وأفادت وكالة مهر للأنباء، نقلا عن وكالة سانا، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، أكد في لقائه الذي جرى في العاصمة دمشق، أن الإرهاب هو من قام بالتدمير في سورية ومن يتحمل المسؤولية هو من وقف مع الإرهاب ومن نوى على الحرب، من خطط لها ومن اعتدى، وليس المعتدى عليه أو من دافع ضد الإرهاب.
وحول قضية اللاجئين أوضح الرئيس الأسد خلال مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية أنه خلال السنوات الماضية عاد إلى سورية أقل من نصف مليون بقليل، وقد توقفت هذه العودة، بسبب واقع الأحوال المعيشية، فكيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب.
وبشأن تجارة المخدرات أكد الرئيس الأسد أنه عندما يكون هناك حرب وضعف في الدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، وأن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سورية وليست الدولة السورية، ونحن لدينا مصلحة بالقضاء على هذه الظاهرة كما بقية الدول.
وتساءل الرئيس الأسد أنه من دون جدول أعمال ودون تحضير، لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟! نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هو الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سورية، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
بما أن هذا أول لقاء سيادة الرئيس عبر سكاي نيوز عربية كأول قناة عربية نعود معك إلى بداية الأحداث إلى عام 2012، هل كان بالإمكان في رأيك تفادي ما حدث؟ هل كنتم ستخوضون الحرب، هذه المواجهة بنفس الطريقة، بنفس الرؤية على امتداد أكثر من عقد؟
طبعاً، من الناحية النظرية كان ممكناً تفادي هذه الحرب لو أننا خضعنا لكل المطالب التي كانت تُطلب أو تُفرض على سورية بقضايا مختلفة، في مقدمتها التخلي عن الحقوق السورية، وعن المصالح السورية، لذلك أقول من الناحية النظرية لأننا من الناحية العملية لن نذهب بهذا الاتجاه. لكن لو افترضنا بأننا سنذهب، فهذا يعني بأننا سنتفادى الحرب ولكن سندفع ثمناً أكبر بكثير لاحقاً.
هل كنا سنتعامل مع الأمور بالطريقة نفسها؟ ممكن أن تكون هناك طرق مختلفة للهدف نفسه، المهم ما هي السياسة؟ وما هي الرؤية الوطنية؟
رؤيتنا كانت الدفاع عن المصالح السورية، وعن سورية في وجه الإرهاب، وعن استقلالية القرار السوري، فلو عدنا بالزمن إلى الوراء فسوف نبني ونتبنى السياسة نفسها.
هل كنت تتوقع حجم الضرر.. حجم الدمار أن يكون بهذا الحجم على الأقل خلال السنة الأولى؟
لا، لم نكن نتوقع لأننا لم نكن نعرف ما هي الخطط المحضرة، كنا نعرف أن هناك أشياء تحضّر لسورية، وكنا نعرف ونعلم منذ بداية الحرب أنها ستكون حرباً طويلة، وليست أزمة عابرة كما كان يعتقد البعض، ولكن التفاصيل لا، لا أحد يتوقعها.
اسمح لي سيادة الرئيس بهذا السؤال، المعارك كانت تدور على بعد أمتار من القصور الرئاسية إن صح التعبير، للحظة، ألم تخشَ على حياتك، على حياة أبنائك، وهناك في المنطقة سيناريوهات مرعبة الحقيقة، على سبيل المثال ما حدث لرؤساء.. ما حدث مثلاً للرئيس القذافي؟
أولاً كل من لا يخشى الخطر هو إنسان غير طبيعي وغير متوازن، فالخوف هو جزء من طبيعة الإنسان، والشيء الطبيعي أن يخاف الإنسان، لكن الخوف له أشكال تتراوح ما بين الهلع والتوجس وما بينهما، لم نصل لحد الهلع هذا بكل تأكيد، لكن من جانب آخر أنت تعيش حالة عامة، لم أكن أنا المستهدف كشخص، كان الكل مستهدفاً، كلنا كنا نسير في هذه الشوارع والطرق والقذائف تسقط على مدى سنوات، حتى ونحن في منازلنا، لذلك يصبح الخوف والقلق جزءاً من اللاوعي.
مداخلة: أنت تمثل قيادة الدولة.
