أكد السفير اليمني السابق في سوريا "عبد الله علي صبري"، أن أمن الكيان واقتصاده بات رهن معركة البحر الأحمر، مشيرا إلى أنه، لولا العوائق الجغرافية لكان الآلاف من اليمنيين إلى جوار إخوانهم الفلسطينيين في المعركة البرية.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: يخوض اليمن _ جيشا وشعباً_ معركة مساندة لغزة عبر البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي.

ففي الأسبوع ال 30، على انطلاقة " طوفان الأقصى" يشهد اليمن حضور جماهيري أوسع، وزخم شعبي متجدد في أكثر من (170) ساحة، وعمليات متزايدة من حيث الكم والحجم في البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وفاء للشعب الفلسطيني.

موقفٌ حُفر في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، وخُلٌد في ذاكرة الأحرار على مستوى العالم، وحاز على اعجاب وافتخار الحركة الطلابية الأمريكية المناهضة لحرب الإبادة في غزة، وعكس طبيعة الشعب اليمني الايمانية، معيدا إلى الذاكرة موقف الأجداد من الأوس والخزرج.

وحول هذا الموضوع، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع السفير اليمني السابق في سوريا "عبد الله علي صبري"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

* الجيش اليمني وانصار الله يخوضون معركة هامة لمنع السفن التجارية من الوصول الى الموانيء في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. ما تقييمكم لهذه المعركة وفعاليتها في اسناد جبهة المقاومة ودعم الشعب الفلسطيني في غزة لمواجهة ما يتعرض له من حرب ابادة؟

معركة البحر الأحمر التي تأتي اسنادا لفلسطين وغزة، صنعت معادلة جديدة في إطار الصراع مع الكيان الصهيوني، حيث بات أمن "إسرائيل" واقتصادها رهن هذه المعركة التي اتسع مداها لتشمل البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي من حيث جغرافية المعركة، كما أنها لم تقف عند استهداف السفن التابعة للكيان، بل وشملت أي سفينة تتجه إلى موانئ الاحتلال، ثم توسعت لتشمل كل ما سبق إضافة إلى السفن الأمريكية والبريطانية، كونها دولتان تورطتا في العدوان المباشر على اليمن.

وقد أدت هذه المعركة إلى تعطيل شبه كلي لميناء أم الرشراش "إيلات" باعتراف العدو الصهيوني، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع التي تصل إلى إسرائيل عبر الطرق والموانيء الأخرى، وارتفاع بوليصة التأمين على السفن المبحرة نحو موانئ هذا الكيان.

والأهم من ذلك أن الفشل العسكري الذريع لأمريكا والدول المتحالفة تحت ذريعة حماية وحرية الملاحة في البحر الأحمر، وانسحاب الكثير من الدول من هذا التحالف، ومغادرة مدمراتها وسفنها للبحر الأحمر، قد سحب البساط من تحت أقدام الأمريكان، ومنح اليمن السلطة والسيادة المشروعة على باب المندب والبحر الأحمر، في سابقة لم تعرفها اليمن في تاريخها الحديث والمعاصر.

ولا شك ان هذا التطور الكبير قد منح المقاومة الفلسطينية زخما كبيرا في الصمود والثبات ميدانيا وسياسيا، وهذا باعتراف قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، كما أن هذا الدور الذي تلعبه اليمن يحظى بترحيب كبير في أوساط العرب والمسلمين وأحرار العالم، حتى أن الحركة الطلابية الأمريكية المناهضة لحرب الإبادة في غزة، عبٌرت عن إعجابها وافتخارها بالموقف اليمني، الذي لم يقتصر على الأقوال أو المظاهرات الشعبية، بل تعداه إلى الفعل الميداني من خلال معركة البحر الأحمر، والضربات الصاروخية التي تستهدف العمق الجغرافي لهذا الكيان بين الفينة والأخرى.

*الى اي حد ترون ان موقف الشعب اليمني وقواته المسلحة ساهمت في اعادة الاعتبار لقومية المعركة واعتبار القضية الفلسطينية قضية عربية واسلامية بعد ان سعى النظام الرسمي العربي الى تحويلها الى قضية صراع فلسطيني "اسرائيلي"، وما اهمية ذلك في المواجهة الاخيرة بعد طوفان الاقصى؟

لا شك أن الموقف اليمني قد أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، وبرغم الخذلان العربي الرسمي لفلسطين وغزة، إلا أن اليمن بإعلانها دخول حرب الإسناد لفلسطين، قد أعادت ضبط البوصلة في إطار الوعي الشعبي، والتأكيد على أن فلسطين قضية دينية إسلامية قبل أي شيء آخر، وأن دخول اليمن المعركة يأتي في إطار الواجب الديني والجهاد الإسلامي المقدس، والحق المشروع في المقاومة، وهذا هو المنطلق الأساسي لمعركة البحر الأحمر وإسناد فلسطين، كما جاء في أكثر من خطاب لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله.

