المنطقة او غيرها من اتفاقيات وتقارب دول الا عبرها، كيف تنظر الى ما حصل من تفاهمات بين دول المنطقة؟

على المستوى الرسمي رحبت بشكل حذر الولايات المتحدة الأمريكية عبر لسان وزير الخارجية بلينكن، واعتبرت أن هذه دلالة على ان المنطقة متجهة نحو الاستقرار، وركز الجانب الأميركي على الملف اليمني أكثر لان كانت هناك مساعي حميدة بوساطة من مندوب الامم المتحدة لهدنة لمدة ستة اشهر بين الطرفين اليمني والسعودي، لانه إذا لم يلتزم الطرف السعودي ببنود الهدنة التي وقع عليها كل الأطراف ستقوم القوات اليمنية بضرب المنشئات النفطية.. ولهذا رحبت أمريكا بالإتقاقية خوفا من حصول أزمة طاقة نفطية إذا تم ضرب المنشئات في السعودية.. ومضاعفة ازمة الطاقة التي حصلت بعد الازمة الروسية الاوكرانية، وقطع صادرات النفط والغاز الى العواصم الغربية...

التقارب لا يروق لاميركا لانها تعتبر ان كل هذه المنطقة هي حديقة خلفية لها، وكل مصادر الطاقة في قبضتها، وكل التعاملات التجارية يجب ان تمر عبر الدولار وعبر الية السويفت وغيرها

ولكن في التحليل نقول هذا التقارب لا يروق لاميركا لانها تعتبر ان كل هذه المنطقة هي حديقة خلفية لها، وكل مصادر الطاقة في قبضتها، وكل التعاملات التجارية يجب ان تمر عبر الدولار وعبر الية السويفت وغيرها، ومن هنا اتصور انه في المجموع أن اميركا غير راضية عن هذا التوسع والتمدد الصيني، وعن هذه اللقاءات لحل مشاكل المنطقة بين حكامها ومسؤوليها ويرجع ربح التفاهمات الى شعوب المنطقة.. اميركا تحاول ان تصدر السلاح لان الاقتصاد الاميركي في جانب كبير منه يعتمد على بيع الاسلحة والصفقات الكبيرة كما نرى ونسمع في منطقتنا، حتى ان هناك دول رغم وضعها الإقتصادي الصعب وليس من اولوياتها شراء هذه الكمية من الاسلحة، الا ان سياسة اميركا هي الهيمنة والسيطرة على المنطقة..

اذن هذا التمدد العقلاني الحقوقي والأخلاقي للصين، سيحرج الاميركيين لانها لا تتعامل بقوة السلاح والتهديدات والعقوبات وضرب الاتفاقيات العالمية والمعاهدات الدولية.

** في ظل هذا التقارب بين الدول والتحالفات التي تحصل ان كان في المنطقة او على صعيد العالم، والتي تكسر الى حد كبير الهيمنة الاحادية الاميركية، اين اصبح واضحى التقارب الايراني الاميركي؟

بعد زيارة السيد فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي الى أمريكا، ذهب السيد امير عبد اللهيان بدعوة من السيد فؤاد الى بغداد وقال له بصراحة وبالحرف الواحد انه يحمل رسالة من الجانب الأميركي لتفعيل المفاوضات النووية، وإحياء ما يسمى بالاتفاق النووي المتعثر، وعودة اميركا الى طاولة المفاوضات، كذلك كان هناك مساعي من الجانب القطري زار السيد محمد بن عبد الرحمن ايران ونقل نفس الرسالة، وكان هناك اخبار غير موثقة من انه سيزور طهران الملك هيثم بن طارق من سلطان عمان، وكذلك المحادثات والاتصالات الهاتفية بين السيد امير عبد اللهيان وجوزيف بوريل منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، ولكن كل هذا لم يحل العقدة الاميركية من انه "انا آامر وانت تنفذ" هذه المشكلة بيننا وبين الاميركيين، وهي تعرف اميركا بأن من خرج من الاتفاق هي نفسها...

بالعموم هي صعبة طالما ان الاميركي لم ينزل من الشجرة ولا يعترف بحقوق الآخر، ولا يتعامل بندية، ما دامت الامور هكذا، انا استبعد ان تحل بيننا، ولكن هناك رسائل من تحت الطاولة من بعض الدول الاوروبية وخصوصا السويسريين ان الأمركيين جادين، في عملية اطلاق سراح الجواسيس الاميركيين واسترجاع مواطنيين إيرانيين مسجونيين في السجون الاميركية، ربما تكون هذه بادرة خير وكذلك التقرير الذي رفعه السيد رافاييل غروسي بعد زيارته لطهران والذي كان تقريرا طيبا.

** هناك تخوف كبير في المنطقة من ضرب اميركية لإيران او ضربة من قبل العدو الصهيوني، سيما ان قادة الاحتلال والعديد من المسؤولين الاميركيين يغمزون من هذه القناة، فهل فعلا قد يكون هناك مغامرة بضربة لا سمح الله؟

استبعد جدا ان تقوم اميركا او العدو الصهيوني بهذه المغامرة الا اللهم اذا اراد ان ينتحر الجانب الاسرائيلي هذا ممكن

ربما يصل الى نقطة الصفر احتمال توجيه ضربة سواء من الجانب الأميركي الذي يغوص في مشاكله الداخلية والخارجية وسيما على مستوى الازمة الاوكرانية والازمة التايوانية، او على مستوى الجانب الصهيوني فإن نتنياهو الاخر يغرق في وحل مشاكل حكومته وهو يواجه معارضة شرسة، وكذلك تصعيد المقاومة الاسلامية مع الصهاينة، انا استبعد لا اقول مستحيل ولكن استبعد جدا ان تقوم اميركا او العدو الصهيوني بهذه المغامرة الا اللهم اذا اراد ان ينتحر الجانب الاسرائيلي هذا ممكن، ولكن الجانب الاميركي اعقل من ان يقوم بهذه العملية.

/انتهى/