صحيح، ولكنك بالنهاية إنسان وتتفاعل مع الآخرين، فهي كانت حالة عامة، وعندما تصبح حالة عامة لا يمكن أن تعيش مع الخوف لسنوات، يصبح جزءاً من شيء تتعايش معه بشكل يومي. أما بالنسبة للسيناريوهات التي حصلت، الحقيقة لا، لأن هذه السيناريوهات وُضعت كما حصل مع القذافي، أو كما حصل مع صدام حسين في العراق، لكي تخلق حالة رعب، فكان لدينا في سورية وعي للسيناريوهات التي وُضعت وسُوقت في الإعلام لكي تخلق حالة من الرعب، لذلك لم تكن هذه السيناريوهات في عقولنا بشكل عام، وخاصة أننا كنا نخوض معركة وجودية، المستهدف لم يكن القذافي كانت ليبيا، والمستهدف لم يكن صدام حسين كان العراق، والمستهدف لم يكن الرئيس بشار كانت سورية، عندما تضع هذه الأمور بالحسبان فأنت لن تعيش هاجس الحالات الشخصية التي حاولوا تسويقها من أجل خلق حالة من الرعب.
لكن في ظل هذا الضغط الكبير، هل فكرت يوماً في التخلي عن السلطة سيادة الرئيس؟
لأكون واضحاً، عندما تحدثوا عن ضرورة رحيل الرئيس السوري، كانت الصورة بالشكل الآتي: بأن المشكلة هي مشكلة شخص، لذلك لا يمكن أن يكون هذا الشخص أهم من الوطن، وبغض النظر عن مواصفاته وصفاته يجب أن يذهب.
هذه الصورة كنا واعين لها في سورية بشكل عام ليس أنا فقط، وإنما كدولة وكمواطنين، لذلك لم يكن هناك مطالبات داخلية برحيل الرئيس عن السلطة، عندما يرحل رئيس عن المنصب أو عن المسؤولية -لكي نكون أكثر دقة- يرحل عندما يريد الشعب له الرحيل وليس بسبب ضغط خارجي أو بسبب حرب خارجية. فعندما يكون بسبب داخلي هذا شيء طبيعي، أما عندما يكون بسبب حرب خارجية، عندها يكون اسمه هروباً وليس تخلياً عن السلطة، والهروب لم يكن مطروحاً على الإطلاق.
مداخلة: عدد كبير من المظاهرات كانت ترفع هذا الشعار.
حتى العدد الكبير لم يتجاوز في مئة ألف ونيف في أحسن الأحوال وفي كل المحافظات، مقابل عشرات الملايين من السوريين، هذا أولاً، ثانياً لنفترض أن هناك عدداً كبيراً، وأغنى الدول وأقواها في العالم تقف ضد هذا الرئيس، والقسم الكبير من الشعب يقف ضده فكيف يبقى؟ لا يوجد منطق في الأمور.. إذاً فهو بقي لأن العدد الأكبر من الشعب يدعم القضايا التي يدعمها الرئيس.
سنعود لهذه النقطة، لكن أنتم قاتلتم. تحد كبير. العدو، الإرهاب الذي أحاط بكثير من المناطق وحتى العاصمة دمشق، لكن هناك سيادة الرئيس مدنيون تضرروا الحقيقة، تابعنا ذلك على الأقل عبر وسائل الإعلام من قتل وتهجير ومعاناة. هل تتحمل مسؤولية هؤلاء؟
إذا افترضنا أن الدولة هي من كانت تقوم بالقتل والتهجير فهي تتحمل المسؤولية، ولكن هناك إرهاب وكانت الدولة تقاتل الإرهاب، والإرهاب هو الذي كان يقتل ويدمر ويحرق. لا توجد دولة حتى ولو كانت تُسمى دولة بين معترضتين سيئة، تقوم بتدمير الوطن، هي غير موجودة حسب معلوماتي، إذاً فالإرهاب هو من قام بالتدمير، الدولة دورها بحكم الدستور والعرف الوطني أن تدافع عن الدولة، فهل هذا يعني أن مواجهة الإرهاب هي التي دمرت الوطن، فلو تركنا الإرهاب تعمر الدولة؟! هذا كلام غير منطقي. فإذاً، من يتحمل المسؤولية هو من وقف مع الإرهاب، وليس من دافع ضد الإرهاب. من يتحمل المسؤولية هو من نوى على الحرب، من خطط للحرب، ومن اعتدى، وليس المعتدى عليه.
