تاريخ النشر: ١٥ أغسطس ٢٠٢٣ - ١٧:٥١

اكد الكاتب والمحلل السياسي، د.حسين علي حسني حمية، ان إنتصار تموز كان ولادة زمن جديد في مسار الصراع مع الكيان المؤقت، ولادة تزداد مع مرور السنوات نضجاً ووضوحاً بأن هذا الكيان بدأ منذ تموز 2006 مسيرة إنحدار نحو القاع وصولاً إلى السقوط الكبير المرتقب الذي تتوق له قلوب المستضعفين والشرفاء...

وكالة مهر للأنباء - د.حسين علي حسني حمية: إنتصار تموز بإختصار كان ولادة زمن جديد في مسار الصراع مع الكيان المؤقت ولادة تزداد مع مرور السنوات نضجاً ووضوحاً بأن هذا الكيان بدأ منذ تموز 2006 مسيرة إنحدار نحو القاع وصولاً إلى السقوط الكبير المرتقب الذي تتوق له قلوب المستضعفين والشرفاء.

تموز 2006 كان صيفاً ملتهباً على كافة الصعد بالنسبة للكيان المؤقت سواء على المستوى المعنوي أو المادي العسكري...

تموز 2006 كان صيفاً ملتهباً على كافة الصعد بالنسبة للكيان المؤقت سواء على المستوى المعنوي أو المادي العسكري، فالكيان الذي أنفق الكثير لترسيخ صورة له في الميديا العالمية والعقول العربية والغربية من كونه جيشاً لا يقهر وأن أفراده وجنوده هم الأكثر كفاءة وتدريباً في ميادين القتال، تعرض لضربة هزت هذه الصورة وأحدثت فيها شروخاً عصية على الترميم فظهر جنود نخبته في حالات الإنهيار والبكاء وتوسل القيادة لإبعادهم من الجبهة لشمالية تحت تأثير الصدمات النفسة القاسية والتي تجلت في نقلهم للكثير من الروايات غير العقلانية عن حرب لبنان وحاجة الكثير منهم للمتابعة والعلاج النفسي لسنوات بعد مشاركتهم في جولات القتال خلال حرب تموز.

من جانب آخر كانت حرب تموز حرب رسم معادلات الردع بأسلوب لم يعتد عليه الكيان المؤقت والذي عادةً ما كان هو من يفرض شروطه المذّلة على كل من يتجرأ على مواجهتها...

حرب تموز كانت حرب رسم معادلات الردع بأسلوب لم يعتد عليه الكيان المؤقت...

فكانت الحرب تحمل مع تقدم الأيام تصاعداً في حدة بروز المعادلات التي كانت تفرضها المقاومة تباعاً من موقع من يمتلك المبادرة ويلعب أوراقه بتأنٍ وثقة كبرى إلى أن أصبحت المعادلة في آخر أيام الحرب بيروت مقابل تل أبيب أي أن مسار القوة كان تصاعدياً من أول أيام الحرب وحتى آخرها ويلاحظ ذلك أيضاً في نوعية الصواريخ المستخدمة وعمق إستهدافاتها.

نعم بدأ العدو حربه وهو يظن واهماً أنه في الضربات الأولى قسم ظهر المقاومة وما تبقى ليس أكثر من نزهة ثأرية لما حصل عام 2000 ولكنه سرعان ما أدرك أنه سيمضي 33 يوماً وهو يتسول ولو إنجازاً صغيراً معنوياً يستر به ماء وجهه المراق وكرامة جيشه التي تحطمت على عتبات بنت جبيل ومارون الراس.

على المستوى العسكري سقطت بحرية العدو وأخرجت من المعادلة في أول أيام الحرب، أما مفخرة صناعته العسكرية أي دبابة الميركافا فتحطمت تحت وقع النار فكانت خسارته العسكرية لا تقل عن خسارته الإقتصادية هنا حيت توقفت أو تراجعت الكثير من عقود وصفقات شراء دبابة الميركافا حول العالم، وإرتبط إسم هذه الدبابة بذكريات سيئة بوادي الحجير وتلة الراهب والغندورية وسهل الخيام حيث أصبحت هذه البلدات مقابر للدبابات الصهيونية. أما قواته البرية فقد ذاقت مرّ النزال ومنيت بخسائر فادحة بلغت حدّ المحارق كما في دبل الجنوبية...

سلاح الجو كان له نصيبه فسقطت اليسعور وكان سقوطها إسفيناً دق في نعش غطرسة هذا الكيان المؤقت والذي منذ أن إنتهت حرب تموز وحتى اليوم يتخذ مساراً تنازلياً يظهر هشاشة المجتمع فيه خاصة مع غياب معظم الجيل المؤسس وجنوح شباب هذا الكيان للهجرة المعاكسة أو العودة إلى حيث أوطانهم الحقيقية.

حرب تموز كانت حرباً إلهية بكل مفاهيمها...

في تموز شعر الكيان بتهديد حقيقي لوجوده ولذلك قدم تنازلات كبرى على صعيد الأفراد فضرب جثث جنوده بالطائرات لتفتيتها قبل أن تقع بين أيدي المقاومين وهنا ندرك أن مأزقاً كبيراً قد ألم بهذا الكيان، وبالتالي يمكن القول أن حرب تموز كانت حرباً إلهية بكل مفاهيمها إستنفذ فيها العدو كل طاقته وذخائره حتى الإحتياطية منها وقدراته الإستخبارية والمعلوماتية وذلك في ظل مؤازرة من خبراء أمريكيين وجسر جوي لا يهدأ وتعاونٍ عالمي وصمت دولي عن جرائمه ومع ذلك كله لم يستطع تنفيذ مراده لا خلال الحرب ولا بعدها فخرج خالي الوفاض ولم تنجح كلمحاولاته و خططه من أصيلة أو بديلة كخطة 72 ساعة أو إنزال العلاق الذي علق عليه العدو آماله في تحقيق نصر معنوي فعاد يجر أذيال العال والخيبة والهزيمة مجدداً.

سطر الشعب أبهى ملحمة بطولية إلى جانب مقاومته...

ولكن تبقى المفارقة الكبرى في تموز هي لحمة الشعب حول مقاومته الشريفة ومسارعت المهجرين قصراً للعودة إلى أماكن سكنهم فور إعلان وقف إطلاق النار هذه المظهرية التي سقط معها أكبر أهداف العدو وهو فصل االمقاومة عن حاضنتها الشعبية ليصبح من السهل إقتلاعها، ولكن حتى هنا هزم الجمع وسطر الشعب أبهى ملحمة بطولية إلى جانب مقاومته عنوانها الأوحد ستبقى الأرض لأصحابها أما الدخلاء سينبذهم الثرى ويلفظهم عوداً إلى الشتات.

/انتهى/