وأفادت وكالة مهر للأنباء، ان كيان الاحتلال يحتفل بذكرى قيامه على أنقاض شعب آخر، ولكنه لا زال خائفاً يترقب، يحسب أن كل صيحة عليه من العدو قادمة لتدميره.
كيان يستحضر لعنة الثمانين، وتتبير العلو مرة أخرى، يعيش في جزيرة من العداء وعدم التقبل، رغم فرحته المؤقتة بعقد اتفاقيات تطبيع مع قيادات وأنظمة معزولة بعيدة عن شعوبها ولا تمثل النبض الحقيقي للجماهير.
في هذا التقرير نستعرض أبرز التحديات ونقاط الضعف التي تنخر في جسد كيان الاحتلال، وننظر إلى حالة التشاؤم الكبيرة التي يحياها الاحتلال ومفكروه وكتابه بشأن مستقبل كيانهم الهش.
10 تحديات جادة
الخبير في الشؤون الصهيونية عدنان أبو عامر، قال إن عشر تحديات تواجه دولة الاحتلال في ذكرى تأسيسها الـ75 على أنقاض فلسطين المحتلة، بالتزامن مع أزمتها الداخلية، وتطرح علامات استفهام حول وجهتها المستقبلية.
وبين، أن أولى التحديات هي تفوّق الصين على الولايات المتحدة، مما يعني خسارة الاحتلال داعما أساسيا قويا.
ويرى أن ثاني التحديات هو البيئة والنمو السكاني، مما يقوض الطاقة والمياه والأمن الغذائي فيها.
وكشفت إحصائيات صهيونية حديثة، أن سكان فلسطين المحتلة التي تسيطر عليها دولة الاحتلال بلغ 9.727 مليونا، منهم؛ 7.145 مليون يهودي بنسبة 73.5%، و2.048 مليون عربي بنسبة 21%، ويعيش فيها 28% من الأطفال بين 0 – 14عاما، و12% فوق 65 عاما.
وبينت الإحصائيات أن عدد السكان ارتفع في السنة الماضية بـ216 ألفا؛ فيما وصل 79 ألف مهاجر يهودي إلى الكيان، وتوفي 51 ألفا.
وثالث التحديات، وفق أبو عامر، هو الوضع السياسي، وتفكك العلاقة مع واشنطن. فيما التحدي الرابع يتعلق بتراجع العلاقة مع يهود العالم، رغم أنها أكبر مركز لهم، لكن فجوتهما تتسع، وفق وقوله.
ويرى أبو عامر أن التكنولوجيا والتخوف من فقدان الميزة العسكرية والنوعية التي احتفظت بها دولة الاحتلال هو خامس التحديات التي تواجهها في ذكرى تأسيسها على أنقاض الفلسطينيين قبل 75 عاماً.
وقال أبو عامر إن الصراع مع الفلسطينيين، وفشل التوصل لتسوية سياسية، يعد سادس التحديات التي تواجه الاحتلال الصهيوني.
وبين أن سابع تحد يواجه الكيان الصهيوني، هو حصول إيران على التكنولوجيا النووية، ونشوء خطر وجودي على دولة الاحتلال.
وقال في معرض حديثه عن التحدي الثامن، "تدهور اقتصادها لمستوى العالم الثالث، وهجرة الأدمغة".
وأكد أبو عامر أن زيادة التهرب من الخدمة العسكرية، وتآكل الدافع للتجنيد، هو تاسع التحديات التي تواجه الاحتلال، فيما قال إن ما يشهده المجتمع الإسرائيلي من استقطاب متعمق هو التحدي العاشر.
وخلال الأشهر الأربعة الماضية، اتسعت الفجوة في المجتمع بين المعارضين والمؤيدين للتعديلات القضائية المثيرة للجدل.
ويقول المعارضون إن الإصلاح الشامل سيهدد الديمقراطية، بينما يقول المؤيدون إنه من الضروري كبح جماح ما يصفونه بالمحكمة العليا ذات القوة المفرطة.
نقاط ضعف
الباحث في الشأن الصهيوني أيمن الرفاتي يرى أن أبرز نقاط ضعف الاحتلال هي مشكلة العمق الاستراتيجي، وهو ما يجعله دائماً خائفاً من المواجهات، وفق تعبيره.
وبين الرفاتي، في مقال له، أن الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والداخل المحتل عام 1948 يعدون أكبر خرق للعمق الاستراتيجي للعدو، ما يجعله مهدداً دائماً رغم محاولات السيطرة عليهم.
وشدد أن أكبر معضلة للاحتلال، هي نشوب حرب متعددة الجبهات بالتنسيق بين محور المقاومة، إذ يمكن لهذا الخيار أن يؤدي إلى تشتت القدرات الدفاعية لـدولة الاحتلال وعدم سيطرتها على مواجهة المعركة في أراضيها.
وأوضح أن مشكلة النزاعات الداخلية للكيان من أبرز نقاط الضعف، إذ تتعاظم الخلافات الداخلية في دولة الاحتلال في ضوء تصارع عشرات الأحزاب على السياسة والحكومة.
وقال إن الحالة الداخلية الإسرائيلية مقلقة للمفكرين الصهاينة الَّذين يرون أن (إسرائيل) تعاني انقسامات حادة على صعيد الواقع السياسي بين يمين ووسط ويسار ومتدين وعلماني، ومؤخراً ما بين مصالح المستوى السياسي ومصالح قادة الجيش، في مقابل تقلّص القضايا المركزية.
ووفق الرفاتي فإن المفكرين الصهاينة يرون في ذلك تهديداً قد يدخل الدولة في دوامة حرب داخلية أو يعيدها إلى حلقة الانتخابات المتكررة من دون وجود حكومة قوية قادرة على اتخاذ خطوات استراتيجية.
