وكالة مهر للأنباء - داخل أكبر المجمعات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية، مصلى الإمام الخميني، افتتح أمس الأربعاء معرض الكتاب الدولي الـ 35 في العاصمة الإيرانية طهران، على مساحة 630 ألف متر مربع، بمشاركة المئات من دور النشر الإيرانية والعربية والأجنبية، في حدث ثقافي سنوي هو الأضخم والأهم الذي تشهده طهران بعد تحضيرات حثيثة من المؤسسات الثقافية والعلمية والفكرية والتربوية والجهات المنظمة، والتي تستعد، ككل عام، منذ أشهر لهذا الحدث الثقافي الذي يعد حدثًا محليًا وعالميًا على حدّ سواء، نظرًا لما يمثله المعرض من أهمية على صعيد الثقافة الإيرانية ولما يرمز إليه الكتاب في أساس ومحور الثقافة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فمع افتتاح المعرض وبحضور وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد مهدي الإسماعيلي وعدد من المسؤولين الثقافيين وأعضاء في صناعة النشر والإعلاميين، بدأ الآلاف من أفراد الشعب الإيراني من مختلف المدن والمحافظات التوافد إلى المعرض الذي يحمل شعار "نقرأ ونبني" الذي افتتح أمس الأربعاء ويستمر لمدة عشرة أيام حتّى الـ 18 من شهر أيار/مايو الجاري.
عندما تدخل إلى ساحات المعرض، من أبوابها المتعددة التي تمتد على كافة جهات المكان، تستقبلك دور النشر بمعروضاتها الثقافية المختلفة، من الكتب العلمية، والأدبية، والقصص ودواوين الشعراء، والمنشورات الدينية والثقافية المتنوعة بتنوّع الكتّاب والناشرين، فثمّة حدث معرفي مميز هنا يجمع ثقافات مختلفة على هذه الأرض، كلّ منها يقدّم تجربته الثقافية.
مئات دور النشر تتوزع داخل مصلى الإمام الخميني، حيث تشترك دور النشر الإيرانية وأكثر من 3000 ناشر إلى جانب دور النشر الأجنبية التي يزيد عددها عن 60 دار نشر والتي تعرض أكثر من 50 ألف كتاب أجنبي تمثل مختلف الثقافات الأجنبية، وذلك كنوع من التطبيع الثقافي الإيراني - الأجنبي وتبادل الثقافات والمعرفة بين جميع البلاد وداخل الأراضي الإيرانية وكنوع من الترحيب الإيراني بدمج الثقافة الإيرانية والثقافات العالمية الأخرى.
بين دور النشر المختلفة، الإيرانية منها والعالمية، ثمة مساحة خاصة لدور النشر العربية أيضًا، ذلك أن الإقبال على الكتب العربية أصبح ملفتًا داخل المعرض نظرًا لاهتمام الشعب الإيراني باللغة العربية وثقافتها وكتّابها وكتبها، فمن يزر المعرض ويتجول بين أروقته الكثيرة، والتي تمتد على مساحات كبيرة تحتاج إلى ساعات وساعات للتنقل بينها، يتعرف على أهمية سعي إيران ودعمها للتواصل اللغوي بين اللغة الفارسية واللغة العربية واللغات الأجنبية مختلفة، ويشاهد أجنحة خاصة بالدول العربية من لبنان إلى العراق وقطر وعمان وسورية وفلسطين ومصر وتونس والجزائر والأردن، وكلّ هذا يصبّ في تطوير العلاقات الثقافية وامتدادها، وذلك بسبب التنوع الثقافي الإيراني بحدّ ذاته، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية بموقعها وتنوع أعراق شعبها تتميّز باختلاف وتعدّد لغاتها التي يتكلمها شعبها، من الفارسية إلى العربية والتركية والكردية وغيرها.
أما اليمن، ذلك البلد الذي ترك آثاره في كلّ الميادين سياسية أو فكرية أو ثقافية، فلا بدّ أن تكون له مكانة خاصة في المعرض، فهو ضيف الشرف لهذا العام، ولهذا يعمل القيّمون على المعرض على دمج الثقافة الفارسية بالثقافة اليمنية من خلال برامج ثقافية وأدبية مشتركة شهدها المعرض منذ الأمس.
وفلسطين، التي ترفرف أعلامها داخل المعرض، لها مساحتها الخاصة هنا، ذلك أن قضية فلسطين بكلّ تفاصيلها حاضرة بقوة، وقد زاد الاهتمام بها كقضية لا سيما بعد معركة طوفان الأقصى، وهذا ما يبدو واضحًا في المعرض.
والى جانب دور النشر العربية، تشارك كلّ من تركيا وروسيا وفيتنام والمكسيك وفنزويلا وكازاخستان والصين وكينيا واندونيسيا وأوزبكستان وماليزيا وجورجيا وجمهورية أذربيجان من خلال أجنحة خاصة بها.
إذًا، ليس هذا الحدث بالأمر العادي في العاصمة الإيرانية طهران، بل كلّ من يزور المعرض سيلمس هذا التحوّل الكبير الذي يعيشه اليوم الشعب الإيراني من ناحية اهتمامه بالكتاب واقتنائه، فالكتاب ليس حصرًا بنخبة معينة داخل المجتمع الإيراني أو عند جيل الشباب المهتم بمستقبله، بل إن الأهالي اليوم يعملون بنصائح قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي عندما يدعو الشباب والأطفال للاعتياد على المطالعة لأن ما يدوم للإنسان هو المطالعة منذ السنين الأولى، وهذا ما يبدو واضحًا من خلال مرافقة الأبناء للأهل لزرع وتجسيد فكرة أهمية الكتاب منذ الصغر سعيًا منهم لتعزيز الثقافة والمعرفة والقراءة ومحاولة زرع مفاهيم جديدة أمام مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذا فقد تم تخصيص أقسام خاصة للأطفال وبرامج تعليمية وترفيهية ومساحة خاصة للتعبير عن كلّ ما يتعلق بمظاهر الطفولة.
وفي المعرض أيضًا، تهتم الجهات المنظمة بكلّ ما يخدم الثقافة والمعرفة، إذ لا يخفى عليها الاهتمام بموضوع السياحة الأدبية، ومن يجل داخل معرض الكتاب سيلاحظ القاعات الواسعة جدًا، فعلى جميع جهات المعرض تتوزع قاعات النشر العام والقاعات الخاصة بالأطفال، ومنها ما يختص فقط بدور النشر العلمية ومنها ما يهتم بالنشر الرقمي.
أما في وسط المعرض، فأينما تولّوا وجوهكم، فثمّ وجه الشهيد الحاج قاسم سليماني.. فللمقاومة وقادتها حضور بأفكارهم رغم غيابهم، فها هي صور الحاج قاسم سليماني تلفّ المعرض، فهو الشهيد الحاضر رغم الغياب.
انتهى/