أكد رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية، الأستاذ هشام يعقوب، أن إسناد اليمن لفلسطين أيقظ روح الترابط الأخوي بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وأكد أن كل مشاريع التفرقة والفتن لن تنجح في إشغال أحرار الأمة عن فلسطين، ورسخ الثقة بأن الأمة قادرة على مواجهة العدوان والطغيان.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: يسجل لليمن العزيز مواقفه ومقاومته التي ادهشت العالم دعما للقضية الفلسطينية ودفاعا واسنادا لاهالي غزة، فما قام به هذا البلد رغم الحصار والجراح التي يعاني منها من تأثير على اكبر قوى العالم عبر منع السفن الداعمة للعدو ان تصل الى موانئه، أمرٌ أدهش العالم أجمع.

ولا شك أنه هنالك تشابه كبير بين ما حصل في اليمن من حربٍ طاحنة وما يحصل في غزة، فالأيادي المدبّرة هي ذاتها كذلك الصمود في كلا المثالين هو ذاته، ففي اليمن استهدف المعتدون المدنيين بشكل جنوني لإثارة الرأي العام على المقاومة هناك، وكذلك في فلسطين يتم ارتكاب المجازر لإثارة الرأي العام على المقاومة، وكما انتصر اليمني بصموده كذلك النصر حليف الفلسطيني.

وللخوض أكثر في تأثير هذا الدعم وهذه المساندة على الشعب الفلسطيني وللتعرف أكثر على آخر التطورات الحاصلة في غزة، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع رئيس قسم الأبحاث والمعلومات في مؤسسة القدس الدولية، الاستاذ هشام يعقوب، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

برأيكم، كيف ستكون طبيعة الرد اليمني، على الضربات التي شنتها أمريكا وبريطانيا بالتعاون مع عدة دول، وهل يمكننا القول أننا منتجهون إلى حرب إقليمية؟

مشاركة اليمن في مساندة المقاومة الفلسطينية والدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يباد في غزة من أخطر ما يواجه الاحتلال الصهيوني وأمريكا والغرب الداعم للاحتلال الصهيوني، لأن مشاركة اليمن البعيد جغرافيًّا عن فلسطين، والمحاصر، والذي يعاني اقتصاديًّا أيقظت روح الترابط الأخوي بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، وأكدت أن كل مشاريع التفرقة والفتن لن تنجح في إشغال أحرار الأمة عن فلسطين، ورسخت الثقة بأن الأمة قادرة على مواجهة العدوان والطغيان متى امتلكت القرار والإرادة.
وأعتقد أن العدوان الأمريكي والبريطاني على اليمن لن يمر من دون رد مناسب، وقوى المقاومة في الأمة ما زال لديها الكثير من أوراق القوة التي تجبر قوى الاستكبار العالمي على التراجع.

حتى الان لم ينطق اي مسؤول اميركي بدءا من الرئيس بايدن الى وزير خارجيته بلينكن، بعبارة وقف اطلاق النار في غزة والضفة.. وجل ما وصل اليه الموقف الاميركي تخفيف الخسائر البشرية وزيادة ايصال مواد الاغاث! فماذا يعني ذلك؟ وكيف نفهم الموقف الاميركي والدور الذي يلعبه في تشجيع العدوان وحمايته.. ببنما تتزايد الدعوات لوقف العدوان في كل العالم؟

أخذت الإدارة الأمريكية على عاتقها توفير الغطاء اللازم للكيان الصهيوني منذ بداية الحرب على غزة، وارتكزت الاستراتيجية الأمريكية إلى أربع ركائز: الأولى هي بذل الجهود لمنع توسع دائرة الحرب وإعطاء الكيان الصهيوني الفرصة للاستفراد بقطاع غزة، والثانية توفير الدعم السياسي والعسكري والأمني والمالي للكيان الصهيوني، والثالثة تشكيل جبهة دولية داعمة للعدوان على غزة وللعدو الصهيوني، والرابعة الضغط على الدول العربية والإسلامية لمنعها من القيام بواجبها تجاه الفلسطينيين والإسهام في بلورة مخرج للحرب يخدم الاحتلال الصهيوني.
غالبية دول العالم تؤيد وقف العدوان على قطاع غزة، بينما تواصل أمريكا توفير الغطاء للاحتلال الصهيوني ليستمر في جرائمه في غزة على أمل أن يحقق مكاسب بعد فشله طوال أشهر الحرب السابقة. وأمريكا في هذا السلوك تشارك عمليًّا في إدارة الحرب على غزة، وهي تفعل ذلك تحقيقًا لمصالحها التي تتمثل بالتخلص من قوى المقاومة ودمج الكيان الصهيوني بمنطقتنا العربية والإسلامية.

