وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: تُجمع الأطراف المعنيّة بالملفّ اليمني، على أن الحرب بصورتها الشاملة ولّت إلى غير رجعة.. وفيما تبدو مشكلة الجانب السعودي مركّبة ومعقّدة جرّاء عوامل عدّة على رأسها ازدياد قلق الرياض وتردّدها كلّما اقترب استحقاق التوقيع على تجديد الهدنة وتوسعتها، خشية فقدانها القدرة على فرض شروطها في مفاوضات الحلّ النهائي، تبدي صنعاء الكثير من الهدوء والتريّث، وتتعاطى مع المستجدّات بواقعية تدفعها إلى التقدير أن فرص نجاح المفاوضات من عدمه متساوية..
ولقد اتضح للعالم اجمع اليوم، بمن فيهم المعتدون، من هو المنتصر الحقيقي في هذا الميدان.. فالمقاومة الملحمية والصمود الذي جسده الشعب اليمني من اجل الدفاع عن عزته واستقلاله في مواجه الاستكبار واذنابه، اذهل العالم... الشعب اليمني اختار نهج المقاومة، وسيواصل المضي بهذا الاتجاه اكثر قوة من اي وقت مضى..
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الكاتب والإعلامي اليمني الأستاذ "علي الدرواني"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** زيارة الوفد السعودي الى صنعاء برفقة الوسيط العماني لم تسفر عن صدور الاعلان الذي كان ينتظره الكثيرون، بوقف الحرب ورفع الحصار على اليمن.. فهل يعني ذلك فشل الزيارة ام ان القرارات تحتاج الى صدورها عن قيادات سياسية اعلى؟
كانت الزيارة التي قام بها الوفد السعودي رفقة الوسيط العماني إيجابية الى حد ما، صحيح انها لم تسفر عن اعلان اتفاق، لكنها لم تكن فاشلة، فهي بطبيعتها كانت للنقاش والبحث في المسائل العالقة، ويمكن اعتبارها مؤشرا على تراجع اهداف السعودية في اليمن، وتخفيض سقوف مطالبها، بعد ان رفعت السعودية في الماضي، سقوفها، وعملت على اغتيال كبار القادة، ذهبت لماصفحتهم في صنعاء، التي كانت تريد ان تدخلها عسكريا، وربما تُعزى هذه التطورات إلى الانسحاب الأمريكي من المنطقة، الأمر الذي ترك الكثير من الدول العربية تواجه مشاكلها بنفسها - وفي حالة السعودية، من خلال سياسة التقارب، حسب تعبير معهد واشنطن...
** السعودية تصر على ان تضع نفسها في موقع الوسيط، بعد ان خاضت الحرب العدوانية على اليمن بكل ثقلها المالي والعسكري والاعلامي.. لماذا برأيكم؟ وهل المسألة تقتصر على حفظ ماء الوجه، ام انها تخفي ابعادا اخرى تتعلق بمستقبل اليمن والصراع فيه؟
السعوية لا تريد ان تظهر بمظهر المنهزم امام اليمن، ومن جهة أخرى تخشى من تحمل تبعات حربها العدوانية ومجازرها وحصارها،
إصرار السعودية على ان تكون وسيطا، يتناقض مع دورها الذي لا تزال تقوم به حتى اللحظة، في قيادة العدوان وفرض الحصار، وتوجيه المرتزقة ودعمهم للسيطرة على المناطق المحتلة، من جهة لا تريد ان تظهر بمظهر المنهزم امام اليمن، ومن جهة أخرى تخشى من تحمل تبعات حربها العدوانية ومجازرها وحصارها، وهذا كله بمساعدة أمريكية واضحة، تثير مخاوف الرياض، لتبقى حالة التهدئة قائمة وفقا لرغبات واشنطن، ولا يمكن فصل ذلك عن عمل سعودي حثيث لجمع كل اليمنيين تحت ابطها، وهذا ما كان واضحا السيد عبدالملك الحوثي في رفضه في خطابه بمناسبة ذكرى العدوان الثامنة، بعدم قبول ان نكون جزءا من المرتزقة، بعد كل هذه التضحيات، والتي ثمنها الوحيد هو انعتاق اليمن من الوصاية السعودية التي ظلت تحت نيرها طوال العقود الماضية..