ومن نقاط الضعف التي أوردها الرفاتي المتغير الإقليمي، وقال إن اعتقاد دولة الاحتلال أنَّ انشغال الدول العربية والإسلامية بالخلافات الداخلية سيجعلها تبتعد عن التفكير في مواجهتها أمر لم يتحقق، فقد تغيّر الواقع، واستقرت أحوال أغلب الدول المحيطة بالكيان، وتراجع مشروع التطبيع مع الدول العربية في ظل تراجع الدور الأميركي في المنطقة.
وأشار الرفاتي إلى أنَ أبرز نقاط ضعف العدو تتمثل بالجمهور الصهيوني الذي لا يحتمل المعركة الطويلة، ولا يحتمل عودة الجنود إليه في التوابيت، إضافةً إلى فقدانه الثقة بقادته السياسيين.
تشاؤم صهيوني
الكاتب في صحيفة معاريف العبريّة، شموئيل روزنر، تساءل "هل ستصمد إسرائيل لمدة مائة عامٍ، رغم أنّها اليوم، وهي ابنة 75 عامًا، أصبحت مركزًا قويًا للأمن والتكنولوجيا الفائقة؟".
وقال المحلل "الصهيوني، إن آخر استطلاع أجري بين الإسرائيليين عشية عيد الفصح، أكّد أن غالبيتهم أنّهم ليسوا متفائلين بشأن مستقبل أمنهم القوميّ، رغم أنّ دولتهم دون أمنٍ لن تكون على الأرجح دولةً قائمةً، لأنّ سكانها يقظون بما يكفي للتذكر أنّ جيرانهم لن يترددوا بإيذائهم إذا اكتشفوا نقطة ضعف فيها.
وشدّدّ المحلل أنّه خلال الاحتفاليّة بذكرى تأسيس الدولة الخامسة والسبعين، تحوم فوقها سحابة مرهقة من حالة عدم اليقين، لأنّ كثيرًا من سكانها ليسوا متأكّدين أنّ الدولة التي يعيشون فيها لها مستقبل، بل يشعرون أنّها في خطر، ولذلك فهم قلقون جدًا.
وأرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب، أولّها أنّه رغم ما تتمتع به (إسرائيل) من قوّةٍ، لكن قراءة الواقع تظهر أنّها في خطر حقًا، مع وجود مشاكل أمنيةٍ دائمةٍ لم تتم معالجتها، بل تتفاقم، بحسب أقواله.
والسبب الثاني "حالة الاكتظاظ في دولة ذات مساحةٍ صغيرةٍ، وزيادة في نسبة المتدينين الحريديين المتعصبين ممّن لا يعملون.
والشبب الثالث هو المشاكل الناشئة عن استمرار احتلال الأراضي الفلسطينيّة، بالتزامن مع القلق من دروس التاريخ التي مرّت بها الأجيال اليهودية السابقة، عن سقوط الدول اليهودية القديمة.
وقال المحلل الصهيوني: "دولة إسرائيل اليوم لا تشبه دولة (الحشمونائيم)، فمشاكل يهود (إسرائيل) اليوم لا تشبه مشاكل يهود المنفى في حينه، ومع ذلك فإنّ استحضار مثل هذه الذكريات التاريخيّة يبدو قويًا هذه الأيام، بالتزامن مع تحرك يثير الاهتمام يتمثل بما يذكره القادة "الإسرائيليون" هذه الأيام من أحداث حُفرت في التاريخ الإسرائيليّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ الهولوكوست والاضطهاد”.
وأضاف "صحيح أنّهم يذكرون هذه الأحداث لتشجيع التماسك الداخليّ، لكنّه في الواقع يزيد من القلق الإسرائيليّ، ويرفع من منسوب عدم الاستقرار".
كسر الهيبة الصهيونية
الباحث الرفاتي يؤكد أن التقديرات الأمنية في دولة الاحتلال ترى أنَّ كل يوم يمر يحمل فيه جديداً في تطور قدرات المقاومة وتنامي المخاطر وصنع معادلات خطرة وتفكير متنامٍ في كيفية التخلص منها، "لكن الأخطر هو تراجع هيبة دولة الاحتلال لدى الفلسطينيين وتجذر الإيمان لدى الشعوب بقرب التخلص من هذا الكيان".
ويرى أن الضربات الموجعة التي تنفذها المقاومة خلال العقدين الأخيرين، وآخرها معركة "سيف القدس" عام 2021، تعزز الإيمان بأنّ هزيمة هذه الدولة والتخلص منها أمر قابل للتحقيق، وأنّها أوهن من بيت العنكبوت.
وأوضح أن أبرز تجليات كسر الهيبة الصهيونية هو نشوء جيل فلسطيني جديد يؤمن بخيار المقاومة في الضفة المحتلة والقدس، رغم التعقيدات الأمنية الكبيرة التي تجعل العمل المقاوم فيهما شبه مستحيل، “والمنطق يقول إنّه لو كان هناك شيء من هيبة جيش الاحتلال لما نمت المقاومة في الضفة وتصاعدت كما نراها اليوم".
إذن وفي مقابل الضعف والهشاشة الصهيونية المتعاظمة، وحالة الشك التي يحياها الاحتلال، يبرز صمود الفلسطيني وإصراره على تحرير أرضه وتطهير مقدساته وانتزاع حقوقه رغم مرارة الألم التي يتجرعها منذ قيام هذا الكيان الصهيوني عبر المجازر والقتل والتدمير.
وبات الفلسطيني موقنا يقيناً تاماً أنه قادر على تحقيق حلمه بالتحرير والعودة في وقت قريب، ويؤمن إيمانا لا شك فيه أن زوال الاحتلال حقيقة واقعة لا محالة عما قريب.
/انتهى/