أكد رئيس مجلس علماء فلسطين، الشيخ الدكتور حسين قاسم، أن المجتمع الغربي بقيادة امريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم لا علاقة له بالإنسانية، مشيراً إلى أن الهدنة أعطيت بعد خسائر الاحتلال الفادحة داخل غزّة ولا علاقة لها بالإنسانية.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: على مر التاريخ، عُرِفَ الأشرار من اليهود ومن غير اليهود بنقضهم للعهود والمواثيق، وهذا ما خلّده القرآن الكريم بأكثر من موضع، ليحذرنا الله تعالى من شر هؤلاء الناس، وليعلّمنا كيف نتعامل معهم بحذر.

وعلى سبيل المِثال لا الحصر، قال الله تعالى في محكم تنزيله: الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ... وقال سبحانه وتعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْوَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا... صدق الله العلي العظيم.

والأمثلة القرآنية والتاريخية كثيرة، ونقضهم للهدنة في غزة ما هو إلا مثال حي وواضح على نقضهم للعهود والمواثيق. تلك الهدنة التي أُعلِنَ عنها في غزة بغطاء إنساني ولكن الحقيقة كانت بسبب الضربات التي تلقّتها آلة الإجرام الصهيوني والخسائر الفادحة التي لحقت بالقوات المتوغّلة داخل غزّة.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس مجلس علماء فلسطين الشيخ الدكتور حسين قاسم: "هذه الهدنة ما أعطيت الا لمصلحة الصهاينة لان خسائرهم في غزة كبيرة جدا، ولم يعد بإمكانهم الاستمرار، فطلبوا من الإدارة الاميركية ان تعلن انها طلبت امام العالم هدنة من اجل التخفيف عن واقعهم.

وحول هذا الموضوع أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع رئيس مجلس علماء فلسطين الشيخ الدكتور حسين قاسم، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

شاهدنا الهدنة التي حصلت في غزة تحت عنوان انساني! ولكن هل ترون انها بهدف انساني في جوهرها؟ هل استفاق ضمير العالم اخيرا على هول المأساة التي تسبب بها العدوان الصهيوني على غزة؟ ام ان هناك خلفية سياسية غير معلنة! ورغبة لانهاء العدوان بعد ان فقد فاعليته العسكرية؟

بالنسبة للواقع في غزة والهدنة التي أعطيت، حتى نفهم هذا الوضع ونعلم ان المجتمع الغربي بقيادة امريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم لا علاقة لهم بالانسانية، هذه الهدنة ما أعطيت الا لمصلحة الصهاينة لان خسائرهم في غزة كبيرة جدا، ولم يعد بإمكانهم الاستمرار فطلبوا من الإدارة الاميركية ان تعلن انها طلبت امام العالم هدنة من اجل التخفيف عن واقعهم، ومن يريد ان يفهم المشهد فلينظر الى ما حصل منذ فترة في البوسنة والهرسك عندما قاموا الصرب بمهاجمة المسلمين وبارتكاب أبشع المجازر على مرأى ومسمع العالم ولم تتحرك لا امريكا ولا أوروبا، متى تحركت أوروبا وأمريكا وطلبوا وقفوا القتال؟ عندما شعروا ان المسلمين في البوسنة أصبحوا قوة وبدأوا يهاجمون الصرب بشراسة وشعرو بخطر على صربيا لذلك تحركوا تحت مسميات إنسانية واوقفوا الحرب، نفس الامر يجري في غزة الان، هذا المجتمع الغربي الذي يدعي الديموقراطية هو مجتمع كاذب لا يعرف الانسانية واصلا نحن كشعب فلسطيني نرفض ان تتحور القضية الى قضية إنسانية أنما هي قضية احتلال بغيض على ارضنا بيد الصهاينة ويديرها المجتمع الغريي، بالتالي نحن شعب مقاوم وسنستمر في مقاومتنا ولو حاولوا بكل الوسائل والاغراءات وكل اساليب الاحتيال، نحن نفهم هذا العدو ونفهم الامر الذي يوجعه ، هذا العدو لا يفهم معنى السياسة والإنسانية لذلك يرتكب هذه المجازر، مجازر بحق البشر والحجر والشجر والتراث والتاريخ وتزوير كل شيء، هو فقط أوقف القتال فقط ليستعيد انفاسه ويرتب اوراقه ليعود من جديد ويرتكب المجازر كما نشاهد في هذه الايام.