نعود معك سيادة الرئيس لفكرة صمود الدولة بعد كل هذا الضغط الكبير على المستوى الداخلي، حتى الخارجي. هل الدعم الإيراني، والدعم الروسي منذ السنوات الأولى لهذه الأزمة هو سر الصمود في هذه المعركة. الشارع العربي سيادة الرئيس يسأل عن سر بقاء الدولة السورية بعد كل هذه الضغوطات؟
نحن بالبداية لم ندّعِ بأننا دولة عظمى، ولم نقل إننا قادرون على محاربة العالم، فمن الطبيعي أننا عندما طلبنا من أصدقائنا أن يقفوا معنا، فلأننا بحاجة لهذا الدعم، فوقوفهم معنا كان له تأثير مهم في صمود سورية، هذا شيء من البدائه، لكن لا يمكن للأصدقاء أن يحلوا محلنا في الحرب وفي المعركة وفي الصمود، هذا شيء أيضاً من البدائه، لكن الصمود الحقيقي هو صمود الشعب.
السؤال الذي تطرحه له عوامل كثيرة، فأنت تتحدث عن عشرات الملايين، وعن واحدة من أقدم الشعوب والمجتمعات في العالم، فهناك تراكم، اليوم نستطيع أن نقول هناك إيمان بالقضية، هناك خبرة، هناك معرفة، هناك تمسك بالحقوق، هناك وعي ونضج لطريقة اللعبة التي أُديرت بها الأمور عند التحضير لهذه الحرب، وعند بدء هذه الحرب. كل هذه الأشياء وغيرها من العوامل الكثيرة لا مجال لذكرها الآن، هي التي كوّنت حالة الصمود، وليست هي قضية لا رئيس، ولا مسؤول، ولا دولة، ولا مجرد جيش.
مداخلة: كلمة السر في هذا الصمود إن صح التعبير خلال هذه السنوات، كيف يمكن أن تلخصها؟
كلمة السر هي الوعي للمخطط، لم نسقط ولا في فخ من الأفخاخ التي رُسمت لنا في الخارج.. الوعي هو أساس النجاح والصمود عاجلاً أو آجلاً..
بعد كل هذه السنين تم رفع تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية، أنت ترفض فكرة عودة سورية إلى الجامعة العربية. فُتح باب التساؤل عن مستقبل العلاقة بينكم وبين هذه العواصم العربية. هل هي عودة شكلية؟ أم في رأيك سيكون لها ما بعدها، على الأقل خلال المستقبل القريب؟
الحقيقة أن العلاقات العربية – العربية منذ أن تكوّن عندي الوعي السياسي قبل أربعة عقود، هي علاقات شكلية، لماذا؟ لسبب بسيط، لأننا بطريقة تفكيرنا ربما على مستوى الدول، أو هي ثقافة عامة لا أدري، لا نطرح حلولاً عملية ولا نطرح أفكاراً عملية لأي شيء، نحب الخطابات والبيانات واللقاءات الشكلية، هذه طبيعة العلاقة. فعودة سورية هل ستكون شكلية أم غيرها، هذا يعتمد على طبيعة العلاقات العربية – العربية. هل تغيرت؟ لا أعتقد أنها تغيرت بالعمق هناك بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر علينا كدول عربية لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا توجد حلول للمشاكل فإذاً العلاقة ستبقى شكلية.
لكن على الرغم من الوعي بهذه المخاطر.. المخاطر حقيقية أصبحت في العالم العربي وكبيرة على بعض العواصم، على الرغم من ذلك لماذا لم تتضافر الجهود على الأقل لأن المصلحة ستكون مشتركة؟
لأنك أمام مرحلتين عندما يكون لديك مشكلة، الأولى هي أن ترى المشكلة، أن تفهم المشكلة، أن تشخص المشكلة، والمرحلة الثانية هي أن تضع العلاج، ونحن في المرحلة الأولى ولم ننتقل للمرحلة الثانية بعد بحسب اعتقادي.
