وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: انموذج استثنائي وقدوة فريدة تخطت حدود إيران ليتعرف عليها ويقتدي بها كل من تعرف على شخصية وانجازات وحياة وقيم ومبادىء الرئيس الشهيد الدكتور ابراهيم رئيسي سيد شهداء الواجب، الذي كان لا يكل ولا يمل بالعمل من اجل خدمة الناس وتأمين احتياجاتهم والتي كانت أولوية في عمله الرئاسي، كما كان احقاق الحق والعدل اولويته في العمل القضائي.
وحول شخصية الرئيس الإيراني، الشهيد إبراهيم رئيسي ، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع، الاستاذ في العلوم الاجتماعية، والباحث في الشؤون الإقليمية الدكتور طلال عتريسي، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
الامين العام لحزب الله تحدث عن القدوة واهميتها.. وعن هذه الرمزية التي تمتع بها الشهيد الرئيس السيد ابراهيم رئيسي.. ما اهمية القدوة في حياة الشعوب المستضعفة؟ وهل تحتاج شعوبنا في مرحلة التحرر ومواجهة الاستكبار الى مثل هذه الشخصيات القدوة؟
في أية عملية بناء على المستوى الانساني والتربوي سواء الفردي او الاجتماعي يعني بناء الفرد او بناء المجتمعات هناك حاجة دائما الى قدوة، الانبياء كانوا قدوة في عملية تغيير جوهرية وعميقة لنقل الناس من معتقد الى آخر، من العبودية الى التحرر من خلال التوحيد وعبادة الله سبحانه وتعالى ، حركات التحرر عبر التاريخ كانت دائما تحتاج الى قيادة تقودها وتحقق اهدافها، هذه القيادة كانت دائما قدوة لهذه الحركات وانموذج تقتدي به وتتحدث عنه وتكتب سيرته وتنقلها الى الاجيال اللاحقة.
إيران على هذا المستوى قدمت انموذجا مهما واساسيا وقائدا استثنائيا هو الامام الخميني (رض) والامام لم يكن قدوة عابرة انتهت مع انتهاء الثورة وبناء الجمهورية الاسلامية، خصوصية هذه القدوة وهذه القيادة انها استمرت حتى بعد رحيله وأسست لمدرسة من القيادة ولانموذج من الحياة الشخصية وللادارة السياسية، هذه المدرسة استمرت مع قائد الثورة الحالي، ومع انموذج الشهيد رئيسي، يعني الشهيد رئيسي هو استمرار لهذه المدرسة، وليس حالة خاصة او فريدة، في حين انه عرفت إيران رؤساء آخرين لم يكونوا تماما ضمن هذه المدرسة وهذه خصوصية الشهيد رئيسي.
جملة من الصفات الجليلة والرفيعة اطلقت على الشهيد رئيسي وكررها السيد نصرالله في الحديث عنه.. هل ترون ان الشهيد رئيسي تفرد بهذه الصفات؟ وما هي العوامل التي جعلته يكسب هذه المكانة الرفيعة سواء بين ابناء شعبه او لدى الشعوب الاخرى؟
القدوة التي مثلها الشهيد رئيسي كان لها مميزات في هذه الظروف التي تمر بها إيران، وهذه القدوة وهذا الانموذج في واقع الامر تجاوز حتى ايران، لان الناس لديها اليوم قدرة على التواصل وعلى معرفة ما يجري في مختلف أنحاء العالم، وعلى معرفة الحياة الخاصة والشخصية لأي زعيم ولأي قائد ولأي شخص معروف في العالم...
نمط حياة الشهيد رئيسي بالبساطة والتواضع والزهد والاستقامة هو كما ذكرنا جزء من هذه المدرسة التي ارساها الامام الخميني(رض)، وإيران في هذه الظروف خصوصا ظروف الازمات والضغوطات تحتاج الى مثل هكذا قيادة في مثل هكذا موقع، والشعوب المضطهدة والمظلومة سواء في إيران او غير إيران والتي تواجه ضغوط وعقوبات الاستكبار تحتاج الى انموذج يتميز بالتضحية والبساطة والتخلي عن زخرف الدنيا، لان الشعوب التي يمثلها هذا القائد او هذا الرئيس او هذا الانموذج هي ايضا تعيش حياة البساطة والصعوبات الإقتصادية والاجتماعية، بهذا المعنى هنا الرئيس يشبه العائلات الفقيرة والبسيطة التي تعيش في إيران او في افريقيا او في العراق او في لبنان او في اي بلد اسلامي آخر او حتى في اوروبا، وبهذا المعنى ايضا نعم الشعوب تثق اكثر بهذا الانموذج وبهذه القدوة ، والقدوة هي المثال الاعلى، وكلما كان هذا المثال لديه ارتباط بالابعاد الإلهية والسماوية، وفي نفس الوقت لديه اقتراب من حياة الناس العادية والبسيطة يكون انموذجا اكثر تأثيرًا واكثر فاعلية واكثر استمرارًا حتى بعد غيابه ورحيله، هذا ما حصل مع الامام الخميني قده ونعتقد نموذج الشهيد رئيسي في نفس المسار، وهو كان حاجة للشعب الايراني، ونموذج لباقي شعوب المنطقة وبهذا المعنى هو خسارة كبيرة لكل هذه الشعوب.
