وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: يزور الرئيس رئيسي دمشق في وقت بدأت تتوضح فيه معالم انتصار المقاومة وثباتها وفي وقت بدأت تتوضح فيه معالم الانفراج الاقليمي والدولي وتبلور عالم متعدد الاقطاب.. فهذه الزیارة تأتي في اطار العلاقات الاستراتيجية بين إيران وسوريا، فاليوم بات واضحا للجميع أن مواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقوم على العقلانية.
ويرى الكثير من المحللين ان زيارة الرئيس الايراني لدمشق تثبت ان هناك عمل جاد من قبل الجمهورية الاسلامية لدعم الاقتصاد السوري والنهوض به من أجل اعمار البلاد، وانها ستثمر عن توقيع عدد كبير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي في مختلف المجالات بما فيها الطاقة والنفط.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد عباسي ان سوريا وحلفاءها صنعوا الانتصار علی الارهاب وتمنكوا من افشال المشروع الاميركي في المنطقة واظهار اميركا علی حقیقتها، فقد كانت تحاول تمزيق المنطقة وتقزيمها والحاقها كلها بها.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع وزير الخارجية اللبناني الأسبق الدكتور "عدنان منصور"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** كيف تقرأون زيارة الرئيس الإيراني السيد الدكتور إبراهيم رئيسي الى سوريا في هذا الوقت واي دلالات ورسائل يحملها سيما ان الوفد المرافق للسيد رئيسي رفيع جدا واختصاصين؟
سوريا برئيسها الراحل تدرك اهمية ما حصل في ايران واهمية هذه الثورة وما يمكن أن تقدمه في المستقبل للقضايا المحقة في المنطقة وعلى رأسها قضية فلسطين ومواجهة قوى الهيمنة والتسلط وتحقيق القرار السيادي المستقل..
زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الى دمشق والتي يقوم بها الرئيس رئيسي لا شك بأنها زيارة مهمة، خاصة بانها الزيارة الاولى منذ عام 2010 اي منذ ثلاثة عشرة عاما، وخلال هذه الفترة تغيرت امور كثيرة في المنطقة وشهدت المنطقة تطورات عديدة على كل الصعد الامنية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، لذلك هذه الزيارة تكتسب اهمية كبيرة نظرا للعلاقة الوثيقة ما بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وسوريا، ونحن نعلم ان هذه العلاقة الجيدة الرفيعة المستوى بدأت منذ قيام الثورة منذ عام 1979 اذ وقفت سوريا في ذلك الوقت في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد الى جانب ايران، حيث كانت سوريا برئيسها الراحل تدرك اهمية ما حصل في ايران واهمية هذه الثورة وما يمكن أن تقدمه في المستقبل للقضايا المحقة في المنطقة وعلى رأسها قضية فلسطين ومواجهة قوى الهيمنة والتسلط وتحقيق القرار السيادي المستقل..
اذن منذ ذلك الوقت وعندما بدأت الحرب المفروضة على ايران، وجدنا ان هناك دولا عربية وقفت بجانب النظام العراقي وكانت تمده بالمال وبكل وسائل الدعم، ولكن كان لسوريا موقف مغاير وهو موقف داعم للثورة الايرانية وللنظام، على اعتبار ان سوريا في ذلك الوقت كانت تدرك جيدا خطورة ما يحصل على الارض، وما الذي تريده القوى الخارجية والاقليمية بأن تطيح بالنظام الثوروي الايراني...
هذا التراث التاريخي معروف لدى الجانب الايراني، ولذلك عندما مرت سوريا بالظروف العصيبة منذ عام 2011 وجدنا كيف ان الجمهورية الاسلامية وقفت الى جانب سوريا بكل قواها ديبلوماسيا وعسكريا ولوجيستيا واقتصاديا، ولم توفر شيئا الا وقدمته..
الان هذه الزيارة تأتي بعد متغيرات عديدة خاصة انه منذ اندلاع الاحداث في سوريا وجدنا القطيعة العربية مع سوريا، والقرار الذي اتخذ في الجامعة العربية بتعليق مشاركة سوريا في اجتماعاتها وايضا تقديم الدعم للفصائل المعارضة المسلحة السورية، كل ذلك ولد احتقانا كبيرا في المنطقة وصراعا على الارض، من خلال هذا الصراع وجدنا كيف ان فصائل ارهابية عبثت بالامن القومي لكل من لبنان والعراق وسوريا..