هل صحيح ان الادارة الأميركية ضغط على قادة الكيان الصهيونى للموافقة على الهدنة؟ ولماذا تفعل ادارة بايدن ذلك وهي التي دأبت منذ بداية العدوان برفض وقف الحرب وتأكيد حق جيش الاحتلال بتدمير غزة ومقاومتها؟ هل كان لردود فعل الداخل الاميركي وتفاعله مع الانتهاكات الاسرائيلية دور في تعديل الموقف الاميركي؟

الإدارة الاميركية لا تضغط على المجتمع الصهيوني ولا يهمها الشعب الفلسطيني اذا قتل او ابيد او دمر لان امريكا بالأساس قامت على المجازر، قامت على ان الأوروبيين ذهبوا الى هذه القارة وارتكبوا المجازر فقتلوا في امريكا الشمالية خمسين مليون من السكان الأصليين من الهنود الحمر، وقتلوا ثلاثين مليون في امريكا اللاتينية وقتلوا عشرين مليونا في اوستراليا ولم يرف لهم جفنا ابدا.
الأوروبيون خاضوا حربين عالميتين دمروا كل شيء في هذا العالم وارتكبوا أبشع المجازر وذهب ضحيتهم اكثر من مئة مليون ضحية ولم يرف لهم جفن، ولم يتأثروا بما يجري في العالم المهم ان ينفذوا المصالح التي يريدونها، نفس الامر اليوم امريكا من البداية قالت انها تدعم هذا الكيان المؤقت وزودته بالسلاح والعتاد والمال والامكانيات واحضرت اليه المرتزقة ليقاتلوا معه في كل مكان، ويريدون تنفيذ هذه السياسة تنفيذ إبادة الشعب الفلسطيني، هذه المحرقة الجماعية المستمرة كعادتهم في المجازر، يريدون اخراج الشعب الفلسطيني من غزة حتى يتفرغوا للضفة ثم يهجرون اهلها، وكذلك الاستمرار في المجازر والتوسع على حساب هذا الشعب، ولكن هم يريدون والله سبحانه وتعالى يؤيد هذا الشعب بالثبات والصبر وارادة المقاومة القوية التي تذيقهم الويلات على أرض غزة وفي الضفة، وتقاومهم بكل قوة وشراسة واقتدار ولم تتوقف المقاومة، ولن يستطيعوا ان يوقفوا هذا الشعب الذي صبر وضحى لأكثر من مئة عام وقدم خيرة قياداته وخيرة شعبه وشبابه فداء لهذه الارض الطيبة الطاهرة، ولن تتوقف المقاومة حتى تحرير كل فلسطين بإذن الله رب العالمين.

نجم المشهد الغزاوي اذا صح القول هو الشعب الفلسطيني في القطاع!! فهذا الشعب اذهل العالم بصموده ومقاومته وصبره وبعد ذلك بتمسكه بالارض والمقاومة!! ما هي عوامل هذا الصمود الاسطوري؟ وما دور هذه الحاضنة في تعزيز قوة المقاومة للاحتلال والعدوان؟

