قال الأستاذ الجامعي والباحث التربوي والإعلامي السيد خضر الموسوي، ان ظاهرة الأربعين تمثل أروع مثال للحب والتضحية والفداء والمودة لإمام الأحرار الحسين بن علي عليهما السلام، ولنهجه وخطه ومسيرته وثورته وامتداداتها عبر التاريخ...

وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: إن ظاهر مسيرة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) المنقطعة النظير والتي تمثل حراكاً عظيماً ومفعماً بالمعاني، تعدّ بمثابة حسنة باقية، وهي تركيبة «العشق والإيمان» و«العقل والعاطفة» من الخصوصيات الفذة لمدرسة أهل البيت (ع)، وحركة الناس الإيمانية العاشقة من مختلف بلدان العالم في هذه الظاهرة هي حركة غير مسبوقة، وتُعد من جملة الشعائر الإلهية..

فالظاهرة المليونية في زيارة اربعين الامام الحسين عليه السلام، تدل على وعي الامة الأسلامية لما حملته ثورة الامام الحسين عليه السلام من دلالات، فالحشود الغفيرة في مسيرة اربعينية الامام الحسين عليه السلام، هي امتداد للاعلام الزينبي...

وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الاستاذ الجامعي والباحث التربوي والاعلامي السيد "خضر الموسوي"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** هو يوم لا يشبهه يوم من ناحية مضامينه وجوهره ومظاهره وظواهره وعناصره، يوم تحول الى حج رمزي سنوي الى ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه، وهو اشبه بمؤتمر عالمي، أي قراءة تقدمونها لذكرى الاربعين وأية أبعاد تحملها؟

إنَّ ظاهرة الأربعين الخاصة بالإمام الحسين عليه السلام وزواره والتي حدثت منذ 1350 عاماً، والتي ستكون هذا العام في العشرين من صفر الموافق لـ 6 أيلول القادم، حيث سيجتمع الملايين من الزوار من مختلف دول العالم في مدينة كربلاء المقدّسة للوصول إلى مرقد الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام، تمثل أروع مثال للحب والتضحية والفداء والمودة لإمام الأحرار الحسين بن علي عليهما السلام، ولنهجه وخطه ومسيرته وثورته وامتداداتها عبر التاريخ، بعيداً عن مظاهر الحزن والبكاء التي يعيشها المسلمون كجزء من المواساة الوجدانية لما حصل للحسين عليه السلام وأهل بيته من مجازر وحصار وتضييق ولما عانوه من جوع وعطش من الحكم الأموي الممثل بيزيد بن معاوية لعنهما الله وزبانيته عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وغيرهم.

إنها مسيرة مقدسة يحييها المسلمون الشيعة ومحبّي الإمام الحسين والموالين لأهل البيت سواء في كربلاء المقدسة أو في بلاد العالم عبر المسيرات الحاشدة والمواكب والمضائف المُعبّرة عن الإرتباط بالإمام والإنتماء الحقيقي لثورته ونهجه وذلك بمشاركة الرجال والنساء والأطفال والفرق الكشفية.

لهذه الذكرى (الأربعين) أهمية خاصة في الثقافة الإسلامية كإحياء لشعائر الله سبحانه وتجديد الذكرى لشهادة الإمام العظيم وإحياء الحزن على من بذلوا أنفسهم وجاهدوا لإحياء الإسلام الأصيل.

إنه يوم الحرية كما يوم اللوعة والحرارة والتأسي بالإمام الحسين وصحبه.

إنه يوم التحدي للطغاة عبر التاريخ الذين حاربوا بعنف هذه الظاهرة العاشقة للإمام الحسين ورغم القتل الجماعي والإفرادي للزوار في سنوات عديدة.

إنها الثورة الإسلامية الناعمة ورسالتها التضحية من أجل العقيدة كحالة تعبوية وثورة أخلاقية رائعة.

إنه يوم تجديد العهد للإمام الحسين عليه السلام نتذكَّره ونُذَكّر به ونحييه لنحيا به فنجدد دماء الحسين الشهيد، دماء الحق والطهارة ورفض الظلم كما يقول الإمام الخامنئي حفظه الله: "إنه امتداد لعاشوراء وبداية تفجر المحبة الحسينية والإجتذاب الحسيني للقلوب ويوم الصمود بمواجهة الإستكبار".

** بعيدا عن القدسية الدينية التي تحملها مناسبة اربعين الامام الحسين (ع) لكن اذا دخلنا من الجوانب الاجتماعية المجتمعية لهذه الظاهرة السنوية والتي رغم وقوعها منذ الف عام ونيف تقريبا لا يزال احياؤها يحصل وكأنها حصلت بالامس، فما هي العناصر العامة التي تحملها التي تعطيها هذا الزخم أكثر فأكثر؟

1- النسبة العالية لمشاركة كبار السن والشيوخ (نساءً ورجالاً) السائرين مشياً أو اعتماداً على العكازات أو المحمولين على العربات والحمّالات أو المعوّقين.

