وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: في ذكرى النكبة، وبعد مرور عقود عليها ورغم انها مأساة قاسية على الفلسطينيين الا انها شكلت حافزا للتحدي والمواجهة، فلم تهدأ الهبات والانتفاضات والثورات منذ ما قبل عام 1948 حتى الان، فالمقاومة وحدها تتكلم وستسترجع فلسطين كل فلسطين من البحر الى النهر.
وحول الذكرى ال٧٦ للنكبة والتغيرات الحاصلة بعد عملية طوفان الاقصى، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع الكاتب والإعلامي الفلسطيني الأستاذ "حمزة البشتاوي" وجاء نص الحوار على النحو التالي:
ما هي أبعاد يوم النكبة على الشعب الفلسطيني وتأثيراته في قيام انتفاضات وثورات متتالية، فمنذ1948 حتى الان لم يهدأ الكيان من المواجهات التي خاضها ابطال المقاومة الفلسطينية؟
شكل يوم النكبة حافزا لمزيد من الهبات والثورات والانتفاضات والتي بدأت منذ ما قبل وقوع النكبة في العام 1948 اي منذ بداية المشروع الصهيوني الاستكباري ضد فلسطين والمنطقة، حيث خاض ابناء الشعب الفلسطيني الكثير من المواجهات والانتفاضات على المستوى الفردي او من خلال تشكيلات ثورية ضد الاحتلال، وتحولت المقاومة الى ركن اساسي في حياة الشعب الفلسطيني اليومية، باعتبار ان النكبة هي نقطة تحول مركزية في الصراع مع الصهيونية والاستكبار، سبق النكبة العديد من الهبات والثورات والانتفاضات كثورة 1920 وثورة البراق وايضا ثورة 1936 وصولا الى النكبة وبعد ان اتضحت كل مخاطر المشروع الصهيوني الاستكباري بدأ الشعب الفلسطيني يحمل راية المقاومة دفاعا عن ارضه وعن حقوقه المشروعة.
يعتبر يوم النكبة أشد الايام ألما في تاريخ البشرية كيف استطاع الان ان يحوله الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية الى امل للتغيير؟
النكبة هي ذروة المأساة الفلسطينية وشكلت هذه المأساة الكبرى حافزا للمقاومة وزراعة الامل في مواجهة اليأس والاحباط وقد استطاع الشعب الفلسطيني استنادا الى روح الايمان والأمل وثقافة المقاومة المتجذرة في نفوس ابناء الشعب الفلسطيني الاستمرار في الصمود والمقاومة من قبل كل الاجيال المتعاقبة منذ النكبة وحتى الجيل الحالي الذي اصبح اكثر يقينا بالنصر وتحقيق حلم العودة ومحو كافة آثار النكبة التي وقعت عام 1948، كل الانتفاضات والثورات منذ ثورة الحجارة عام 1987 انتفاضة الاقصى عام 2000 وكل الحروب التي خاضتها المقاومة في مواجهة الاحتلال في قطاع غزة، مواجهة حرب الإبادة الحالية من يدافع عن الارض من يقاوم من يصمد هم ابناء الجيل الثاني والثالث من نكبة 1948 حيث ما زالت راية المقاومة من اجل التحرير والعودة هي الراية المرفوعة رغم محاولة تعميم النكبة على حياة الشعب الفلسطيني.
