أكد ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور احمد عبد الهادي، أنه بالرغم من الخسائر الفادحة في الارواح والممتلكات والبنى التحتية إلا أن أهالي غزة على قناعة راسخة بأنهم على حق، لافتاً إلى أن تحرير الارض يحتاج الى اثمان.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: نواكب في أيامنا الحالية، خريف صهيوني سيغير المنطقة راسا على عقب، ونشاهد حرب وجودية للكيان المؤقت ستفضي إلى زواله الحتمي كما يؤكد بعض المحللين.

تلك المعركة التي بدات في السابع من تشرين، والتي أدت الى تقسيم العالم لفريقين، فريقٌ مع الاستكبار العالمي وفريقٌ مؤيدٌ للقضية الفلسطينية وللحق الفلسطيني الذي سُرِقَ عام 1948.

ومنذ انطلاقة طوفان الأقصى، حتى يومنا هذا، ارتكب الاحتلال الصهيوني أبشع المجازر بحق المدنيين العُزّل في قطاع غزة، وفي احصائية لوزارة الصحة بغزة، أفادت بأن العدو تعمد ارتكاب 731 مجزرة بحق العائلات راح ضحيتها 5224 شهيداً منذ 7 أكتوبر، وما زال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض.

وهذه الإبادة الجماعية تُنفّذ بينما العالم الدولي والانساني يقف صامتا وساكتا، مما اعطى جيش العدو الضوء الاخضر وعلى مدى ثلاثه أسابيع للفتك بالناس.

ويشير خبراء إلى أن الكيان الصهيوني، يتّبع سياسة قتل المديين والمجازر الجماعية، لتحريض الشعب في غزة على المقاومة، وإلقاء اللوم على المجاهدين في غزة، إلا أن مساعيه باءت بالفشل، والفيديوهات القادمة من غزة تبرز مدى تمسّك هذا الشعب الأبي بأرضه والتفافه حول مقاومته الشريفة.

لكل هذا وأكثر، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور احمد عبد الهادي، وجاء نص الحوار على الشكل التالي:

حديث الساعة في غزة وفلسطين المحتلة يدور حول هذه الوحشية غير المسبوقة في التاريخ التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد المدنيين في غزة، هل ترون انها مجرد وحشية ورغبة في الانتقام ام انها تحمل ابعادا سياسية واستراتيجية تخص الاحتلال ومستقبل الشعب الفلسطيني ؟

الوحشية غير المسبوقة التي يمارسها العدو بحق شعبنا، اولا هي ردا على الضربة القوية ذات البعد الاستراتيجي التي تلقاها العدو على رأسه ولم يستفق من صدمته الكبيرة ولذلك يتصرف بجنون هذه الخلفية الاولى.
الخلفية الثانية لها علاقة بسعي الاحتلال لعودة شيء من الهيبة التي ذهبت ومن الصورة التي كسرت، ومن القوة التي كان يتغنى بها والتي بدت هزيلة، فهو يحاول ان ينتقم من المدنيين من خلال مجازره، بينما لم يستطع ان يواجه الابطال عندما قاموا بعملية "طوفان الاقصى" وقتلوا ما قتلوا من الجنود واسروا ما اسروا من الجنود والضباط، لكن هناك خلفية اخرى ايضا تتعلق بسعي الاحتلال مدعوما من الإدارة الاميركية بتهجير اهلنا من قطاع غزة سواء من الشمال الى الجنوب ابتداءً ثم بعد ذلك الى سيناء، وهذا مشروع قديم جديد له علاقة بصفقة القرن، لكن لم ينجح هذا المشروع وفشل، وهناك هدف آخر من الاستمرار في المجازر وهو الضغط على المقاومة للانصياع لشروط الاحتلال في لحظة ما يتم فيها الحديث عن وقف اطلاق النار زائد ان هناك ايضا تمهيد لاحتمالية ان يكون هناك عملية برية في لحظة ما فهو يمهد الميدان من خلال استخدام الارض المحروقة.

لماذا لا يزال جيش الاحتلال يتهيب الدخول برا الى غزة؟ وهل ترون المبررات التي يطلقها جيش الاحتلال مقنعة لتأخير العملية وتأجيلها باستمرار؟ وهل يمكن ان يشكل هذا القصف الوحشي للمناطق السكنية بديلا عن المواجهة البرية المحتملة؟

