وافادت وكالة مهر للأنباء، انه حتى اليوم عُقدت اثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان الا أنها لم تنتج رئيسا وذلك بسبب غياب التوافق الذي عادة ما يسبق انتخاب أي رئيس مثلما كان يحصل في الجمهورية الأولى عام 1943 وحتى في الجمهورية الثانية بعد اتقاق الطائف عام 1989.
يتكون المجلس النيابي من 128 نائبا يتم انتخابهم مباشرة من الشعب متوزعين على دوائر صغرى وكبرى حسب القانون الانتخابي الأخير الذي اقره مجلس النواب. ووفق المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس الجمهورية في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين أي 86 نائبا، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية في حال اكتمل نصابها بحضور 86 نائبا.
ووفق المتبع في لبنان، تدوم فترة ولاية الرئيس 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، علمًا أن هذه القاعدة تمّ اختراقها في حالتين، في عهد الرئيسين الأسبقين إلياس الهراوي (1989-1998) والعماد إميل لحّود (1998-2007).
اما المادة 73 من الدستور اللبناني تنص أنه "قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد, وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض, فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.
كذلك تشير المادة 75 إلى أنه "يعتبر مجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي عمل آخر".
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق دستوري يتعين على مجلس النواب إجراءه قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. لكن المفارقة انه في الجمهورية الثانية وبعد اتفاق الطائف عام 1989 لم يتمكن لبنان ولا مجلسه النيابي من انتخاب رئيس قبل نهاية ولاية الرئيس السابق, فإما تمديداً أو فراغاً في سدة الرئاسة. هذا كله يعود الى طبيعة التركيبة اللبنانية والنظام الطائفي والمذهبي المعقد الذي يحكم مفاصل بلد ال 10452 كلم2 حيث لا يمكن إيجاد مخرج للأزمة الحالية في ظل الانقسام العامودي في المشهد السياسي اللبناني، إلا بتسوية إقليمية دولية، تعيد الاعتبار إلى الاستحقاقات الدستورية وهيبة المؤسسات اللبنانية، أو توفير الظروف لحوار وطني يؤدي إلى انتخاب رئيس خارج الاصطفافات الحالية.
من هنا يناشد الثنائي الوطني -حركة أمل وحزب الله- من خلال دعوات متكررة قام بها رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه بري متوجها الى كافة الافرقاء اللبنانيين بالدعوة الى طاولة حوار داخلية تطرح خلالها هواجس الكتل النيابية وتطلعاتهم لانتخاب رئيس للجمهورية وكيفية بناء الدولة، وهما في الوقت عينه يؤكدان انهما يريدان رئيسا مطمئناً للمقاومة، شجاعاً لا يخاف، يقدم المصلحة الوطنية على خوفه حيث لا يباع ولا يشترى مشددين أنهما لا يريدان رئيساً يغطي المقاومة أو يحميها، فالمقاومة قادرة على حماية نفسها, انما يريدان رئيساً لا يطعنها في ظهرها. والجدير بالذكر ان البلد حاليا امام مرشح جدي وحيد يدعى سليمان فرنجيه, عمره من عمر لبنان ووفاءه واخلاصه له تخطى عواصم العالم.
وكان الثنائي الوطني اول من طرح اسم سليمان فرنجيه باعتباره مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس المقاوم اميل لحود, الا ان الظروف حينها لم تكن مؤاتية للمجيء به رئيسا, فسبقه الى بعبدا كل من ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة مايو 2008 وحتى العام 2014 وبعدها فراغا رئاسيا دام عامين ونيف حتى مجيئ العماد ميشال عون عام 2016 حتى العام 2022.
فمن هو سليمان فرنجية؟
هو سليمان طوني فرنجية صاحب ال 57 عاما، نائب ووزير سابق وأحد أبرز حلفاء الثنائي الوطني (حركة أمل وحزب الله), مقرب من الرئيس السوري بشار الأسد ويملك شبكة علاقات اقليمية ودولية واسعة خصيصا مع فرنسا, ام لبنان الحنون كما يسميها البعض.
ينحدر سليمان فرنجية من أسرة سياسية عريقة، حيث كان جده الراحل سليمان فرنجيه رئيسا سابقا للبنان بين عامي 1970 و1976، اندلعت في عهده الحرب اللبنانية الداخلية. يرأس تيارالمردة، حيث نطاق نفوذه الجغرافي في قضاء زغرتا (شمال لبنان) ذي الأغلبية المسيحية المارونية. أراءه ناصعة كثلج لبنان وشموخه يمتد من أرز لبنان وصلابته.
كل هذه المدة كان سلمان فرنجية مرشحا طبيعيا دائما عند كل محطة وله من الحضور السياسي والشعبي والتاريخ الوطني المشرف ما يؤهله ان يكون رئيسا لكل لبنان.
الا ان القانون الانتخابي الذي يسمح لوصول مرشح الى سدة الرئاسة ليس بالامر السهل وانمايحكمه تعقيدات لا يمكن حلها الا بالتوافق بين الكتل اللبنانية الوازنة في المجلس النيابي, خاصة بعد التركيبة المعقدة للمجلس التي انتجتها انتخابات عام 2022.
في هذا السياق يقول الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام في بحث له نشر في "المفكرة القانونية أن "من أمارات انحطاط الدول, تنصيب السياسة كحكم على القانون، بينما الصحيح هو تمكين هذا الأخير (القانون) من لجم الصراع السياسي ضمن الضوابط الحقوقية".
* د.عبدالحسن حیدر