بالنسبة لسورية ماذا تتوقعون من الجانب العربي سيادة الرئيس؟
لا أستطيع أن أتوقع، أستطيع أن آمل، نأمل بأن نتمكن من بناء مؤسسات. مشكلة العرب أنهم لم يبنوا العلاقات على مؤسسات؛ لذلك لم يبنوا مؤسسات، وإذا تحدثنا عن العلاقات الثنائية فهي ضعيفة لهذا السبب والعلاقة الجماعية عبر الجامعة العربية، لأن الجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، هذا هو ما نراه وهذا ما نأمل أن نتمكن من تجاوزه.
بما يتعلق بالمعارضة من هي المعارضة التي تعترفون بها اليوم بعد كل هذه السنوات؟
بالمختصر، هي المعارضة المصنّعة محلياً لا المصنعة خارجياً، المصنعة محلياً يعني أن تمتلك قاعدة شعبية، وبرنامجاً وطنياً، ووعياً وطنياً. فكل المواصفات الأخرى مع الجهل لا تكفي. الوعي الوطني والنية الوطنية الصادقة، عدا عن ذلك المعارضة هي شيء طبيعي، نحن بشر ونختلف بالآراء في المنزل الواحد، فكيف لا نختلف على مستوى الوطن تجاه الكثير من القضايا.
مداخلة: البعض يرى أن حتى معارضة الخارج لديها رؤية ربما تختلف مع الدولة السورية وقد تكون بالفعل تمثل جزءاً من هذا الشعب.
طبعاً، كلمة خارج لا تعني السوء، قد يكون معارضاً داخلياً ومرتبطاً بالخارج، وقد يكون معارضاً بالخارج ولكنه مرتبط بالوطن، فالقضية لا علاقة لها بالخارج والداخل، لها علاقة بأين تكمن انطلاقتك، من الشعب أم من المخابرات الأجنبية هذا هو السؤال فقط.
أنتم أعلنتم عن ترحيبكم بعودة اللاجئين الأعداد الكبيرة من اللاجئين، الملايين، لكن البعض يتخوف من فكرة العقاب بعد العودة، ماذا تقول لهذه الملايين عبر هذه الشاشة؟
خلال السنوات الماضية عاد إلى سورية أقل من نصف مليون بقليل ولم يسجن أي شخص من بينهم، لماذا توقفت هذه العودة، توقفت بسبب واقع الأحوال المعيشية، فكيف يمكن للاجئ أن يعود دون ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأبنائه ولا صحة للعلاج، هذه أساسيات الحياة هذا هو السبب.
بالنسبة لنا في سورية أصدرنا قانون عفو عن كل من تورط بالأحداث خلال السنوات الماضية، طبعاً ما عدا الجرائم المثبتة التي فيها حقوق خاصة حقوق الدم كما تُسمى.
لكن هذه النقطة الكثيرون تحدثوا عنها أنها قد تكون هي معضلة للمساءلة الأمنية وبالتالي تزيد من حالة التخوف؟
حتى لمن يشك يستطيع أن يعود للواقع؛ لذلك أنا ابتدأت بالواقع، قلت عاد نحو نصف مليون، كيف يعود هؤلاء إذا كانت الدولة ستقوم بسجنهم! هذا مؤشر واقعي بغض النظر عما أقوله أنا في هذه المقابلة.
مداخلة: ما هو التحدي الأبرز لعودتهم برأيك! لوجستياً؟
لوجستياً، البنى التحتية المدمرة التي دمرها الإرهاب وهذا ما يقوله معظم اللاجئين الذين نتواصل معهم، يرغبون بالعودة ولكن يقولون كيف نحيا كيف نعيش؟
ما فرص إعادة هؤلاء خلال الفترة المقبلة في ظل التحدي على مستوى البنى التحتية بشكل كبير؟
الآن هناك حوار بيننا وبين عدد من الجهات في الأمم المتحدة المعنية بالجانب الإنساني، وبدأنا نناقش معهم بشكل عملي مشاريع العودة، وكيفية التمويل، وما هي متطلباتها بالتفاصيل، فهناك عمل بهذا الإطار.