ايران لن تدخر جهدا الا وستقدمه الى سوريا، خاصة ان ايران لها الباع الطويل في مجال الاستثمارات والتنقيب عن النفط والغاز، وايضا اقامة المشاريع البنيوية الضخمة
اذن اليوم نحن امام مفصل جديد وخاصة ان التقارب العربي-السوري بدأ، بعد ان عرف العرب انه لا مجال للاستغناء عن سوريا، لا مجال للاطاحة بالنظام، هذا النظام قوي واستطاع على مدى سنوات ان يقف بكل قوة الى جانب الدولة، الى جانب رئيسه وجيشه، هذا الشعب السوري استطاع ان يجهض هذه المؤامرة الكبيرة التي دبرت ضد سوريا..
اليوم الزيارة والتي فيها وفد رفيع المستوى يرافق الرئيس رئيسي ومن مختلف القطاعات خاصة ان سوريا اليوم بحاجة لاعادة بناء، وايران لن تدخر جهدا الا وستقدمه الى سوريا، خاصة ان ايران لها الباع الطويل في مجال الاستثمارات والتنقيب عن النفط والغاز، وايضا اقامة المشاريع البنيوية الضخمة، باستطاعة سوريا اليوم ان تعتمد على ايران، ولما فيه من مصلحة للبلدين الشقيقين.. ايران جاهزة لتقديم كل ما بإمكانها ان توفره من اجل اعادة بناء سوريا، على اعتبار ان ايران وسوريا ودول اخرى في المنطقة أصبحت تشكل جبهة موحدة في وجه السياسات الغربية، في وجه الحصار، في وجه كل ما يعيق النهضة والوحدة في المنطقة...
** ايران في الطليعة والصدارة بالزيارات المكوكية الودية التي تقوم فيها تجاه دول الجوار وبقية دول العالم العربي والغربي فأين تضع ايران في الايام المقبلة واي حصاد ستحصده مما تقوم به؟
عدم الاستقرار في المنطقة ناجم عن التواجد الغربي، عن الاملاءات الغربية، عن النفوذ، عن الضغوط والحصار والعقوبات..
زيارة الرئيس رئيسي تأتي بعد ذوبان الجليد ما بين ايران ودول عربية خاصة مع دول الخليج، وهذا ما يؤشر الى مستقبل واعد، على اعتبار ان اي تقارب ما بين ايران والدول العربية يصب في مصلحة الجميع ويعزز من السلام والاستقرار والامن القومي للمنطقة..
الامن القومي للمنطقة يصنعه ابناؤه ولا يصنعه الخارج مطلقا، لذلك التعاون البناء مع وجود الثقة والنيات الحسنة من قبل الجميع، بإستطاعة هؤلاء جميعا ان ينطلقوا بالمنطقة ويعززوا من وحدتها، ومن قرارها السيادي بدل الاعتماد على الجهات الخارجية، التشنج او اي تباعد ما بين ايران والدول العربية بكل تأكيد يضر بالجميع، ولا يضر بدولة واحدة بل بكل الاطراف، نحن وجدنا كيف ان عدم الاستقرار في المنطقة ناجم عن التواجد الغربي، عن الاملاءات الغربية، عن النفوذ، عن الضغوط والحصار والعقوبات، كل ذلك باستطاعة دول المنطقة ان تجهض كل الاجراءات التي يتخذها الخارج ضد دول المنطقة...
الغرب على استعداد ان يضحي بنا جميعا من اجل مصالحه، لذلك هو لا يريد اي تقارب ما بين ايران والدول العربية
لا يتصور احد ان الغرب يعمل لصالحنا، الغرب يعمل لمصلحته بالدرجة الاولى، وهو على استعداد ان يضحي بنا جميعا من اجل مصالحه، لذلك هو لا يريد اي تقارب ما بين ايران والدول العربية، لا يريد اي تقارب بين سوريا ودول الخليج، ايضا لا يريد تقارب بين اي دولة عربية ودولة عربية اخرى فاعلة ومؤثرة في المنطقة لان السياسة التي يتبعها هي سياسة "التفريق" ، سياسة العزل بين دولة واخرى حتى يستطيع ان ينفذ الى قرار الدول، وان يملي شروطه وان يضعف مقومات هذه الدول..
اذن زيارة مهمة على مختلف الصعد، زيارة تاريخية بلا شك، سنرى ما سينبثق عنها من اتفاقيات اقتصادية سياسية وعسكرية./انتهى/