حالة المأزق الداخلي في الكيان واضحة لا لبس فيها، على الصعيدين العسكري والسياسي، ولجوء الاحتلال الى هذا المستوى الوحشي من العنف والارهاب فاقم ازمته بالضغط الخارجي، فأين تكمن عقدة النظام الصهيوني اليوم؟ ولماذا اختفى القادة التاريخيون، ولم يعد جيش الاحتلال رمز القوة التي لا تقهر لدى المستوطنين؟
هناك ازمة عميقة داخل الكيان الصهيوني وهذه تتجلى من خلال الازمات السياسية والاجتماعية الحادة والفشل على الصعيد الامني والعسكري والسياسي والخوف الكبير الذي ينتاب المجتمع الصهيوني وهذا دفع قياداته الحالية للحديث عن عقدة الثمانين عام والمأزق الوجودي، طبعا هذه الازمة تكبر وتتعمق رغم كل ما يرتكبه الجيش الصهيوني من عمليات إجرامية من مجازر دموية من حرب إبادة يشنها على قطاع غزة لكننا نراه يقتل ولا يقاتل اي ان الجيش الصهيوني يخاف من المواجهة مع المقاومة، يرتكب المجازر من خلال الأسلحة الاميركية المتاحة له حتى هذه اللحظة تقدم له كل الامكانيات والجسور الجوية والامدادات العسكرية ليرتكب المزيد من المجازر، وقد تحول هذا الجيش من جيش يؤمن الامن والحماية للمستوطنين الى جيش يحتاج للحماية الاميركية والغربية، رأينا منذ بدء عملية طوفان الاقصى استدعى الكيان الادارة الاميركية وبعض الدول الحليفة له لكي تأتي بحاملات طائراتها وبأسلحتها لكي تحمي هذا الكيان الذي لم يستطع ان يحمي نفسه، تحول هذا الكيان من ثكنة عسكرية رابحة لدى قوى الاستكبار الى ثكنة عسكرية خاسرة بفعل المقاومة الموجودة في غزة وبالمقدمة منها مقاومة الشعب الفلسطيني، ايضا عندما انطلقت عملية "الوعد الصادق"من الجمهورية الاسلامية في إيران بدأت كل هذه الدول تسمع صرخات الكيان الذي عبر عن خوف وعن عجز كبير للتصدي لهذه العملية الاستراتيجية الكبيرة التي عمقت أكثر فأكثر المأزق داخل الكيان الصهيوني على كل المستويات خاصة العسكرية والسياسية والأمنية.
كلما نتحدث عن كيان الاحتلال لا بد من ذكر الولايات المتحدة، في الحرب كما في مشاريع السلام والتسويات المشبوهة، كيف تنظرون الى ما يقال عن خلاف في الرؤى بين الادارة الاميركية وحكومة كيان الاحتلال؟ وهل يمكننا ان نتوقع في لحظة تاريخية معينة، افتراقا بين المصالح الامبريالية الاميركية ومصالح الصهيونية في في الكيان؟
تستند الدعاية التي تروج لخلاف بين الإدارة الاميركية والاحتلال الى تناقضات ثانوية لا تؤثر على طبيعة العلاقة ما بين الإدارة الاميركية والكيان الصهيوني الوظيفي المؤقت باعتباره مشروع يكفل الهيمنة الاميركية في المنطقة، ما زالت الإدارة الاميركية تحاول ان تضلل وتطرح مشاريع مخادعة مثل مشروع حل الدولتين دون ان تشرح ماذا يعني هذا الطرح وماذا تقصد به؟ هو مجرد قنابل دخانية للتعمية ولتحريك بلدوزر الاستيطان الصهيوني، يتوقف بلدوزر الاستيطان الصهيوني عن العمل عندما يكون هناك مقاومة ويتوقف عن قضم المزيد من الاراضي وبناء المستوطنات عندما تحرك ما يسمى بمشاريع التسوية المشبوهة اذن لا يوجد خلاف بالرؤى بل هناك خلاف بالاليات كما رأينا في الهجوم على رفح، حكومة الحرب الصهيونية تتحدث عن عملية عسكرية واسعة برفح، الإدارة الاميركية تقول بأنها أعطت ضوء اخضر حول عملية تدريجية محدودة في رفح، اذن الخلاف هو بالاليات والوسائل وليس بالاهداف الاستراتيجية، وعندما نتحدث عن الاهداف الاستراتيجية الان هناك عجز صهيوني في تحقيقها خاصة في الحرب على قطاع غزة والهزيمة هنا تشمل الوكيل والاصيل اي كلا الطرفين الصهيوني والأمريكي لم يستطيعا ان يحققا الاهداف في هذه الحرب والشعب الفلسطيني بصموده الأسطوري يسعى ان تكون مقاومته وتضحياته مقدمة لمحو آثار النكبة التي وقعت عليه بوجود هذا الاحتلال المدعوم من الإدارة الاميركية وهي سبب بقاءه ووجوده في منطقتنا.
/انتهى/