أحد التحديات في الداخل السوري التي أثرت على المحيط هو تجارة المخدرات. الدولة السورية متهمة بغض الطرف عمن يقومون بهذه التجارة، المرتبطين بمثل هذه الجرائم وتحويل سورية إلى مركز للمخدرات الكبتاغون. كيف تردون على هذه الاتهامات سيادة الرئيس؟
إذا كنا نحن من يسعى كدولة لتشجيع هذه التجارة في سورية؛ فهذا يعني أننا نحن كدولة من شجعنا الإرهابيين ليأتوا إلى سورية ويقوموا بالتدمير ويأتوا بالقتل لأن النتيجة واحدة، وأنا قلت هذا الكلام في أكثر من مناسبة، والبعض منها معلن، إذا وضعنا الشعب بين الإرهاب من جانب والمخدرات من جانب فنحن نقوم بأيدينا بتدمير المجتمع والوطن …أين هي مصلحتنا؟ لذلك عندما حاولوا استخدام موضوع المخدرات مؤخراً من قبل أمريكيين أولاً والغرب لاحقاً وبعض الدول الإقليمية لأسبابها السياسية ضد سورية، كنا نحن أول المتحمسين والمتعاونين من أجل مكافحة هذه الظاهرة لأنها ظاهرة خطيرة بكل معنى الكلمة، فمن غير المنطقي أن تكون الدولة معها، لكن دعني أضف نقطة حتى العصابات لا تتعامل مع دول، لأنها تعمل بشكل سري تأتي من أقصى الغرب ومن أقصى الشرق، لكي تمر بشكل سري. هي تتعامل مع أشخاص عن طريق الرشوة فلا يمكن لها أن تتعامل مع دولة لأنها تصبح تجارة معلنة وليست سرية.
ما حجم الخطر في رأيكم فيما يتعلق بتجارة المخدرات؟ هل كان هذا الأمر مطروحاً بشكل يمثل أولوية على الأقل مع القادة العرب في القمة الأخيرة؟
أولاً: تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان هي موجودة لم تتوقف، هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي، ولكن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سورية وليست الدولة السورية، مع ذلك نحن كنا في حوار مع أكثر من مسؤول عربي زارنا في الأشهر أو الأسابيع الأخيرة وكان هذا الموضوع أحد المواضيع التي طرحتها سورية وليس هم فقط، لأنه لدينا مصلحة مشتركة معهم في القضاء على هذه الظاهرة.
أقترب معك سيادة الرئيس بعلاقتكم الآن مع الخارج. هناك حديث عن مفاوضات تجري بينكم وبين الأمريكيين على مستوى المسؤولين الدبلوماسيين ما الذي جرى؟ ما الذي تم التوصل إليه حتى الآن؟
لا شيء، الحوارات عمرها سنوات بشكل متقطع ولم يكن لدينا أمل حتى للحظة واحدة بأن الأمريكي سوف يتغير لأن الأمريكي يطلب ويطلب، يأخذ ويأخذ ولا يعطي شيئاً هذه هي طبيعة العلاقة مع الأمريكيين منذ عام 1974 منذ خمسة عقود، لا علاقة له بأي إدارة من الإدارات، فلذلك لا يوجد لدينا أمل، لكن سياستنا في سورية هي ألاّ نترك أي باب مغلقاً في وجه أي محاولة لكيلا يُقال لو فعلوا كذا لحصل كذا، ولكن لا أتوقع أنه بالمدى المنظور سيكون هناك أي نتائج من أي مفاوضات تُعقد مع الأمريكي.
واشنطن تدعم التقارب العربي الإسرائيلي بشكل ملحوظ على الأقل خلال الإدارة السابقة والحالية، هل تلقيتم أي عروض لإقامة علاقة مع “إسرائيل”؟
لا، نهائياً، لأنهم يعرفون موقفنا منذ بداية مفاوضات السلام في عام 1990، إن لم يكن هناك استعداد إسرائيلي لإعادة الأرض لا داعي لإضاعة الوقت.
بالأمس سمعنا صوت انفجار بقلب العاصمة دمشق، اليوم تم إعلان أن هذا استهداف إسرائيلي. إلى متى سيستمر هذا؟ هل الاستهداف يطال الجيش السوري أم الوجود الإيراني في الداخل السوري؟
الحقيقة يستهدف الجيش السوري بشكل أساسي تحت عنوان الوجود الإيراني وسيستمر طالما أن “إسرائيل”هي عدو، وسيستمر طالما أننا نتمكن من إفشال مخططات الإرهابيين ولو جزئياً، لأن هذه الضربات ابتدأت عندما ابتدأ الجيش السوري بتحقيق انتصارات مرحلية في المعارك التي يخوضها ونأخذ بالاعتبار بأننا لم ننته من الحرب بعد.