الشعب الفلسطيني الذي ابهر العالم بثباته والتفافه حول المقاومة، هذا الامر ليس بجديد عليه حتى يفهم العالم شعب غزة وشعب فلسطين بشكل عام عليهم ان يعرفوا ان الله تبارك وتعالى هو الذي اختار القدس والأقصى في قلب فلسطين، واختار هذا الشعب ليحافظ عليها عبر التاريخ، الذي لم يقرأ التاريخ يرجع جيدا اليه فلسطين احتلت 23 مرة قبل ان يحتلها الصهاينة، وفي كل مرة يقاتل ويقاوم شعبها حتى يطرد المحتل ويعيدها الى الحضن الدافىء لهذا الشعب الطيب عبر التاريخ، وهذا ما سيحدث بإذن الله تعالى فالصهاينة عابرون كما عبر الاشوريون والكلدانيون والرومان والبابليون وغيرهم الكثير، حتى الحروب الصليبية والمغول وريطانيا. كله عبر وبقيت فلسطين وشعب فلسطين ، هذا الشعب الذي يمتلك هذا الصمود الأسطوري بعنوان جهاد اما نصر واما استشهاد، لا يوجد في فكر الشعب الفلسطيني في غزة اي قضية اخرى، نحن امام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الذي يفكر به ابن فلسطين هو المقاومة اما ان يرزقنا الله الشهادة فنكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة، او ان يحقق الله سبحانه وتعالى امنيتنا بالتحرير الكامل من البحر الى النهر كل فلسطين من رأس الناقورة الى ام الرشراش حتى لا يبقى فيها غريب وتعود الى اهلها.

الى اي حد برأيكم فضيلة الشيخ أعاد طوفان الاقصى القضية الفلسطينية الى الواجهة سيما بعد صرف الرأي العام العالمي عن هذه القضية الشريفة، وكيف يمكن ان نستثمر هذا الامر لتعزيز الانتماء والولاء للقضية وكشف زيف ادعاءات العدو؟

القضية الفلسطينية عبر التاريخ ومنذ ما يزيد على مئة عام، مرت بعدة مراحل مرة تصل الى القمة ومرة تنخفض حسب الوضع الداخلي والوضع العام، ارادوا من خلال الاتفاقيات ومن خلال السياسة والوعود الكاذبة ان يهدأوا ويخدروا هذا الشعب ليمرروا صفقات العدوان لمصلحة الكيان الغاصب المؤقت، ولكن جاء طوفان الاقصى ليرفع قضية الشعب الفلسطيني الى اعلى قمة منذ مئة عام، لو نظرنا الى العالم، نجده مشغول، اما بالفيروسات التي نشرت كالكورونا وغيرها او بالوضع الإقتصادي في كل مكان وتأمين مصادر الطاقة، او بمشكلة أوكرانيا وكيف يواجهها الروس، ومشاغل كثيرة في العالم وحاولوا طمس القضية الفلسطينية، فجاء طوفان الاقصى ليرفع القضية الفلسطينية الى القمة، الى رأس الهرم، ونسيت كل الفيروسات، ونسيت كل مشاكل المناخ، ونسيت قضية أوكرانيا ونسيت كل قضايا العالم، ولا يوجد حديث اليوم الا فلسطين وغزة، لم يخرج في تاريخ البشرية في أوروبا وأمريكا مظاهرات بهذا الزخم، عندما نرى مظاهرات مليونية في قلب لندن، في باريس، في الولايات المتحده الاميركية في اكثر من مقاطعة ومدينة في العالم، فضلا عن بعض الدول العربية والإسلامية، مثال ما حصل في العراق في اليمن في إيران في غيرها، كل هذا يبين ان فلسطين هي القضية الاولى الان، صحيح ان المجازر كثيرة والدمار كبير وما يجري في غزة مؤلم، لكن الفرحة بانتصار المسلمين في طوفان الاقصى وإذلال الصهاينة، ورفع القضية الى اعلى مستوى لتكون الاولى في العالم، انه انتصار بفضل الله وبفضل رجال المقاومة الابطال وثبات هذا الشعب في غزة المقاومة.

/انتهى/