** نيويورك تايمز تقول ان قادة السعودية حريصون عل انهاء تورطهم في حرب اليمن، بعد ان دفعوا فيها اثمانا بالغة وبعد ان تغيرت موازين القوى الميدانية.. فهل بدا ذلك في اثناء المحادثات في صنعاء؟ وهل يمكن الثقة برغبة السعوديين في الخروج من هذا المستنقع الذي فرضوه على الجميع؟
الاعلام الأمريكي والغربي عموما يعمل في اتجاه اثارة السعودية والسخرية بها، وتحميلها هزيمة كان الغرب شريكا فيها...
الاعلام الأمريكي والغربي عموما يعمل في اتجاه اثارة السعودية والسخرية بها، وتحميلها هزيمة كان الغرب شريكا فيها، وتريد واشنطن تحديدا ان تبقى السعودية لتنفذ المخططات الخبيثة لها في المنطقة، تحت عناوين اثارة المخاوف من اليمن، نعم، السعودية تحاول ان تظهر رغبة جادة في الخروج من اليمن، لتتفرغ للمشاريع الاقتصادية الطموحة التي يقودها بن سلمان، للتخلي عن الاعتماد على النفط، وهي مشاريع احد ركائزها هو السلام، وانهاء الحرب العدوانية على اليمن التي تهدد كل تلك المشاريع...
لكن هذه الأجواء تصطدم بالمماطلة السعودية والتي مردها أولا الضغوط الامريكية الواضحة مع كل تقدم نحو السلام، يأتي الأمريكي لاعادة اثارة المخاوف لدى الرياض، او ربما تهديدها بتفعيل قوانين مثل جاستا وغيرها، او بالترغيب بزيادة الدعم العسكري وتسهيل بعض صفقات التسليح، والالتزام بالحماية التي لطالما طالبت بها السعودية، وقد باتت الرياض مدركة اكثر من أي وقت مضى ان المماطلة والأجواء الإيجابية التي تحاول اظهارها، ليست كافية، مالم تكن مشفوعة بخطوات عملية نحو انهاء العدوان ورفع الحصار.
** دون الحديث عن الربح والخسارة والمنتصر والمهزوم، ولكن الحرب اسفرت عن معادلات جديدة وموازين قوى مختلفة، فهل سيؤخذ ذلك في الاعتبار لدى بدء الحوار وبناء اليمن الجديد؟ ام ان السعودية ستحاول المماطلة والالتفاف على هذه النتائج لاعادة هيمنتها على اليمن؟
يجب ان نكون مدركين ان التحولات التي حصلت في المنطقة ابتداء من اليمن، وصموده طوال ثمان سنوات، رغم الحصار والدمار والتحالف الطويل العريض الذي قادته السعودية ودعمته واشنطن والغرب، ستلقي بظلالها على المستقبل الأمني والاقتصادي القادم، وستجعل صنعاء شريكا بصياغة معادلات الامن في المنطقة بعد ان كانت مجرد موضوع على الطاولة السعودية تقرر هي بالنيابة عنها وبما يخدم مصالحها ومصالح واشنطن قبلها...
ما كانت تخشاه السعودية من اليمن ونهوضها شعبيا وعسكريا وامنيا اصبح امرا واقعا..
ما كانت تخشاه السعودية من اليمن ونهوضها شعبيا وعسكريا وامنيا اصبح امرا واقعا، وعليها التعامل معه على هذا الأساس، للأسف لا تزال السعودية تستفيد من استخدام بعض الأدوات والقوى في اليمن لتمرير مصالحها، الا ان الامر لن يطول حتى يظهر للادوات كما للرياض ان هذا اصبح من الماضي، وان قرار اليمن سيسحب من الرياض، ليصبح اليمن سيدا وشريكا كاملا وندا في المنطقة، من واقع المصلحة والسيادة وحسن الجوار، والثبات على المواقف تجاه قضايا الامة الرئيسية وعلى راسها فلسطين.
/انتهى/