سمعنا بعض التصريحات المنسوبة الى القيادات العربية التي التقاها بلينكن، وهي تشدد على ايجاد حل للقضية الفلسطينية، بدءا من وقف العدوان على غزة وصولا الى حل الدولتين والشروع في المفاوضات السياسية لايجاد حل للقضية برمتها!! فهل نصدق ذلك؟ وهل هذا ما يجري في الغرف المغلقة ام انه القسم المتعلق بالاعلام لاحتواء الرأي العام العربي؟

لا يوجد هناك موقف جدي وقوي عربي وإسلامي باتجاه وقف العدوان على قطاع غزة، بل من المؤسف القول إن بعض الأنظمة العربية التي يلتقيها بلينكن تدفع باتجاه استمرار الحرب أملًا بالقضاء على المقاومة الفلسطينية واجتثاثها لأن هذه الأنظمة ترى في المقاومة الفلسطينية عقبة في طريق تطبيعها مع الاحتلال الصهيوني، وترى في نجاح نموذج المقاومة الفلسطينية تحريضًا لشعوبها على مقاومة الطغيان والاستبداد. إن متابعة التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام المحسوبة على هذه الأنظمة تعطينا فكرة عن حقيقة موقفها، فهي تطعن بالمقاومة، وتتبنى رواية الاحتلال الصهيوني ومصطلحاته، وتبث الأخبار التي تضعف الجبهة الداخلية للشعب الفلسطيني، وتثير الفتن في الأمة.

هل تعتقدون ان الاجواء الراهنة ملائمة للحديث عن حلول سياسية لازمة الصراع العربي الصهيوني كما تروج بعض الدوائر العربية وخصوصا ما صدر عن وزير خارجية الاردن؟ ام ان الامر يقتصر في هذه المرحلة على وقف العدوان وتخفيض درجة التوتر في المنطقة ؟

المشكلة الحقيقية في ما يتعلق بالحديث عن الحلول السياسية أن جل ما يُطرح لا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني، ولا يلحظ المكاسب غير المسبوقة التي حققتها المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى، أي أن هذه الحلول تريد أن تتنكر لإنجازات المقاومة التي من حقها فرض الشروط بصفتها الطرف المنتصر وتمثل الشعب المظلوم منذ عقود. تشترك بعض الأنظمة العربية مع أمريكا والغرب والاحتلال الصهيوني في عدم إعطاء مكاسب للمقاومة تكون ترجمة لإنجازاتها الكبيرة في طوفان الأقصى، لأنهم يخشون من أن يشكل ذلك سابقة تبني عليها المقاومة وتعمل على تكرارها لتحقيق المكاسب السياسية. وهذا يفسر انخفاض سقف المواقف السياسية لبعض الأنظمة التي اكتفت بالدعوة إلى خفض التصعيد أو تحقيق هدنة إنسانية أو وقف الحرب بلا مكاسب سياسية للفلسطينيين.

التهديدات التي يوجهها قادة الكيان وقادة جيشه الى لبنان والمقاومة الاسلامية، زادت وتيرتها في الايام القليلة الماضية.. كما ان الاشتباكات والاغتيالات ارتفعت سخونتها الى درجة كبيرة… هل يمكن لجيش الاحتلال ان ينتقل بعملياته التدميرية الى لبنان بعد تخفيف الضغط على غزة؟ ما الذي تتوقعونه على هذه الجبهة المشتعلة بين المقاومة وكيان الاحتلال؟

من الواضح أن جيش الاحتلال الصهيوني يريد خلط الأوراق في الإقليم، وجر أمريكا والغرب إلى حرب إقليمية تعوض له خسارته الفادحة في قطاع غزة، وتساعده على التخلص من التهديدات في جبهات لبنان واليمن والعراق، وقبل كل ذلك تحقق له هدف ضرب إيران. نتنياهو واليمين المتطرف يدفع بهذا الاتجاه، ونتنياهو له مصالح شخصية من وراء هذا المخطط، فهو لا يريد أن يظهر وحده بمظهر الخاسر، ويريد إطالة زمن الحرب في غزة والإقليم ليفلت من محاكمته بتهم الفساد وتهم الإخفاق في معركة طوفان الأقصى.
أعتقد أن قوى المقاومة تدرك هذا التوجه لدى نتنياهو، وهي معنية بمواصلة مؤازرة المقاومة في قطاع غزة، وعدم إعطاء ذريعة لنتنياهو لتنفيذ خطته. وأتوقع أن يواصل الاحتلال الصهيوني تصعيده واستفزازه ضد قوى المقاومة، وأن تواصل قوى المقاومة ردها المدروس.

/انتهى/