مداخلة: لأي مدى سيستمر برأيك؟
كما قلت لك، طالما أنّ “إسرائيل” عدو وتقف مع الإرهابيين سيستمر، لذلك لن يتغير.
لنذهب إلى الشمال لا بد من الحديث أيضاً عن العلاقة مع تركيا، لديكم شرطان لعودة هذه العلاقة مع تركيا، انسحاب القوات التركية ووقف دعم الإرهابيين، تركيا طلبت أن تلتقوا دون شروط مسبقة في ظل هذا الطرح متى يمكن اللقاء بينك وبين الرئيس أردوغان، وخاصة أنه لا يعارض هذا اللقاء؟
كلمة من دون شروط مسبقة للقاء يعني من دون جدول أعمال، من دون جدول أعمال يعني من دون تحضير، من دون تحضير يعني من دون نتائج، فلماذا نلتقي أنا وأردوغان؟! لكي نشرب المرطبات مثلاً. نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سورية، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان.
مداخلة: لكن أردوغان يقول ما دام أن هناك إرهاباً يهدد الدولة التركية لا يمكن أن تخرج هذه القوات.
الحقيقة، الإرهاب الموجود في سورية هو صناعة تركية، جبهة النصرة، أحرار الشام هي تسميات مختلفة لجهة واحدة كلها صناعة تركية وتموّل حتى هذه اللحظة من تركيا، إذاً عن أي إرهاب يتحدث؟
إلى العلاقة مع حماس سيادة الرئيس، أنتم لكم فضل كبير كدولة سورية على الحركة، لكن كيف استقبلتم موقف الحركة مع بداية الأزمة وهل عادت العلاقة إلى ما كانت عليه مع إعلان الحركة إعادتها مع دمشق؟
بعد كل ذلك الوقت أريد أن أوضح نقطة صغيرة، أن البعض من قادة حماس كان يقول إن سورية طلبت منهم أن يقفوا معنا، كيف يقفون معنا، كيف يدافعون عن الدولة السورية، هم لا يوجد لديهم جيش وهم بضع عشرات في سورية وهذا الكلام غير صحيح. الموقف نحن أعلناه بأكثر من مناسبة بأنه موقف غدر، ليس لأننا وقفنا معها، لكن لأنها كانت تدّعي المقاومة في ذلك الوقت، وأنا أتحدث عن القيادات، لا أتحدث عن كل حماس، فأنا لا أعرف كل حماس، التي ادعت أنها تقف مع المقاومة هي نفسها التي حملت علم الاحتلال الفرنسي لسورية، فكيف يمكن لشخص يدّعي المقاومة أن يقف مع احتلال نتج باحتلال أمريكي وتركي وعدوان إسرائيلي تحت علم محتل فرنسي.
هذا الموقف هو مزيج من الغدر والنفاق، أما علاقتنا اليوم هي علاقة ضمن المبدأ العام، نحن نقف مع كل طرف فلسطيني يقف ضد “إسرائيل” لكي يسترد حقوقه، هذا مبدأ عام.
مداخلة: هل يمكن أن تعود العلاقة إلى ما كانت عليه في السابق؟
لا، حالياً ليس لديها مكاتب في سورية ومن المبكر أن نتحدث عن مثل هذا الشيء، لدينا أولويات الآن، والمعارك داخل سورية هي الأولوية بالنسبة إلينا.
