وأفادت وكالة مهر للأنباء، إن مؤتمر ميونيخ الأمني الستين حول موضوع آفاق النظام العالمي ودور ومكانة أوروبا في مجالات الدفاع والأمن والتداعيات الأمنية لتغير المناخ انعقد في 16 فبراير في ميونيخ بمشاركة الممثلين السياسيين والأمنيين والدفاعيين والاقتصاديين للدول والمنظمات الدولية، وانهى اعمله اليوم.
وكانت الفلسفة الرئيسية وراء تشكيل هذا المؤتمر هي منع تكرار الصراعات العسكرية مثل الحرب العالمية الثانية وخلق منصة للحوار والدبلوماسية. والآن، بعد مرور 60 عاماً على تأسيس هذا الاجتماع السنوي، أعطت مؤسسته ألمانيا الأولوية للنهج العسكري وشاركت بفعالية في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، أو عارضت وقف العمليات العسكرية للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي محكمة لاهاي وهي تعمل لصالح هذا الكيان.
أما المؤسس الآخر لهذا المؤتمر، وهي الولايات المتحدة، فقد شاركت في مختلف الانقلابات والتدخلات العسكرية والإطاحة بأنظمة سياسية مختلفة في جميع أنحاء العالم في السنوات التي سبقت الحرب الباردة وبعدها. والحقيقة أن أمريكا كانت دائما غير مبالية بالحوار والدبلوماسية، وألمانيا، بسبب القهر الذي سببته الحرب العالمية الثانية، التي تسببت فيها بنفسها، ولتصحيح صورتها العدوانية، ظلت ترفع شعار ضرورة اتباع الحوار والدبلوماسية.
ولذلك فإن القوتين الغربيتين المدمرتين والخطيرتين كانتا المؤسستين لمؤتمر للحوار والدبلوماسية، وعمليا كان هذا المؤتمر بمثابة كتلة لتنسيق سياسات وتصرفات القوى الغربية وحلفائها ضد حلفائهم.
وبعد انتهاء نظام القطبين وتوسع الناتو نحو الشرق، فتح مؤتمر ميونيخ الأمني، بالتنسيق مع الإستراتيجية العسكرية الأمنية للغرب، أذرعه تكتيكياً نحو الشرق، ولذلك نرى دعوة السياسيين الشرقيين إلى هذا المؤتمر. والحقيقة أنه من الآن فصاعدا، وتحت شعار الحوار بين الغرب والشرق، يجب على السياسيين الشرقيين أن يجيبوا على أسباب تبني سياساتهم للقوى الغربية وأن يأخذوا اعتباراتها بعين الاعتبار.
ورغم أن حكومات العالم المستقلة حاولت استغلال فرصة عقد هذا المؤتمر السنوي لخلق منصة لعرض وجهات نظرها، إلا أن عملياً إيجاد فرصة للتحدث في هذا المؤتمر يتطلب الكثير من المساومة والضغط، ولا يوجد فرصة متساوية لهذه الدول وليس هناك مقارنة مع الغربيين وحلفائهم، وأهم ميزة لوجود الدول المستقلة في هذا المؤتمر هي اللقاءات الثنائية بين ممثلي الدول والمنظمات الدولية.
وفي السنوات الأخيرة، أزال المشاركون في هذا المؤتمر القناع عن وجوههم، وحوّلوا دعوة الدول والأطراف والمنظمات الدولية إلى هذا المؤتمر وعدم دعوتها إلى إعطاء الفرص والامتيازات لبعض الدول والضغط على أخرى. وفي هذا الصدد، فإنهم لا يمنعون حضور الممثلين الرسميين لبعض الدول المستقلة والمعارضة فحسب، بل على العكس من ذلك، يقومون بدعوة القوى المعارضة للنظام السياسي لهذه الدول وتنظيم اجتماعات مليئة بالهوامش لهم بمساعدة تيارات الإعلام الفاسدة.
وكما قيل، فإن هذا المؤتمر، خلال تاريخه الممتد على مدى 6 عقود، نادرا ما خدم السلام والنظام والتماسك الدولي، واتبع عمليا سياسة خلق الكتل السياسية على المستوى العالمي، ولم يترك سجلا حافلا.
/انتهى/