الشهيد رئيسي تميز من خلال المواقع المختلفة التي تسلمها وتحمل المسؤوليات فيها سواء بالقضاء او في خدمة الامام الرضا ع ومسؤولية العتبة الرضوية وهذه مسؤولية كبيرة وضخمة لمن يعرف مقام الامام الرضا ع وملايين الزوار، والخدمات التي يحتاجونها والنظام الذي يحتاجه ادارة هذا المقام، او في القضاء او في رئاسة الجمهورية، وكان لديه شخصية واحدة لم تختلف من حيث الاستقامة ومن حيث احقاق الحق، ومن حيث خدمة الناس، خدمة الناس في مقام الامام الرضا ع وخدمة الناس افضل العبادات، واحقاق الحق في القضاء، وقد اشتهر عنه انه كان عادلا ومحاربًا للفساد والمفسدين وهذا قربه للشعب الايراني اكثر فأكثر، لان البعض لم يكن يعرفه، واحقاق الحق والعدل برئاسة الجمهورية في الدفاع عن قضايا المستضعفين وخاصة قضية فلسطين ، والتزامه الديني والاخلاقي، وهذه مواصفات خاصة بالشهيد رئيسي، ربما بعض هذه الصفات نجدها اكيد لدى اشخاص آخرين، لكن الشهيد رئيسي الذي حافظ على نمط حياة بسيط هو وأفراد عائلته ووالديه المنزل البسيط المتواضع يجعل منه انموذجًا يختلف عن نماذج أخرى، ولهذا السبب كما شاهدنا وسمعنا ان حتى كثير من الإيرانيين الذين تعرفوا عليه اكثر بعد رئاسة الجمهورية ووجدوا فيه ذلك الانموذج الذي يبحثون عنه، والذي يكنون له مشاعر الحب والتقدير، ولهذا السبب خرج الملايين لتشييعه والحزن عليه والدعاء له.
تحدث السيد نصر الله عن انجازات عديدة لحكومة السيد رئيسي منها توزيع اراضي وبناء مساكن للفقراء واعفاء من رسوم الماء والكهرباء وصولا الى زيادة انتاج وتصدير النفط .. فهل هذه الانجازات تنسب الى الرئيس ؟ وهل يعني ذلك ان الحكومات السابقة قصرت في خدمة الطبقات الاجتماعية الشعبية ؟
الانجازات التي تنسب للسيد رئيسي من توزيع اراضي وبناء بيوت للسكن لالاف العائلات في مناطق مختلفة من ايران، وهذه اصبحت معروفة يستطيع الانسان مشاهدتها عندما يزور هذه المناطق المختلفة، هذه لها علاقة بالاولويات والتي قد تختلف بين رئيس جمهورية ورئيس آخر، هذا لا يعني ان اختلاف الاولويات له علاقة بعدم تقدير المصلحة وخدمة الجمهورية الاسلامية ، الاختلاف بين الرؤساء هو في تقدير طبيعة هذه الخدمة واولويتها، يعني الكل معتقد بخدمة النظام الإسلامي لكن كل رئيس يعتقد بأن هذه الخدمة يجب ان تبدأ من هذه الأولويات، ولهذا يختلف توجه كل رئيس، كل الرؤساء ملتزمين بخدمة الجمهورية الاسلامية، ملتزمين ببناء قدرات ايران، ملتزمين بتوفير اقصى ما يمكن للشعب الايراني ، لكن الامر يختلف بين هذه الأولوية بين من يعتقد ان هذه الأولوية هي حل مشكلات البرنامج النووي ومن يعتقد ان الأولوية هي توفير مصالح الناس وخدمتهم، الشهيد رئيسي كان يؤمن بخدمة الناس وتوفير الاحتياجات قدر المستطاع، ولهذا السبب حصل تحول في هذا المجال بسنوات قليلة وكان يفترض ان يستمر هذا الامر حتى نهاية هذه الولاية وحتى ولاية ثانية كما كان متوقع، وهذا هو الفارق بينه وبين حكومات سابقة والتي كانت تعتقد كما قلنا حل مشكلة البرنامج النووي والتفاهم