نعود إلى مسألة الأولويات، عندما تحدثت إلى الداخل السوري، من واقع المواطن السوري والتحديات التي تواجه الدولة اعتقد البعض مع انتهاء الحرب نسبياً ورفع تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية أن الاقتصاد سيتحسن متسارعاً أو بشكل تدريجي، على الأقل سيكون هناك أمر ملحوظ سيادة الرئيس، لكن هذا الأمر لم يحدث، لماذا؟ هل في رأيك العقبة الأساسية هي قانون قيصر؟ أم ما العقبات؟
قانون قيصر هو عقبة لا شك، ولكن تمكنا بعدة طرق من تجاوز هذا القانون، هو ليس العقبة الأكبر، العقبة الأكبر هي تدمير البنية التحتية من قبل الإرهابيين. العقبة الأكبر هي صورة الحرب في سورية التي تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية، العقبة الأكبر أيضاً هي الزمن، بالاقتصاد تستطيع أن تضرب علاقات اقتصادية وتهدمها خلال أسابيع أو أشهر ولكنك بحاجة أيضاً لسنوات لاستعادتها، فمن غير المنطقي والواقعي أن نتوقع أن هذه العودة وهذه العلاقات التي بدأت تظهر بشكل أقرب إلى الطبيعي ستؤدي إلى نتائج اقتصادية خلال أشهر، هذا كلام غير منطقي، وبحاجة للكثير من الجهد والتعب لكي نصل لهذه النتيجة.
ما يخص لبنان الذي يعيش الآن وضعاً متردياً على المستوى السياسي والاقتصادي، هل تدخلتم سياسياً لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان، وهل تدعمون المرشح سليمان فرنجية لحل هذه الأزمة في المشهد اللبناني؟
طالما أننا لم نتدخل لحل الأزمة في لبنان فلا يمكن أن نتحدث عن دعم أي مرشح أو الوقوف ضد أي مرشح. لا يمكن لأي طرف خارجي لا سورية ولا غير سورية أن يساعد في حل الأزمة اللبنانية إن لم يكن هناك إرادة لدى اللبنانيين من أجل حل أزمتهم. هذه هي المشكلة، فإذاً لا بد من دفع اللبنانيين للمزيد من التوافق، عندها يمكن الحديث عن حل هذه الأزمة.
بالنسبة لنا في سورية ابتعدنا عن الملف اللبناني منذ أقل من عقدين من الزمن ونحاول أن نبني علاقات طبيعية مع لبنان دون الدخول في هذه التفاصيل في الوقت الحالي.
نعود للاقتراب من نظرتك الشخصية للأحداث، مرت على سورية حرب لأكثر من عقد، تحديات عدة، أخيراً الزلزال الذي أصاب أجزاء كبيرة من الأراضي السورية. ما هو الموقف سيادة الرئيس الذي أثّر فيك شخصياً خلال كل هذه السنوات؟
الرئيس الأسد: الحرب والزلزال.
مداخلة: نعم
الرئيس الأسد:
الزلزال بلا شك هو حالة جديدة بالنسبة لسورية لم تحصل منذ مئات السنين، وتخلق لديك شعوراً من الصعب أن أعرّف هذا الشعور، لكن وأنت تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهناك أشخاص يبيتون تحت الأنقاض بين الحياة والموت لأيام، هذا موقف إنساني له رهبة خاصة.
لكن على مستوى الحرب بشكل عام هناك مواقف إنسانية لا تنتهي، هناك المدرس الذي رفض أمر الإرهابيين بعدم الذهاب إلى المدرسة، وقُتل لهذا السبب مدرسون ومدرسات، هناك عامل الكهرباء الذي أصر أن يصلح الكهرباء وقُتل وهو يعرف أنه سيموت إلى آخره، ولكن أكثر موقف إنساني يمكن أن يؤثر فيك هو موقف عائلات الشهداء خلال الحرب، الأم والأب الذين فقدوا عدداً من الشهداء من أبنائهم وأرسلوا بقية الأبناء ليدافعوا عن الوطن، هناك مواقف إنسانية لا يمكن أن تُنسى بالنسبة لنا.
بالنسبة لمستقبل سورية، سيادة الرئيس أنت تسلمت الحكم بعد والدك حافظ الأسد، رغم أنك نجحت بعد ذلك في الانتخابات، هل سيكون لابنك حافظ دور سياسي في مستقبل سورية؟
أولاً بالنسبة لي أنا شخصياً لم يكن للرئيس حافظ الأسد أي دور في أن أكون رئيساً، لأنه لم يُؤمّن لي أي منصب مدني أو عسكري كي أكون من خلاله رئيساً، أنا أتيت عبر الحزب بعد وفاته، ولم أناقش معه هذه النقطة حتى في الأسابيع الأخيرة من حياته، وهو كان مريضاً في ذلك الوقت، نفس الشيء العلاقة بيني وبين ابني هي علاقة عائلة، لا أناقش معه هذه القضايا، وخاصة أنه ما زال شاباً وأمامه مستقبل علمي، أمامه مسار علمي لم ينهه بعد، هذا يعود لرغباته. أما على مستوى العمل العام فهو يعود للقبول الوطني لأي شخص إن كان هو لديه رغبة بالعمل العام، لكن أنا في الحقيقة لا أفضل ولا أرغب بمناقشة هذه التفاصيل معه لا الآن ولا لاحقاً.