2- مشاركة ضخمة جداً من الأطفال دون العشر سنوات من العمر وسيرهم لوحدهم كتعبير عن الوعي والتمسك بخط الإمام الحسين عليه السلام.

3- حضور القضية الفلسطينية بقوة بين الزوار من خلال رفع الأعلام الفلسطينية والشعارات والفولارات وغيرها.

4- زوال كل مظاهر التفرقة بين الزوار على اختلاف الجنسيات واللغات والأعراق والألوان، والإلتزام بمظهر السواد الغالب.

5- مشاركة عائلات بأكملها بالمواكب السائرة (الأب والأم والأبناء مع الأجداد والأحفاد) وهي ظاهرة نادرة في التاريخ.

6- حالة الأمن والطمأنينة التي يعيشها الزوار رغم وجود التهديدات الإرهابية التكفيرية فضلاً عن حالة السلامة العامة والمحبة والهدوء والسكينة والإحترام بين الزوار وعدم حصول أية حوادث بينهم.

7- معاملة رجال الأمن والقوى المولجة بحماية الزوار اللائقة والأخلاق الرفيعة التي تتجلى عبر الإحترام والمساعدة والتقدير وبذل الجهود لسلامة الزوار.

8- مشاركة فعاليات عالمية في خدمة زوار الإمام عليه السلام من مستويات قيادية في مواقع الدول أو الجيوش أو المسؤولية فضلاً عن المساهمة في تقديم الطعام المتنوع والفواكه والعصائر والشاي والقهوة فهم يقومون بخدمة الزوار عبر غسل أرجلهم وتدليكها...

9- ظاهرة تظليل الزوار لمن لا يملك المال لتقديم الطعام وحمايتهم من أشعة الشمس.

** على الرغم من اهمية ما تفضلت به وهذه الظواهر التي نراها في الاربعين سيما الحشد الهائل من كل انحاء العالم والتنظيم الرائع الا ان هناك تعتيم اعلامي عليها من قبل القنوات العالمية وكأنهم يتغاضون عن هذا التجمع المليوني الضخم كيف تقرأون هذا الاهمال الاعلامي المقصود؟

من المؤسف وجود الإهمال العالمي لظاهرة زيارة الأربعين المليونية، فيما لو أن حدثاً بسيطاً حصل في بلد كأميركا أو الصين أو أوروبا أو غيرها لتصدَّر الأمر عناوين الصحف والمجلات والإذاعات والتلفزيونات ووسائل التواصل الإجتماعي.. علماً أن ظاهرة زوار الأربعين تمثل الآتي:

أكبر تجمع بشري سنوي في منطقة واحدة، بل أضخم مؤتمر إسلامي يفوق الحج، إنها شبكة بشرية لا مثيل لها.
أطول مائدة طعام لملايين الأشخاص مع تجهيز أماكن إقامة ونوم مجانية في البيوت والمضائف.
أكبر عدد من الزوار يتم إطعامهم مجاناً.
أكبر عدد من المتطوعين لخدمة الزوار مجاناً.
أطول وأكبر صلاة جماعة في الكون تمتد لمسافة 30 كم.

كل ما ذُكر يعتمد على الشعب العراقي المعطاء بكل سخاء وكرم ولا تكلف الدولة بشيئ.

وعلى الرغم من التحديات الأمنية الإرهابية والتخوف السابق من الوباء الكوني لكورونا، لم يُثنِ ذلك تجمع الزوار الهائل والبالغ 21 مليون زائر للعام الماضي 2022 حسب إحصاءات العتبة الحسينية المقدسة فلا يدخل ذلك في حساب موسوعة غينيس للأرقام القياسية ولا تأخذ هذه الظاهرة الكونية حقها في الإعلام العالمي.

ونختتم برسالة الى سيد شباب اهل الجنة سيد الشهداء ابا عبد الله الحسين:

سيدي وإمامي يا حسين

إن خاننا السعيُ إليك، لترانا صرعى بين يديك، لم يفتنا الوَجدُ والنوح عليك أبد الدهر، لنهتف جميعاً لبيك يا حسين، لبيكِ يا زينب، لبيكَ يا إمام الأمة الغائب عجل الله تعالى فرجك... مع خط الولاية والمقاومة لكل الظالمين والمستكبرين.

يا إمامنا... يا وجع السنوات الطويلة وحكاية الفقد التي لا يعدلها فقد...
يا ضحكة الروح وانكسار الماضي والحاضر...
يا سيد الدنيا وقائد المجد حتى اليوم الأخير...
يا قائد الحب الكبير...

/انتهى/