على أن هذا التحرك الإسلامي غير منفصل عن الواجب القومي والعربي تجاه أرض عربية خاضعة للاحتلال، وليس بعيدا عن الواجب الإنساني والأخلاقي أيضا، وهو القاسم المشترك الذي يجمع كل الشرفاء والأحرار المتضامنين مع فلسطين.

*تفرد الشعب اليمني تقريبا في هذا الاندفاع وهذه الحماسة لنصرة الاشقاء الفلسطينيين، بينما منعت دول مجاورة التظاهر او اي شكل من اشكال التعاطف الانساني والقومي والديني مع الشعب الفلسطيني المظلوم.. لماذا كان ذلك برأيك، وما هي العوامل التي تجعل الشعب اليمني يحمل هذه المسؤولية التي تخلى عنها اخرون ؟

مواقف اليمن الشعبية والرسمية تجاه فلسطين والمقدسات الإسلامية فيها ليست جديدة، وقد كانت فلسطين القضية الجامعة لكل الفرقاء اليمنيين، إلا أن التفاعل مع فلسطين اكتسب زخما أكبر مع ظهور حركة أنصار الله، التي رفعت شعار الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل منذ 2002م، من خلال الصرخة التي تبناها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، وسار على دربها السيد القائد عبدالملك الحوثي، حيث تخلقت خلال الفترة الماضية ثقافة قرآنية ترى في الانتصار لفلسطين عملا من صميم الإيمان. ثم إن المظلومية المشتركة بين اليمن وفلسطين، بفعل العدوان السعودي والأمريكي على اليمن لنحو عشر سنوات والجرائم الوحشية المرتكبة بحق الشعب اليمني، بما في ذلك الحصار الجائر، قد جعلت من اليمن أكثر الشعوب حساسية تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من جريمة إبادة ومن حصار مطبق وتجويع ممنهج، تجلت على نحو كبير مع معركة طوفان الأقصى.

وقد ترجمت اليمن شعبيا ورسميا تميزها في الانتصار لقضية فلسطين من خلال الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات المليونية وإحياء فعاليات يوم القدس العالمي، طوال العشرية الماضية، ولكنها اتخذت مسارا أكثر فعالية بإعلان القوات المسلحة اليمنية دخول معركة طوفان الأقصى بشكل رسمي، ولولا العوائق الجغرافية لكان الآلاف من اليمنيين إلى جوار إخوانهم الفلسطينيين في ميدان المعركة البرية والمواجهة المباشرة مع جيش العدو الصهيوني.

*كيف ترون تأثير هذا الموقف المميز للشعب اليمني وقيادته الرشيدة على الاوضاع الداخلية في اليمن، في ظل حالة الانقسام وخروج مناطق ومجموعات من الشعب عن جادة الوحدة الوطنية؟ هل تبين لهؤلاء جانب من اسباب العدوان على اليمن من قبل قوى التطبيع والارتهان للصهيونية ؟

الموقف الرسمي لحكومة صنعاء ولأنصار الله حظي بترحيب شعبي كبير، وأسهم في تجسير الفجوة مع الخصوم المحليين، الذين ساندوا العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا، فقد رأى الكثير منهم أن الأولوية اليوم للقضية الفلسطينية، وأن موقف اليمن بقيادة السيد عبدالملك الحوثي هو موقف كل يمني حر، ولا يشذ عنه إلا المهرولين من المتصهينين العرب وفيهم بعض اليمنيين للأسف الشديد.

*في الازمات الكبيرة والصراعات التاريخية يبرز دور القيادة في استشراف المستقبل وتحديد الأولويات واستراتيجيات الصراع، هل كان للقيادة اليمنية دور في صمود الشعب اليمني وانتصاره على قوى العدوان في حرب السنوات الثماني الماضية، وهل تجدون علاقة بين العدوان على اليمن وما تشهده المنطقة من حروب وصراعات وخصوصا في فلسطين المحتلة؟

لسنا نبالغ إن قلنا أن كلمة السر في الموقف اليمني تجاه فلسطين، تتلخص في القيادة الحكيمة والشجاعة، ممثلة بالسيد عبدالملك الحوثي، الذي تحرك في هذا الموقف من باب المسئولية الدينية، ودون وجل من الحسابات السياسية، وذلك على عكس المواقف التي يتصدرها غالبية الحكام العرب والمسلمين، الذين خذلوا فلسطين وشعبها، وصموا آذانهم عن صراخ المستضعفين فيها، وأداروا ظهورهم لكل البشاعات التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة، بل أن بعضهم يمد يد العون لهذا الكيان الإجرامي إما خوفا وانبطاحا، أو نكاية بالمقاومة، وهذه الحالة المخزية التي وصلت لها أمتنا هي برسم هؤلاء الحكام المنصاعين والخاضعين لأمريكا وللغرب.

وقد رأينا كيف أن بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات قد أعلنت ما يسمى بعاصفة الحزم وشكلت قوة مشتركة للحرب والعدوان على اليمن تحت ذرائع واهية، ولما جاء نداء فلسطين، ضاع الحزم والعزم، وتجللوا بالعار والصغار.

/انتهى/