وكالة مهر للأنباء_ نسرين نجم: عبر التاريخ شهدت الجامعات الاميركية اعتصامات واحتجاجات متنوعة نذكر منها:
- ما حصل عام 1960 في جامعة نورث كارولينا حيث اطلق طلاب اميركيون افارقة احتجاجات سلمية على التفرقة في متجر وولورث في غرينسبورو، فتوسعت التظاهرات لتطال مدن وولايات مجاورة ما ادى الى الغاء التفرقة.
- في عام 1970 في جامعة كينث أوهايو فقد ادى مقتل اربعة طلاب وجرح تسعة على يد الامن الى إضراب وطني للطلاب، تصاعدت الاحتجاجات وجذبت اهتمام الاعلام الوطني بشكل اكبر نحو الحركة المناهضة للحرب في فيتنام.
- في عام 1985 جامعة كاليفورنيا بيركلي ادى احتجاج الاف الطلاب على علاقات الجامعة التجارية مع نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا الى سحب استثمارات مليارية منها عام 1986.
- في عام 2014 جامعة هارفارد: شارك طلاب كلية الطب في الجامعة بإحتجاجات تضامنية مع حركة "حياة السود مهمة" رفضا لعنف الشرطة ضد السود
لكن المختلف في احتجاجات هذه الايام هو هذا التضامن الكبير مع القضية الفلسطينية في مختلف الجامعات الاميركية، والاعتصام من اجل وقف الحرب في غزة، بعد ان شاهد العالم اجمع المجازر والابادة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق شعب فلسطين، انتهاكات إنسانية لم يشهد لها التاريخ الحديث من قبل وبغطاء من الإدارة الاميركية، البعض سيما فريق اللوبي الصهيوني في الإدارة الاميركية والكثير من كبار المسؤولين الاميركيين كان يعتبر ان القضية الفلسطينية اصبحت شعار وبالتالي يمكنهم ارتكاب القتل والتدمير والجرائم الوحشية دون حسيب او رقيب كما كانوا يفعلوا ذلك من قبل، لكن ما حصل ان مواقع التواصل الاجتماعي التي أنشأت من قبلهم لأهداف متعددة منها كي الوعي، صناعة العقول كما تريد قوى الاستكبار العالمي، وهندسة اتجاهات للرأي العام تتناسب وسياساتهم اللانسانية اللاقانونية المغطاة بغطاء كاذب الا وهو الديموقراطية، فسقط هذا الغطاء بقوة في غزة، وانقلب السحر على الساحر، فأصبحوا ينادون ويدعون بأنهم يكافحون الإرهاب في الجامعات وذلك لكتم الاصوات المعارضة لسياسة واشنطن في غزة والمساعدات الهائلة التي تقدم للكيان المؤقت للاستمرار بذبح الشعب الفلسطيني الاعزل، وما صدم الإدارة الاميركية ان اغلب هذه الجامعات العريقة أهالي طلابها يعملون كمسؤولين في الإدارة الاميركية وفي مراكز صنع القرار السياسي.
ما حصل هو صحوة عند الشباب الجامعي، هذا الجيل الذي ارادته أميركا ان يتوارث عنجهيتها وغطرستها وادمانها لنهب ثروات العالم والبقاء على سياستها الشيطانية، واحدى دلائل هذه الصحوة_ الثورة ما يحصل في الجامعات وارتفاع اصوات اليهود المعارضين للفكر الصهيوني، فمثلا البروفيسورة الكندية اليهودية الاصل "نعومي كلاين" دعت اليهود للتخلص من الصهيونية، فهي بذلك تقلب الموازين هي والكثير مثلها وينسفون بالتالي المنظومة القيمية الاستكبارية التي ارستها الولايات المتحده والكيان المؤقت لعقود طويلة من الزمن من تسلط وهيمنة وانتهاك لحقوق الانسان، فهذه البروفيسورة تقول مما تقوله في احتفال بعيد الفصح اليهودي:" .... اسم هذا الصنم الزائف هو الصهيونية، هذا الصنم الزائف الذي سرق القصص التوراتية العميقة عن العدالة والتحرر من العبودية، قصة الفصح نفسها وحولوها الى أسلحة وحشية في عملية السرقة الإستعمارية للارض...". هذا الوعي وهذا الرفض لما تفعله الصهيونية دفع ب الموساد الى تهديد الطلبة المعتصمين بأنه سيتم التصرف معهم كما يرونه مناسبا...
المشاهد التي رأيناها على شاشات التلفزة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من استخدام العنف القاسي والسحل بحق الطلبة اناثا وذكورا واساتذة ودكاترة في الجامعات الاميركية يعكس حقيقة وجه الإدارة الاميركية الخبيثة من إجرام وارهاب، مشهد التعرض بالضرب او توقيف شرطة اتلانتا بولاية جورجيا لرئيسة قسم الفلسفة في جامعة ايموري، وايضا بروفيسورة اخرى في الاقتصاد خلال الاعتصام الطلابي المحدد بالحرب على غزة يمثل انتهاكا فاضحا للحريات.. وقد بدأ التسويق في الاعلام الاميركي التابع للادارة الاميركية انه داخل جامعات أميركا يوجد إرهابيين مندسيين يجب اقتلاعهم لحماية ابنائنا، رغم ان المعتصمين هم اميركيون ابا عن جد.... ونلاحظ من خلال تصريحات كبار المسؤولين الاميركيين انهم اصيبوا بصدمة نفسية لما يحصل فها هو الرئيس ترامب يندد بالاحتجاجات على حرب غزة، ويشبهها بمظاهرة للنازيين الجدد.
هذه الهَبة او الصحوة الجامعية لم تقتصر فقط على الولايات المتحدة بل شاهدنا ارتداداتها في بعض الجامعات الفرنسية والألمانية والاوسترالية، ولكننا بالمقابل وللأسف لم نشاهد جامعة عربية من الدول المطبعة بشكل علني او غير علني قامت بهكذا خطوة... الا ان المهم ان الكل اصبح يعي ويعرف بأن الصهيونية هي جريمة بحق الانسانية..اذن هذه التحركات الطلابية يمكن ان يبنى عليها الكثير، وتعكس ايضا الانقسامات العامودية والافقية داخل المجتمع الاميركي والمجتمع الغربي اي بين الشعوب وانظمتها الحاكمة.
وهنا يخطر على بالنا سؤال ماذا لو كانت هذه الاعتصامات والاحتجاجات مع القمع والعنف الذي تمارسه الشرطة بحق الطلاب حصلت في احدى الدول المعارضة للادارة الاميركية ما كان موقف مجلس الامن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية؟ لكنها أميركا اذن كل هذه المجالس والمنظمات هي كالاعور الدجال.
بالختام نأمل ان تكون صحوة مترافقة مع ثورة تنسف ما هو موجود لبناء قواعد جديدة قائمة بالدرجة الاولى على العدل والإنسانية.
/ انتهى/
/انتهى/