وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: لاقت زيارة نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، إلى طهران، وباعتبارها حدثا دبلوماسيا مهما، انتشارا واسعا في وسائل الإعلام الكردية والعربية في العراق. وتشير أخبار وتقارير وسائل الإعلام هذه إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تربطها على الدوام جسور من التواصل والعلاقات الشاملة تحت أي ظرف من الظروف، مع الطوائف العرقية والدينية الثلاثة في العراق، أي الشيعة والأكراد والسنة، ومستعدة دائمًا للتعاون وتطوير العلاقات.
تأتي زيارة بارزاني إلى طهران بعدما أجرى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق والقنصلين المقيمين في السليمانية وأربيل مشاورات واسعة النطاق في الأشهر القليلة الماضية لكي لا تكون هناك خلافات وسوء تفاهم بين إقليم كردستان العراق. والحكومة المركزية في بغداد، وبالتالي الوصول إلى حل بشأن أمن واستقرار العراق بمشاركة وتعاون جميع المجموعات السياسية في هذا البلد.
بارزاني من الحياة في إيران إلى التعامل السياسي مع طهران
إن نيجرفان بارزاني، الرئيس الحالي لإقليم كردستان العراق، نجل الراحل إدريس بارزاني وابن شقيق مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، عاش مثل العديد من السياسيين الأكراد، في إيران لفترة طويلة وبالإضافة إلى إتقانه اللغة الفارسية، فإنه ملم بمعرفة كبيرة بالثقافة وميزات والمقاربات السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
خلال السنوات القليلة الماضية وعند نشوب بعض المشاكل والخلافات بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، أكد نيجرفان بارزاني مرارا وتكرارا على التأثير الإيجابي للمفاوضات مع مسؤولي الجمهورية الإسلامية وأظهر أنه يولي اهتماما خاصا للدور الإقليمي الذي تلعبه إيران.
من التعاون السياسي والنضالي إلى العلاقات الاقتصادية
تمتع العديد من قيادات الأحزاب الكردية العراقية، مثل الراحل جلال طالباني، رئيس العراق الأسبق والزعيم السابق للاتحاد الوطني الكردستاني، والمرحوم إبراهيم أحمد، أحد مؤسسي الاتحاد الوطني، ومسعود بارزاني، ونوشيرفان مصطفى، وكوسرت رسول ونيجرفان بارزاني وغيرهم من قادة ومسؤولي إقليم كردستان، تمتعوا بعلاقات قديمة وتاريخية مع الثورة الإسلامية الإيرانية وجمعهم تعاون ثنائي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال فترة الحرب المفروضة. لقد كان الإقليم دائمًا تحت حماية طهران ويمكننا أن نقول بكل جرأة؛ إن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة والعالم التي وقفت دائمًا إلى جانب الأكراد العراقيين في المواقف الصعبة، وقد عاش مئات الآلاف من الأكراد العراقيين في ظروف مواتية في مدن وقرى إيران خلال فترة النزوح والظروف الصعبة.
الاستقرار والأمن مفتاح التنمية
بعد سقوط نظام صدام البعثي وتشكيل إقليم كردستان العراق؛ مدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية يد العون على الدوام إلى أكراد العراق في مجالات العلوم والتعليم والخدمات الصحية والطبية، وتصدير الخدمات الهندسية الفنية، والكثير من المساعدة في مجال الطاقة وذلك إضافة إلى التعاون والدعم السياسي الذي قدمته للإقليم.
خلال العقد الماضي، كانت إحدى القضايا التي تسببت أحيانًا في حدوث مشاكل وانقطاع في العلاقات الثنائية بين إيران وإقليم كردستان هي الأعمال الإرهابية المناهضة للأمن التي تمارسها الجماعات المناهضة للثورة على حدود إيران وإقليم كردستان. ومن المتوقع أنه مع زيارة نيجرفان بارزاني إلى طهران، سيرتفع مستوى تفاعل المسؤولين والقادة المحليين مع إيران، ولن يكون هناك أي مجال للعمل ضد الأمن القومي لجمهورية إيران الإسلامية في إقليم كردستان.
إذا قام إقليم كردستان العراق، بالتعاون والتنسيق مع بغداد وطهران، بمراقبة أكثر للحدود وتم توفير الاستقرار والأمن في هذه المناطق بشكل جدي، فإن إمكانية تطوير العلاقات الاقتصادية ستزداد وهذا سيعود بالنفع على شعوب المنطقة.
مجالات هامة للتعاون العلمي والاقتصادي
إن إقليم كردستان العراق، وباعتباره جزء من دولة العراق، يضم حاليًا 4 محافظات، تشمل محافظات دهوك وأربيل على الحدود مع تركيا والسليمانية وحلبجة على الحدود مع إيران. وفرت هذه المنطقة في السنوات الماضية احتياجاتها الرئيسية من إيران في العديد من المجالات، وتم توفير جزء كبير من المواد الغذائية والمواد الخام ومواد البناء وغيرها من الضروريات المهمة لمختلف القطاعات من إيران بتكلفة بسيطة. هذا على الرغم من أن الطرق البرية لنقل البضائع من إيران إلى العراق في حالة جيدة في المناطق الداخلية من إيران وفي المحافظات الغربية، ولكن في الجزء الواقع في العراق، توجد العديد من المشاكل الفنية، وإذا كانت سلطات إقليم كردستان قد ولت اهتمامًا خاصًا بحل المشاكل الفنية ومشاكل الترانزيت، فالتجارة من إيران إلى إقليم كردستان ستكون أسهل بكثير وأرخص من طريق تركيا الطويل.
تتمتع محافظات إيلام وكرمانشاه وكردستان وأذربيجان الغربية، باعتبارها المحافظات المجاورة لإقليم كردستان العراق، بمرافق أكاديمية خاصة يسهل الوصول إليها لتعليم الطلاب الأكراد العراقيين. حالياً، يدرس في هذه الجامعات المئات من الطلاب الأكراد من إقليم كردستان، لكن نظراً للقاسم الثقافي وإلمام معظم الأكراد العراقيين باللغة الفارسية، فضلاً عن انخفاض تكلفة الدراسة في إيران، فإن إمكانية التعاون العلمي بين إيران والإقليم متاح ويمكن استخدام هذه الإمكانية أكثر وأكثر.
إلى ذلك، يعتبر قطاع الصحة والعلاج والخدمات الطبية إحدى المجالات المهمة الأخرى. والحقيقة هي أن تكاليف العلاج والإقامة والسفر في إيران للمرضى لا تصل حتى إلى نصف التكاليف في تركيا والدول العربية ويمكنهم الحصول على الخدمات الطبية والعلاجية بجودة عالية وتكلفة منخفضة في إيران.
كما تعد إمكانية قيام رجال أعمال كردستان العراق بالاستثمار في إيران مجالًا مهمًا آخر يمكن أن يكون موضع اهتمام الجانبين يوفر منافع متبادلة لرواد الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال على جانبي الحدود. إن وجود أصحاب رؤوس الأموال في الأسواق الحدودية وحتى الاهتمام بالمشاريع التي تؤدي إلى الإنتاج المشترك يمكن أن يمكّن إقليم كردستان العراق من إيجاد ظروف اقتصادية أفضل وأن تصل العلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى.
انتهى/