العدو الصهيوني يعتقد بأن القصف لن يحقق له اي انجاز مما ذكرت، ولذلك هو يفكر بالحرب البرية ويكاد يكون قد اتخذ قرارا مدعوما من أميركا ولكن الحرب البرية لها ثلاث مستويات:
_ المستوى الاول: الاجتياح الكامل والقضاء على المقاومة وسحقها بالكامل وهذا الشعار المعلن.
_ المستوى الثاني وهو المتوسط احتلال اجزاء من غزة ثم التموضع فيها وبالتالي الضغط على المقاومة.
_ المستوى الثالث هو ايجاد شريط عازل لحماية مستوطناته في المستقبل والضغط على المقاومة.
حتى الان العدو الصهيوني يتردد وهناك عدة اسباب لتردده:
السبب الاول : ان الفرقة المعنية بالحروب والهجوم على غزة وهي متخصصة بقطاع غزة وتعرف طبيعتها والمقاومة وما يتعلق بها، اي لديها خبرة كبيرة ولديها ضباط وجنود وخرائط ومعلومات واستخبارات، تم القضاء عليها قتلا واسرا لضباطها وجنودها وايضا غنمت المقاومة بكل اسرار الفرقة التي تقبع في غلاف غزة، لم يعد هناك تشكيل عسكري يعلم ولديه الخبرة التي كانت عند الفرقة السابقة التي تم ابادتها، وبالتالي هناك تردد لان الذين أتوا بهم لكي يخوضوا المعركة البرية المتوقعة ليس لديهم إطلاع كاف وخبرة وهم مترددون.
السبب الثاني هو الخوف من مفاجآت المقاومة، المقاومة التي استعدت جيدا لأي حرب برية محتملة ولذلك العدو يخشى ان اقدم على هجوم بري ان يتكبد خسائر فادحة قتلا واسرا لضباطه وجنوده اكثر مما حصل في السابع من تشرين الاول في معركة طوفان الاقصى وهذا سبب وجيه، وامس جس نبض واستطلع بالنار عندما اقترب امتارا من السياج الزائل لكنه واجه رد فعل من المقاومة التي كانت تكمن له وقتل من جنوده وتم تدمير الاليات، وهذه رسالة مهمة.
السبب الثالث هو ان الهجوم البري الشامل على غزة وخصوصا محاولة احتلالها يخشى من ردة فعل المقاومة ومحور المقاومة الذين اوصلوا رسائل واضحة للاميركيين وللعدو بأن العدو اذا تجاوز حدوده واراد ان يجتاح غزة ويقضي على المقاومة فإن المعركة ستكبر وتصبح إقليمية وهذا يدخل في حسابات العدو الصهيوني ايضا .
السبب الرابع طبعا هناك انقسام في القيادة السياسية والميدانية وهذا يجعلهم يترددون كثيرا، لذلك كل الاعذار التي يذكرها العدو ويؤجل بسببها الهجوم البري هي اعذار واهية، محاولا ان يبرر تردده وارجائه لهذا الهجوم.
بالإجمال هو ينوي لعمل بري ما لكن يريد معلومات اكثر، يريد مفاجاة، يريد خداع، لكن لا اعتقد انها ستكون حرب شاملة واجتياح كبير لغزة.

حتى الان ورغم الخسائر الفادحة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني في مواجهة جيش القتل والتدمير وآلة الحرب الصهيونية، لم يخرج صوت فلسطيني من داخل غزة يصرخ او ينتقد المقاومة.. فما سر هذا التلاحم بين المقاومة وشعبها؟ وكيف سيؤثر هذا الوعي الشعبي في تعزيز قدرة المقاومة في التصدي للعدوان الصهيوني على غزة ؟

بالرغم من الخسائر الفادحة في الارواح وفي الممتلكات والبنى التحتية التي يتكبدها شعبنا بفعل المجازر والإرهاب والمحرقة التي يمارسها العدو حتى اللحظة، لكن لم يستسلم هذا الشعب، ما زال متمسكا بأرضه بالرغم من عدد الشهداء والجرحى، بالرغم من خسارة بيوتهم وممتلكاتهم متمسكون بأرضهم، متمسكون بالمقاومة، ولا زالوا حتى الان يشكلون الحاضنة لها ويدافعون عنها كالعادة.
السبب الاول لهذا الصمود الأسطوري هو ان شعبنا على قناعة راسخة بأنه على حق، وصاحب حق، ولذلك هو مستعد ان يدفع ثمنا من اجل حقه.
المسألة الثانية هو ان الشعب الفلسطيني كان يقتل ببطء على مر عقود من الزمن سواء بالضفة او بالقدس والحصار على غزة لمدة 17 عاما قتل بطيء، والشعب الفلسطيني بدل من ان يموت ببطء نتيجة المجازر بالقدس وبال48 وبالحصار على غزة، يمكن ان يستشهد من اجل حقه ومن اجل ايضا الانجاز الكبير الذي حققته المقاومة ليحافظ عليه، اذن هو يدفع ثمن الانجاز الضخم الذي حققته معركة طوفان الاقصى والذي يعتقد انه سيقود الى تدمير هذا الاحتلال وطرده عن ارضنا وتحرير فلسطين، اذن دائما تحرير الارض يحتاج الى اثمان، وكل حركات التحرر في العالم دفعت اثمانا باهظة من اجل تحرير ارضها، وهذا ايضا يؤثر على الاحتلال ويجعله ييأس من ان يركع هذا الشعب الذي يعطي معنويات للمقاومة بأنه يستطيع ان يدفع ثمنا دائما من اجل احتضانه للمقاومة.

المأساة الانسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة خصوصا تفوق الوصف.. وانتهاكات العدو ضد البشر والحجر واماكن العبادة واضحة لكل ذي بصر.. ما تقييمك لردود فعل العربية والعالمية على هذا العدوان؟ وهل ترى ان خروج مئات الالاف في المدن الغربية مؤشر على التعاطف مع الشعب الفلسطيني ام حالة من الوعي السياسي العالمي لمخاطر الصهيونية على العالم؟

بالرغم من ان العالم العربي والإسلامي ومدن كثيرة خرجت تأييدا للشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن نفسه ورفضا للمجازر الإرهابية التي يمارسها العدو، وهذا يؤكد ان القضية الفلسطينية نعم اصبحت حاضرة في الضمير العربي والإسلامي والحر في العالم وايضا تؤثر ايجابيا على معنويات شعبنا، وتجعل هذا الشعب يشعر بأن لديه من يدعمه، ولكن هذا غير كافي، لان المجازر التي يقوم بها العدو تزداد يوميا، يجب ان تكون هناك خطوات غير مسبوقة دعت اليها قيادة حماس والمقاومة، النفير الخروج الى الشوارع والأحتكاك مع العدو وخصوصا في دول الطوق وغيرها من القضايا.

/انتهى/