مع الغرب حول البرنامج النووي يحل كل مشكلات ايران، هناك إلتزام مشترك بين كل رؤساء إيران بالدفاع عن مصالح إيران والشعب الايراني ولكن الاختلاف هو في ترتيب الاولويات ، هذا ما ينسب للرئيس الشهيد رئيسي والذي يختلف فيه عن رؤساء سابقين، والأهم بهذه النقطة ان الشهيد رئيسي ربما لأول مرة في تاريخ الرؤساء في إيران يلتزم تمامًا مع توجهات السيد القائد في مختلف القضايا الداخلية والخارجية، له شخصيته الخاصة ونمط حياته ونمط إدارته لكنه في الملفات الاساسية الداخلية والخارجية ينسجم تماما مع القائد وهذا تحول الى نقطة قوة متماسكة واساسية في إيران في هذه المرحلة الحساسة على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي وعلى مستوى ما يجري في فلسطين تحديداً.
في السياسة الخارجية اعطاء الاولوية للعلاقات مع الدول المجاورة والملفات الاقليمية .. اضافة الى دول الشرق والمحاور الاقتصادية الناشئة.. ما هي اهم محاور النجاح التي حققها فريق الرئيس الشهيد رئيسي على هذا الصعيد؟ وهل ترون ان هذه النجاحات يمكن ان تصمد في المستقبل؟
إيران لديها ثوابت في السياسة الخارجية، هي علاقات حسن الجوار من جهة ورفض التدخل الخارجي، واي رئيس كان يلتزم بهذه الاستراتيجية مهما اختلفت انتماءات هذا الرئيس إصلاحي محافظ، وسط الاصلاحي، وسط المحافظ ، لديه توجهات معينة، لكن هذه كانت استراتيجية ، طبعا تختلف حيوية الرئيس والتزامه بهذه المسائل والاولويات التي تحدثنا عنها.
الرئيس الشهيد رئيسي كان ايضا يلتزم بهذه الاولويات في المنطقة ، وهذا ايضا يرتبط بتوجه إيران بالتعاون مع الشرق اي مع روسيا ومع الصين، وفي عهد هذا الرئيس وهذا كان من ثمار جهوده حصل التفاهم السعودي الايراني وهذا انعكس بشكل مهم على مزيد من الاستقرار في المنطقة خاصة بين إيران ودول الخليج وبتوافق مع الصين والدور الصيني وهذا فتح المزيد من المجال لحضور الصين اي حضور الشرق في قلب منطقة الشرق الاوسط او ما نسميه بغرب آسيا، هذه الاستراتيجية ستستمر ويجب ان تستمر وإيران دولة لديها مثل هكذا استراتيجية نعم هي قد تخسر شخصية مهمة مثل الرئيس رئيسي لكنها لن تغير استراتيجيتها، اي رئيس مقبل سيلتزم بهذه الاستراتيجية بل على العكس سيجد ان الظروف افضل للاستمرار بهذه الاستراتيجية بعد ما تحقق من انجازات ونزع فتائل الغام بين السعوديه وإيران وهذا طبعا يحفظ للرئيس الشهيد ولاستمرار استراتيجية إيران في علاقات حسن الجوار، ولمزيد من تطوير العلاقات مع الشرق ومع الدول الاسلامية، في حين ان آخرين كانوا يعتقدون بتطوير العلاقات مع الغرب ومع اوروبا، هذا هو الفارق بين شخصية الرئيس رئيسي وبين شخصيات أخرى كانت في موقع المسؤولية، اذن ايران بعد رحيل الشهيد رئيسي وعلى الرغم من هذه الخسارة الكبرى في هذه الظروف وخسارة مستقبل متوقع للشهيد رئيسي لكن إيران ستستمر في هذه الاستراتيجية انسجاما مع رؤيتها ومع أهدافها ومع رغبتها في الاستقرار بالمنطقة وحفظ الامن وكف يد القوى الاجنبية عن التدخل في هذه المنطقة.
/ انتهى/