في الختام نظرة على كل هذه السنوات، سيادة الرئيس لو عاد بك الزمن إلى العام 2012 منذ بداية الأحداث، ما هو القرار الذي اتخذته وأنت غير راض عنه، أو القرار الذي لو عاد بك الزمن لاتخذته بطريقة مختلفة، بالنظر إلى ربما التجربة والدروس المستفادة على المستوى الداخلي وأيضاً الخارجي سيادة الرئيس؟
كثيراً ما طُرح هذا السؤال معي بشكل شخصي، وأقول لهم سوف تستغربون إن قلت لكم إن الكثير من القرارات التي اتخذناها لم نكن مقتنعين فيها أساساً، لم نأخذها لأننا مقتنعون بها، على سبيل المثال التغيرات التي حصلت بالنسبة للدستور وغيرها من الأشياء، كنت أقول لهم سنقوم بهذه الإجراءات ومع ذلك سوف تستمر الحرب. المظاهرات التي سُميت سلمية وتعاملنا معها في البداية بأنها سلمية وكنا نعرف أن الكثير من الجماعات الإخونجية وغيرهم زُجّوا بها وبدؤوا بإطلاق النار على الشرطة وغير ذلك، تعاملنا معها كمظاهرات سلمية على الرغم من أننا كنا نعلم أنها غير سلمية. هل يا ترى لو عدنا إلى ذلك الزمن سنقوم بالشيء نفسه؟ نعم، لماذا؟ لأن التعامل مع الموضوع لا ينطلق من قناعاتك الشخصية دائماً، ينطلق من مفهوم الناس للموضوع. فكثير من الناس كان يؤمن بأن هذه المظاهرات سلمية، وكان يعتقد بأن الدستور هو المشكلة، وكان لا بد أن تقوم بهذه الإجراءات من أجل أن تثبت لهؤلاء الأشخاص بأن المشكلة لا دستور ولا مظاهرات سلمية، القضية أكبر من ذلك، طبعاً اقتنعوا ولكن متأخرين.
فنعم، كثير من الأشياء لم نكن مقتنعين بها ولكننا سنعود ونتبعها ونتبناها مرة أخرى.
بالنسبة للخارج ومسألة التحالفات، كيف تنظر لها؟
العلاقة مع روسيا والعلاقة مع إيران أثبتت أن سورية تعرف كيف تختار أصدقاءها بشكل صحيح، أما العلاقة مع الأتراك فهناك من سأل هل ذهبنا بعيداً؟ تركيا بلد جار، وكان من الطبيعي أن نسعى لتحسين العلاقة معها ولو أتت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا من أجل تحسين العلاقات فمن الطبيعي أن نعود للسياسة نفسها، وهي أن تبني علاقات جيدة مع جيرانك، هذه مبادئ وليست سياسات عابرة.
مداخلة: وعلى المستوى العربي، هل كانت هناك طريقة أفضل للتعامل مع العواصم العربية ربما لمنع هذه القطيعة التي استمرت سنوات؟
نحن لم نبدأ هذه القطيعة ولم نقم بأي عمل ضد أي دولة عربية، حتى عندما عدنا إلى الجامعة العربية وأنت ربما تكون قد سمعت خطابي لم أقم بلوم أي طرف ولم أسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ بالعكس نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر للمستقبل. هل هناك طريقة أخرى أفضل؟ إذا كانت هناك طريقة أخرى أفضل نتمنى أن نُنصح بها لنتبعها، لا يوجد لدينا مانع، لكن لا نسعى للصدامات ولا للمشاكل عبر تاريخنا، هذا جزء من سياستنا أو جوهر سياستنا.
المصدر: وكالة سانا
/ انتهى/